من خلال «البيانات الوصفية» والتردّد المستمر على مواقع «التواصل» والإنترنت

الهواتف الذكية.. أداة فعّالة لاختراق خصوصية المستخدم

صورة

أسهمت الهواتف الذكية في تسهيل حياة الإنسان بأشكال متنوعة، فهي على سبيل المثال تسمح له بالاتصال مع مستخدمين آخرين عبر البريد الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي، وتُساعده على تحديد موقعه وتدله على وجهته، وتوفر له النُصح والإرشاد حول المتاجر والمناطق المتوافرة في جواره، وغير ذلك من الفوائد الكثيرة التي بدأ المُستخدمون إدراك آثارها الجانبية على خصوصيتهم.

وفي عالمٍ ينمو فيه الاهتمام بخصوصية مُستخدمي الإنترنت، يؤكد خبراء أمنيون، سهولة اختراق خصوصية مُستخدمي الهواتف الذكية، عبر التقاط بيانات الموقع الجغرافي، وغير ذلك من المعلومات التي قد يظن المُستخدم أنها آمنة ولا يُمكن استخلاصها من هاتفه.

وتسمح بيانات على غرار التاريخ والتوقيت والموقع الجغرافي والرقم التسلسلي للهاتف الذكي بالتعرف الى تحركات مُستخدمه، إذ تُعرف مثل هذه البيانات «بالبيانات الوصفية» metadata، التي يمكن بربطها في ما بينها استنباط هوية المُستخدم والتعرف الى نشاطه.

وتُعتبر ميزة الإشارة إلى الموقع الجغرافي geotagging من أبرز المزايا المُمكن استغلالها لانتهاك خصوصية المُستخدم، إذ تتوافر هذه الميزة من قبل العديد من تطبيقات الهواتف الذكية على غرار تطبيقات «فيس بوك» و«إنستغرام» و«تويتر»، التي تسمح للمُستخدم بالإشارة إلى مكان وجوده.

ولحُسن الحظ، يُمكن لمُستخدمي تطبيقات الهواتف الذكية التحكم بميزة الإشارة إلى الموقع الجغرافي وإيقافها أو تشغيلها حسب الرغبة، لكن يبقى من المُمكن الحصول على «البيانات الوصفية» من الهاتف الذكي في أحوال مُختلفة، حتى أثناء استخدامه لإجراء المُكالمات الهاتفية التقليدية. وبمقدور شركات الاتصالات انتهاك خصوصية مُستخدمي الهواتف الذكية بأشكال متنوعة، مثل معرفة الجهات التي يتصل بها المُستخدم أو تتصل به، وفترة المكالمة، ومكان وجود المُستخدم، وفقاً لما أشار إليه خبير أمن الحواسيب، غراهام كلولي.

ومن شأن تردد مُستخدم الهواتف الذكية المُتكرر على خدمات التواصل الاجتماعي، أن يسهم بتوثيق كل تحركاته والتقاط بيانات متنوعة عنه، يمكن جمعها للتعرف الى شخصية المُستخدم وطريقة تفكيره.

وتمتلك شركات الاتصالات الجوالة وحدها حق جمع «البيانات الوصفية» الخاصة بمُستخدميها، لكن في المقابل، تقوم شبكات التواصل الاجتماعي وبعض الخدمات الأخرى بجمع مثل هذه البيانات عن مُستخدميها، إذ يتوجب على المُستخدم أن يوافق على شروط الخصوصية التابعة لهذه الشبكات والتي غالباً ما تضم بنوداً تبرر لها جمع معلومات عن مُستخدميها بحجة الاستفادة منها لتحسين تجربتهم، مع الإشارة إلى أن الكثير من المستخدمين يوافقون عادة على هذه الشروط دون قراءتها نظراً لتعددها، فعلى سبيل المثال، تضم شروط الخصوصية التابعة لخدمة تحويل الأموال الشهيرة «باي بال» PayPal ما قدره 36 ألفاً و275 كلمة، أي أنها أطول من نص مسرحية شكسبير الشهيرة «هاملت».

ومن المُمكن استثمار «البيانات الوصفية» في مجالات أخرى، إذ أكد تقرير صادر عن معهد «ماساتشوستس» للتقنية، إمكانية تسخيرها لمعرفة الحالة العقلية عند المُستخدم، من خلال مراقبة درجة تردده على استعمال هاتفه الذكي وطول فترة كل استخدام، بحيث يستطيع تطبيق تم تطويره في معهد «دارتماوث» Dartmouth تحليل بيانات المُستخدمين لتحديد درجات الإحباط والتوتر والشعور بالوحدة.

من جهة أخرى، قد يؤدي التردد المُستمر للمُستخدم على خدمات الإنترنت المتنوعة عبر الهاتف الذكي، إلى زيادة فرص اختراقه، وقد يكون المهاجم شخصاً قريباً للضحية، أو زميلاً في العمل.

ووفقاً لكلولي، فإن برمجيات تجسس يمكن تطبيقها على هواتف «آي فون» المزودة بنظام تشغيل غير مقيد، تباع لتسمح للمُستخدم بمراقبة نشاط مُستخدم آخر على غرار معرفة موقعه ورسائله النصية، مع الإشارة إلى أن هذه البرمجيات يتم الترويج لها أصلاً على أنها تسمح للآباء بمراقبة نشاط أبنائهم أثناء استخدامهم الهواتف الذكية.

وحسب مراقبين، تحول مُستخدمو الهواتف الذكية من مُستهلكين للتقنيات الحديثة إلى «مُنتجات» يتم الاستفادة منها من قبل شبكات التواصل الاجتماعي وخدمات أخرى بحجة تحسين تجربة المُستخدم وتقديم خدمات مُناسبة له، الأمر الذي فتح المجال لبعض الشركات للعمل على تطوير تطبيقات تساعد على حجب «البيانات الوصفية» لمنع استغلالها من قبل سائر خدمات الإنترنت.

تويتر