تسهم بنصف عائدات «فيس بوك» عبر الأجهزة المحمولة

«إعلانات تثبيت التطبيقات» تفيد المطوّرين في إبراز منتجاتهم

صورة

يوماً بعد آخر يتحول جانب كبير من استخدام الإنترنت من الحواسيب المكتبية والمحمولة إلى الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية وتطبيقاتها. وبطبيعة الحال، تبع ذلك اتجاه المعلنين إلى المنصات الجديدة، وهو ما قاد إلى انتعاش إعلانات «المحمول» ضمن سوق إعلانات الإنترنت التي تُقدر بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً، كما أسهم في ابتكار أساليب إعلانية جديدة.

ومنها إعلانات لا تكتفي بالترويج للتطبيقات الجديدة، وإنما تحث المستخدمين على تنزيلها من متاجر التطبيقات، مثل «غوغل بلاي» و«أب ستور»، وتثبيتها على أجهزتهم مباشرة بلمسات قليلة، وهي ما يُعرف باسم «إعلانات تثبيت التطبيقات» App Install Ads.

وفي أكتوبر من عام 2012، أطلق موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، «إعلانات تثبيت التطبيقات»، إذ تظهر لمستخدميه عبر الأجهزة المحمولة في قسم «خلاصات الأخبار» وسط منشورات أصدقائهم. وتسمح للمعلنين بالاستفادة من ثروة «فيس بوك» الثمينة من البيانات التي يجمعها عن المستخدمين، كموقعهم الجغرافي وأنشطتهم المفضلة، في توجيه رسائلهم إلى أكثر من يُرجح اهتمامهم بالتطبيقات، ما يزيد من احتمالات تثبيتهم لها.

ومثلاً، استفاد موقع «سيت جيك»، الذي يُوفر محرك بحث عن تذاكر الحفلات والفعاليات، من هذا النوع من الإعلانات عند إطلاقه لتطبيقه للهواتف الذكية في ديسمبر 2012. وبحث حينها عن طريقة تجذب كثيرين لتثبيت التطبيق على هواتفهم، في الوقت الذي لا تُمثل فيه إعلانات اللافتات أو «بانر» خياراً مناسباً في كل الأوقات بسبب إزعاجها لمستخدمي الهواتف الذكية، وعدم وضوحها على الشاشات الصغيرة.

وبالفعل أسهمت «إعلانات تثبيت التطبيقات»، العام الماضي، في تحقيق تطبيق «سيت جيك» ما يزيد على 1.5 مليون تنزيل، وتضاعف عائدات بيع التذاكر ثلاث مرات لتصل إلى 155 مليون دولار. ولفت المسؤول عن المحمول في الشركة، ويل فلاهرتي، إلى الدور الأساسي الذي لعبته الإعلانات في النمو.

وفي الوقت نفسه، تحتل «إعلانات تثبيت التطبيقات» أهميةً كبيرة لدى شركات مثل «فيس بوك». وعلى الرغم من عدم إفصاحها عن عائدات هذا النوع من الإعلانات، لكن شركات تُساعد التطبيقات على نشر إعلاناتها عبر «فيس بوك» تعتقد بإسهامها بأكثر من نصف عائدات «فيس بوك» من الأجهزة المحمولة التي وصلت إلى 2.5 مليار دولار خلال الربع الرابع من عام 2014.

ولا تقف «فيس بوك» وحدها في هذا المضمار، فتوفر «تويتر» النوع نفسه، وكذلك «غوغل» في نتائج البحث، وفي موقع «يوتيوب» لنشر الفيديو وضمن بعض تطبيقاته. واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «فلوري» لتحليلات تطبيقات الهواتف الذكية، سيمون خلف، أن عام 2014 شهد انطلاق «إعلانات تثبيت التطبيقات». وقدر خلف حجم سوقها العالمي في العام الماضي بستة مليارات دولار. وكانت «ياهو» استحوذت على شركة «فلوري» في يوليو الماضي.

ويبدو مبلغ ستة مليارات دولار ضئيلاً بالمقارنة مع عائدات الإعلانات ضمن نتائج البحث التي حققت منها «غوغل» ما يزيد على 40 مليار دولار خلال عام 2014، لكن النمو السريع لإعلانات تثبيت التطبيقات يُبين أنها واحد من أكثر الإعلانات نجاحاً على الهواتف الذكية.

ومن السهل تفهّم سبب استحسان مطوري التطبيقات لهذا النوع من الإعلانات، إذ تُساعد في إبراز منتجاتهم وسط زحام ما يزيد على 1.2 مليون تطبيق في المتاجر الرئيسة للتطبيقات. كما تحظى غالباً باهتمام أكبر من المستهلكين يفوق إعلانات اللافتات التقليدية، لأنها كغيرها من الإعلانات الاجتماعية، تظهر بشكل أقرب إلى منشورات الأصدقاء.

وعلاوة على ذلك، يظل بإمكان المعلنين دفع المال مقابل تثبيت التطبيقات بالفعل على أجهزة المستخدمين، وليس مجرد مشاهدة الإعلان. ووفقاً لشركة «تيون» Tune لتحليلات المحمول، تُعزز «إعلانات تثبيت التطبيقات» من تنزيلات التطبيقات، حتى في حال لم يلج المستهلكون إلى تفاصيل الإعلان بمجرد رؤيته.

ويرى البعض في شعبية «إعلانات تثبيت التطبيقات» انعكاساً للتصاعد الكبير في عدد التطبيقات والاهتمام بها أو ما يُشبه فقاعة مؤقتة. وتصب المنافسة المستعرة بين التطبيقات في صالح أطراف، مثل «فيس بوك»، نظراً لارتفاع أسعار «إعلانات تثبيت التطبيقات». لكن الأمر سيختلف حال بدأت شركات استثمار رأس المال المغامر تحويل اهتمامها عن الشركات الناشئة المتخصصة في تطوير التطبيقات، وقد يحد ذلك من الإنفاق على الإعلانات الرامية لترويجها. وعلى الرغم من ذلك، تتعدد الإشارات الدالة ليس فقط على استمرار هذا النوع من الإعلانات، وإنما أيضاً على احتمال تزايد الإقبال عليه. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «آد نولدغ» للإعلانات الرقمية، بن ليغ، إن أكثر من 90% من المتعاملين مع شركته حققوا مكاسب تفوق إنفاقهم على «إعلانات تثبيت التطبيقات»، وعادة في غضون ثلاثة أشهر فقط. وذكر الرئيس التنفيذي لشركة «أمبوش» لإعلانات المحمول، جيسي بوجي، أنه «لا يُوجد من يُنفق 500 ألف دولار شهرياً ما لم يكن لديه نموذج للعائدات».

ويُشير كثيرون إلى تقدم خبرات مطوري التطبيقات في ما يتعلق بتقييم أهمية المجموعات المختلفة من المستهلكين المحتملين. ويرى المعلنون في موقع «فيس بوك» مصدراً لأكثر البيانات دقة عن المعلومات الديموغرافية للمستخدمين واهتماماتهم. ويُضاف إلى ذلك تحسن آليات التحليل، الأمر الذي عزز من قدرة مطوري التطبيقات على استهداف آفاق جديدة واعدة.

وعلى سبيل المثال، ابتكرت شركة «إس جي إن» نماذج للتحليل تستوعب بيانات، مثل عدد مرات فوز اللاعبين وخسارتهم وشرائهم لميزات أو خدمات ضمن الألعاب، وهو ما ساعدها على الاقتراب من التدفقات النقدية المحتملة التي سيُوفرها كل لاعب مستقبلاً، وتُوجه الشركة إعلاناتها التي تدعو إلى تثبيت تطبيقاتها إلى أشخاص تتشابه بياناتهم الديموغرافية واهتماماتهم وسماتهم الأخرى مع اللاعبين الأكثر إسهاماً في تحقيق الأرباح. وفي الوقت نفسه، تطورت خيارات الإعلان. وفي نهاية عام 2013، أتاح «فيس بوك» استخدام مقاطع الفيديو في «إعلانات تثبيت التطبيقات»، كما سمح أخيراً بالتشغيل التلقائي لمقاطع الفيديو حال مر عليها المستخدم. وإضافة إلى ذلك، يُمكن للإعلانات، بالاستعانة بتقنية «الربط العميق»، توجيه المستهلكين مباشرةً إلى صفحات معينة ضمن التطبيقات.

وتلقى تقنية «الربط العميق» اهتماماً كبيراً من الشركات الكبيرة، مثل «غوغل» و«تويتر» و«فيس بوك» والشركات الناشئة على حد سواء. وتُمثل أهميتها للتطبيقات دور عناوين «الويب» أو «معرف الموارد الموحد» URL لصفحات «الويب».

ويُقصد بها عموماً استخدام ارتباط تشعبي يقود إلى جزء محدد قابل للبحث والفهرسة ضمن محتوى «الويب» أو صفحة واحدة، وتعني في التطبيقات تحديد عناوين للأقسام المختلفة ضمن التطبيقات، وإمكانية الوصول المباشر إلى موضع معين في التطبيق. ويفتح ذلك مجالاً واسعاً للإعلانات عن تطبيقات جديدة، وكذلك لتذكير المستخدمين بأهمية تطبيقات مُثبتة بالفعل على أجهزتهم من خلال توجيههم إلى إحدى ميزاتها.

 

تويتر