اعتمدت على تحليل محتوى ومصدر التغريدات المنشورة

أداة جديدة لاكتشاف الصـــور المُزوَّرة في «تويتر» بطريقة آلية

الدراسة حللت ‬5767 تغريدة تتضمن صوراً مُزوَّرة لإعصار «ساندي».

لم تعُد مواقع الإعلام الاجتماعي، مساحة لنشر الآراء الشخصية للمستخدمين والتواصل مع الأصدقاء فقط، بل تأكد دورها وسيلة سريعة لنشر الأخبار العاجلة، خصوصاً في أوقات الأزمات أو الأخبار المتعلقة بالمناطق النائية، حتى أنها تسبق في بعض الأحيان وسائل الإعلام المحترفة.

ويلجأ الصحافيون يومياً للبحث فيها بين مئات الآلاف من المنشورات، للوصول إلى أخبار ومصادر تساعدهم عى تغطية قصصهم. وفي بعض الأحيان أثبتت جدارتها، مصدراً للأخبار، ووسيلة للوصول بالمساعدات إلى المناطق المنكوبة، وعلى جانب آخر لم تنج من الاتهامات بأنها أرض خصبة لترويج الشائعات والمعلومات الخاطئة والصور المُزوَّرة.

وأثناء الأحداث المهمة، مثل الكوارث الطبيعية والأزمات السياسية، ينتشر في وسائل الإعلام الاجتماعية، على غرار «تويتر»، طوفان من الصور المُزوَّرة تعود لأحداث أخرى أو جرى إعدادها بالاستعانة ببرامج رسم وتصميم، ويُروج لها بوصفها صوراً حقيقية، وسرعان ما تنتشر بين آلاف من مستخدمي الشبكات الاجتماعية، وأحياناً تصل إلى المؤسسات الإخبارية، ما يُحمِّل الصحافيين مسؤولية التحقق وبسرعة من صحة ما يُنشر في المدونات والشبكات الاجتماعية.

وفي أكتوبر من العام الماضي، انتشرت في موقع «تويتر» ومنه إلى كثير من مواقع الإنترنت، صوراً مُزوَّرة لإعصار «ساندي» الُمدمِّر الذي ضرب الولايات المتحدة وبعضاً من دول جزر الكاريبي، وخلَّف ما يزيد على ‬100 قتيل، وخسائر قُدرت بأكثر من ‬50 مليار دولار. ونشرت مواقع إخبارية تقارير تكشف عن زيف الصور، وتميزها عن الصور الحقيقية.

وهو ما دفع فريقاً من الباحثين للتفكير في ابتكار أداة تكشف آلياً الصور المُزوَّرة في «تويتر»، من خلال تحليل خصائص التغريدات المنشورة والمستخدمين، بهدف مساعدة الصحافيين والمستخدمين العاديين على تجنب الأخبار المغلوطة والصور المزيفة.

واعتمدت الدراسة التي تعاون لإنجازها باحثون من معهد «إندرابراسثا لتقنية المعلومات» في الهند، ومختبرات «آي بي إم» للأبحاث و«جامعة ميرلاند الأميركية»، على دراسة التغريدات التي تضمنت صوراً مُزوَّرة لإعصار «ساندي» لاختبار مدى قدرة الأداة في تمييزها عن الصور الحقيقية، ونجحت هذه الطريقة في الكشف عن الصور المُزوَّرة بنسبة عالية من الدقة وصلت إلى ‬97٪.

وحللت الدراسة ‬5767 تغريدة تتضمن صوراً مُزوَّرة لإعصار «ساندي»، والعدد نفسه لتغريدات تحوي صوراً حقيقية.

واعتمد الباحثون على «خوارزميات» تُحلِّل محتوى ومصدر التغريدات ضمن مجموعتين من البيانات، تتعلق الأولى بخصائص حساب المستخدم، وتتضمن: عدد متابعيه وعدد الحسابات التي يتابعها والنسبة بينهما، وما إذا كان التعريف الشخصي له يتضمن موقعاً على الإنترنت، وعدد القوائم المُدرج فيها، وما إذا كان حسابه مُوثَّقاً، إضافة إلى تاريخ تسجيله في «تويتر».

وتخص المجموعة الثانية خصائص التغريدات المنشورة، وتشمل: عدد الكلمات، وعدد الحروف الكبيرة المستخدمة في الكتابة، وترتيب الضمائر ضمن الجملة، وما إذا تضمنت التغريدة آراء سلبية أو إيجابية، وعلامات المشاعر الدالة على السعادة أو الحزن، وعلامات الاستفهام أو التعجب وعددها، إضافة إلى عدد الإشارات و«الوسوم»، والروابط الإلكترونية، وعدد مرات إعادة التغريد.

وكشف التحليل عن التغريدات التي تتضمن صوراً مُزوَّرة بنسبة ‬97٪، كما أظهر أهمية تحليل محتوى التغريدات نفسها، مقارنة بالمعلومات الخاصة بصدقية الحساب وتاريخ المستخدم؛ فالمستخدمون ذوو العدد الكبير من المتابعين وأصحاب الحسابات المُوثَّقة يتورطون أحياناً في إعادة نشر صور مُزوَّرة بدافع انتشارها أو الرغبة في السبق. يُشار إلى أن وجود عدد من الصور المكررة ضمن عينة الدراسة، ربما أدى إلى هذا المستوى المرتفع من الدقة.

كما تطرقت الدراسة إلى الطريقة التي تنتشر بها الصور المُزوَّرة في «تويتر»، وكان إعادة التغريد أو «ريتويت» هو السبب الأول وراء شيوعها ووصولها إلى عدد أكبر من المستخدمين.

وتوصلت إلى أن نسبة ‬86٪ من الصور المُزوَّرة أعُيد نشرها، ما يلفت إلى خطورة إعادة النشر من دون تحقق، خصوصاً في أوقات الأزمات لأنه يُعد علامة على الموافقة والإعجاب.

وتزداد أهمية هذه النقطة مع العاملين في مجال الصحافة، إذ يلجأ بعض المستخدمين إلى حسابات الصحافيين باعتبارها مصدراً يُمكِّن الوثوق به للحصول على الأخبار.

ومن الأمور اللافتة أن عدد المتابعين لم يلعب دوراً يُذكر في انتشار الصور المُزوَّرة، وكان المتابعون المباشرون مسؤولين عن نسبة ‬11٪ فقط من مرات إعادة التغريد، وهو ما يمكن تفسيره بأن المستخدمين خلال إعصار «ساندي»، والأخبار العاجلة عموماً، يلجأون إلى البحث في «تويتر» للوصول إلى أشخاص من قلب الحدث، ويمكنهم تقديم معلومات موثقة، ما يعني أنهم لا يكتفون بالأشخاص الذين يتابعونهم أو مصادرهم الخاصة.

وذكرت الدراسة أنه «في حالات الأزمات، عادةً ما يقوم الناس عادةً بترويج وإعادة نشر التغريدات التي يصلون إليها عبر البحث، أو العبارات الأكثر تداولاً، بصرف النظر عما إذا كانوا يتابعون هؤلاء الأشخاص أم لا». وربما يتسبب في انتشار الصور المُزوَّرة على نطاقٍ واسع، إبراز «تويتر» لأهم التغريدات التي تتضمن وسماً معيناً بناءً على ما نالته من إعادة النشر «ريتويت».

وتوصلت الدراسة إلى أن الصور المُزوَّرة لا تنتشر سريعاً عبر «تويتر»، بل ربما مر على نشرها ‬12 ساعة، قبل أن يقوم أحد المستخدمين ممن لديهم عدد كبير من المتابعين بإعادة تغريدها، مشيرة إلى أن التحول المفاجئ في سرعة انتشار الصور المُزوَّرة يعتمد على عدد قليل من المستخدمين.

وعلى الرغم من قيام العديدين بإعادة نشر تغريدات لا تعود بالضرورة إلى الحسابات التي يتابعونها، فإن قلة منهم يحظون بتأثير كبير، ويقومون بمعظم مرات إعادة التغريد؛ إذ إن من بين ما يزيد على ‬10 آلاف مستخدم، يقوم ‬30 منهم بنسبة ‬0.03٪ بـ‬90٪ من مرات إعادة التغريد.

وفي «تويتر» تتسع دائرة انتشار الصور المُزوَّرة والحقيقية شيئاً فشيئاً، وأحياناً يتحول بعض المستخدمين بسرعة إلى مصادر للأخبار تسعى إليهم وسائل الإعلام، مثل حالة المهندس الباكستاني، صهيب أطهر، الذي كتب في حسابه في «تويتر» عن رصده طائرات تحلق في سماء مدينة «آبوت أباد»، وسماعه أصوات إطلاق النار، وهو ما اتضح في ما بعد أنه عملية تتبع ومقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وانتشر ما كتبه «أطهر» سريعاً، على الرغم من قلة عدد متابعيه حينها.

 

تويتر