تساعد المرضى على التعامل مع الحالات الخطرة وتوفر المعلومات لأطبائهم

تطبيقات المحمول جزء من الوصفات الطبية في المستقبل القريب

تتجه مستشفيات إلى تطوير تطبيقات للأجهزة المحمولة، بهدف مُساعدة المرضى على التعامل مع الحالات الطبية الخطرة، وتوفير المعلومات لأطبائهم، وغالباً في الوقت الحقيقي، في الفترات الفاصلة بين كل زيارة وأخرى. وقريباً قد يصير من المعتاد نصح الأطباء للمرضى باستخدام بعض تطبيقات الهواتف المحمولة، إلى جانب أصناف الأدوية والعلاج الطبيعي والإرشادات الصحية. وتستهدف التطبيقات الجديدة المُساعدة في التعامل مع مشكلات مُحددة جداً، مثل التعافي من الجراحة، والتعامل مع الآلام الناتجة عن السرطان. ويرى الباحثون أن هذه التطبيقات غالباً ما تتمتع بفرصة أفضل لتصير جزءاً من العادات اليومية للمرضى، نظراً لاستخدامها تحت الإشراف الطبي وباقتراح من الأطباء، بما يفوق التطبيقات الصحية التي يختار المرضى تنزيلها من متاجر التطبيقات، ودون مشاركة أطبائهم. وحالياً يُجري باحثون تجارب سريرية لاختبار تطبيقات للهواتف الذكية تُساعد المرضى على الالتزام بتناول أدوية «فيروس نقص المناعة البشرية»، والتعامل مع أعراض أمراض مثل الربو والتهاب الأمعاء، ومنع تكرر المشكلات الصحية بعد خوض المرضى برامج إعادة تأهيل القلب والأوعية الدموية.

 

وإضافة إلى دور التطبيقات في إرسال تعليمات إلى المرضى، يُمكنها أن تُنبه الأطباء في المراحل الأولى لبعض المشكلات وقبل أن تتحول إلى أزمات صحية. ويقول الباحثون إن استخدامها قد يُقلل من زيارات المرضى للمستشفيات والإقامة فيها، ومن التكاليف الناجمة عن ذلك. وقال نائب رئيس قسم «كونكتد هيلث» في شركة «بارتنرز هيلث كير»، جوزيف كفيدار: «نرغب في أن تكون التطبيقات تعليمية ومُلهمة، تُساعد الأشخاص على الالتزام بعلاجهم، وتُتيح لهم مُشاركة معلومات مهمة مع أطبائهم». وألّف كفيدار كتاباً يحمل عنوان «إنترنت الأشياء الصحية».

 

وتضم شركة «بارتنرز هيلث كير» في مدينة بوسطن الأميركية «مستشفى ماساتشوستس العام»، وتختبر تطبيقاً لمساعدة مرضى «الرجفان الأذني»، وآخر لمساعدة مرضى السرطان. ويرمي تطبيق التعامل مع ألم السرطان إلى مساعدة المرضى على التعامل مع الألم من خلال تدريبهم على الالتزام بمواعيد العلاج، والتعامل مع الغثيان وغيره من الأعراض الجانبية للأدوية، ويُوفر التطبيق مقاطع فيديو تعليمية قصيرة، ورسائل لتشجيع المرضى.

ويُتيح التطبيق للمرضى تقديم طلبات للحصول على الأدوية، والتسجيل اليومي لمشاعرهم، ومثلاً في حال أشار مريض إلى خوفه من إدمان المسكنات وتناول جرعات زائدة، يعرض التطبيق رسالة تعليمية تشرح الفارق بين الإدمان وزيادة الاعتياد. وقال المُدير المُشارك في قسم «الرعاية المُلطفة» ومُدير عيادة ألم السرطان في «مستشفى ماساتشوستس العام»، ميهير كامدار: «حين يُعاني مرضانا ألماً حاداً، عادةً ما نتوصل إلى خطة رائعة ونظام للعلاج حين نلتقيهم في العيادة، لكن خلال أربعة أسابيع تفشل الخطة جزئياً، لأسبابٍ متنوعة».

وأضاف كاميدار أن «توافر وسيلة تُتيح للأطباء تواصلاً أفضل مع المرضى بعد الزيارات ربما يُطلعهم على من يُعانون ألماً قد يتطور إلى أزمة حادة، بما يُساعد على التعامل معهم على نحوٍ أفضل، وإعفائهم من اللجوء إلى المستشفى لاحقاً».

ويُشجع التطبيق المرضى على تقييم شعورهم بالألم ثلاث مرات أسبوعياً، وكذلك في أي وقت يشعرون فيه بتفاقم الأعراض أو يُواجهون ألماً شديداً، ويجري دراسة ردود المرضى في الوقت الحقيقي، وفي حال تصاعد الألم وشدته يُرسل التطبيق تنبيهاً لاستدعاء الطبيب. ورحّب بعض المرضى بدور هذه التطبيقات، فمثلاً أبدى أدرين نيجرو (32 عاماً)، ويُعاني سرطان «الغدة الصعترية النقيلي»، الذي يُسبب ألماً في الكتف، اهتماماً كبيراً حين طلب منه الدكتور كامدار استخدام التطبيق والمُساهمة في التجربة.

وقال نيجرو: «استخدم هاتفي باستمرار بأي حال، وبالتالي اعتدت مُتابعة شعوري بالألم»، على الرغم من أن ألم نيجرو لم يبلغ مرحلةً تُوجب الاتصال بالعيادة الطبية طلباً للمساعدة. وأضاف نيجرو: «كان جيداً أن أعرف أن بإمكاني دائماً الوصول إلى الأطباء». واستخدم نيجرو التطبيق في تسجيل ملاحظات وأسئلة يرغب في طرحها على الطبيب أثناء الزيارات التالية، ما يكفيه عناء القلق من نسيان أمور خلال مراجعة الطبيب.

وفي «جامعة ميشيغان» طوّر«نظام الصحة» تطبيقات عدة للهواتف المحمولة، ويُوفر بالفعل تطبيقاً لمساعدة مرضى سرطان الجلد على متابعة ظهور «الشامات» المشكوك فيها على بشرتهم. وقال أستاذ الجراحة المُشارك ورئيس قسم جراحة الأورام المسؤول عن هذا المسعى، مايكل سابل، إن «الهدف يكمن في توفير تطبيقات تُعزز التواصل بين الأطباء والمرضى، وتُساعد المرضى على تنفيذ توصيات الأطباء». وطوّر فريق الدكتور سابل تطبيق «بريست كانسر ألي» Breast Cancer Ally. واعتمد الفريق على سؤال المتخصصين، كما تناقش الفريق مع المرضى عن أهم ما يحتاجون إليه بمجرد مغادرتهم المستشفى، ومن خلال ذلك حددوا جوانب محددة لكل مرحلة علاجية يُمكن لتكنولوجيا المحمول المساعدة فيها.

ويُوفر التطبيق للمريضات معلومات مفيدة لما بعد الجراحة، ورسوماً توضيحية للتمرينات الرياضية، كما يسمح التطبيق بمتابعة الآثار الجانبية، والحصول على توصيات حول سُبل التعامل الأمثل مع كلٍ منها، وتنبيههن حال احتجن لمراجعة الطبيب مُباشرةً، فمثلاً تُقدر جاكلين تونكس ( 78 عاماً)، في تطبيق «بريست كانسر ألي» ميزة تذكيرها بإجراء التمارين المُقترحة لمساعدة مريضات سرطان الثدي على التعامل مع صعوبة تحريك الكتف. وفي مستشفى كلية البنات في «جامعة تورنتو» الكندية، اختبر الباحثون دور تطبيق للهواتف المحمولة في مساعدة السيدات اللاتي أجرين جراحة لترميم الثدي في تقليل حاجتهن لمراجعة الأطباء شخصياً خلال الـ30 يوماً التالية للجراحة. وتزيد في هذه الفترة مخاطر حدوث مُضاعفات، والحاجة إلى تلقي العلاج في المستشفى مُجدداً.

وتوصلت دراسة تجريبية، نُشرت نتائجها في دورية أبحاث الإنترنت الطبية في فبراير الماضي، إلى دور التطبيق في تقليل الزيارات المُباشرة، إضافة إلى فاعليته من ناحية التكلفة، ونيله مستويات مرتفعة من رضا المريضات. واستناداً إلى الدراسة، أتم الباحثون أخيراً تجربة عشوائية قارنوا فيها نتائج 76 مريضة، استخدمت البعض منهم التطبيق، في حين اعتمدت أخريات على تلقي الرعاية عبر المتابعة المباشرة المعتادة. وقال الجراح في مستشفى كلية البنات والباحث الرئيس في الدراسة، جون سمبل، إن «النتائج الأولية أظهرت مساعدة التطبيق في الحد من مرات إعادة الدخول إلى المستشفى، وإمكانية مساهمته في تقليل التكاليف». كما لمس الجراحون فوائد غير متوقعة لاستخدام المريضات تطبيق الهاتف، إذ تمكنوا على نحوٍ أفضل من مُتابعة تقدم شفاء الجرح من خلال الاطلاع على الصور التي تلتقطها المريضات بواسطة الهواتف، ويضيفونها يومياً بالمقارنة مع الاكتفاء بزيارة الطبيب بعد إجراء الجراحة. وسمحت الصور للأطباء بتحديد الطفح الجلدي والتهابات الجروح قبل تحولها إلى مُشكلات كبيرة، كما تمكنوا من إخبار المريضات في حال كانت الأعراض غير خطرة ولا تستلزم اللجوء إلى المستشفى. وقال سمبل: «توجد هذه التقنية في جيب كل شخص، وتجعل المرضى يشعرون بمُشاركتهم في العناية بأنفسهم».

 

 

تويتر