شركات ناشئة تقدم أفكاراً مختلفة لتسهيل وصول الخدمة إلى الركاب

الهواتف المحمولة تُحسِّن عربات «الركشة» في الهند

صورة

في بلدٍ شديد الازدحام كالهند، تعمل مجموعة من الشركات الناشئة على الاستعانة بالتكنولوجيا لتسهيل وصول سائقي عربات «الركشة» ذات العجلات الثلاث إلى الركاب، في تعديلٍ محلي على تجارب تطبيقات شهيرة تؤدي المهمة نفسها مع سيارات الأجرة في كثيرٍ من دول العالم.

وتحظى عربات «الركشة»، التي تحمل أسماء أخرى باختلاف البلدان، مثل «توك توك» و«بجاج» و«موتو تاكسي»، بحضورٍ واسع داخل معظم المدن الهندية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الحالة السيئة للحافلات العامة والقطارات، إلى جانب قلة عدد سيارات الأجرة وارتفاع كلفتها.

وعادة ما يحاول الركاب إيقاف عربات «الركشة» في الطرقات، إلا أن الحصول على واحدة يعتمد على مزيجٍ من مهارات التفاوض، وقدر غير قليل من الحظ الجيد؛ ويُواجه الركاب مشكلات، منها تفضيل معظم السائقين تحديد معدل ثابت للأجر بدلاً من استخدام عداد أو تحديد الأجر بحسب المسافة، وإضافة إلى ذلك، أحياناً يرفض سائقو «الركشة» توصيل الركاب الذاهبين إلى أماكنٍ معينة قد لا يجدون فيها ركاباً في طريق العودة، أو في حال قصر المسافة.

من ناحية أخرى، يُضطر السائقون أحياناً للانتظار ساعات في مواقف عربات «الركشة» في انتظار الركاب، فضلاً عن تكرر شجاراتهم مع زملائهم من السائقين، وخلافاتهم مع الركاب حول السعر، يُضاف إلى ذلك، إخفاق الكثير منهم في تحقيق دخل يفي باحتياجاتهم أو يُعادل مجهودهم.

ودفع ذلك بعض الشركات الناشئة إلى تقديم أفكار مختلفة لتسهيل وصول الركاب إلى عربات «الركشة»، ومنها «أوتو راجا» AutoRaja، التي تقدم خدمة لطلب «الركشة» في مدينة تشيناي، و«إم جادي» mGaadi لحجز العربات عبر الإنترنت وتطبيق للمحمول، وشركة «أوتو ويل» AutoWale، التي تستخدم برنامجاً يحدد المسارات المحتملة ويحدد الرحلات تبعاً لها، حسبما تضمن تقرير نشرته صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية.

وتسعى «أوتو ويل» لتيسير العملية على كلا الطرفين؛ الركاب وسائقي عربات «الركشة»، وتُتيح للركاب طلب المركبات من خلال موقع الشركة على الإنترنت، أو تطبيق الشركة، أو من خلال مراكز الاتصال التقليدية، وتحصل «أوتو ويل» على رسوم تبلغ 33 سنتاً مقابل كل رحلة.

وتعكس خدمة «أوتو ويل» الخصوصية المحلية للهند بتركيزها على عربات «الركشة» الشعبية، واستغلال الإمكانات العادية في جميع الهواتف المحمولة الأساسية؛ فبعكس تطبيق مثل «أوبر» Uber، لا تستخدم الشركة خاصية تحديد المواقع الجغرافية «جي بي إس»، كما لا تعتمد على الهواتف الذكية التي لا يمتلكها معظم السائقين، بسبب ثمنها الباهظ بالنسبة إليهم.

وعوضاً عن ذلك، تعتمد «أوتو ويل» على خوارزمية طورها مؤسساها تتنبأ بالمسار المحتمل لعربة «الركشة»، وتحدد الرحلات تبعاً لذلك، ثم تُوفر للسائقين جدولاً يُعلمهم برحلاتهم عبر الرسائل النصية العادية. في المقابل، بدأ تطبيق «أوبر» للحصول على سيارات الأجرة عمله في الهند في شهر سبتمبر الماضي بست مدن، منها بنغالور ونيودلهي ومومباي، إلا أن كلفة الخدمة تُصعب عليه المنافسة، على النقيض من مكانته في الولايات المتحدة.

وأظهرت تجربة «أوتو ويل» دوراً في تحسين أوضاع سائقي «الركشة».

وتَعِد «أوتو ويل» السائقين المتعاونين معها بزيادة دخولهم، إضافة إلى خفض المسافة التي يقطعونها من دون جدوى، أي من دون اصطحاب الركاب.

وتتلقى الشركة من السائقين عمولة تراوح بين 5 و10%، وعلى الرغم من أن «أوتو ويل» لم تتحول بعد إلى جني الأرباح، إلا أنها حققت العام الماضي عائدات بلغت نحو 335 ألف دولار.

وإضافة إلى ذلك، تسعى «أوتو ويل» لتوفير التأمين لسائقيها، وهو أمر نادر إلى حدٍ ما في الهند، وتخوض حالياً محادثات مع شركات تأمين لتشمل جميع السائقين؛ وعلى سبيل المثال، حين تعرض السائق مالايا سوامي لكسرٍ في ذراعه في يونيو الفائت، ما اضطره للتوقف عن العمل ستة أسابيع، منحته «أوتو ويل» قرضاً بقيمة 5000 روبية، أي نحو 80 دولاراً لتغطية جزء من نفقاته، كما وفرت له فرصة للعمل في توظيف السائقين الآخرين؛ ليتسنى له ربح بعض المال بينما يتماثل للشفاء.

ويختلف الوضع الراهن لشركة «أوتو ويل» عن بدايتها قبل عدة أعوام؛ إذ أخفقت المحاولة الأولى للصديقين جاناردان براساد وموكيش جها، وبدأ المؤسسان حينها بشبكة ضمت 400 عربة «ركشة» في مدينة بونا، لكن مقابل هذا العدد من العربات، لم يتوافر لديهم ما يكفي من الركاب، وأرجع براساد فشل التجربة إلى غياب الالتزام من كلا الطرفين.

وفي صيف عام 2011، جدد الصديقان نموذج العمل، وبدأ هذه المرة بخمسة سائقين، واعدين إياهم بدخلٍ محدد حتى إذا لم يحصلوا على ما يكفي من الركاب، وفيما يخص المسافرين، وعدت «أوتو ويل» بتوفير عربة «ركشة» في حال حجزها.

وخلال ثلاثة أشهر، نجحت الشركة في ضم 75 سائقاً أنجزوا ما يصل إلى 100 رحلة في اليوم؛ وحالياً تضم شبكة «أوتو ويل» 850 سائقاً، منهم نحو 250 سائقاً يعملون بصورةٍ منتظمة، وتنقل نحو 100 ألف راكب سنوياً، وخاضت الشركة تجربة ناجحة في مدينة بنغالور، وتُخطط لإطلاق خدماتها هناك، إضافة إلى ثلاث مدن هندية أخرى، بمجرد توفير رأس المال اللازم للتوسع.

وخلال مرحلة النمو الأولى، نالت «أوتو ويل» نصيبها من متاعب البدايات؛ فمع زيادة قاعدة متعامليها، بدأت المخاوف بشأن جودة الخدمة، مثل شكوى وصلتهم من ساتيش تشاندرا، البالغ من العمر 77 عاماً، والمتعامل المنتظم منذ عام 2012، إذ اشتكى من غلظة بعض السائقين، وتأخر التوصيل، ونقص ردود مراكز الاتصال، معتبراً ذلك دليلاً على تردي الخدمة.

من جانبه، قال براساد إن «أوتو ويل» حلت بعضاً من المشكلات المُبكرة، كما تُركز على تدريب السائقين، وتعقد ورش عمل منتظمة في مقرها، ويتضمن التدريب تعليم السائقين الأكبر سناً كيفية قراءة الرسائل النصية والاتصال بأحد الأرقام الواردة فيها.

كما تتضمن جلسات التدريب بعض العبارات الأساسية باللغة الإنجليزية، مثل «صباح الخير»، و«تمتع برحلة طيبة»، وهو ما يُفيد عند توصيل السائقين لركاب قادمين من المطار، ومن بين المفاهيم الرئيسة في التدريب، تعليم السائقين مفهوم المحافظة على المتعاملين، ويشمل ذلك إرشاد السائقين لارتفاع احتمالات تكرر ركوب المتعاملين أنفسهم معهم، ما يعني أنهم حال تصرفوا بطريقة غير ملائمة، فإنهم بذلك سيضرون بصورة العلامة التجارية ويُؤثرون سلباً في دخولهم.

وقال براساد: «المفتاح هو أن تربح باحترام، وبكرامة، وبطريقةٍ مهنية».

تويتر