أسرع من البريد الإلكتروني وتسمح بإرسال النصوص والصور بكلفة تقلّ عن خدمات الرسائل التقليدية

تطبيقات التراسل الفوري.. منصات للنشر والتجارة الإلكترونية

صورة

تلقى تطبيقات التراسل الفوري عبر الهواتف الذكية إقبالاً واسعاً من ملايين الأشخاص في أنحاء العالم، وتُستخدم أساساً لتبادل الرسائل النصية والصور والفيديو مع الأصدقاء، إلا أن استخداماتها تتوسع شيئاً فشيئاً، ويرى فيها بعض الناشرين ومنتجي الألعاب وشركات التجارة الإلكترونية منصات مُلائمة للنشر وتحقيق الأرباح.

ويُضيف المطورون ميزات جديدة إليها تتجاوز مهمتها الأولى باعتبارها وسائل للتواصل. وتدفع هذه الإمكانات الكبيرة المستثمرين إلى رفع تقييماتهم لشركات تطبيقات التراسل، لتتخطى قيمتها في أي وقت مضى، كما تضمن تقرير نشرته صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية.

 

فوائد التطبيقات

وفي البدء، حققت تطبيقات التراسل شعبيتها باعتبارها وسيلة أسرع وأبسط من البريد الإلكتروني، وتسمح بإرسال النصوص والروابط والصور ومقاطع الفيديو للأصدقاء، وبكلفة تقل عن خدمات الرسائل التقليدية التي تُوفرها شركات الاتصالات اللاسلكية.

وبمضي الوقت، اتسع نطاق استعمال التطبيقات، إذ يُتيح تطبيق «كاكاو توك» KakaoTalk مثلاً لمُستخدميه استكشاف التطبيقات الجديدة المُتاحة للهواتف الذكية ومُشاركتها مع أصدقائهم. كما وفر «سناب شات» SnapChat إمكانية إرسال الأموال داخل التطبيق من خلال خدمة «سناب كاش». ويُتيح تطبيق «لاين» Line، الذي يتمتع بشعبية كبيرة في اليابان، للمستخدمين، شراء البضائع من متاجر التجزئة العادية من خلال خدمة الدفع التابعة للشركة «لاين باي».

واعتبر الشريك الإداري في شركة «يونيون سكوير فنتشرز» والمُستثمر في تطبيق التراسل «كيك» Kik، فريد ويلسون، أن تطبيقات التراسل هي أكثر التطبيقات شعبية التي تحتفظ بمكانتها يوماً بعد آخر، متفوقة على منافسيها، ما يعكس كيفية استخدام الأشخاص لهواتفهم.

وتتجه مؤسسات إعلامية، منها شبكات تلفزيونية مثل «إي إس بي إن» ESPN للرياضة والترفيه، و«سي إن إن»، ومجلة «فايس»، إلى نشر محتوى خاص مُباشرة في قسم تحريري جديد ضمن تطبيق «سناب شات»، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على المشروع.

وقال الرئيس التنفيذي لموقع «بَزفيد»، جونا بريتي، إن «الإعلام والاتصالات يتقاربان معاً»، لافتاً إلى أن جزءاً كبيراً من عمل الإعلام حالياً سيُشكل جانباً ضخماً من تطبيقات التراسل خلال العام أو العامين المُقبلين.

وحالياً، يستخدم 40% من مُشتركي الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة، تطبيقاً للتراسل الفوري مرة واحدة على الأقل شهرياً، بحسب بيانات من شركة «كوم سكور» للتحليلات الرقمية.

وعلى الصعيد العالمي، تلقى تطبيقات التراسل الفوري إقبالاً متزايداً، إذ ارتفع استخدامها بنسبة 103% خلال عام 2014، وفقاً لشركة «فلوري» لتحليلات المحمول.

 

عائدات ومستخدمون

ومن بين أكثر التطبيقات شعبية «فايبر» الذي يتجاوز عدد مستخدميه 200 مليون زائر شهرياً، ويُعد «لاين» أكثر تطبيقات التراسل شعبيةً في اليابان بعدد 170 مليون مستخدم، إضافة إلى «واتس أب» بعدد 700 مليون مستخدم منتظم.

ومع ذلك، لم تنجح العديد من تطبيقات التراسل حتى الآن في تحقيق إيرادات كبيرة، إذ حقق «واتس أب» المملوك لشركة «فيس بوك» 10.2 ملايين دولار، مبيعات خلال عام 2013، وجاءت من نسبة صغيرة من مُستخدميه تدفع دولاراً واحداً سنوياً نظير استعمال التطبيق.

لكن الإيرادات القليلة لم تحل دون استمرار ارتفاع قيمة العديد من الشركات الناشئة التي تُوفر تطبيقات للتراسل؛ إذ اشترت شركة «راكوتن» اليابانية، المتخصصة في تجارة التجزئة، تطبيق «فايبر» مُقابل 900 مليون دولار في فبراير 2014، وفي الشهر التالي استثمرت شركة «علي بابا»، عملاق التجارة الإلكترونية في الصين مبلغ 280 مليون دولار في تطبيق «تانغو»، وقدرت قيمة الشركة التي بدأت قبل نحو ستة أعوام بنحو مليار دولار. كما وصلت قيمة صفقة استحواذ «فيس بوك» على تطبيق «واتس أب» إلى 21.8 مليار دولار حين أغلقت في أكتوبر 2014.

ويقبل المستثمرون دفع الأموال والانتظار سنوات لتحقيق الإيرادات بسبب اعتقادهم في صدق القول المأثور الشائع بين العديد من شركات «وادي السيليكون»، والذي أثبت صحته في أحيانٍ كثيرة، ويقول بأهمية جذب ملايين الأشخاص أولاً للخدمة، باعتبار أنها ستجد طريقاً في نهاية المطاف لكسب المال.

وينظر العديد من رواد الأعمال إلى تطبيق «وي شات»، الذي تديره شركة «تينسنت» الصينية ويتمتع بشعبية كبيرة بين المستخدمين في الصين، مثالاً يحتذى في ابتكار نماذج للأعمال تُلائم تطبيقات التراسل. ويقول التطبيق، الذي بدأ قبل أربعة أعوام، إن لديه نحو 500 مليون مستخدم نشط شهرياً لا تقتصر استخداماتهم على تبادل الرسائل والصور، بل تشمل أيضاً الألعاب وحجز السيارات وتذاكر السفر.

ويرى البعض في النمو السريع لتطبيقات التراسل، استجابة للطبيعة المفتوحة لتطبيقات الشبكات الاجتماعية، مثل «تويتر» و«فيس بوك»، التي تظهر فيها تحديثات الحالة والصور للكثير من الأشخاص، بعكس تطبيقات التراسل التي تبقى فيها المواد المتبادلة قاصرة، في أغلب الأحيان، على عددٍ قليل من الأشخاص.

ووصفت الشريكة الإدارية في «سوفت بانك كابيتال»، قسم الاستثمار المخاطر التابع لشركة «سوفت بانك» اليابانية للاتصالات، ماريسا كامبيسي، تجربة تطبيقات التراسل بأنها أكثر خصوصية بكثير، كما قالت إنها أصغر وأقل ظهوراً من الشبكات العامة، وتتضمن قدراً أكبر من المشاركة والموثوقية، إضافة إلى خضوعها للتحكم. واعتبرتها كامبيسي بديلاً للبريد الإلكتروني يعمل في الوقت الحقيقي.

ونظراً لارتباط كثير من المستخدمين بتطبيقات التراسل، فإنها تبدو منصة مناسبة لتقديم خدمات وعروض أخرى، مثل الألعاب والمُلصقات الافتراضية والبضائع العادية.

تويتر