دراسة:«فيس بوك» مصــــدر رئيس للأخبار في دول عربية

مشاركون في الاستطلاع أوضحوا أن للإنترنت دوراً إيجابياً في المساعدة على فهم القضايا السياسية والتواصل مع المســؤولين. تصوير: مصطفى قاسمي

يتجاوز دور الشبكات الاجتماعية بالنسبة لكثير من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي، عنه في أماكن أخرى من العالم، فإلى جانب التواصل مع العائلة والأصدقاء، تبرز كأداة للتعبير عن الأفكار المختلفة والآراء السياسية، وحشد التأييد لمصلحة قضايا محددة، إضافة إلى تلقي ونشر الأخبار ضمن التحولات التي يشهدها مجال الإعلام عموماً.

وصنفت دراسة حديثة موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» كثالث المصادر الرئيسة التي يعتمد عليها مواطنو ثماني دول عربية للحصول على الأخبار، سواء كانت محلية أو دولية.

واستهدفت الدراسة، التي حملت عنوان «استخدام وسائل الإعلام في الشرق الأوسط: دراسة على ثماني دول»، وأجرتها جامعة «نورث ويسترن» الأميركية في قطر، بحث اتجاهات الأشخاص نحو وسائل الإعلام المختلفة في ثماني دول عربية هي: الإمارات، البحرين، قطر، السعودية، لبنان، الأردن، مصر وتونس.

واعتمدت الدراسة على استطلاع آراء ما يزيد على ‬10 آلاف شخص، بمعدل ‬1200 شخص من المناطق الحضرية والريفية في كل بلد، وجرى أغلبها بنسبة ‬90٪ من خلال مقابلات شخصية. وأظهرت الدراسة أن المنطقة العربية بشكل عام تتجه للاعتماد على الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعي بسبب زيادة الشك في وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون والصحف، على الرغم من استمرار الاعتماد عليها.

وبالنظر إلى المتوسط العام في الدول التي شملتها الدراسة، ذهبت المراكز الـ‬10 الأولى للمصادر الرئيسة للحصول على الأخبار إلى قنوات تلفزيونية؛ فجاءت قناة «الجزيرة» في المركز الأول بنسبة ‬26٪، تلتها «العربية» بنسبة ‬16٪، ثم موقع «فيس بوك» بنسبة ‬10٪. ويُلاحظ أن الدراسة لم تتطرق إلى مصادر الأخبار التي تصل إلى المستخدمين من خلال «فيس بوك»، وما إذا كانت تعود إلى القنوات التلفزيونية والصحف.

وأظهرت النتائج تفاوتاً واضحاً بين الدول الثماني، فبينما كانت القنوات التلفزيونية عاملاً مشتركاً بينها، أشار ‬52٪ من التونسيين إلى «فيس بوك» بوصفه المصدر الأول للأخبار، في حين جاء في المركز الخامس لدى المشاركين من الإمارات بنسبة ‬10٪، بينما لم يرد ضمن المصادر الـ‬10 الأساسية في كل من مصر ولبنان والأردن والسعودية. واحتل «غوغل» المركز الأول لدى ‬26٪ من البحرينيين، ولم تتم الإشارة إلى «تويتر» مصدراً للأخبار سوى في دولتين، هما البحرين بنسبة ‬8٪، والسعودية بنسبة ‬3٪.

وربما تقدم بعض نتائج الدراسة تفسيراً لتزايد الاعتماد على «فيس بوك» مصدراً للأخبار؛ فمن ناحية كشفت عن فقدان نسبة غير قليلة من المشاركين الثقة بوسائل الإعلام التقليدية، ففي لبنان ومصر وتونس ينظر ربع المستطلعة آراؤهم إلى وسائل الإعلام مصدراً موثوقاً به للحصول على الأخبار، بينما ترتفع النسب في بقية الدول الأخرى، خصوصاً في السعودية بنسبة ‬74٪، والإمارات بنسبة ‬63٪.

وأرجع أستاذ الصحافة في جامعة «نورث ويسترن»، وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، جاستن مارتين، التفاوت الواضح في مستوى الثقة في وسائل الإعلام بين الدول العربية إلى الاختلافات السياسية والاقتصادية في ما بينها، ويرى في ما يخص تونس ومصر أن الناس، للمرة الأولى، ينتظرون المزيد من المؤسسات الإعلامية، ويتشككون فيما تقدمه لهم ولا يقبلون بوضعها الحالي، وهو ما يبرر أيضاً الاختلاف في تقييم مدى تحسن جودة الأخبار خلال العامين الماضيين؛ فبشكل عام يعتقد ‬61٪ تحسن التقارير الإخبارية المُقدمة في وسائل الإعلام، إلا أن نسبة الموافقة على هذا الرأي كانت أقل في لبنان وتونس.

ومن ناحية أخرى، قد يعود سبب الاعتماد على «فيس بوك» إلى طبيعة ثقافة سكان الدول العربية التي تميل إلى الجانب الاجتماعي في استخدام وسائل الإعلام، بما يعد أحياناً رجوعاً إلى أسلوب تبادل ونقل الأخبار قبل ظهور الصحف بالاعتماد على الثقة في الأصدقاء، وإن كان يتم الآن عبر وسائط مختلفة. وحتى في استخدام الإنترنت، أظهرت النتائج أن استخدام برامج المراسلة الفورية هو النشاط الأهم، مقابل قلة الإقبال على التعاملات المالية والمصرفية، مع الأخذ في الاعتبار تفاوت النسب بين الدول التي شملتها الدراسة. وبحسب ما قال مارتين لموقع «جورناليزم دوت كوم»: «لدى العرب، وربما أكثر من الثقافات الأخرى حول العالم، جماعات راسخة يتلقون ويشاركون من خلالها الأخبار والمعلومات، ويلجؤون إليها عادة للحصول على الأخبار، كما اعتادوا الثقة بالمعلومات التي تصلهم من خلالها».

وظهر التركيز على الجانب الاجتماعي بشكل أكبر في ترتيب المصادر العامة للحصول على الأخبار؛ فجاء التلفزيون في المرتبة الأولى بنسبة ‬82٪ متبوعاً بالاتصالات الشخصية مع العائلة والأصدقاء بنسبة ‬72٪، ثم الإنترنت والصحف والراديو؛ فيما ذهبت المراكز الثلاثة الأخيرة إلى الكتب والمجلات والكتب الإلكترونية.

وأشارت النتائج إلى أن ثلثي المشاركين في الاستطلاع تقريباً لا يقرأون الكتب والمجلات على الإطلاق، مع تفاوت كبير بين الدول الثماني.

ومن بين ما أشارت إليه نتائج دراسة «نورث ويسترن» الخلاف الذي يصل حد التناقض حول مسألة حرية التعبير على الإنترنت؛ فبينما يؤيد ‬61٪ من المشاركين في الاستطلاع حرية كل فرد في التعبير عن أفكاره أياً كانت عبر الإنترنت، يرى ‬50٪ منهم أن على الحكومات فرض ضوابط قانونية أكثر صرامة على استخدام الشبكة، كما اتفقت نسبة تقل عن النصف مع حق كل فرد في انتقاد الحكومات عبر الإنترنت.

ويبرر جاستن مارتين سبب التناقض برغبة بعض مستخدمي الإنترنت في الحصول على كل شيء، لذلك يدعمون حرية التعبير وفي الوقت نفسه يشعرون بالقلق تجاه بعض أشكال التعبير، التي يختلفون معها من ناحية الجنس والدين والعائلة.

كما أظهرت النتائج عدم ثقة المشاركين في الوضع الحالي لحرية التعبير على الإنترنت؛ فاتفقت نسبة ‬47٪ من المشاركين مع أنه من الآمن أن يطرح المرء آراءه السياسية عبر الإنترنت، وذكرت نسبة أقل أنها تشعر بالراحة خلال نشرها لوجهات نظرها حول الشؤون السياسية عبر الإنترنت. كما عبرت نسبة ‬38٪ عن قلقها من مراقبة الحكومات لنشاط الأفراد على الإنترنت، واتضح القلق بشكل أكبر في آراء المشاركين من السعودية إذ تعدت نسبتهم النصف.

تويتر