تواجه مشكلة الصورة الذهنية السيئة عن المنتجات الصينية وشكوكاً بشأن التجسس الإلكتروني

شركات الهواتف الصينية تواجه عقبات تحول دون تفوقها عالمياً

تأتي الشركات الصينية المُنتجة للهواتف الذكية ضمن أهم شركات الهواتف في العالم، وتستفيد في ذلك من وجودها داخل السوق الأكبر عالمياً، أي الصين، ومبيعاتها المحلية القوية. وحالياً تتطلع إلى تكرار نجاحها خارجياً والتفوق على علامات تجارية بارزة مثل «أبل» الأميركية و«سامسونغ» الكورية الجنوبية.

لكن هذه الطموحات تصطدم بتحديات عدة يتعلق بعضها بمنازعات حول براءات الاختراع خارج الصين، ومخاوف من التجسس وخضوع هذه الشركات للمراقبة الحكومية، وعدم تمتع البيانات التي تجمعها بدرجةٍ كافية من الأمن، فضلاً عن حاجة هذه الشركات للتعريف بعلاماتها التجارية، كما جاء في تقرير نشرته صحيفة «ذا وول ستريت جورنال» الأميركية.

ويبدو أن مساعي الشركات الصينية للسيطرة على سوق الهواتف الذكية في العالم لن تكون سهلة، وهو ما ظهر مثلاً في قرار اتخذته الأسبوع الماضي المحكمة العليا في مدينة دلهي الهندية، يمنع مؤقتاً بيع واستيراد هواتف شركة «شياومي» Xiaomi الصينية، انتظاراً لنظر شكاوى بشأن براءات الاختراع تقدمت بها شركة «إريكسون» السويدية لتصنيع معدات الاتصال، وتدفع «إريكسون» باستخدام شركة «شياومي» لتقنيتها دون أن تدفع مقابلاً لها.

ويُعرقل القرار خطط «شياومي» في الهند التي تستحوذ فيها الشركة الصينية بالفعل على 1.5% من السوق في الربع الثالث من العام الجاري، بعدما أطلقت مبيعاتها في الأسوق الهندية للمرة الأولى خلال يوليو الماضي، وفقاً لبيانات شركة «كونتر بوينت» لأبحاث السوق.

من جانبها، رفضت «شياومي» التعليق على مزاعم «إريكسون»، وكذلك على التأثير المالي المحتمل نتيجة للحظر. وقال رئيس أعمال الشركة في الهند، مانو جاين، في بيانٍ له الأسبوع الماضي، إن «الهند سوق مهمة جداً لشركة (شياومي)، وسنستجيب عاجلاً بحسب الحاجة».

ويعتمد نجاح «شياومي» أساساً على بيع هواتف تُقدم ميزات تنافس الطرز الراقية التي تُنتجها «أبل» و«سامسونغ»، لكن بنحو ثلث السعر. وتوفر الشركة في التكاليف من خلال التسويق عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، والبيع على الإنترنت.

وخلال العام الجاري، توسعت «شياومي» في جنوب شرق آسيا والهند، وتتوقع بيع 60 مليون وحدة على المستوى العالمي مُقارنةً بـ18.7 مليون وحدة باعتها عام 2013.

واعتبر رئيس عمليات شركة «زد تي إي» ZTE الصينية في الولايات المتحدة، ليكسن تشنغ، أنه يتعين على العديد من الشركات الصينية التفكير مرتين قبل توسيع استثماراتها خارجياً. وتابع: «إذا لم تكن مبتكراً، فأنت تتعرض لمخاطر كبيرة بانتهاك حقوق الملكية الفكرية للآخرين». وتعد المشكلات المرتبطة ببراءات الاختراع من الأمور الشائعة في مجال الصناعات التقنية الفائقة. ووفقاً لخبراء الملكية الفكرية، يستخدم الهاتف الذكي الواحد عدداً يصل إلى 200 ألف براءة اختراع. ويتطلب الحصول على حق استخدام هذه التقنيات في كل بلد توقيع الشركات اتفاقات تراخيص عابرة للحدود، وشراء براءات اختراع، أو دفع رسوم نظير استخدامها. وتُعد الأسواق التي تهتم كثيراً بحقوق الملكية الفكرية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، أكثر صعوبة أمام الوافدين الجُدد مثل شركة «شياومي»، مقارنةً بأسواق ناشئة توفر حماية أقل للملكية الفكرية، بحسب ما يرى مسؤولون تنفيذيون. وكان نائب الرئيس العالمي لشركة «شياومي»، هوغو بارا، قال ضمن حديثه في «المؤتمر العالمي للتكنولوجيا» الذي نظمته صحيفة «وول ستريت جورنال» في أكتوبر الماضي: «موقفنا في ما يتعلق ببراءات الاختراع يشبه أي شخص آخر».

وأشار بارا إلى تسجيل شركته لعدد كبير من براءات الاختراع في الصين، وتوصلها إلى اتفاقات للحصول على تراخيص خارجها. واعتبر أن خطر تعرض الشركة لمشكلات قضائية ليس «عاملاً حاسماً» في اختيارها لأفضل الأسواق للتوسع عالمياً.

وقال الرئيس التنفيذي المسؤول عن الملكية الفكرية في شركة «سامسونغ ديسبلاي»، كوانغ جون كيم، إنه سيتعين على الشركات الصينية التعامل مع صعوبات قانونية ترافق توسعها خارج الصين. وأضاف كوانغ، الذي تولى سابقاً مسؤولية دعاوى قضائية لشركة «سامسونغ للإلكترونيات»، أن الولايات المتحدة تمثل حتى الآن المعركة القانونية الأقوى أمام شركات التكنولوجيا العالمية. ويرى متخصصون أن الحصول على براءات الاختراع كان أحد الأسباب الرئيسة وراء إقدام «لينوفو» الصينية على الاستحواذ على «موتورولا» مقابل 2.91 مليار دولار في يناير الماضي؛ فبذلك ستتمكن شركة «لينوفو» من بيع هواتف تحمل علامة «موتورولا» في الولايات المتحدة، ما يسمح لها بالاستفادة من رصيد الملكية الفكرية للشركة الأميركية، وعلامتها التجارية. وبحسب ليكسن تشنغ من «زد تي إي»، فقد دفعت شركته 17.4 مليار دولار لشركات أميركية خلال السنوات الأربع الماضية بغرض شراء وترخيص تقنياتها. وفي عام 2013 سجلت «زد تي إي» عائدات بلغت 75.2 مليار يوان، أي ما يعادل 12.2 مليار دولار.

وفضلاً عن المنازعات حول براءات الاختراع، ستحتاج الشركات الصينية لتهدئة مخاوف مستهلكين ودول من خضوعها للمراقبة من قِبل الحكومة الصينية، وتبرئة نفسها من اتهامات غربية بشأن التجسس الإلكتروني، على الرغم من إعلان بكين معارضتها للهجمات الإلكترونية. وأخيراً، أجرت هيئات تنظيمية في تايوان تحقيقاً استهدف دراسة جمع شركات الهواتف الذكية لبيانات المستخدمين بعد إدعاءات بقيام شركة «شياومي» بجمع بيانات دون إعلام المستهلكين. وخلص البحث إلى استحقاق جميع الشركات الـ12 التي شملها التحقيق للوم على نحوٍ متساو.

كما بحثت السلطات في كلٍ من سنغافورة والهند في مدى أمن البيانات التي تجمعها شركة «شياومي». وفي أغسطس الماضي، أعلنت شركة «إف سيكيور» F-Secure الفنلندية المتخصصة في أمن المعلومات عن اختبارها هاتف من إنتاج «شياومي»، وتوصلها إلى إرسال الهاتف بيانات غير مُشفرة إلى خوادم في العاصمة الصينية بكين.

من جانبها، قالت «شياومي» إن حركة هذه البيانات تُمثل جزءاً من برنامج التراسل المعتمد على الحوسبة السحابية، كما أصدرت تحديثاً للبرنامج يضمن تشفير البيانات. وخلال الأشهر الماضية، بدأت «شياومي» بنقل خوادمها التي تخزن بيانات المستخدمين الدوليين لهواتفها إلى خارج الصين.

ويرى كارل بي، أحد مؤسسي شركة «وان بلس» الصينية الناشئة لصناعة الهواتف، أنه لاتزال الصورة الذهنية عن الصين سيئة جداً على المستوى العالمي، وفي حين تعلق ذلك في الماضي بمشكلات في جودة المنتج، يرجع الآن إلى الحرب الإلكترونية بين الدول المختلفة.

وتصل هواتف «وان بلس» إلى الولايات المتحدة وكندا. وأعلنت الشركة عن تخزين بيانات تخص مستخدميها من خارج الصين في خوادم «أمازون» في الولايات المتحدة.

 

تويتر