منصات جديدة تتيح فرصاً أمام المصانع وتجذب رأس المال المغامر

مواقع التجارة الإلكترونية تُنعش الصناعات التقليدية في الصين

صورة

لا يقتصر الاهتمام بالإنترنت في الصين من الناحية الاقتصادية على الشركات الناشئة والكبيرة التي تطور التطبيقات وخدمات التجارة الإلكترونية والهواتف، بل يمتد إلى مجالات الصناعة التقليدية مثل الصلب والكيماويات، إذ تعمل منصات جديدة للتجارة الإلكترونية على إنعاشها وإتاحة فرص جديدة أمام المصانع.

مساعدة الإنترنت

وتسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين في اضطرار مصنع «جيانجسو شيتشنج ستيل» Jiangsu Xicheng Steel إلى تخفيض عدد عماله من 8000 إلى 2500 عامل، وهي حال الكثير من مصانع الصلب التي أُجبرت على تخفيض أسعار منتجاتها، وتقليل هوامش الربح لما يقرب من الصفر.

لكن المصنع وجد بعض المساعدة من خلال الإنترنت، إذ لجأ المدير العام ومسؤول المبيعات العالمية، وين كيانغ، إلى موقع «زهاوجانغ» Zhaogang المُتخصص في تجارة الصلب، ما سمح للمصنع بالتواصل مع متعاملين من كوريا الجنوبية قدموا هوامش أرباح تراوح بين 10 و30%، وبذلك تجنب المصنع دور الوسطاء الذين ينالون غالباً الجانب الأكبر من الربح.

وأدى التباطؤ الاقتصادي في الصين وارتفاع طاقة الإنتاج عما تحتاجه السوق إلى مشكلات للكثير من الشركات التي شهدت ازدهاراً في السابق، وتُكافح حالياً من أجل استمرارها في العمل. وأتاح ذلك المجال لشركات الإنترنت الناشئة لمساعدة المصانع الكبيرة على تعزيز كفاءتها وسط سوق تُعاني تجزئة شديدة.

وتسعى مواقع التجارة الإلكترونية التي تستهدف شركات الصناعات التقليدية إلى إيجاد متعاملين جدد، وتبسيط المبيعات وتحسين هوامش الربح. وصارت واحدة من المجالات الجاذبة لاستثمارات رأس المال المغامر في الصين خلال العام الجاري، ومن المُرجح أن تتزايد أهميتها بسبب الاتجاه لدمج الإنترنت في الصناعات التقليدية في البلاد.

موقع «زهاوجانغ»

وبالنسبة لموقع «زهاوجانغ» فقد صار أحد الأسماء المُؤثرة في صناعة الصلب في الصين، إذ تأسس في عام 2012 بعد مضي ثلاث سنوات على تسبب خطة تحفيز كبيرة بقيمة أربعة تريليونات يوان (629 مليار دولار) في إغراق قطاع الصلب. وحالياً تُعد الصين أكبر مُنتجي الصلب في العالم، ومع ذلك تعمل بـ70% فقط من طاقتها الإنتاجية.

وخلافاً للمواقع التقليدية التي تستهدف التعاملات بين الشركات وبعضها بعضاً، لا يفرض «زهاوجانغ» رسوماً نظير تقديم معلومات من المجال، بل يحصل على حصة من التعاملات، ويُوفر التمويل المالي والمستودعات والخدمات اللوجيستية. وبحسب «زهاوجانغ»، فقد وقعت الشركة عقوداً مع ما يزيد على 90 من شركات صناعة الصلب، ويسرت بيع الصلب إلى 40 ألف مستهلك، كما سجلت أكثر من 1000 شركة للشاحنات، بهدف توفير خدمة على غرار «أوبر» للمتعاملين من الشركات الصغيرة الذين لا يمتلكون شاحناتهم الخاصة لنقل المنتجات.

وخلال العام الماضي، تداول مستخدمو «زهاوجانغ» 20.4 مليون طن متري من الصلب، أي ما يُعادل 2.5% من إجمالي إنتاج الصين، وحقق عائدات بقيمة 68.8 مليار يوان (10.8 مليارات دولار) بحسب الشركة.

وحالياً يبيع مصنع «جيانغسو يونغ جانغ غروب»، أحد مصانع الصلب الكبيرة نحو 5% من إنتاجه من خلال منصة «زهاوجانغ» داخل البلاد. وقال رئيس المبيعات في المصنع وحفيد مؤسسه، وو يي، إن مواقع مثل «زهاوجانغ» تُوفر البيانات التي تحتاجها شركات الصلب لتحقيق ملاءمة أفضل بين الإنتاج والمبيعات.

نمو سريع

بدوره، اعتبر تشانغ هايتاو، من شركة «آي دي جي» لاستثمار رأس المال المخاطر، أن الوضع الحالي لم يكن ممكناً قبل 10 أعوام. وقال إن النمو السريع في قطاع التجارة الإلكترونية المُوجهة للمستهلكين، بقيادة شركتيّ «علي بابا» و«جيه دي دوت كوم»، سهّل على الشركات تقبل نموذج الإنترنت.

وأضاف تشانغ أن سهولة الوصول للإنترنت عبر الأجهزة المحمولة أتاحت لسائقي الشاحنات الاتصال بالبائعين مُباشرةً في الوقت الحقيقي. ومنذ نوفمبر 2014، استثمرت «آي دي جي» في 10 منصات مُشابهة للتجارة الإلكترونية تختص بقطاعات مُعينة مثل صناعة الصلب.

موقع «مولبيس»

ويشمل نشاط منصات التجارة الإلكترونية التي تعمل بين الشركات وبعضها بعضاً، صناعة الكيماويات التي تُعاني في الصين تجزؤ السوق وغياب الشفافية. وفي ظل ذلك، باع تشانغ دونجليانغ مصنع الكيماويات الخاص به في عام 2012، وأسس موقع «مولبيس» Molbase.com الذي يُركز على تجارة الكيماويات. وبحسب تشانغ ومواقع متخصصة، فإن هذا القطاع يعتمد على نصف مليون من الوسطاء لعقد الصفقات.

وحالياً، لدى موقع «مولبيس» 21 ألف مُورد و37 ألف مشترٍ. وعلى غرار موقع «زهاوجانغ»، لا يحصل على رسوم نظير تقديم المعلومات، بل يعتمد على تقديم الخدمات الإضافية للحصول على العائدات. ويتوقع تحقيق إيرادات بقيمة 3.43 مليارات دولار في 2015.

وقال تشانغ إن «مولبيس» لم يبدأ بعد في تحقيق الأرباح؛ نظراً لتركيزه على التوسع ونيل أكبر حصة من السوق قدر الإمكان، لافتاً إلى أنه سيكون من اليسير عليه تحقيق الأرباح إن أراد ذلك.

ومن بين الأسباب التي تدفع المستثمرين للإقبال على شركات التجارة الإلكترونية التي تستهدف التعاملات بين الأعمال التجارية، إنفاقها قدراً أقل من المال على اكتساب المتعاملين؛ إذ تُنفق نحو 10% فقط مما تُخصصه مواقع التجارة الإلكترونية المُوجهة للمستهلكين، وفي كثيرٍ من الأحيان يرتبط المتعاملون بالمنصات الخاصة بالتعاملات بين الشركات.

وبطبيعة الحال، لن تكفي مواقع التجارة الإلكترونية وحدها لإنعاش الصناعات التقليدية في الصين، ويكمن الحل في الحد من الطاقة الفائضة للإنتاج، ويرى بعض أصحاب المصانع أن منصات الإنترنت لن تُساعد في هذا الصدد. لكن هذه المنصات ترسم مساراً جديداً للمُصنعين الذين يبدون استعدادهم لتجربة أمور جديدة. وقال تشانغ من «مولبيس»: «أحب الكساد الاقتصادي. يصير الأشخاص أكثر انفتاحاً تجاه الابتكار».

تويتر