11 ألف شخص يوقّعون عريضة تطالب بوقفها خوفاً على حرية التعبير.. وكيانات أخرى تنتظرها لحماية الملكية الفكرية

جدل حول طرح «أبل» تقنية تعمل بالأشعة تحت الحمراء لغلق كاميرات المحمــول

صورة

بعد حصولها على براءة اختراع خاصة بأجهزة إرسال تبث إشارات بالأشعة تحت الحمراء، وتستطيع الإشارات الصادرة عنها إيقاف تشغيل كاميرات الهواتف المحمولة في النطاق أو المساحة التي تغطيها عملية البث، أصبحت شركة «أبل» في مفترق طرق بين المستخدمين ورعاة الحقوق والحريات المدنية، الذين بدأوا حملة متصاعدة للضغط عليها، حتى لا تطرح هذه التقنية للاستخدام العام خوفاً على حرية التعبير، وبين الآلاف من الجهات والكيانات الأخرى، التي تبدي استعداداً كبيراً لشراء وتشغيل هذه التقنية والدفع من أجلها. ويشمل ذلك دور السينما وقاعات الموسيقى، وأماكن إقامة الحفلات الخاصة والعامة، وجهات الأمن وإنفاذ القانون ودور العبادة وغيرها، وحتى الآن لاتزال «أبل» صامتة، ولم تعلن لأي الفريقين ستنحاز.

كانت «أبل» قد تقدمت بطلب لمكتب البراءات والعلامات التجارية الأميركي عام 2011، للحصول على براءة الاختراع، تحت عنوان «نظم وطرق لاستقبال بيانات الأشعة تحت الحمراء»، مع كاميرا مصممة لاكتشاف الصور اعتماداً على الضوء المرئي، وحملت البراءة رقم 9380225، وفي 28 يونيو 2016 حصلت «أبل» على البراءة، وبات من حقها إنتاج وطرح هذه التقنية على النطاق التجاري.

أوامر مشفرة

وعلى مستوى التشغيل العملي، تعني هذه البراءة إنتاج أجهزة إرسال تبث إشارات بالأشعة تحت الحمراء، تغطي مساحة أو منطقة معينة، وتحمل هذه الإشارات أوامر مشفرة (أكواد) بإيقاف وغلق كاميرات الهواتف المحمولة، وأي هاتف يقع في نطاق تغطية هذه الإشارات، يقوم بفك هذه الأكواد، وتنفيذ الأوامر الموجودة فيها، فيغلق الكاميرا ويمنع المستخدم من التقاط الصور أو تسجيل الفيديو، ولا يستطيع صاحب الهاتف فعل شيء أمام هذا الأمر. وحينما يبتعد عن نطاق تغطية إشارات الأشعة تحت الحمراء، تعود الكاميرا للعمل من تلقاء نفسها مرة أخرى.

وقالت «أبل» إن الهدف من هذه التقنية هو حماية حقوق الملكية الفكرية، أثناء الحفلات الموسيقية، وخلال عرض الأفلام السينمائية داخل دور العرض، وحماية الخصوصية في الحفلات الخاصة، وعدم التشويش داخل دور العبادة وخلافه، وهو ما استقبلته هذه الجهات جميعاً بترحاب واضح واستعداد للدفع من أجل تشغيلها.

مفاجأة غامضة

في المقابل، وجدت الشركة أن المستخدمين ورعاة الحقوق والحريات المدنية واجهوا هذه التقنية بالاعتراض والانتقاد العنيف، وبدأوا حملة متصاعدة للضغط على «أبل»، حتى لا تطرح هذه التقنية للاستخدام العام خوفاً على حرية التعبير، وكتبوا عريضة احتجاج تحث «أبل» على عدم طرح هذه التقنية. وخلال أسبوعين فقط من حملة الضغط، وصل عدد الموقعين على العريضة إلى أكثر من 11 ألف شخص. وخاطبت العريضة المستخدمين قائلة: تخيل أنك تمشي في شارع حينما رأيت رجل أمن يطرح سيدة على الأرض، إنهم يلجأون إلى الاستخدام المفرط للقوة، أحدهم دفع وجهها إلى الأرض، والآخر جلس بركبته على ظهرها، أنت أصبحت قلقاً، سحبت هاتفك المحمول لتصور الحادثة، لكنك فوجئت بأن الكاميرا مغلقة بطريقة غامضة، مع براءة الاختراع الجديدة من «أبل» يمكن أن تصبح هذه الواقعة حقيقية، لذلك وقع على هذه العريضة وأرسل رسالة لـ«أبل» بألا تطرح هذه التقنية التي تسمح لأطراف ثالثة بإيقاف كاميرات الـ«آي فون» عن بُعد.

الملكية الفكرية

كما خاطبت العريضة «أبل» قائلة: «لقد بررتم وجود هذه التقنية بالقول إنها يمكن أن تحمي حقوق الملكية الفكرية، مثل منع الأشخاص من تصوير الحفلات الموسيقية أو تسجيل فيلم سينمائي أثناء عرضه بدار السينما، لكن هذه الأمثلة تأتي من منطق معيب، وهو أن شخصاً ما يمكنه حقيقة أن يملك ويسيطر على كل التجارب والأفكار، لذلك فهذا تبرير غير مقبول، ففي الحقيقة هذه التكنولوجيا تدوس بشكل صارخ على حرية التعبير».

وأضافت: «الأمر لن يكون مقصوراً على قاعات السينما والحفلات، بل يمكن تشغيل التقنية في أي وقت وأي مكان من قبل أي جهة أو طرف يستطيع شراء الجهاز، وفي هذا السياق، فإن تسجيل تجاوزات الشرطة تطرأ على الذهن بصفة خاصة، والفيديوهات الملتقطة بواسطة الهواتف المحمولة كانت شيئاً حيوياً في فتح تحقيقات حول بعض الوقائع مثل إطلاق النار المفضي إلى الموت من جانب الشرطة دون مبرر، كما حدث في حالتي فيلاندو كاسل والترون ستريلنغ، اللذين تعرضا لإطلاق نار أفضى إلى الموت بلا مبرر، ودون فيديوهات المحمول التي سجلت الوقائع، لم يكن ممكناً على الإطلاق معرفة هذه الحوادث».

جماعات ضغط

وهناك العديد من الجماعات الليبرالية التي تدعم هذه الحملة وتضغط على «أبل» لمنع طرح التقنية، وفي مقدمتها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، الذي نشر تدوينة على لسان مدير التقنية وسياسة الحريات المدنية بالاتحاد، نيكول وزر، قالت فيها: «نحن نعتقد أن هذه التقنية يحتمل أن تقوض الجهود الرامية إلى مساءلة ومحاسبة جهات إنفاذ القانون حينما تتجاوز صلاحياتها، ومع تركيز جهات إنفاذ القانون أخيراً على التحايل على حماية المستخدم في منتجات (أبل)، يمكن أن يكون من الحكمة من جانب الشركة أو أي شركة أخرى، أن تأخذ في اعتبارها بشدة التأثير السيئ في الحقوق المدنية قبل المضي قدماً في تطبيق هذه التقنيات».

من جانبها، لم تصدر «أبل» أي تعليق على العريضة ومواقف الجهات الأخرى التي تستعد للشراء والدفع، ما يثير تساؤلات حول هل ستنحاز «أبل» إلى مطالب المستخدمين ورعاة الحريات والحقوق المدنية؟ أو تنحاز لإغراءات المال من قبل الأطراف الأخرى، هذا ما ستكشف عنه الأسابيع المقبلة.

تويتر