فئات مشتريها تتنوع بين من يقتنونها للمرة الأولى ومستخدميها بسبب السفر ومن لا يكترثون للشبكات الاجتماعية

الهواتف المحمولة العادية تحتفظ بجمهورها ومكانتها رغم «الذكية»

صورة

أطلقت شركة «مايكروسوفت» الأميركية مطلع يونيو الجاري نسخة محسنة من هاتف «نوكيا 105» بسعر 20 دولاراً، إلا أن الهاتف لا يدعم اتصالات الجيل الثالث، أو الاتصال اللاسلكي بالإنترنت «واي فاي»، كما لا يتمتع بشاشة لمسية، ولا يُتيح خدمات الإنترنت مثل «فيس بوك»، وربما كانت البطارية الإضافية هي الملحق الوحيد للهاتف.

وفي عصر الهواتف الذكية والمنافسة بين شركات مثل «أبل» الأميركية و«سامسونغ» الكورية الجنوبية، و«شياومي» الصينية على تقديم الشاشات الأكبر والأكثر تطوراً، والكاميرات الأفضل، وربط الهواتف بمختلف الأجهزة الأخرى، قد يتساءل البعض عمّا إذا كان أمام جهاز مثل «نوكيا 105» فرصة للنجاح، لاسيما مع تواصل الحديث عن توسيع قاعدة مستخدمي الإنترنت، وترويج الشركات لجهودها الرامية إلى توفير الإنترنت لمليار شخص عبر الأجهزة المحمولة.

رواج مستمر

وفي الواقع، لاتزال الهواتف المحمولة العادية تلقى رواجاً سيستمر غالباً لسنوات تالية، وتحتفظ بمكانتها، وفي العام الجاري فقط، يُتوقع أن يصل عدد مشتري الهواتف المحمولة العادية وغير الذكية إلى 590 مليون شخص، بحسب ما تناول محرر أخبار التكنولوجيا ليو ميراني، في تقرير نشره موقع «كوارتز».

ولا تتمتع الهواتف المحمولة العادية بالكثير من الإمكانات، إذ تُتيح أساساً إجراء المكالمات وإرسال الرسائل النصية، فيما يُوفر نوع آخر منها يُطلق عليه «الهواتف المميزة» Feature phones خصائص إضافية، لكن دون شاشات تعمل باللمس، أو خاصية تحديد المواقع الجغرافية وغيرها من سمات الهواتف الذكية.

جمهور «المحمول»

وترى «مايكروسوفت» توزع جمهور الهواتف المحمولة الأساسية بين ثلاث فئات: أولاها من يشترون الهواتف المحمولة للمرة الأولى في حياتهم مثل الأطفال في الدول المُتقدمة، إضافة إلى نحو 300 مليون شخص في البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى يُتوقع اقتناؤهم للهواتف المحمولة خلال العقد المُقبل، وملايين الأشخاص في الهند والصين وأميركا اللاتينية.

وتتألف الفئة الثانية من أشخاص لا يرغبون ببساطة في استخدام الهواتف الذكية، سواءً اعتبرهم البعض من مُعارضي التقدم التقني أو من كبار السن، ففي الحقيقة يُوجد العديدون في العالم لا يهتمون على الإطلاق بتغريدات «تويتر»، أو بمشاركة الصور والتحديثات في «فيس بوك»، واستهلاك المحتوى طوال اليوم عبر هواتفهم.

أما الفئة الثالثة فتضم أشخاصاً يحتاجون إلى هاتفٍ ثان، مثل من يُسافرون كثيراً، أو من يرغبون في جهاز يتمتع ببطارية جيدة.

ويجاوز عدد من يشترون هواتف «نوكيا»، جهازاً إضافياً، أكثر من ربع أعداد المشترين، ما يُفسر تعادل الأوروبيين وسكان أميركا اللاتينية في شراء «الهواتف المُميزة»، بحسب أرقام داخلية في بحث لشركة «مايكروسوفت».

وقال المسؤول عن أعمال شركة «أورانج» في الدول الأوروبية باستثناء فرنسا، جيرفيه بيليسر، إن نحو 20% من المتعاملين مع الشركة في أوروبا الغربية يستخدمون «الهواتف المحمولة المُميزة»، في حين تصل نسبتهم في دول أوروبا الشرقية إلى 40%. وتُعد «أورانج» واحدة من أكبر الشركات الموفرة لخدمات الهواتف المحمولة في العالم.

وتشمل الفئة الثالثة من مُستخدمي الهواتف المحمولة العادية شخصيات غير متوقعة، مثل الرئيس التنفيذي لشركة «أورانج»، ستيفان ريتشارد، الذي يحمل هاتفاً قديماً من إنتاج «نوكيا» إلى جانب هاتفه الذكي، وكذلك مُؤسسو شركة «واتس أب» صاحبة تطبيق التراسل الفوري عبر الهواتف الذكية.

وعلى الرغم من عمل كاتب التقرير، ليو ميراني، محرراً لأخبار التكنولوجيا واقتنائه هواتف ذكية عدة، فإنه يحتفظ بهاتف رخيص الثمن من إنتاج «نوكيا» للسفر. ويستخدم آخرون الهواتف المحمولة العادية، تعبيراً من المكانة.

ويعني وجود هذه الفئات المتنوعة توافر سوق كبيرة نسبياً للهواتف المحمولة العادية. ويُشار في ذلك إلى بيع 80 مليون وحدة من الإصدار السابق من «نوكيا 105» منذ إطلاقه في فبراير 2013.

تراجع تدريجي

إلا أن ذلك لا ينفي قلقاً يُساور البعض بشأن تراجع تدريجي للهواتف المحمولة العادية والمُميزة، إذ إنه وفقاً لشركة «سي سي إس إنسايت» للأبحاث، فقد تراجع سوق الهواتف المحمولة غير الذكية بنسبة 14% خلال الفترة الممتدة بين الربع الأول من عام 2013 والربع الأول من عام 2014.

وفي حين يُتوقع أن يُباع العام الجاري نحو 590 مليون هاتف غير ذكي، فإن عددها سيتراجع إلى 350 مليون هاتف بحلول عام 2019.

ومع ذلك، لايزال رقم 350 مليون هاتف، كبيراً في عام واحد، بحسب ما قال المسؤول عن الهواتف المميزة في «مايكروسوفت»، بيكا هافرنن، الذي اعتبر أن سوقها يسهل التنبؤ به، كما يتمتع بأعداد كبيرة، ويُمكن لشركة «مايكروسوفت» نيل حصة كبيرة منه.

فرص قوية

ولا تقتصر آمال الربح من الهواتف المحمولة العادية والرخيصة على مُصنعي الأجهزة وحدهم، إذ تعتقد شركة «إريكسون» بوجود 9.2 مليارات اشتراك في الهواتف المحمولة في عام 2020، لن يدعم 1.4 مليار اشتراك منها اتصالات الجيل الثالث، ما يعني وجود سوق ضخمة بحاجة للكثير من الخدمات.

ومثلاً تُتيح شركة «يوتوبيا» U2opia في سنغافورة للهواتف المحمولة العادية خدمات مثل «فيس بوك» و«تويتر» دون الاتصال بشبكة الإنترنت. ويقترب عدد المتعاملين معها من 20 مليون شخص. وتتوافر العديد من الخدمات المالية عبر المحمول تستهدف أساساً مستخدمي الهواتف المحمولة العادية.

وأدركت شركة «فيس بوك» نفسها فرص استمرار «الهواتف المُميزة»، وأتاحت للهواتف غير الذكية استخدام موقعها، كما سمحت للمُعلنين باستهداف هؤلاء المستخدمين تحديداً.

وفي مثال آخر، تبيع شركة «أبستريم» Upstream للمحتوى والتسويق عبر المحمول تطبيقات للهواتف المُميزة في الأسواق الصاعدة التي لا تتجاوز معدلات انتشار الهواتف الذكية فيها نسبة 35%. وتُحقق الشركة عائدات تبلغ في المتوسط ستة دولارات مُقابل كل مستخدم في البرازيل، ما يُماثل تقريباً ما يجنيه مُشغلو خدمات «المحمول».

واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «أبستريم»، ماركو فيرميس، أنه في سوق مثل نيجيريا، فإن أي حديث عن الهواتف الذكية يعد «أكاديمياً»؛ وحتى في حال اقتناها شخص، فإنه لا تتوافر اتصالات الجيل الثالث لمختلف أنحاء البلاد، كما تُواجه شبكة الكهرباء مشكلات. ويحتاج غالبية النيجيريين إلى هاتفٍ محمول يستمر في العمل أسبوعاً وليس نصف يوم.

ويبدو أنه في خضم ثورة الهواتف الذكية، لايزال للهواتف المحمولة العادية والبسيطة التي تقتصر على الوظائف الأساسية للهاتف مكان ومكانة ستستمر سنوات طويلة بفضل ملايين الأشخاص الذين يستخدمونها حالياً، وآخرين سينضمون إليهم لاحقاً، دون أن يعترض ذلك النقاشات الدائرة حول السيارات، والمنازل الذكية، وإدمان التطبيقات، والألعاب.

تويتر