يواجه تهديدات جديدة من «أبل».. ومنافسة قوية من شركات هواتف ناشئة

«أندرويد».. شعبية واسعة وعقبات كبيرة

هجر المستخدمين نظام «أندرويد» يعني خسارة «غوغل» سوق الهواتف الذكية ذات المواصفات المُتقدمة لمصلحة «آي فون» على المدى البعيد. أرشيفية

اشترت شركة «غوغل» الأميركية، قبل 10 سنوات، شركة صغيرة للبرمجيات تحمل اسم «أندرويد»، في صفقة كلفت ما لا يقل عن 50 مليون دولار، لكنها لم تلفت انتباه عديدين في مجال التكنولوجيا، حتى أن رئيس مجلس إدارة «غوغل» ورئيسها التنفيذي آنذاك، إريك شميدت، قال للصحافيين في عام 2009: «يوماً ما اشترى لاري وسيرجي (أندرويد)، ولم ألحظ ذلك»، في إشارة منه إلى مُؤسسي «غوغل»: لاري بيج، وسيرجي برين.

وفي تلك الفترة كان «أندرويد»، نظام تشغيل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية، رهاناً هامشياً لا يحظى بأهمية كبيرة في خطط الشركة المتخصصة أساساً في البحث على الإنترنت، وهو ما تغير حالياً في عصر تُسيطر عليه أجهزة الحوسبة المتنقلة، وبات «أندرويد» ركناً أساسياً عند التفكير في مُستقبل «غوغل»، بحسب ما تناول الكاتب فرهاد مانغو، في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

 

نظام شعبي

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، صار «أندرويد» أشبه بـ«بكتيريا صديقة» لا يُمكن إيقاف زحفها على كوكبٍ مُضيف عاجز عن المقاومة، وتوسع إلى مختلف أرجاء العالم، ويُعد حالياً أكثر أنظمة التشغيل شعبية.

ووفقاً لشركة «غارتنر» للأبحاث، فقد شهد عام 2014 بيع ما يزيد على ملياري جهاز تعتمد على نظام «أندرويد»، وهو ما يُعادل نحو خمسة أضعاف مبيعات أجهزة نظام «آي أو إس» من شركة «أبل» الأميركية، وثلاثة أضعاف الأجهزة العاملة بنظام «ويندوز»، ما يعني أن ما كان يوماً عملاً جانبياً لشركة «غوغل» لا يحظى بكثيرٍ من التقدير، بات منصة الحوسبة الأكثر سيطرة في العالم.

 

مستقبل «أندرويد»

ومع ذلك، فالأرقام المُبهرة والحديث عن رواج «أندرويد» لا تعني ضمان ازدهاره في المُستقبل، ولا تؤمن مكاسب «غوغل» من ورائه. وتبرز علامات عدة للضعف في سيطرة «غوغل» على «أندرويد».

ويُواجه إصدار «أندرويد» من «غوغل» مُنافسة من شركات ناشئة لصناعة الهواتف الذكية في البلدان النامية، تطرح نسخاً تعمل تعديلات كبيرة على نظام التشغيل، إضافة إلى تهديدات جديدة من «أبل»، التي أرجعت جانباً من الفضل في المبيعات القياسية لأحدث طرازات «آي فون» إلى تحول مستخدمين لنظام «أندرويد» إلى نظام تشغيلها.

وترتبط هذه المخاوف بالتساؤل عن الأرباح، وبحسب المُحلل المُستقل، تشيتان شارما، فإنه على الرغم من تنامي المبيعات، فإن أرباح الهواتف الذكية العاملة بنظام «أندرويد» تراجعت بنسبة 44% في عام 2014.

ووفقاً لشركة «استراتيجي أناليتكس» للأبحاث، خلال موسم العطلات الماضي الذي يمتد بين نهاية نوفمبر 2014 إلى مطلع يناير 2015، استحوذت «أبل» على نحو 90% من أرباح قطاع الهواتف الذكية.

 

سخاء «غوغل»

وتُشير «غوغل» إلى أن رهانها على «أندرويد» أفاد المستخدمين؛ فلا تفرض الشركة رسوماً نظير استخدام نظام التشغيل، كما يحصل القليل من مُصنعي الهواتف على أرباح من الأجهزة العاملة بنظام «أندرويد»، ما يعني أن معظم سكان العالم من مُستخدمي الهواتف الذكية ينعمون حالياً بأجهزة مقبولة وخدمات على الإنترنت بأسعار منخفضة. وقال الكاتب مانغو: «ينبغي علينا جميعاً أن نكون شاكرين لسخاء (غوغل)، لكن في الوقت نفسه ونظراً للتهديدات المتزايدة التي تُواجه عملها في الإعلانات، ربما نتساءل لأي مدى يُمكن لهذا الكرم أن يستمر؟».

 

مشكلات «أندرويد»

وفي الواقع، تُواجه «غوغل» مشكلات عدة متعلقة بنظام «أندرويد»، ويتصل أولاها بالعائدات؛ ففي حين تجني الشركة معظم إيراداتها من الإعلانات، يُعد «أندرويد» حتى الآن مُخيباً للآمال من هذه الناحية، مُقارنةً بنظام تشغيل «آي أو إس» من «أبل»، فعادةً يكون مستخدمو الأخير أكثر ثراءً ويُخصصون وقتاً أطول لاستخدام هواتفهم، ما يجعلهم أكثر قيمةً بالنسبة للمُعلنين.

وتدفع «غوغل» مليارات الدولارات إلى شركة «أبل» نظير اعتماد محركها البحثي خياراً افتراضياً للبحث في الأجهزة العاملة بنظام «آي أو إس»، وتجني «غوغل» أرباحاً من الإعلانات التي تُعرض في أجهزة «أبل» تفوق ما تُحققه الإعلانات التي تظهر لمستخدمي «أندرويد». وقدَّر تحليل حديث أجرته شركة «غولدمان ساكس» نيل «غوغل» نحو 11.8 مليار دولار نظير إعلانات البحث عبر الأجهزة المحمولة في عام 2014، وشكلت الإعلانات التي ظهرت في هواتف «آي فون» وأجهزة «آي باد» اللوحية نسبة 75% منها.

 

«غوغل بلاي»

وتُعتبر عائدات مبيعات متجر تطبيقات «أندرويد»، المعروف باسم «غوغل بلاي»، جانباً أكثر إشراقاً لشركة «غوغل»؛ وفي عام 2014، حققت مبيعات التطبيقات في «غوغل بلاي» 10 مليارات دولار، نالت «غوغل» منها ثلاثة مليارات، في حين كان المتبقي من نصيب مطوري التطبيقات.

وفي ما يتعلق بشركة «أبل»، فإنها تجني أرباحاً أكبر من متجرها «آب ستور»، وتجاوزت مبيعاتها العام الماضي 14 مليار دولار، وأسهم تنامي مبيعات «آي فون» في الصين في ازدهار تطبيقاتها في السوق الأكبر للهواتف الذكية في العالم.

 

نظام مجاني

وتظل إمكانية اعتماد «غوغل» على مكاسب متجر «غوغل بلاي» محل تساؤل، وهو ما يرتبط أساساً بالمشكلة الثانية التي تُواجهها الشركة مع نظام «أندرويد»، وتخص استراتيجيتها في تقديم نظام تشغيل مجاني لمُصنعي الهواتف الذكية.

وقاد هذا الاتجاه إلى ازدياد أعداد المُشاركين من مُنتجي الهواتف، ويُوفر الكثير منهم طرازات عالية الجودة بأسعار أقل من المعتاد مثل شركة «شياومي» الصينية، التي صارت أجهزتها من بين الأكثر رواجاً في الصين.

ونظراً لأن «شياومي» وغيرها لا تجني أموالاً طائلةً نظير بيع الهواتف، فإن جميع هذه الشركات تتطلع إلى سُبل أخرى للكسب، ويرى كثيرٌ منها حلاً في توفير تطبيقات مثل البريد الإلكتروني والتراسل الفوري، ما يضعها في منافسة مُباشرة مع خدمات «غوغل»، التي تُدر عليها المال.

بدائل أخرى

واعتبر مانغو في مقاله أن التهديد الأخير الذي يُواجهه نظام «أندرويد» قد يكون الأكثر خطراً، وحدده في احتمال توجه عدد كبير من المستخدمين الذين تقبلوا نظام «أندرويد» لأول هواتفهم الذكية إلى بديل آخر مع زيادة قوتهم.

وخلصت دراسة أجرتها شركة «كوين آند كومباني» إلى أن 16% من الأشخاص الذين اشتروا أحدث هواتف «آي فون» امتلكوا سابقاً أجهزة «أندرويد»، فيما يصل المعدل في الصين إلى 29%.

وقد لا تجد «غوغل» في ذلك أخباراً مُزعجة على المدى القصير؛ فإذا كانت أرباحها من الإعلانات المعروضة في أجهزة «آي أو إس» تفوق «أندرويد»، فقد يكون تنامي استخدام نظام «آي أو إس» أمراً نافعاً لمكاسبها. لكن النظرة للتحول على المدى الطويل تظهر جانباً مُناقضاً؛ فقد يعني هجر المستخدمين لنظام «أندرويد»، خسارة «غوغل» سوق الهواتف الذكية ذات المواصفات المُتقدمة لمصلحة «آي فون»، في الوقت الذي تُواجه فيه منافسة أكبر في قطاع الهواتف ذات الكلفة المنخفضة من شركات تستخدم «أندرويد»، دون أن تتعاون معها كثيراً مثل «شياومي» و«سيانوجين».

تويتر