%44 معدل انتشار الإنترنت في بلد يضم 90 مليون نسمة

المحمول ينقل الملايين في فيتنام إلى العصر الرقمي

صورة

تُقدم فيتنام مثالاً بارزاً عن دور الاتصال بالإنترنت عبر الهواتف الذكية في وضع ملايين الأشخاص في قلب العصر الرقمي دون المرور على مرحلة الاتصال عبر الهواتف الثابتة، ووصل معدل انتشار الإنترنت في البلد الذي يبلغ تعداد سكانه نحو 90 مليون نسمة إلى 44% مُقارنةً بنسبة 12% قبل 10 سنوات، ويعود الفضل في جانب كبير من التوسع، إلى الهواتف الذكية التي يستخدمها أكثر من ثلث السكان.

ووفر الانتشار السريع للأجهزة المحمولة الفرصة لنشأة مجموعة متنوعة من خدمات الإنترنت، وبدأ البعض منها يُظهر بشائر حقيقية على الازدهار، مثل قطاع التجارة الإلكترونية عبر المحمول. وتتوقع إحدى الوكالات الحكومية في فيتنام وصول عائدات التجارة الإلكترونية خلال العام الجاري إلى أربعة مليارات دولار، بعدما حققت 700 مليون دولار في عام 2012.

نمو سريع

وفي شوارع المدن الفيتنامية يتجول موظفو التوصيل على دراجاتهم النارية بأزياء شركاتهم ذات الألوان الزاهية، ويحملون معهم مختلف أنواع البضائع من الملابس والأحذية وأدوات المطبخ. وتنتهي رحلة الكثير من السلع إلى موظفين في أعمالهم يشترون السلع عبر هواتفهم الذكية من مواقع، مثل «لازادا» و«هوت ديل». وسابقاً، لم يكن من المُتاح ازدهار مثل هذه الشركات، بسبب خدمات الإنترنت المعتمدة على الخطوط الثابتة التي تتسم بصعوبة تركيبها وحاجتها إلى الكثير من الوقت، خصوصاً في المناطق النائية.

ووفرت شركات الاتصالات، مثل «فيتل موبايل»، المُشغل الأكبر في فيتنام من ناحية عدد المشتركين، و«موبيفون»، شبكات الجيل الثالث لتغطية معظم أنحاء البلاد. وأشارت دراسة حكومية إلى أن أسعار باقات البيانات في فيتنام تُصنف ضمن الأرخص في العالم، إذ تبلغ ثلاثة دولارات لكل واحد غيغابايت.

وكان للانتشار الواسع والسريع للإنترنت عبر «المحمول» تأثيره الواضح، وحالياً يعد الفيتناميون من بين الأكثر إقبالاً على مشاهدة مقاطع الفيديو من خلال الهواتف الذكية، بحسب استطلاع لشركة «نيلسن» لأبحاث السوق. كما ارتفع عدد حسابات الشبكات الاجتماعية عبر الأجهزة المحمولة بنسبة 41% بين يناير 2014 ويناير 2015، وفقًا لشركة «وي آر سوشيال» للاستشارات في المملكة المتحدة.

وتفوق هذه المعدلات مثيلاتها في الصين أو الهند أو البرازيل، كما تؤشر الى ما قد يتكرر في بلدان أخرى يتزايد فيها انتشار الهواتف المحمولة، مثل ميانمار ونيجيريا، لاسيما مع تكثيفهم الجهود للحاق بركب استخدام الإنترنت في الدول الأكثر تقدماً.

وتُوفر هذه الأجواء فرصاً ثمينة لتطور الشركات المحلية، كما تُضيف مجالات عمل أكبر لشركات التكنولوجيا العالمية.

انتشار «فيس بوك»

وعلى سبيل المثال، تُعتبر فيتنام من بين أسرع أسواق «فيس بوك» نمواً في العالم، إذ بلغ عدد المستخدمين فيها 30 مليون مستخدم نشط خلال الربع الأول من عام 2015، مقابل 8.5 ملايين مستخدم في عام 2012. ويختلف هذا عن الوضع قبل سنوات قليلة، حين سعت الحكومة إلى اجتذاب مواطنيها بعيداً عن موقع «فيس بوك»، وأنشأت شبكة اجتماعية على الإنترنت باسم «جو» Go.vn اشترطت تسجيل المستخدمين بأسمائهم الحقيقية وأرقام الهوية الرسمية، وهو ما لم ينل قبولاً كبيراً لدى الفيتناميين.

ومما يعكس الانتشار الحالي لموقع «فيس بوك» إقبال وزراء الحكومة على إطلاق صفحاتهم في «فيس بوك» للوصول إلى جمهور جديد ونشط. وجاء ذلك بعدما تحدث رئيس الوزراء الفيتنامي، نغوين تان دونغ، في يناير الماضي، عن دور «فيس بوك» في مساعدة الشركات الصغيرة على الوصول إلى مستهلكين جدد.

شركة «يان»

وفي الوقت الذي يُشاهد فيه المستخدمون أنواعاً مختلفة من المحتوى عبر أجهزتهم المحمولة، فإنهم يتجهون غالباً إلى مقاطع الفيديو القصيرة التي يسهل مشاركتها. وتُحاول شركة «يان» Yan.vn المُتخصصة في الترفيه والموسيقى التكيّف مع المتغيرات الجديدة.

وفي السنوات الأخيرة استثمرت «يان» الطفرة في الثقافة الشعبية الفيتنامية بفعل البرامج التلفزيونية عبر شبكات الكابل التي تصل إلى نحو خمسة ملايين أسرة، والعديد من مقاهي مدينة «هو تشه منه»، أكبر المدن الفيتنامية. وبدأت الشركة بتنظيم الحفلات وغيرها من الفعاليات. وتبث «يان» مقاطع من مقابلات مع الشخصيات الشهيرة عبر الإنترنت، قبل أن تنال النسخ الكاملة من المقابلات موافقة الرقباء الحكوميين للعرض التلفزيوني، كما أطلقت مسلسلاً للمراهقين من خلال موقع «يوتيوب».

وقالت الرئيسة التنفيذية للشركة، فونغ لان خانه: «لدينا المادة نفسها، لكن نعيد تقديمها بطرقٍ مختلفة للوسائل المختلفة، لاسيما المحمول، وهذا هو محط تركيزنا الأكبر حالياً». وأشارت خانه، التي تبلغ من العمر 38 عاماً، إلى تصاعد أرباح شركة «يان» باطراد، على الرغم من إحجامها عن إيراد التفاصيل. بدوره، قال مؤسس الشركة، جوني فو، إنه تعين على الشركة خوض مجالات عمل أخرى مثل التلفزيون. وأضاف فو، الذي يبلغ من العمر 32 عاماً، أنه بفضل انتعاش استخدام المحمول، فقد بات كل شيء ممكناً.

نجوم جدد

ومع صعوبة المنافسة والبقاء في موقع الصدارة، يجتذب الإنترنت عبر الأجهزة المحمولة مزيداً من النجوم الجدد، إذ صار المزارع، نغوين دوك هاو، على سبيل المثال، ممثلاً تلفزيونياً يحظى بشعبية واسعة، بعدما نشر عبر موقع «يوتيوب» أداءه غير المحترف لبعض الأغاني الفيتنامية. كما وصل عدد المشتركين في قناة الكوميدي «جيه في إفرميند» JVEvermind الكوميدية في «يوتيوب» إلى أكثر من 1.5 مليون مشترك بفضل نشره للمقاطع في مواقع «فيس بوك» و«تويتر» و«إنستغرام» و«غوغل بلس».

واتجهت الصحف المملوكة للدولة مثل «توي تري» Tuoi Tre و«يوث» Youth أيضاً إلى ساحة الإنترنت للمنافسة على جذب نقرات المستخدمين، ونيل مكانة أهم المواقع الاجتماعية والترفيهية في فيتنام، وتنشر قصصاً سريعة على غرار موضوعات الدجاج ذات الأقدام الأربع، والأشكال الغريبة لجذور الأشجار، والأظافر الطويلة غريبة الشكل. وتتوقع شركة «ميديا بارتنرز آسيا» بلوغ الإنفاق على الإعلانات في فيتنام 1.2 مليار دولار بحلول عام 2017، ما يُساوي تقريباً ضعف حجمه قبل بضع سنوات.

تويتر