أهمها ارتفاع المشاركات فيها والبيانات الفورية عن توجهات المستخدمين والسمعة الإيجابية إزاء الخصوصية

مزايا متنوّعة تغري «غوغل» بالاستحواذ على «تويتر»

«تويتر» يمكن أن تضيف إلى «غوغل» أبعاداً مختلفة لعمليات البحث حال استحواذ الأخيرة عليها.

شهد الأسبوع قبل الماضي ارتفاع قيمة سهم «تويتر» بنسبة 4%، إثر شائعات باحتمال إقدام «غوغل» على الاستحواذ على موقع التدوين المُصغر، وتُعد هذه المرة الثالثة على الأقل التي يجري فيها الربط بين الشركتين على هذا النحو، وكانت شائعة مُماثلة في يناير الماضي أسفرت عن ارتفاع سهم «تويتر»، وربما ترجع بداية الأمر إلى فبراير 2011، أي قبل طرح أسهم «تويتر» في سوق الأوراق المالية.

وتعود الشائعة الحالية إلى نشر موقع «بريفينغ»، المتخصص في أخبار سوق الأسهم، ما يُفيد باستعانة شركة «تويتر» بمصرف «غولدمان ساكس» الاستثماري لحماية نفسها في مواجهة عملية الاستحواذ، وكحال المرات السابقة، ترفض «تويتر» التعليق على الأمر.

لكن ما الذي يدفع «غوغل» للاهتمام أصلاً بشراء «تويتر»؟ وهو سؤال حاول الكاتب تشارلز آرثر الإجابة عنه في مقال نشرته صحيفة «غارديان» البريطانية.

وتقول الإجابة المختصرة أن لدى «تويتر» ما تفتقر إليه «غوغل»، التي تعتمد على البحث والبيانات، وهو شبكة اجتماعية مزدهرة تحظى بإقبال المستخدمين، وعلى الرغم من محاولات «غوغل» على مدار الأعوام الماضية تقديم منتج «اجتماعي»، إلا أنها باءت بالفشل مُقارنةً بـ300 مليون مُستخدم نشط لموقع «تويتر» كل شهر، ينشرون 500 مليون تغريدة يومياً، ترتبط بموضوعات تهم قطاعات واسعة من سكان العالم.

وأقر رئيس مجلس إدارة «غوغل» حالياً، ورئيسها التنفيذي خلال أعوام نموها السريع، إريك شميدت، بخطأ عدم مواكبة الشركة ازدهار الشبكات الاجتماعية.

وقال، في حوار مع وكالة «بلومبيرغ» في ديسمبر الماضي: «كان الخطأ الأكبر الذي ارتكبته عدم توقع ظاهرة صعود الشبكات الاجتماعية»، مضيفاً أنه «ليس خطأ نُكرره مُجدداً، يمكننا الدفاع بأننا عملنا حينها على تطوير العديد من الأشياء الأخرى، لكن كان ينبغي أن نوجد في ذلك المجال، وأتحمل مسؤولية ذلك».

ويرى البعض أن مُشكلة «غوغل» مع المنتجات الاجتماعية تكمن في أن ثقافتها القائمة على البيانات تغفل الانتباه إلى اللمحات التي تدفع الناس لحب الشبكات الاجتماعية.

وحالياً، ونظراً لتصاعد استخدام الأجهزة المحمولة، تُوفر الشبكات الاجتماعية الساحة الإعلانية الأغلى قيمة؛ وخلال الربع الرابع من العام الماضي، شكلت إعلانات الأجهزة المحمولة مصدراً لنسبة 69% من عائدات «فيس بوك» الإعلانية، مُقارنة مع نسبة 53% قبل عام، كما ارتفعت إيرادات الشركة عموماً بنسبة 49%.

في المُقابل، تراجع نظام «الدفع مُقابل النقرة» في «غوغل»، الذي يعني دفع المعلنين في حال نقر أحد المستخدمين على روابط إعلاناتهم، بنسبة 30% على مدار الأعوام الأربع الماضية، بالتزامن مع نمو استخدام المحمول، ما قلل من قدرة الشركة على زيادة عائداتها، في وقت تعتمد «غوغل» على الإعلانات لتحقيق 90% من إيراداتها، وربما الجانب الأكبر من دخلها.

وقال المحلل المستقل في مجال التكنولوجيا، محرر مدونة «ستراتكري» Stratechery، بِن طومسون، إن «التناقض بين (غوغل) و(فيس بوك) يُظهِر تأخر الأولى في ما يتعلق بالمحمول وإعلانات العلامات التجارية، التي تُلائم على نحو أفضل تدفق الشبكات الاجتماعية، وتُعد (تويتر) طريقاً لكلا المجالين».

ولا يعني هذا أن «غوغل» لم تحاول تماماً في مجال الشبكات الاجتماعية، وفي الواقع قدمت الشركة ما لا يقل عن أربع خدمات منذ يناير من عام 2004، وهي: شبكة «أوركوت» Orkut، التي انتهى الأمر بإغلاقها في سبتمبر من 2014، و«جايكو» Jaiku، التي توقفت عن دعمها في عام 2009، لتُغلقها مطلع عام 2012، وخدمة Buzz التي أغلقت في أكتوبر 2012، وأخيراً شبكة «غوغل بلس»، التي أطلقت في يونيو 2011، والتي على الرغم من إنشاء حساب فيها بشكل افتراضي لكل مستخدم لبريد «جي ميل»، ما أدى إلى تصاعد عدد مُستخدميها سريعاً إلى مئات الملايين من الأشخاص، إلا أنها لم تنجح أبداً في جذب المستخدمين.

وقد يعزى عدم نجاح «غوغل بلس» إلى توفير «فيس بوك» شبكة كبيرة للغاية، وما لمسه المستخدمون من حاجة تصنيف معارفهم إلى دوائر مختلفة من جهد، فضلاً عن تحديد المحتوى الملائم لكل دائرة عند مشاركته، وربما كان النجاح الأكبر لـ«غوغل بلس» هو عملها كمستودع للصور، بسبب التحميل التلقائي للصور من الهواتف العاملة بنظام تشغيل «أندرويد»، وهو ما نال إعجاب محبي التصوير.

وعلى الرغم من إخفاق «غوغل بلس» في نيل مكانة بارزة بين الشبكات الاجتماعية الشعبية، إلا أنها حققت لـ«غوغل» أمراً طالما سعت إليه؛ وهو جمع معلومات عن نشاط المستخدمين على الويب، فبمجرد تسجيل الدخول يُمكن تتبع زيارات المستخدمين عبر المواقع المختلفة، ولم يمنع فصل «غوغل بلس» عن «جي ميل» حالياً من تحقيق هذه الغاية.

ومن شأن تجميع هذا النوع من المعلومات أن يصير أكثر سهولة بالاستعانة بموقع «تويتر»، وفي مقابلة مع صحيفة «غارديان» تعود إلى عام 2009، أبدت الرئيسة التنفيذية الحالية لشركة «ياهو»، التي كانت حينها مسؤولة عن البحث في «غوغل»، ماريسا ماير، حماسها تجاه «البحث في الوقت الحقيقي»، وهو ما يُوفره «تويتر» بالفعل.

وقالت ماير إنه «يُمكن مثلاً البحث عما إذا كان مؤتمر اليوم مُفيداً، أو ما إذا كان الطقس في سان فرانسيسكو أكثر دفئاً منه في وادي السيليكون»، مضيفة أنه: «يُمكنك النظر في الواقع إلى التغريدات، وترى تلك الأنواع من الأنماط، لذلك يوجد الكثير من المعلومات المفيدة عن الوقت الحقيقي وأفعالك، ونعتقد أنها في نهاية المطاف ستُعيد ابتكار البحث».

واختتم آرثر مقاله بتلخيص الفوائد التي قد تنالها «تويتر» من «غوغل» نتيجة الاستحواذ، وتتضمن استخدام عدد كبير من المعلنين بالفعل نظام «غوغل آدووردز» و«آدسنس»، والانتشار العالمي لمنتجات «غوغل»، والأنظمة المرنة، وإمكانية دمج «تويتر» بشكل افتراضي في نظام «أندرويد» للأجهزة المحمولة، فضلاً عن التكامل مع موقع «يوتيوب» في نشر مقاطع الفيديو القصيرة والطويلة.

في المُقابل، يُمكن لشركة «غوغل» الاستفادة من «تويتر» بأكثر من ناحية، كتوفير الأخيرة شبكة اجتماعية تحظى بمشاركة عالية، وبيانات فورية عن آراء المستخدمين واتجاهاتهم، وتقديم أبعاد مختلفة لعمليات البحث، ومنصة محسنة تُلائم الأجهزة المحمولة، إضافة إلى استثمار السمعة الإيجابية لشركة «تويتر» حيال الخصوصية.

 

 

تويتر