«الشركة» تعتمد على بيع هواتف ذكية ذات مواصفات عالية بأسعار منخفضة

منافسو «شياومي» في الصين يتبعون أسلوبها بهدف التفوق عليها

صورة

خلال خمسة أعوام، تصدرت شركة «شياومي» السوق الصينية من خلال نهج اعتمد أساساً على بيع هواتف ذات مواصفات عالية وبأسعار منخفضة، والتعويل على مبيعات الخدمات والملحقات، مثل ألعاب المحمول، وسماعات الرأس، والاستفادة من الإنترنت والإعلام الاجتماعي في التسويق، ما حقق لها مكانة متقدمة بين أهم الشركات الناشئة في العالم، وأوصل قيمتها إلى 46 مليار دولار.

وفي الوقت الراهن تحاول شركات أخرى في الصين، تتنوع بين الشركات الكبيرة والثرية وأخرى أصغر حجماً، اتباع النهج ذاته، بهدف التفوق على «شياومي» من خلال إغراق السوق بهواتف ذكية راقية منخفضة الكلفة، الأمر الذي يزيد من ضراوة المنافسة، ويهدد أرباح مختلف الأطراف في الصين التي تعتبر أكبر أسواق الهواتف الذكية في العالم.

وأطلقت شركات كبيرة مثل «لينوفو» و«هواوي» و«زد تي إي» وحدات لمنافسة «شياومي»، وخلال الأسابيع الأخيرة بدأت «لينوفو» بيع أول طرازات سلسلة جديدة من الهواتف الذكية باسم «زوك» ZUK ذات مواصفات متقدمة وبسعر يبلغ نحو 280 دولار عبر الإنترنت، ما يوفر تكاليف التسويق.

ويرى الرئيس المسؤول عن «زوك»، تشانغ تشنغ، أن لديها فرصة للتفوق على «شياومي». وقال: «يمكنك استخدام نموذج جهة أخرى لإلحاق الهزيمة بها». وفي إشارة إلى الاتجاه السريع من «لينوفو» لتأسيس منافس يواجه «شياومي»، ذكر تشنغ أن فريقه لايزال يفكر في ما يشير إليه اسم «زوك».

كما تتجه شركات أحدث وأصغر إلى المسار ذاته، ومنها «كيوهو 360 تكنولوجي» المتخصصة في البرمجيات المضادة للفيروسات، وتبدأ الشهر الجاري بيع هواتف ذكية باسم «كيكو» Qiku. وفي وقت سابق من عام 2015 أطلقت خدمة «لي تي في» الصينية لنشر مقاطع الفيديو على الإنترنت الشبيهة بموقع «يوتيوب» هاتفها «لي ماكس» LeMax، على الرغم من خسارتها من ناحية تكاليف العتاد، وتعتزم مواصلة هذا الاتجاه لأجل غير محدد.

وقال رئيس أبحاث الصين في «إي إتش إس إي سابلي»، كيفن وانغ، إن الشركات الصينية المنتجة للهواتف الذكية تتبنى نموذج عمل دائماً ما تعتمده شركة «أوبر» صاحبة تطبيق طلب سيارات الأجرة عبر الهواتف الذكية، ويعتمد على خسارة النقود من أجل جذب المستخدمين، معرباً عن اعتقاده باحتمال إخفاق الكثير من هذه الشركات ونهايتها.

ويحذر محللون من أنه في حال اتسمت سوق الهواتف الذكية في الصين بقدر كبير من الانقسام والتجزئ، فلن يتمكن أي من المنافسين من نيل حصة من السوق تضمن لهم عملاً مربحاً.

وقالت المحللة في «كاناليس» لأبحاث السوق، جينغ ون وانغ: «يصعب تحديد ما إذ كان بمقدور (شياومي) البقاء في المقدمة، نظراً للتحديات الآتية من منافسين محليين مثل (هواوي)».

وكان نائب رئيس «شياومي» للشؤون الدولية، هوجو بارا، أشار في يوليو الماضي إلى اتباع الشركات المنافسة نموذج عمل قديماً، وقال: «أعتقد أن ما يقومون به هو النظر إلى نموذج عمل ربما اتبعناه قبل عام. سنستمر في المضي قدماً، وسنواصل الابتكار».

وخلال النصف الأول من العام الجاري، بيع 75 مليون هاتف ذكي في الولايات المتحدة الأميركية، مقابل 209 ملايين هاتف في الصين، ومنها 26 مليون هاتف «آي فون» من شركة «أبل»، و31 مليون هاتف من «شياومي»، حسب شركة «كاناليس».

وتطمح «شياومي» لبيع 80 مليون هاتف ذكي خلال عام 2015، بعدما نجحت العام الماضي في بيع 61.1 مليون جهاز. وتقول الشركة إن أعمالها مربحة، على الرغم من عدم إفصاحها عن نتائجها المالية كشركة خاصة. وتوسعت في الأعوام الماضية إلى أسواق جديدة، مثل الهند وسنغافورة، كما استثمرت في مجالات مختلفة، منها سماعات الرأس، ودراجات «سيغواي» الكهربائية.

وتتزامن هذه المعركة مع تباطؤ النمو في سوق الهواتف الذكية في الصين، ووفقاً لشركة «آي دي سي» لأبحاث السوق، فقد تراجعت شحنات الهواتف الذكية في الصين خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 4.3%، مقارنةً مع العام الماضي، وهو الانخفاض الأول خلال ستة أعوام.

واستفادت «شياومي»، التي يعني اسمها «حبة صغيرة من الأرز»، من طفرة سوق الهواتف الذكية في الصين، ومنذ إطلاق أول هواتفها في عام 2011 زادت مبيعاتها كل عام بما يزيد على الضعف.

ونالت الشركة مكانتها المميزة في الصين بفضل فعاليات حافلة لإطلاق أجهزتها الجديدة التي تقارن فيها كل جزء من الهاتف بما يقابله في أحدث طراز من هواتف «آي فون»، ثم تعلن عن سعر يقل عن نصف كلفة «آي فون». وفي البداية واجهت «شياومي» انتقادات بتقليد تصميمات «أبل»، إلا أنها لاحقاً عمدت إلى تقديم تصميمات أكثر تميزاً. وتضع قيمة «شياومي» الشركة في صدارة الشركات الناشئة في العالم، باستثناء «أوبر». ويرجع إقبال المستثمرين على «شياومي» لاعتقادهم أن بمقدورها تطوير خدمات إنترنت مُربحة، بعد بنائها قاعدة واسعة من المستخدمين من خلال بيع هواتف ميسورة الكلفة.

ومع ذلك، أعلنت «شياومي» في أبريل الماضي عن سعيها لكسب مليار دولار نظير خدمات المحمول خلال العام الجاري، ما يشكل 6% فقط من عائداتها المتوقعة هذا العام.

وحسب بيانات «كاناليس»، احتلت «شياومي» المرتبة الأولى بين منتجي الهواتف الذكية في الصين خلال الربع الثاني من عام 2015 بنسبة 15.9%، لكن تليها بنسبة 15.7% شركة «هواوي»، وكانت «أبل» احتفظت بالمرتبة الأولى في مبيعات الهواتف الذكية خلال الأشهر الستة السابقة التي تلت إطلاقها آخر طرازات «آي فون».

وحتى الآن، تمثلت أنجح خطوات «هواوي» في إطلقها سلسلة هواتف «أونر» Honor التي باعتها على غرار «شياومي» عبر الإنترنت، وساعدتها في زيادة شحناتها من الهواتف الذكية بنسبة 48% خلال الربع الثاني من العام الجاري مقابل الأشهر الثلاثة السابقة، ما جعلها الشركة الأسرع نمواً في الصين وفقاً لـ«كاناليس».

ولعبت شركات تصنيع الهواتف وتجميعها في الصين دوراً بارزاً في ازدهار سوق الهواتف الذكية واحتدام المنافسة بين أطرافها، نظراً لدورها في تيسير دخول مزيد من الشركات، وتوفيرها نفقات اختبار الأجهزة. ومنها «وينغ تِك كومنيكشنز» Wingtech Communications في شنغهاي التي تصمم وتنتج عدداً من أنجح طرازات الهواتف الخاصة بكل من «شياومي» و«هواوي» و«لينوفو».

وتوفر الشركة متاجر للتطبيقات ومنصات لإدارة البيانات الضخمة وتحليلها وخدمات أخرى تلائم نموذج عمل «شياومي»، وقال المسؤول عن الاستراتيجية في «وينغ تِك»، دنغ أنمينغ: «ساعدنا بالفعل عدد من العلامات التجارية للهواتف الذكية المعتمدة على الإنترنت ليصيروا رواداً في السوق».

ولدى الشركات الأقدم مثل «هواوي» و«زد تي إي» و«لينوفو» ما يُميزها عن «شياومي»، وتحديداً في إمكانية تسويق منتجاتها خارج الصين، بفضل الحماية التي يوفرها سجلها القوي في براءات الاختراع، بعكس «شياومي» التي يمكنها حالياً بيع الملحقات في الولايات المتحدة دون الهواتف، بسبب مواجهتها اتهامات بانتهاك براءات اختراع شركات أخرى.

تويتر