تقرير يستبعد تغيّر دفة القيادة في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات لمصلحة شركة أخرى

«أبل» تواصل هيمنتها على مكاسب الهواتف الذكية

صورة

تعمل ما يزيد على 1000 شركة حول العالم في صناعة الهواتف الذكية، ومع ذلك تحصد شركة «أبل» الأميركية وحدها جميع الأرباح تقريباً، وهي نتيجة لافتة للنظر، لاسيما مع بيع الشركة لنسبة تقل عن 20% من إجمالي مبيعات الهواتف الذكية، ما يُؤكد مكانتها ونجاحها في فرض أسعار تجاوز متوسط سعر الهواتف المُنافسة.

ويرى تقرير حديث لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أن من بين العوامل الرئيسة التي تقف وراء هيمنة «أبل» على المكاسب في مجال الهواتف الذكية ارتفاع أسعار أجهزتها، مستبعداً تغير دفة القيادة في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، لمصلحة شركة أخرى غير «أبل»، نظراً لأن أرباح «أبل» ومكانتها يتمتعان بوضعٍ أكثر أمناً.

 

نتائج مالية

تفوّق «ماك»

في الوقت الذي يتجه فيه سوق الهواتف الذكية إلى مزيدٍ من النضج وتباطؤ معدل النمو، تتزايد أوجه الشبه التي تجمعه بقطاع أجهزة الكمبيوتر الشخصية من نواحٍ عدة. ومع تراجع متوسط أسعار أجهزة الكمبيوتر الشخصية وجهود الشركات لانتزاع أرباح لاستمرار عملها، استأثرت «أبل» بأكثر من نصف أرباح القطاع، خلال العام الماضي، على الرغم من أن أجهزة «ماك» شكلت ستة أجهزة فقط من بين كل 100 جهاز كمبيوتر جرى بيعه، وفقاً لشركة «بيرنشتاين ريسيرش».

رفض التعليق

أورد تقرير الصحيفة الأميركية رفض ممثلين لشركة «سامسونغ» و«إتش تي سي» التعليق، كما اتخذ الموقف نفسه المتحدث باسم «مايكروسوفت»، وكذلك المُتحدثة باسم «أبل». وقال المُتحدث باسم «هواوي تكنولوجيز» الصينية إن مُنتجات الشركة الاستهلاكية مُربحة، مشيراً إلى نمو الأرباح بشكل أكبر مع بيع الشركة لهواتف متوسطة الأسعار وأخرى مرتفعة الثمن.

ولم تشمل بيانات «كاناكورد» الشركات الخاصة، مثل «شياومي» و«ميكروماكس إنفورماتيكس» الهندية.

وتفصيلاً، استحوذت شركة «أبل» الأميركية على نحو 92% من العائدات التشغيلية من بين أكبر ثماني شركات لصناعة الهواتف الذكية خلال الربع الأول من العام الجاري، مُقابل تحقيقها نسبة 65% قبل عام، بحسب تقدير المُدير الإداري في شركة «كاناكورد جينويتي» للخدمات المالية، مايك والكي.

وأشارت بيانات «كاناكورد» إلى نيل شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية نسبة 15%، وتحقق مع «أبل» أرباحاً كبيرة في قطاع الهواتف الذكية؛ بسبب إخفاق المُصنعين الآخرين أو خسارتهم للمال.

وسلطت أحداث أخيرة الضوء على التفاوت الكبير في المشهد المالي في قطاع الهواتف الذكية؛ ففي حين طلبت «أبل» من الموردين صناعة عدد قياسي من هواتف «آي فون»، توقعت «سامسونغ» تحقيقها نتائج مالية مُخيبة للآمال. بدورها، أعلنت «إتش تي سي» التايوانية عن خسارة خلال الربع المالي الذي انتهى الشهر الماضي. وقلصت «مايكروسوفت» 80% من قيمة أعمالها في مجال الهواتف الذكية بعدما استحوذت على شركة «نوكيا» الفنلندية العام الماضي.

وتُثير حصة «أبل» من الأرباح الدهشة؛ نظراً لبيع الشركة نسبة تقل عن 20% من الهواتف الذكية بالقياس إلى عدد الوحدات المُباعة. ويعكس هذا التفاوت قدرتها على تقديم هواتفها بأسعار تفوق غيرها من الشركات، بحسب ما تضمن تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

 

الكلفة والعلامة

يعتمد معظم مُنافسي «أبل» على نظام تشغيل «أندرويد» من «غوغل»، الأمر الذي يجعل من الصعب عليهم تمييز منتجاتهم، ويدفع العديد منهم إلى خفض الأسعار للتفوق في هذه المُنافسة السوقية.

وقال المُدير التنفيذي في شركة «ستراتيجي أنالتيكس» لأبحاث السوق، نيل ماوستون، إن العديد من الشركات المُصنعة لهواتف «أندرويد» محاصرون بين الكلفة المنخفضة والعلامات التجارية التي تبيع أعداداً ضخمة من الهواتف، مثل شركة «شياومي» الصينية من جانب، وهواتف «أبل» الأعلى جودة والأغلى سعراً من جانب آخر.

وأشار ماوتسون إلى الخطر الذي يُواجه هذه الشركات بالوقوع أسيرة للحصار وسط كل ذلك، مقدراً وجود نحو 1000 علامة تجارية مُتخصصة في صناعة الهواتف الذكية، تستأثر الصين وحدها بمئات منها.

وعلى الرغم من نجاح «سامسونغ» الكورية الجنوبية، خلال الفترة الماضية، من خلال طرح هواتف ذكية تنتمي لفئات سعرية مُختلفة، فإنها تُواجه حالياً صعوبات جمّة وسط ازدحام قطاع الهواتف الذكية. وتوقعت الأسبوع الماضي تراجع أرباحها خلال الأشهر الثلاثة المُنتهية في يونيو ماضي، وذلك للربع السابع على التوالي. ويبدو أن «سامسونغ» أخطأت في تقدير حجم الطلب؛ فقدمت الكثير من أحدث هواتفها «غالاكسي إس 6»، في حين لم تُوفر ما يكفي من هاتفها ذي الشاشة المُنحنية والسعر الأعلى.

 

تحولات سريعة

تُبرز هذه النتائج التحولات السريعة وتقلب موازين القوة في قطاع الهواتف الذكية منذ أحدثت «أبل» التحول الأهم بتقديم هاتفها الأول «آي فون» في عام 2007. وفي تلك الفترة استحوذت شركة «نوكيا» الفنلندية على نحو ثُلثي أرباح الهواتف الذكية، بحسب بيانات «كاناكورد».

وفي نهاية العقد الماضي ظهرت «أبل» و«بلاك بيري» في المرتبة الأولى، وبحلول عام 2012 تقاسمت كلٌ من «أبل» و«سامسونغ» مُناصفةً أرباح قطاع الهواتف الذكية. وحالياً تتقدم «أبل» بفارق كبير وواضح عن غيرها. وقال واكلي إن الصف الأرقى والأكثر تقدماً تحول من «سامسونغ» إلى «أبل».

ومن المُؤكد توجه العديد من مُصنعي الهواتف الذكية لتطبيق استراتيجيات مُختلفة عن «أبل» التي اعتمد نيلها لنصيب الأسد من الأرباح على بيع الهواتف، إذ تطمح «مايكروسوفت» و«شياومي» الى تحقيق أرباح في المرحلة التالية لبيع الهواتف من خلال تحميل التطبيقات المدفوعة، ومُلحقات الهواتف وغيرها من الإضافات، في ما تجني «سامسونغ» عائداتها من خلال تصنيعها مكونات هواتفها، إضافة إلى المكونات اللازمة لمُنتجات مُنافسيها.

وكانت شركة «لينوفو» الصينية أتمت صفقة استحواذها على «موتورولا موبيليتي» لصناعة الهواتف في أكتوبر من عام 2014 في وقت لم تُحقق فيه الأخيرة أرباحاً. وتوقع المسؤولون التنفيذيون في «لينوفو» تحقيق «موتورولا» للأرباح خلال عام ونصف العام.

 

هيمنة «أبل»

يعتبر ارتفاع أسعار الأجهزة التي تقدمها «أبل» من بين العوامل الرئيسة التي تقف وراء هيمنتها على المكاسب في مجال الهواتف الذكية، إذ بلغ متوسط سعر هاتف «آي فون» في العام الماضي على الصعيد العالمي 624 دولاراً (نحو 2292 درهماً) مُقارنةً مع 185 دولاراً (نحو 680 درهماً) للهواتف الذكية العاملة بنظام تشغيل «أندرويد»، بحسب شركة «ستراتيجي أنالتيكس».

وخلال الربع المالي المُنتهي في 28 مارس 2015، ارتفعت مبيعات «أبل» من هواتف «آي فون» بنسبة 43% مُقارنةً مع العام السابق، كما ازداد سعر الهاتف بما يزيد على 60 دولاراً ليصل إلى 659 دولاراً استناداً إلى الطرازات الجديدة، سواء هاتف «آي فون 6» أو «آي فون 6 بلس» ذي الشاشة الأكبر.

وفي ظل ما شهده العقد الماضي من تكرار تغير دفة القيادة في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، فقد يتجه البعض إلى التفكير في احتمال حدوث الأمر نفسه لشركة «أبل»، لكن بعض خبراء القطاع يستبعدون ذلك، ويرون أن أرباح «أبل» ومكانتها يتمتعان بوضعٍ أكثر أمناً.

وقال الرئيس التنفيذي السابق للعمليات في شركة «فيريزون» للاتصالات، ديني ستريجل: «من الصعب جداً تجاوز سيطرة (أبل)، إذ يتعين عليها التعثر بطريقةٍ أو بأخرى، ولا أعتقد أن ذلك سيحدث».


 

تويتر