تدفع الأشخاص إلى استغلال أوقاتهم بطريقة أكثر ذكاءً

«فيجن موبيل»: 220 مليار درهم سوق تطبيقات تعزيز الإنتاجية في 2016

صورة

تتوافر الكثير من التطبيقات للهواتف الذكية، تعد بتحسين إنتاجية المستخدمين وكفاءتهم وقدرتهم على تنظيم أعمالهم. وتتوقع شركة «فيجن موبيل» لأبحاث التطبيقات وصول قيمة هذا القطاع إلى 220.4 مليار درهم «58 مليار دولار» في العام المُقبل.

لكن رواج تطبيقات تعزيز الإنتاجية وبيانات بعض الشركات عن إسهامها في زيادة كفاءة الموظفين لم يضع حداً للخلاف حول دورها، وما إذا كانت تُقدم مساعدة حقيقية أم مجرد دعاية صاخبة لتقنيات جديدة دون أثر فعلي على بيئات العمل، بل وتؤدي أحياناً إلى إهدار الوقت وتشتيت الانتباه، فضلاً عن مخاوف تتعلق بأمن البيانات وعدم مُلاءمتها للمؤسسات الكبيرة.

وتعتمد تطبيقات تعزيز الإنتاجية عموماً على دفع الأشخاص إلى استغلال أوقاتهم بطريقة أكثر ذكاءً، والاستفادة مما يُوصف بـ«الأوقات الميتة» على نحوٍ أفضل، من خلال إمكانية تسجيلهم الملاحظات أثناء التنقل في المواصلات مثلاً، بحسب الباحثة في «جامعة سوندرلاند» البريطانية، الدكتورة شارون ماكدونالد.

ويعتقد المدير الإداري في وكالة «فيرست نيم كومنيكشنز» للعلاقات العامة والاتصالات، كراووفورد وارنوك، أن تطبيقات الإنتاجية تؤدي إلى إهدار كبير في الوقت. وأشار إلى استخدامه سابقاً منتجات مختلفة، منها «إيفرنوت» و«بروكراستر» والتنبيهات في هواتف «آي فون». ويرى أن جميعها تتبع النمط ذاته، ويلي الحماسة الأولى لاستكشافها إحباط، ثم التخلي عنها.

لكن لا يبدو هذا رأي الجميع، ويعتقد آخرون بفاعليتها في تيسير العمل وزيادة مستوى الكفاءة. ومثلاً وصف مدير الاستراتيجية في وكالة «ديجيتاس إل بي آي» في لندن، ديفيد كار، نفسه بأنه مدمن لتطبيق «إيفرنوت» Evernote المخصص لتسجيل الملاحظات والفهرسة والتعاون مع الزملاء.

وقال كار إن «التطبيق غيّر طريقته في تسجيل الأفكار والمقالات، وأتاح له الوقت للتركيز على التفكير الفعلي والتعاون»، لافتاً إلى «ولعه بتصنيف مختلف الأشياء ليتمكن من استعادتها لاحقاً». وأضاف كار: «حتى الآن ما يقرب من 1000 وسم في (إيفرنوت)، ويتوقع زيادتها مستقبلاً».

في المُقابل، يحمل المستشار في وكالة «هوب-نوب نيو بيزنس» لتطوير العمال، جون كونينجهام، رأياً مختلفاً. وقال: «صار (إيفرنوت) وحشاً لا يُمكن إدارته بوجود الكثير جداً من متغيرات البحث، يصعب تمييز ما هو مهم وعاجل عن بقية الأشياء الأخرى».

ويرى كونينجهام أن «تطبيق (تريلو) Trello الخيار الأفضل، ويعتمد التطبيق المُخصص لإدارة المشروعات على أسلوب البطاقات، وتوزيع المهام على فريق العمل». وقال إن «(تريلو) أتاح له تطبيق سياسة صندوق البريد الفارغ من خلال تمرير الرسائل إلى صندوق (تريلو)، وإسناد المهمة لشخص آخر»، معتبراً أنه أداة أكثر فاعلية لإنجاز المهام.

ويتفق معه وبدرجة أكبر المدير الإداري في شركة «تريبال وورلد وايد لندن»، توم روبرتس، مؤكداً أن «(تريلو) يُدير حياته، ويستخدمه لتنظيم العمل برمته». وقال: «بالنسبة لي لا يرتبط بتنظيم الوقت، بل أكثر بإنجاز المزيد خلال يوم العمل».

لكن الهواتف الذكية صارت أشبه بسلاحٍ ذي حدين، فمع تيسيرها لثقافة الاتصال الدائم بالإنترنت، تتعدى لدى كثيرين على الوقت المُخصص للترفيه والتواصل الأسري والراحة. وقال المدير في شركة «كيه بي إم جي» للاستشارات، جوناثان غرين، إن «الكثير من تطبيقات تعزيز الإنتاجية مُفيدة إلى حدٍ كبير على المستوى الفردي، وفي المُقابل تُوفر فوائد محدودة للموظفين في المؤسسات الأكبر، بسبب نقص التكامل مع الأنظمة القائمة لتكنولوجيا المعلومات». وأضاف غرين أن «ذلك يعني انقطاع التواصل بشأن كيفية عمل الموظفين مع مغادرتهم مكاتبهم».

وبالإضافة إلى المشكلات الناجمة عن غياب التكامل، تُثير تطبيقات تعزيز الإنتاجية مخاوف بشأن أمن بيانات مستخدميها، وهو ما يقره كار من شركة «إل بي آي» في العاصمة البريطانية لندن. وقال «إنه وبعض زملائه يستخدمون تطبيق (إيفرنوت) عبر حسابات شخصية، سواء مجانية أو مدفوعة، ويتضمن ذلك تأثيرات على الجانب الأمني، نظراً لأن هذه التطبيقات لم تُصمم خصيصاً للشركات». ولفت كار إلى أنه على الرغم من عدم استخدامهم «إيفرنوت» لتبادل محتوى بالغ السرية، والاكتفاء بالمعلومات غير المهمة، إلا أن الملاحظات الأولية والتسجيلات وروابط الإنترنت جميعها تُخزن في خوادم أميركية. ويعني تخزين البيانات في خوادم داخل الولايات المتحدة قدرة السلطات الأميركية، من الناحية النظرية على الأقل، على الوصول إليها وفقاً لقانون «باتريوت» المعني بمكافحة الإرهاب، الذي تعود بدايته إلى عام 2001. وفي ظل القرار الأخير لمحكمة العدل الأوروبية، الشهر الجاري، ببطلان اتفاقية «الملاذ الآمن» لمشاركة البيانات بين الولايات المتحدة وأوروبا، تحتاج الشركات الأوروبية إلى أن تكون أكثر يقظة بشأن مكان تخزين بياناتها الحساسة.

ولم تُخفف هذه الانتقادات من حماسة البحث عن التقنيات التي تُساعد في تنظيم العمل أو تدعي أنها تجعل سير العمل أيسر من ذي قبل. ومنها مثلاً تطبيق «سلاك» Slack الذي يُمثل منصة للتراسل الفوري في بيئة العمل تُلائم الحواسيب المكتبية والأجهزة المحمولة. ومن بين مستخدمي «سلاك» الرئيس التنفيذي لشركة «رادينت لو» للخدمات القانونية، أليكس هاميلتون، التي تتوزع مكاتبها بين لندن وجنوب إفريقيا. وقال هاميلتون إن «الشركة تستخدم (سلاك) لمواجهة تدفق رسائل البريد الإلكتروني».

وأضاف أن «(سلاك) ساعد الشركة في التخلص من تبادل رسائل البريد الإلكتروني بين موظفيها إلى حدٍ كبير». وتابع هاميلتون: «تُعد القدرة على توجيه النقاشات فعالة جداً، وساعدت إمكانية انضمام أي شخص إلى المحادثات المفتوحة في تعزيز الشفافية عبر الشركة».

ويبدو أن المرح والبساطة شرطان رئيسان لنجاح التطبيقات المساعدة على الإنتاجية. وهو ما يُعبر عنه رئيس وكالة «بوتيتو» لتطوير الويب، جيسون كارترايت، مؤكداً أنه على غرار أية علاقة جيدة، عليك أن تلتزم كلياً من البداية تجاه تطبيق الإنتاجية المُختار، نظراً لأنه من السهل التهرب من استخدامه بعد انقضاء فترة شهر العسل. ويستخدم كارترايت كلاً من «تريلو» و«سلاك».

تويتر