هوس الإدمان عليها يقود إلى «عزلة» اجتماعية وخفض النشاط الفيزيائي واضطرابات النوم

هيئات صحية وأطباء يحذّرون من المخاطر الصحية للهواتف الذكية

صورة

غدا الاستخدام المُتكرر للهاتف الذكي، المُبالغ فيه أحياناً، أمراً اعتيادياً في حياة الإنسان اليومية، إذ ازداد اعتماد الإنسان على هاتفه بشكل كبير في الاتصال مع بني جنسه، واستخدام الإنترنت للاطلاع على آخر التحديثات، ما أوصل بعض المُستخدمين إلى درجة الإدمان على هواتفهم، ودفع العديد من الجهات والمؤسسات إلى البحث في الآثار السلبية والمخاطر الصحية للهواتف الذكية.

مشكلات صحية

وفقاً لـ«جمعية المعالجة اليدوية البريطانية» British Chiropractic Association، يؤدي هوس المُراهقين باستخدام هواتفهم الذكية إلى إصابتهم بالعديد من مشكلات الظهر والعمود الفقري، إذ قد يتسبب انحناء العمود الفقري المُستمر والضروري أثناء التعامل مع شاشة الهاتف الذكي الصغيرة بضغوط على الأقراص الفقرية، إذ يعاني نحو 45% ممن تراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً آلام الظهر حالياً، بزيادة نسبتها 60% على العام السابق.

ولا تقتصر مخاطر الهواتف الذكية على أوجاع الظهر، بل قد تؤدي وفقاً لدراسات عدة، إلى أضرار فيزيائية وعقلية وعاطفية ونفسية، فبحسب باحثي «جامعة كارنغي ميلون» Carnegie Mellon University، ينخفض نشاط دماغ سائق السيارة بنحو 37% أثناء إجراء مكالمات هاتفية، في حين وجدت دراسة لـ«جامعة واشنطن» أن استخدام المُشاة لهواتفهم في كتابة الرسائل النصية يزيد من قابليتهم لتجاهل الإشارات المرورية، أو عبور الشوارع من دون انتباه بمقدار أربع مرات، ما قد يعرّضهم لحوادث السير.

عزلة بشرية

على عكس وظيفتها بتسهيل التواصل بين بني البشر، يسهم الاستخدام المتواصل للهواتف الذكية في جعل الإنسان أكثر انعزالاً، فبحسب تقرير صادر عن مؤسسة «كايسر فاميلي» Kaiser Family - وهي مؤسسة أميركية غير ربحية تهتم بقضايا الصحة - يقضي الشبان 11 ساعة يومياً بالنظر إلى شاشات أجهزتهم، ما قد يسبب إرهاقاً يؤدي إلى مشاعر سلبية، خصوصاً عند تعرّضهم للتجاهل، وفقاً للعالم النفسي «ريتشارد غراهام» Richard Graham، أخصائي إدمان التقنيات في مستشفى «نايتنغيل» Nightingale.

النشاط الفيزيائي

ويرى استشاري جراحة العظام والناطق باسم الكلية الملكية للجراحين في أدنبرة، «جوناثان ديرنغ» Jonathan Dearing أن الثورة التقنية قد أسهمت في خفض النشاط الفيزيائي، وارتفاع مُعدلات السمنة، التي تُعد رابع أكبر مُسبب للوفيات حول العالم.

وأضاف أن «اعتماد الإنسان على هاتفه يسبب قلة نشاطه، فكثيراً ما يفضل المُستخدم الاتصال بصديقه عوضاً عن المشي للقائه، وإن قلة النشاط تؤدي إلى السمنة المفرطة التي تؤدي بدورها إلى رفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وأمراض أخرى على غرار بعض أنواع السرطانات».

الهواتف والأطفال

بدورها، تلقي أخصائية الطب النفسي للأطفال، جولي لين إيفانز، باللوم على الهواتف الذكية في ما يتعلق بارتفاع حالات الانتحار عند الأطفال، إذ أشارت إلى اعتيادها تلقي حالة أو حالتي انتحار سنوياً خلال تسعينات القرن الماضي، أما حديثاً فهي تتعامل مع نحو أربع حالات انتحار شهرياً.

ووفقاً للين إيفانز، فقد ساعدت الهواتف الذكية الأطفال على العيش في عوالم خاصة فرضتها عليهم، نظراً لما توفره من تسهيلات تسمح لهم بالوصول إلى غرف دردشة متنوّعة ومحتويات إباحية، ومواقع غير مُناسبة لأعمارهم، بدلاً من قضاء أوقاتهم برفقة العائلة.

النوم والتربية

تؤدي الهواتف الذكية إلى الإصابة باضطرابات النوم أيضاً، إذ يرى خبراء أن تعرّض المُستخدم لضوء شاشة هاتفه وتحديقه بها قبل النوم يؤدي إلى اضطرابات في إفراز هرمون «الميلاتونين»، وبالتالي إلى اضطرابات النوم، وهو أمر يؤكده الأستاذ في «جامعة لوفبورغ»، كيفن مورغان، بقوله: «إن استخدام الهاتف الذكي في وقت متأخر قد يؤدي إلى صعوبات في الاسترخاء».

في حين ترى طبيبة الأطفال، جيني رادسكي، أن انشغال الآباء المتكرر باستخدام هواتفهم الذكية يؤثر حتماً في عملية التربية. وعلى الرغم من الدراسات والأبحاث المتنوعة التي تتحدث عن مخاطر استخدام الهواتف الذكية، فإن هذه الأجهزة تبقى أدوات أساسية لتواصل الإنسان مع بني جنسه، ولا يبدو أنها ستُستبدل بتقنيات أخرى، على الأقل ليس في المُستقبل القريب.

تويتر