مع اعتماد معظم المواقع والشركات على إعلانات الإنترنت للاستمرار في العمل وتحقيق الأرباح

حجب الإعلانات في «آي أو إس 9».. تهديد للناشرين ومواجهة مع «غوغل»

صورة

من المنتظر أن تطلق شركة «أبل» النسخة التاسعة من نظام التشغيل «آي أو إس» للأجهزة المحمولة خلال الشهر الجاري، إذ سيدعم «آي أو إس 9» تثبيت المستخدمين لتطبيقات حجب الإعلانات، ما يعني إمكانية تجنب عشرات الملايين من مستخدمي هواتف «آي فون» وحواسيب «آي باد» اللوحية مشاهدة الإعلانات ضمن متصفح «سفاري».

وتزيد هذه الخطوة من حدة المشكلة التي تواجهها مواقع الإنترنت في متصفحات الإنترنت للحواسيب الشخصية بفعل إضافات حجب الإعلانات، في ظل اعتماد النسبة الأكبر من المواقع على الإعلانات للاستمرار في العمل وتحقيق الأرباح. ويصل حجم قطاع إعلانات الأجهزة المحمولة إلى 70 مليار دولار سنوياً في ظل تنامي جمهور المحمول.

وفي حال شاهد عدد أقل من المستخدمين الإعلانات، فسيؤثر ذلك بالتبعية في إيرادات المواقع، كما يطول التأثير أطرافاً أخرى، مثل شبكات الإعلانات، وشركات التكنولوجيا، خصوصاً «غوغل» التي تفوق مكاسبها من إعلانات الإنترنت أي شركة أخرى في العالم.

ومن المتوقع أن تحفز إتاحة تطبيقات حجب الإعلانات في نظام «آي أو إس» الكثيرين على استخدامها، لاسيما مع وضوح فوائدها على الهواتف الذكية أكثر من الحواسيب الشخصية، نظراً لدورها في الحد من فوضى الإعلانات وازدحامها على الشاشات الأصغر حجماً، وإسهامها في تحميل الصفحات بشكل أسرع.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «بيغ فير» المعنية بمساعدة الناشرين على مواجهة أدوات حجب الإعلانات، شون بلانشفيلد، إن خطوة «أبل» ستثير شهية كبيرة لدى المستهلكين تجاه حجب الإعلانات.

وما يزيد من تأثير سماح «أبل» بتطبيقات حجب الإعلانات على الناشرين ميل مستخدمي «آي أو إس» إلى إنفاق المال أكثر من مستخدمي «أندرويد»، ما يجعلهم أكثر جاذبية للمعلنين.

ومنذ فترة طويلة توافرت أدوات حجب الإعلانات لمتصفحات الـ«ويب» على الحواسيب الشخصية، وجذبت جمهوراً صغيراً ووفياً، لإتاحتها تجربة تصفح تخلو من إعلانات اللافتات «بانر»، والإعلانات التجارية قبل مقاطع الفيديو. وتسمح «أبل» باستخدام إضافات حجب الإعلانات ضمن متصفحها «سفاري» للحواسيب الشخصية. ووفقاً لتقرير أعدته شركة «بيغ فير» بالاشتراك مع «أدوبي سيستمز»، ونشر الشهر الماضي، تنتشر أدوات حجب الإعلانات لدى 6% من مستخدمي الإنترنت في العالم. واستخدمها 198 مليون شخص في يونيو 2015، بزيادة نسبتها 40% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وقدر المحلل في شركة «ويلز فارغو»، بيتر ستابلر، دور أدوات حجب الإعلانات في تقليل الإنفاق على إعلانات الإنترنت بمبلغ 12.5 مليار دولار على الصعيد العالمي في العام المقبل.

وقال الرئيس التنفيذي لجمعية «ديجيتال كونتنت نكست» للناشرين الرقميين، جيسون كينت: «مشكلة حجب الإعلانات حقيقية ومتنامية، وتوفيرها في (آي أو إس) سيسرع فقط من وتيرتها».

ولا تعتزم «أبل» تضمين حجب الإعلانات ضمن «آي أو إس 9»، بل السماح للمطورين من خارجها بطرح تطبيقات لحجب الإعلانات، وهو ما يعمل عليه عدد منهم منذ الإعلان عن النظام الجديد في مؤتمرها للمطورين في يونيو الماضي.

ويعني ذلك حاجة المستخدمين إلى البحث عن تطبيقات لحجب الإعلانات وتنزيلها، ما قد يتسبب في تخلي بعضهم عن الفكرة.

وتصف «أبل» حجب الإعلانات باعتباره حجباً للمحتوى، نظراً لإمكانية منعه تحميل بعض الصور وأجزاء أخرى من صفحات الـ«ويب» إلى جانب الإعلانات. وذكرت الشركة أنها لن تسمح بحجب الإعلانات داخل التطبيقات، مبررة ذلك بعدم تأثير الإعلانات داخلها في الأداء بمثل تأثيرها في المتصفحات. وفي الواقع، يتفق هذا التمييز ومصالح «أبل»، نظراً لحصولها على 30% من أرباح التطبيقات، وتوفيرها أداة لتقديم الإعلانات داخلها.

وعلاوة على ذلك، سيتضمن نظام «آي أو إس 9» تطبيق «أبل نيوز» الذي يجمع مقالات من أهم ناشري الأخبار، وربما تجني «أبل» نصيباً من عائدات الإعلانات التي ترافق هذه المقالات.

ويتخوف ناشرو مواقع الإنترنت من توفير أدوات حجب الإعلانات تجربة أفضل للمستخدمين من خلال التخلص من التشغيل التلقائي لمقاطع الفيديو، وأدوات التتبع الخفية التي تتعقب المستخدمين خلال تصفح الإنترنت. وقال دين ميرفي، الذي يعمل على تطوير تطبيق «كريستال» لحجب الإعلانات لنظام «آي أو إس 9»، إن اختبارات التطبيق أظهرت إسهامه الواضح في تحسين الأداء، فجرى تحميل مواقع 10 مؤسسات إخبارية بشكل أسرع أربع مرات تقريباً، كما استهلكت قدراً من البيانات أقل بنسبة 53% مقارنة مع الاستهلاك دون حجب الإعلانات.

ومع ذلك، يشعر ميرفي بالتشتت بين التطبيق وفائدته وتأثير أدوات حجب الإعلانات في الناشرين وخسارتهم عائداتها التي يعتمدون عليها في أعمالهم، وقال: «بوسعي تفهم تفكير الناشرين، لأنها الطريقة التي يجنون بها المال من عملهم»، مضيفاً: «أبرر لنفسي الأمر بأن الـ(ويب) للأجهزة المحمولة صار مشوشاً جداً، حتى أن من الضروري القيام بشيء حيال ذلك».

ويضع دعم نظام تشغيل «آي أو إس 9» لتطبيقات حجب الإعلانات «أبل» في مواجهة جديدة مع «غوغل». وعلى مدار العام الماضي، كرر الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، تيم كوك، انتقاداته لممارسات شركات التكنولوجيا مثل «غوغل» في جمع البيانات، وتخصيص الإعلانات بحسب المستخدمين.

وقال كوك في حديث له في يونيو الماضي إن بعض الشركات البارزة في «وادي السيليكون» هدأت المستهلكين ودفعتهم إلى الرضا عن الوضع الراهن بشأن معلوماتهم الشخصية، وحذر قائلاً: «أنتم لستم المستهلكين، وإنما المنتجات».

وتسمح «غوغل» بإضافات حجب الإعلانات مع متصفحها «كروم» للحواسيب المكتبية، على الرغم من ضرر ذلك على أعمالها الإعلانية، لكن ليس من السهل حجب الإعلانات في نسخة متصفح «كروم» المخصصة للأجهزة المحمولة.

وخلال اجتماع لحاملي الأسهم في «غوغل» عقد في يونيو أيضاً، أشار الرئيس التنفيذي للشركة، لاري بيغ، إلى تعامل «غوغل» مع مسألة حجب الإعلانات منذ فترة طويلة. وقال إن مسؤولي التسويق بحاجة إلى تحسين إنتاجهم للإعلانات ليجري تحميلها بشكل أسرع، وتصير أقل إزعاجاً، لافتاً إلى إعلانات نتائج البحث كمثال على ذلك.

واعتبر ستابلر، من «ويلز فارغو»، أن «غوغل» أكثر عرضة لخطر تطبيقات حجب الإعلانات من غيرها من الشركات صاحبة التطبيقات الواسعة الانتشار، مثل «فيس بوك». وفي حين تمتلك «غوغل» الكثير من التطبيقات الرائجة بين مستخدمي «آي أو إس»، مثل «غوغل مابز»، و«يوتيوب»، إلا أن متصفحات الـ«ويب» تمثل بوابة الكثير من المستخدمين إلى محرك البحث. وقال ستابلر: «يبدو هذا جزءاً من الصراع الدائر بين الكيانين»، وأضاف أنه سهم جديد أخرجته «أبل» من كنانتها، ووجهته إلى «غوغل».

تويتر