«ويسبر» و«سيكرت» و«سناب شات» تستفيد من وعي الجمهور تجاه الآثار الرقمية

شعبية متزايدة لتطبيقات اجتماعية تُتيح إخفاء هوية المستخدمين

صورة

منذ انطلاقه، قبل 10 سنوات، يواصل موقع «فيس بوك» التأكيد على فكرة تقديم المستخدم لاسمه وهويته الحقيقية على الإنترنت، وخلال هذه السنوات شارك ملايين المستخدمين أفكارهم وجوانب من حياتهم الشخصية في المواقع الاجتماعية المختلفة. وباحتساب أعداد المستخدمين في «فيس بوك» وحده، فقد وصل إلى نحو 1.2 مليار مستخدم.

وبينما قد تُناسب المشاركات المعلنة الحديث عن الزواج، أو التخرج في الجامعة أو ميلاد طفل جديد للعائلة، إلا أن المستخدمين ينتبهون بصورة متزايدة لتداعيات عرض بعض الأفكار والمشاعر على حياتهم الشخصية والعملية في الحاضر والمستقبل. وفي بعض الأحيان يرغبون في التعبير عما يشعرون به دون الإبقاء عليه في سجلهم الشخصي ضمن الشبكات الاجتماعية.

ويُفسر هذا الميل اتجاه ملايين المستخدمين، وأكثرهم ممن تقل أعمارهم عن الـ25 عاماً، إلى تطبيقات الهواتف الذكية التي تتيح لهم مشاركة أفكارهم مع الآخرين مع عدم الكشف عن هويتهم الحقيقية، وفي بعض الأحيان لا تنشر اسم المستخدم، ما يُخلّصهم من القلق من تبعات نشر اعترافاتهم الشخصية.

وشبّه الأستاذ المساعد في جامعة «سيراكيوز» الأميركية، أنتوني روتولو، موقع «فيس بوك» بالشبكة الاجتماعية العالمية، وقال إن «(فيس بوك) لم يعد متنفساً لنشر ومشاركة الأفكار الشخصية».

ومن بين التطبيقات الصاعدة التي تسمح بالمشاركة المُجهلة، تطبيق «ويسبر» الذي يعني «الهمس»، ويسمح للمستخدمين بمشاركة أفكارهم ضمن نص مكتوب مع اختيار صورة، خلفية، دون إضافة أسمائهم الحقيقية، وكذلك تطبيق «سيكرت» الذي يسمح للمستخدم بالأمر ذاته، لكن بمشاركة ما يكتبه مع جهات الاتصال من مستخدمي التطبيق، دون الإعلان عن شخصية الكاتب، وربما يسير في اتجاه قريب تطبيق «سناب شات»، الذي تتصاعد شعبيته بشكل مطرد، ويسمح بتبادل الصور والرسائل مع محوها تلقائياً ونهائياً خلال ثوانٍ من اطلاع المستقبل عليها.

ويُبرر المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «ويسبر»، مايكل هيوارد، شعبية وجاذبية هذه التطبيقات باستفادتها من وعي المستخدمين المتزايد تجاه بصماتهم أو آثارهم الرقمية، والاعتقاد بأن كل ما ينشره الشخص على الإنترنت يُمكن نسبته إليه في ما بعد، بحسب ما تضمن تقرير نشره موقع مجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو» الأميركية.

ولم يُحدد هيوارد بالضبط عدد مستخدمي تطبيق «ويسبر»، المتوافر مجاناً لنظامي «آي أو إس» و«أندرويد»، لكنه تحدث عن «ملايين المستخدمين»، كما أن شركات رأس المال المغامر، ومنها «لايت سبيد فينشر بارتنرز» استثمرت حتى الآن 24 مليون دولار في الشركة الناشئة التي انطلقت في عام 2012، وتتخذ من ولاية كاليفورنيا مقراً لها.

ويُتيح «ويسبر» لمستخدميه إرسال مشاركاتهم أو همساتهم تحت اسم يحددونه، ومن ثم يختارون خلفية، سواء من بين الصور التي التقطوها بكاميرا الهاتف أو من داخل التطبيق، كما يمكن لهم التعليق على همسات الآخرين أو التواصل معهم عبر الرسائل الخاصة، وأيضاً البحث عن أحدث الهمسات وأكثرها شعبية، أو التصفح بحسب الموضوعات والكلمات المفتاحية.

ويتعامل بعض المستخدمين مع «ويسبر» باعتباره منتدى للصدق المحض، ويتحدثون عما يبدو أسراراً خاصة يخشون البوح بها للآخرين في الحياة العادية، ومع استحالة التأكد من صدق هذه المنشورات وحقيقتها، إلا أنها على الأقل تُشير إلى استخدام بعض الأشخاص تطبيق «ويسبر» أداةً للكشف عن سرائرهم ومشاعرهم الخاصة.

وأقر هيوارد بأن العديد من الأشخاص يستخدمون التطبيق بحثاً عن سبل لإقامة علاقات مع الآخرين، أو للحصول على النصائح والاستشارات، فضلاً عن تقاسم أسرارهم الخاصة، وقال: «أعتقد أن الناس تواقون حقاً إلى مزيد من الحقيقة، كما يودون حقيقةً، الشعور بالارتباط أكثر مع الآخرين».

وكعادة الساحات التي تتيح الكتابة والتعليق دون اشتراط إضافة الاسم أو الهوية، يُلاحظ بعض التعليقات المسيئة التي تحمل حس إيذاء الآخرين، ويرى هيوارد أن ذلك لا يُمثل القاعدة، كما أن العديد من منتديات الإنترنت والمواقع الإخبارية، التي تسمح لمستخدميها بالتعليقات المُجهلة، تُبين دور إخفاء الشخص لهويته في تشجيع هذا النوع من السلوك.

وفي ما يتعلق بتطبيق «سيكرت»، الذي يعني اسمه «السر»، فيسمح للمستخدمين بمشاركة أفكارهم ومشاعرهم على نحو أكثر تنظيماً مقارنة مع الشبكة المفتوحة لأي شخص في «ويسبر»؛ فيكتب المستخدم بضعة سطور مع اختيار لون أو صورة، خلفية، ومن ثم يُرسلها «سيكرت» إلى مستخدمي التطبيق ضمن جهات اتصال المستخدم، وفي حال أعجبت المشاركة أحدهم وضغط على أيقونة القلب المجاورة لكل مشاركة فتُرسل إلى مستخدمي التطبيق ضمن جهات الاتصال الخاصة به، وهكذا.

ولا يُحدد تطبيق «سيكرت»، المتوافر لنظام «آي أو إس»، اسم مستخدم لكل منشور، لكن عند التعليق على أحد المنشورات يكتسب المُستخدم أيقونة مؤقتة تظهر إلى جوار جميع تعليقاته على هذا المنشور، بينما تظهر إلى جوار تعليق كاتب المشاركة أو «السر» أيقونة التاج.

ويأمل مؤسسا «سيكرت»، اللذين عملا سابقاً في شركة «غوغل»، كريس بيدر وديفيد بيتو، أن يُساعد عدم وجود أسماء للمستخدمين، وفكرة اتصال العديد منهم ببعضهم في الحياة الواقعية ــ حتى لو كانوا جميعاً مجهولين لبعضهم ضمن التطبيق ــ في خفض السلوكيات المسيئة لأدنى حد.

وفضلاً عما تتيحه تطبيقات، مثل «سيكرت» و«ويسبر»، من نشر الأفكار الشخصية دون الخوف من تداعياتها، فإنها تتضمن جانب إدمان قراءة مشاركات المستخدمين الآخرين، واعترافاتهم وتشتت الذهن بسببها.

وبسبب حداثة تطبيق «سيكرت»، فإنه يصعب الكشف عن عادات مستخدميه على نطاق واسع، إلا أن «ويسبر» لديه 3.5 مليارات مشاهدة شهرياً، بحسب الشريك في شركة «لايت سبيد فينشر»، جيريمي ليو، التي استثمرت فيه، وكذلك في تطبيق «سناب شات»، كما أشار إلى ميل المستخدمين لقضاء نصف ساعة يومياً في استخدام التطبيق عبر هواتفهم الذكية.

ويعتقد أنتوني روتولو أن تصاعد رغبة المستخدمين في مشاركة منشوراتهم دون الإعلان عن هويتهم سيدفع «فيس بوك» و«غوغل»، وغيرهما من الشركات الكبرى، لمحاولة توفير هذا الخيار.

يُذكر أن «فيس بوك» قد يتيح ذلك خلال فترة قريبة، إذ تحدث مؤسسه المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرغ، أخيراً عن أن بعضاً من التطبيقات المقبلة لشركته ستسمح بتسجيل الدخول المجهول، ما يُعد تغييراً كبيراً لموقع «فيس بوك» الذي طالما أكد الحاجة إلى الهوية الحقيقية على الإنترنت للتواصل والدخول لمختلف أنواع المواقع.

 

تويتر