مع الانتشار الواسع للهواتف الذكية وتعدّد خيارات الدفع

شعبية متزايدة لتطبيقات دفع الأموال عبر «المحمول» في كيب تاون

صورة

في مدينة كيب تاون، التي تُعد واحدة من أكبر مدن جنوب إفريقيا، تحظى تطبيقات دفع الأموال عبر الهواتف المحمولة بشعبية كبيرة بين المستهلكين والتجار، على حد سواء، مع ترحيب الكثيرين بالتخلي عن التعامل بالأموال النقدية، وتوفير التجار في كلفة التحويلات المالية، فضلاً عن تعدد خيارات الدفع.

ويبدو من المؤكد تقبّل جنوب إفريقيا لتطبيقات الدفع عبر «المحمول»، وهو ما يرجع جزئياً إلى الانتشار الواسع للهواتف الذكية التي يمتلكها نحو نصف عدد السكان. وحسب مصرف «فيرست ناشيونال بنك»، يجري متعاملوه 230 مليون معاملة مالية للدفع عبر «المحمول» شهرياً، مُقارنة مع 45 مليون معاملة تتم عبر منصة «إم بيسا» الرائجة في كينيا.

ويضم سوق تطبيقات دفع الأموال أسماء عدة، منها «فليك باي» FlikPay، و«غست باي» GustPay، و«سناب سكان» SnapScan الذي يتمتع بالجانب الأكبر من الاهتمام والانتشار، وفق ما تضمّن تقرير نشره موقع «بي بي سي» أخيراً.

ويعتمد «سناب سكان» على منح كل بائع رمزاً خاصاً لـ«الاستجابة السريعة» أو «Quick Response «QR، وهو أحد أنواع الرموز ثنائية الأبعاد «باركود» تحمل معلومات، ويمكن قراءتها بواسطة جهاز للقراءة أو الهواتف المحمولة، بحيث يضع البائع الرمز إلى جانب الخزانة.

وبالنسبة للمستهلكين الذين يشتركون من خلال تطبيق مجاني ويربطون به بطاقاتهم الائتمانية، فيُمكنهم دفع المال من خلال مسح رمز الاستجابة السريع الخاص بالبائع أو المتجر بواسطة هواتفهم المحمولة، ثم تأكيد الدفع من خلال «رمز التعريف الشخصي» أو بصمة الإصبع، وعندها يتلقى الباعة تأكيداً بدفع المستهلكين على هواتفهم.

وقال المؤسس المُشارك لخدمة «سناب سكان»، كوبوس إهلرز، «أساساً، يرتبط (سناب سكان) بإتاحة مشتريات إلكترونية سريعة ومريحة وآمنة لكل شخص». وأشار إلى تصميمهم للخدمة بحيث تتوافق مع مجموعة متنوعة من المحال التجارية، من متاجر التجزئة الكبيرة إلى باعة الفاكهة في الطرقات.

وفي الواقع ينتشر «سناب سكان» في المتاجر، وصولاً إلى باعة صحيفة «The Big Issue» في الشوارع، ويقبل التعامل به نحو 14 ألف بائع في جنوب إفريقيا، كما يستخدمه آلاف المستخدمين للمدفوعات كل أسبوع.

وعقدت الخدمة شراكة مع مدينة كيب تاون تسمح للسائقين بدفع رسوم لإيقاف سياراتهم لمسؤولي المرائب، من خلال تطبيق «سناب سكان»، ويحمل كل مسؤول رمزاً للاستجابة السريعة، يُمكن للسائقين مسحه بهواتفهم لدفع رسوم إيقاف السيارات.

ويتحمس بعض المستخدمين لتطبيقات الدفع عبر «المحمول»، كحال سام لاينغ، التي تعيش في مدينة كيب تاون، وتستخدم «سناب سكان». وقالت: «أحب استخدام (سناب سكان)، وإذا ما وجدت أحداً يستخدمه، فسأشتري شيئاً حتى إذا لم أكن أنوي ذلك». وأضافت «أجد نفسي أخبر المقاهي الصغيرة والباعة في المتاجر أنه ينبغي عليهم الحصول عليه. أحب عدم الحاجة إلى الأموال النقدية، وعدم الحاجة إلى تسليم بطاقتي الائتمانية».

أما تطبيق «فليك باي» فيتبع منهجاً مختلفاً يتطلب من المستخدم لمسة سريعة على شريط التمرير في التطبيق للحصول على «رمز الاستجابة السريعة» مميز كل مرة، ومن ثم يمسح الباعة الرمز بواسطة جهاز مخصص للقراءة.

وتلعب كلفة استخدام تطبيقات دفع الأموال عبر الهواتف المحمولة دوراً في انتشارها عند مقارنتها بكلفة استخدام البطاقات الائتمانية والتجهيزات اللازمة لها. وقال إهلرز: «نهدف إلى خفض كلفة المعاملات الإلكترونية، والتخلص من المدفوعات النقدية في العديد من الأماكن». وأضاف «لا تفرض (سناب سكان) أي رسوم على المتسوقين. يدفع التجار رسماً صغيراً لكل معاملة يُماثل أو يقل عن استخدام معدات البطاقات الائتمانية العادية».

وبالمثل، يتوافر «فليك باي» مجاناً للمستخدمين، وقال رئيس الإعلانات التجارية في شركة «فليك باي»، زاك روسجارا، إن «فليك باي» تتعاون مع تجار التجزئة للموافقة على سعر للمعاملة يساوي أو يقل عما يحصل عليه المصرف، ويُعرف بمعدل الكسب Acquiring Rate، مشيراً إلى تمتع «فليك باي» بحصة كبيرة إلى حد ما من سوق تطبيقات الدفع عبر المحمول في جنوب إفريقيا.

وعموماً تجتذب فرص النمو الكبير في مجال المدفوعات الإلكترونية الشركات الصغيرة والكبيرة، على حد سواء، على غرار خدمة «أبل باي»، التي كشفت عنها شركة «أبل» الأميركية في سبتمبر الماضي، وتُتيح شراء السلع والتأكيد بواسطة المستشعر المخصص للتعرف الى بصمة الإصبع في هواتف «آي فون» الجديدة.

وترى كلٌ من «سناب سكان» و«فليك باي» في خطوة «أبل» فائدة ستعود على النظام ككل. وقال إهلرز إن «سناب سكان» ليس موضوعاً ليكون منتجاً آخر للدفع، لافتاً إلى شعوره بأن نظم البطاقات والجيل المُقبل منها، مثل «أبل باي»، سيُساعد قطاعاً كبيراً من سوق التجزئة.

وأوضح إهلرز أن «سناب سكان» يُركز على إتاحة المدفوعات الإلكترونية لمجموعة كبيرة من التجار الذين ليسوا مؤهلين للتجهيزات الرسمية للدفع بواسطة البطاقات الائتمانية، أو في أماكن لا يكون من المنطقي وجود ماكينات التعامل مع البطاقات فيها.

وأشار روسجارا من «فليك باي» إلى دور مبادرات سابقة لشركات، مثل «أبل» و«أوبر»، في تمهيد الطريق وجعل ربط البطاقات الائتمانية بالهواتف أمراً معتاداً، ما جعل المستهلكين أكثر ارتياحاً تجاه ربط هواتفهم المحمولة بالبطاقات الائتمانية لإجراء المعاملات المالية.

من جهته، يعتقد المستشار المستقل لتمويل الشركات والتكنولوجيا المالية، ثيو ونتر، أن تأثير «أبل باي» سيكون محدوداً في جنوب إفريقيا، نظراً لحاجة النظام إلى توحيد نقاط البيع لدى التجار، وهو الأمر الذي سيستغرق بعض الوقت. وقال: «علينا أن نضع في اعتبارنا اختلاف ديناميات السوق في جنوب إفريقيا عن نظيرتها في الولايات المتحدة».

وبطبيعة الحال، تظل المخاوف الأمنية قائمة حول تطبيقات الدفع عبر الهواتف المحمولة، واعتبر المؤسس المشارك في «بيش بايمنتس» Peach Payments لحلول الدفع، راهول جاين، أن بيانات البطاقات الائتمانية لا تتمتع بقدرٍ كافٍ من الحماية حال فقدان أو سرقة الجهاز المحمول. ويعتقد بحاجة الإجراءات والتنظيمات لملاحقة هذا الجانب.

وقال جاين: «لم تتطور النظم والمبادئ التوجيهية حول المعاملات عبر (المحمول) وأمن البيانات مثل النظم المتوافرة للمدفوعات والخدمات عبر شبكة الإنترنت». وأضاف أن منظمات، مثل «مجلس المعايير الأمنية لصناعة بطاقات الدفع»، يتزايد تصدّيها لهذه المعاملات على نحوٍ منفصل، ثم تتوصل إلى خطوط إرشادية حول سبل تأمين الباعة ومزودي الخدمة لبيانات البطاقات على الأجهزة المحمولة وتطبيقات الدفع.

ومع ذلك، يعتقد ونتر بتحسن الجانب الأمني في خدمات، مثل «سناب سكان» و«فليك باي»، نظراً لعدم تعامل التجار مع البطاقات الائتمانية الخاصة بالمستهلكين، ما يمنع نسخها أو سرقتها. من جانبه، دافع روسجارا، من «فليك باي»، عن أمن نظام الدفع لكل من المستهلك وتاجر التجزئة بفضل رموز «الاستجابة السريعة» التي تنفد صلاحيتها عند الاستخدام أو بعد 90 ثانية.

وبغضّ النظر عن المخاوف الأمنية المحتملة، تُوجد فرص كبيرة لنمو حلول دفع الأموال عبر الأجهزة المحمولة، وهو ما يراه إهلرز من شركة «سناب سكان» من خلال توسعها إلى مجالات أخرى، مثل أماكن إيقاف السيارات في كيب تاون.

تويتر