يُدرجها كثيرون تحت اسم «فابلت» الذي يمزج بين كلمتيّ هاتف أي «فون»، وحاسب لوحي «تابلت»

الشاشات الكبيرة الاتجاه الرائج في مجال الهواتف الذكية

صورة

على مدى سنوات، اعتاد الناس اتجاه الطرازات الأحدث من الحواسيب ووسائط التخزين لتكون أصغر حجماً، وأقل وزناً، وهو الاتجاه ذاته الذي سارت فيه الهواتف المحمولة، لكن يبدو أن الهواتف الذكية حالياً في سبيلها لمخالفة القاعدة الشائعة في العديد من الإلكترونيات الاستهلاكية من أن الجهاز الأصغر هو الأفضل، وربما تتبع نهج التلفزيون ليُعد كبر حجم الشاشة من أهم مزايا الهاتف.

وتُراهن العديد من الشركات، مثل «سامسونغ» و«هواوي» و«زد تي إي»، على إقبال المستهلكين على الشاشات الأكبر التي تتيح لهم رؤية أكثر وضوحاً للصور والفيديو، كما يفضلون استخدام هاتف ذكي بشاشة كبيرة بدلاً من حمل هاتف ذكي وحاسب لوحي.

وأحدثت الحواسيب اللوحية في بدايتها تغييراً كبيراً في مفهوم المستخدمين عما يمكنهم القيام به من خلال شاشة لمسية، وكانت مثالية لمشاهدة الأفلام والقراءة، إلا أن البعض رأى قياس 10 بوصات غير مناسب للتنقل فظهرت الحواسيب اللوحية الأصغر مثل «غوغل نيكزس 7»، و«كيندل»، و«آي باد ميني»، بقياس يصل إلى سبع بوصات، وظهرت كأجهزة مثالية للقراءة والوسائط المتعددة، فضلاً عن خفة وزنها وسهولة حملها.

وشهدت الحواسيب اللوحية الأصغر فترة ازدهار قصيرة يبدو أنها تقترب من نهايتها، على الأقل بالنسبة لعدد غير قليل من المستخدمين الراغبين في توحيد اتصالاتهم في جهازٍ واحد، واستخدام هاتف ذكي بشاشة كبيرة يُناسب تصفح البريد الإلكتروني والقراءة ويُوفر لوحة مفاتيح أكبر، عوضاً عن اقتناء هاتف وحاسب لوحي. ويُدرج كثيرون مثل هذه الهواتف تحت اسم «فابلت» الذي يمزج بين كلمتيّ هاتف أي «فون»، وحاسب لوحي أي «تابلت»، مع اختلاف بشأن قياس شاشات هذه الفئة، والقياس الأنسب للمستخدمين.

ويُمثل الاتجاه نحو الشاشات الأكبر تحولاً حاداً عن استراتيجية اتبعها مُصنعو الهواتف الذكية قبل سنوات، ورسخها النقاد بقولهم إن المستهلكين لن يفضلوا الهواتف ذات الشاشات الكبيرة لأنهم لن يتمكنوا من وضعها في جيوبهم، كما أنهم لا يريدون أن يُمسكوا بأجهزة كبيرة إلى جوار آذانهم أثناء المكالمات الهاتفية.

لكن شركة «سامسونغ»، التي تُعد أكبر مصنع للهواتف في العالم، تبذل جهدها للدفاع عن الهواتف ذات الشاشات الكبيرة، كما في سلسلة «غالاكسي نوت»، ونجحت في ذلك خصوصاً في الأسواق الآسيوية، وقالت الشركة الكورية الجنوبية إنها باعت 10 ملايين وحدة من «غالاكسي نوت 3»، بشاشة قياس 5.7 بوصات، خلال الـ60 يوماً الأولى بعد إطلاقه في شهر سبتمبر الماضي.

وذكرت «سامسونغ» أن أبحاثها أظهرت تفضيل المستهلكين للشاشات الأكبر؛ لأنهم يريدون جهازاً جيداً للكتابة اليدوية والرسم ومشاركة الملاحظات، كما يسهل على المتحدثين باللغات الآسيوية استخدام القلم المُخصص للكتابة على شاشة الجهاز أكثر من لوحة المفاتيح.

وتأمل «سامسونغ» وغيرها من الشركات أن يكون الجمهور خارج آسيا في مناطق مثل الولايات المتحدة وأوروبا أكثر تقبلاً للهواتف ذات الشاشات الأكبر، واعتبر رئيس التسويق في قسم المحمول في «سامسونغ»، لي يونغ هي، أن الاختلاف الثقافي ليس كبيراً، وقال: «معظم الناس يحبون الشاشات الأكبر»، وأشار إلى أنها تحظى بترحيب الناس من مختلف أنحاء العالم.

وتُبين تقديرات شركة «آي دي سي» للأبحاث ارتفاع الطلب على الهواتف الذكية ذات الشاشات الكبيرة، وقالت الشركة إن ما لا يقل عن 20% من الهواتف الذكية التي تم شحنها خلال العام الماضي في الصين، أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم، كانت بقياس خمس بوصات أو أكبر، وتوقعت أن ترتفع النسبة إلى 50% بحلول عام 2017.

وفي الوقت نفسه، تتنبأ «آي دي سي» بتراجع نمو مبيعات الحواسيب اللوحية خلال العام الجاري، نظراً لانجذاب العديد من الأشخاص للهواتف الأكبر عوضاً عن الحواسيب اللوحية الصغيرة.

واتضح الاتجاه نحو الشاشات الكبيرة في الهواتف خلال «المؤتمر العالمي للجوال» الذي انعقد بين الـ24 والـ27 من شهر فبراير في مدينة برشلونة الإسبانية، وقدم فيه العديد من صُناع الهواتف الذكية طرازات بشاشات يراوح قياسها بين خمس وسبع بوصات.

ومثلت شركة «هواوي» المثال الأبرز بتقديمها هاتف «ميديا باد إكس 1» بشاشة سبع بوصات، وهو قياس كبير عن أحجام شاشات الهواتف.

كما كشفت «سامسونغ» عن هاتفها «غالاكسي 5 إس» بشاشة قياس 5.1 بوصات، ما يزيد قليلاً على طرازات الهاتف السابقة، وقدمت «سوني» هاتف «إكسيبيريا زد 2» بشاشة 5.2 بوصات، كما عرضت «زد تي إي» هاتف «غراند ميمو 2» بشاشة ست بوصات، وقدمت الشهر الماضي هاتف «بوست ماكس» بشاشة ذات قياس 5.7 بوصات.

وتأمل «زد تي إي» الصينية أن تجذب هواتفها المستهلكين الأميركيين، وقال الرئيس التنفيذي للقسم الأميركي في الشركة، يشين تشنغ: «في الولايات المتحدة، يعيش الناسُ في منزلٍ كبير، ويقودون سيارة كبيرة، وأعتقد أنهم سيحبون أيضاً هواتف كبيرة»، وأشار تشنغ إلى أنه مع تطور البرمجيات وسرعة شبكات البيانات التي سرعت من عرض الفيديو، يرغب المستهلكون في شاشات أكبر.

وبعكس شعبية الهواتف الذكية ذات الشاشات الكبيرة في آسيا، لم تُظهِر الأسواق العالمية الأخرى حتى الآن استجابة مماثلة بشكل واضح، وقالت شركة «إن بي دي جروب» للأبحاث إن من بين 121 مليون هاتف ذكي بيع في الولايات المتحدة العام الماضي، كان 3.3 ملايين هاتف فقط بقياس 5.3 بوصات أو أكبر، وهو ما تُصنفه «إن بي دي» ضمن فئة «فابلت»، وذكرت الشركة أن هذه الفئة شكلت 4% من مبيعات الهواتف الذكية في الولايات المتحدة خلال الربع الرابع من العام.

وربما يرجع ذلك إلى أن «أبل»، التي تُسيطر على سوق الهواتف الذكية في الولايات المتحدة، لم تطرح بعد هاتف «آي فون» بشاشة كبيرة، ويُشكك محللون في قدرة الهواتف ذات الشاشات الكبيرة على الانتشار في السوق الأميركية ما لم تُقدم «أبل» واحداً.

وتتردد شائعات حول نية «أبل» الكشف عن هاتف «آي فون» أو أكثر بشاشة كبيرة خلال شهر سبتمبر المُقبل. وكان الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك، قد قال في وقتٍ سابق إن شركته ستُفكر في تقديم هاتف بشاشة كبيرة فقط عندما تتوافر التكنولوجيا الجيدة للوفاء بمعايير «أبل» العالية للجودة.

وفي الواقع، وابتداءً من الجيل السادس لهاتف «آي فون»، ارتفع قياس الشاشة إلى أربع بوصات صعوداً من 3.5 بوصات في الطرازات الأولى، لكنه لايزال يُعتبر صغيراً إلى حد ما بالمقارنة مع الأجهزة الآسيوية المنافسة. ووفق تقرير نشرته صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية، رفضت المتحدثة باسم «أبل»، ناتالي كيريس، التعليق على الموضوع.

ورأى الرئيس التنفيذي لشركة الأبحاث «لكشري إنستيتيوت»، ميلتون بيدرازا، أن بإمكان «أبل» تقديم «آي فون» بشاشة أكبر كمنتج ممتاز بثمن أعلى، كما يمكنها تسويقه بين المستهلكين الأثرياء والأكبر سناً الذين سيفضلون شاشة ذات قياس أكبر، لضعف قدرتهم على الإبصار، وعدم مهارتهم في استخدام أصابعهم.

أما الخبير في استراتيجيات السوق في شركة «أوراكل إنفستمنت ريسيرش» للاستشارات التي يستثمر بعض عملائها في أسهم «أبل»، لورانس إسحق بالتر، فيعتقد أنه يتعين على «أبل» طرح هاتف بقياس أكبر، لأنه يحظى بقبول الأشخاص الراغبين في اقتناء جهاز واحد فقط، بدلاً من هاتف وحاسب لوحي.

وتبدو الشركات الأخرى واثقة بنجاح رهانها على اتجاه المستهلكين إلى الشاشات الأكبر، وقالت شركة «لينوفو» الصينية، إنه لا تراجع عن الهواتف الذكية كبيرة الحجم في الأسواق حول العالم.

تويتر