يسهم العديد من الأشخاص في مشروعات مثل «ويكيبيديا» و«كورا» دون مقابل

الهاتف الذكي.. طريقة للمشاركة في جهود التعهيد الجماعي

صورة

بدلاً من أن تتطلب المساهمة في جهود جمع المعلومات والأبحاث والمشاركة في موسوعة «ويكيبيديا»، استخدام الكمبيوتر وتخصيص ساعات محددة في الأسبوع أو الشهر، يرى باحثون أنه يمكن لأي شخص المشاركة في جهود عامة خلال ثوانٍ معدودة، وضمن مهمة بسيطة مثل فتح قفل شاشة الهاتف الذكي.

وقدم باحثون تطبيقات تستبدل الطريقة العادية لفتح قفل الشاشة، بتمرير الإصبع أو إدخال رمز سري، بسؤال سريع يجيب عنه المستخدم، أو مهمة يؤديها في ثوانٍ قليلة، ما يمكن أن يفيد الأبحاث الأكاديمية، أو الباحثين في التسويق والشركات، كما يمكن لهذه المحاولات أن توفر طريقة منخفضة الكلفة لأداء العمل بتقسيمه إلى أجزاء صغيرة، وتوزيعه على ملايين الأجهزة.

ومن بين هذه المشروعات تطبيق «تويتش»، وطوره مجموعة باحثين في جامعة «ستانفورد» الأميركية، ويطلب من المستخدمين إكمال مهام بسيطة مثل المساهمة بمعلومات عن مستوى حيوية الأشخاص المحيطين بهم، أو تقييم صور، أو هيكلة بيانات في موسوعة «ويكيبيديا» في كل مرة يفتحون فيها هواتفهم الذكية.

ويسهم العديد من الأشخاص بالفعل في مواقع تعتمد على التعهيد الجماعي مثل موسوعة «ويكيبيديا» و«كورا» من دون مقابل، أو يقوم البعض بمهام مصغرة مقابل أجر بسيط في مواقع مدفوعة مثل «أمازون ميكانيكال ترك»، وتُظهر الشعبية المتزايدة لتطبيق «ويز» لمشاركة حالة المرور، استعداد الأشخاص للمساهمة في غرض عام، إذا كان ذلك سيؤدي إلى نتيجة مفيدة، ويجري في وقت مناسب.

ويضمن تطبيق مثل هذه الأفكار مع الهواتف الذكية انتشاراً واسعاً، بالنظر إلى العدد الكبير من المستخدمين، فوفقاً لبيانات شركة أبحاث السوق «كوم سكور»، فإن 160 مليون شخص في الولايات المتحدة، أو 67% من مستخدمي الهواتف المحمولة، يمتلكون هواتف ذكية، ويعمل 52% بنظام تشغيل «أندرويد» الذي يسمح لتطبيقات مثل «تويتش» باستبدال قفل الشاشة الرئيس.

ويرى الأستاذ المُساعد في جامعة «ستانفورد» وأحد العاملين في تطوير «تويتش»، مايكل بيرنشتاين، أن هذه الطريقة لجمع البيانات واسعة النطاق تدريجياً، توفر طريقة لتجنب الملل أحياناً أثناء انتظار مصعد، أو اجتماع طويل، من خلال المشاركة بالجهد في عملية «تعهيد جماعي»، وقال بيرنشتاين: «كثيرٌ من الناس يتمنون المساعدة، لكنهم ببساطة لا يجعلون منها أولوية».

وخلال دراسة على استخدام «تويتش»، أكمل 82 شخصاً 19 مهمة يومياً على مدى ثلاثة أسابيع، وطُلب من المشاركين تحديد عدد الأشخاص القريبين منهم، وأسلوب ملابسهم، ومدى شعورهم بالحيوية، في أسلوب جديد لقياس النشاط العام.

وتوصل الباحثون إلى أن استخدام «تويتش» لم يكن أكثر استهلاكاً للوقت أو تشتيتاً لذهن المستخدمين، مقارنة مع الطريقة العادية لفتح قفل الشاشة. وفي حين استغرق إنجاز كل مهمة في «تويتش» متوسط 1.6 ثانية، فإن فتح قفل الشاشة بالطريقة العادية يستغرق 1.4 ثانية.

وقال بيرنشتاين: «كل ما فعلناه كان استبدال الحركة التي تضمن انتباهك بشيءٍ آخر يضمن أيضاً انتباهك، ويُسهِم في المشاركة في هدفٍ عالمي».

وفي تجربة مشابهة، يدرس الأستاذ المشارك المتخصص في علوم الكمبيوتر في جامعة «تورنتو» الكندية، خاي ترونج، طرقاً لجعل حوسبة المحمول أكثر نفعاً، وطور لهذا الغرض تطبيق «سلايد تو إكس» لنظام «أندرويد»، ويعتمد الفكرة ذاتها، لكن مع دفع مقابل مالي لمستخدمي التطبيق.

ومُنح كل من المشاركين الـ10، 20 دولاراً نظير استخدام «سلايد تو إكس» لمدة أسبوعين، وعند رغبة المستخدم في فتح قفل الشاشة، يجد نفسه أمام خيارات عدة، منها طريقة الفتح العادية بتمرير الإصبع على الشاشة، أو الإجابة عن سؤال باختيارات متعددة، أو الإجابة عن سؤال يتعلق بصحة المستخدم والأنشطة الأخيرة التي قام بها، وتتضمن الاختيارات أيضاً الإجابة عن مسألة رياضية بسيطة صُممت لمعرفة ما إذا كان المستخدم يجيب بعد تفكير، أم ينقر عشوائياً على أحد الاختيارات.

وإضافة إلى ذلك، يجمع «سلايد تو إكس» بيانات مثل عدد مرات فتح قفل الشاشة، والمكان والتوقيت الذي قام فيه المستخدم بذلك. ووجد ترونج أن المشاركين أجابوا عن متوسط 50 سؤالاً في اليوم، أي 772 سؤالاً على مدى أسبوعين، كما بدا أنهم تفاعلوا مع الأسئلة، بدلاً من النقر على الشاشة وهم مشتتو الذهن.

وتضمن المقابل المالي دفع ما يقل عن ثلاثة سنتات مقابل كل سؤال، وأبدى جميع المشاركين، باستثناء واحد، موافقتهم على استكمال الدراسة لمدة مماثلة ونظير المبلغ المالي نفسه.

ويعمل ترونج على تطوير تطبيق عام يُمكن لأي شخص استخدامه، ويسهم في جمع بيانات بسيطة لأهداف غير ربحية من خلال الإجابة عن أسئلة ذات اختيارات متعددة، ويفترض تونج ألا يتضمن التطبيق دفع المال للمستخدمين، بل التبرع لجمعية خيرية من اختيارهم.

ويرى أن مثل هذا التطبيق يفيد بشكل خاص في جمع المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها أثناء الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر، وتتطلب الحركة.

كما يُحضر بيرنشتاين والفريق العامل على تطوير «تويتش» لنسخة جديدة من التطبيق، يُساعد مستخدموها في تركيب بنية الإنترنت، من خلال التحقق من صحة معلومات توصلت إليها برمجية استخراج المعلومات «ريفيرب» التي طورتها جامعة «واشنطن»، وتُحلل نصوص موسوعة «ويكيبيديا»، ومن المتوقع أن يتوافر التطبيق في غضون شهر أو اثنين. كما سيعرض فريق تطبيق «تويتش» والفريق المطور لتطبيق «سلايد تو إك» ورقتين علميتين عنهما خلال المؤتمر المقبل عن العوامل البشرية في أنظمة الكمبيوتر المُزمع عقده في مدينة تورنتو الكندية في أبريل المُقبل.

وتُثبت مثل هذه التطبيقات أن «التعهيد الجماعي» الذي يُشير لمشاركة مجموعات كبيرة وغير معروفة من الأشخاص لإنتاج محتوى أو إنجاز عمل واحد، قد يكون الطريقة الفضلى لجمع بيانات مفيدة أو توزيع مهام مُصغرة، الأمر الذي تتعدد فوائده وتطبيقاته مثل رصد الحالة النفسية لطلاب الجامعة في أيام الامتحانات، ما قد يدفع الجامعة لتخفيف الضغوط أو تغيير النظام، كما قد يُسهِم في استطلاع رأي المستهلكين سريعاً عن حملة إعلانية أو منتج أو تخطيط جديد لأحد المتاجر.

ويُمكن أن تساعد هذه الجهود في التعرف إلى مدى ازدحام محل تجاري، بأن يختار الموجودون فيه صورة تعبر عن الزحام، ما قد يدفع آخرين إلى التوجه إلى فرع آخر أو اختيار توقيت مختلف للزيارة، ما يعني في نهاية الأمر أن بإمكان الجميع المساعدة والتطوع ولو بثوانٍ قليلة.

 

تويتر