تُواجه تحديات تتعلق باستبدال الزجاج بالبلاستيك والتوصل إلى رقاقات مقاومة للخدوش والحرارة

شركات الهواتف الذكية تتسابق لتطوير شاشات مرنة

صورة

على مدى الأسابيع القليلة الماضية تتوالى الأنباء عن عزم عدد من مُصنعي الهواتف الذكية على طرح أجهزة جديدة بشاشات منحنية، فقد كشفت «سامسونغ» الكورية الجنوبية عن هاتفها «غالاكسي راوند» في أكتوبر الماضي، وقبل نهاية الشهر أطلقت «إل جي» الكورية الجنوبية أيضاً، هاتفها «جي فلكس» بشاشة منحنية.

وأشارت تقارير أخرى إلى تصميم «سامسونغ» لهاتف ذكي تلتف شاشته على جانبي الجهاز، فضلاً عن نية شركة «أبل» الأميركية طرح هاتفي «آي فون» بشاشات منحنية خلال عام 2014.

وتطرح مثل هذه الأنباء تساؤلات حول مدى حاجة المستهلكين إلى شاشات قابلة للانثناء، وما إذا كان لتحولٍ مثل هذا فوائده العملية، مثل حماية الشاشات من التحطم عند تعرض الهاتف للسقوط، وإحداث تغييرات جذرية في تصميمات الأجهزة، أم أنه مجرد تغيير تسعى من خلاله كل شركة إلى تمييز منتجاتها أمام منافسيها، وزيادة حصتها في السوق.

ويرى البعض أن منتجي الهواتف يعتبرون تطوير الشاشات القابلة للانحناء مجرد خطوة تجاه هدف أكبر وأهم، يتمثل في إنتاج أجهزة محمولة قابلة للارتداء، مثل تطوير شاشات تلتف بالكامل حول معصم اليد لاستخدامها في الساعات الذكية، وهواتف وأجهزة كمبيوتر لوحية يُمكن للمستخدمين طيها، مثل الأوراق، مرات عدة لتتلاءم مع مساحة الجيب أو الحافظة.

وربما يدعم ذلك براءات الاختراع التي سجلتها شركات، منها في أكتوبر الماضي براءة اختراع لشركة «سامسونغ» أظهرت جهازاً محمولاً يُشبه الكمبيوتر اللوحي، ويتمتع بشاشة يُمكن طيها من المنتصف، على غرار الكتاب، ولم تُفصح الشركة عن تفاصيل تتعلق بالإنتاج المستقبلي للجهاز.

وفي الشهر ذاته، سجلت «سامسونغ» براءة اختراع لجهاز يمكن ارتداؤه في الرأس، وبمقدوره تشغيل الموسيقى، وتلقي المكالمات الهاتفية عند مزامنته مع الهاتف الذكي.

وتتطلب مثل هذه الأجهزة أنواعاً جديدة من الشاشات تختلف عن الأنواع الحالية ذات الشكل المستطيل والمسطح، والمستخدمة حالياً في معظم الهواتف الذكية.

وبينما لم يتضح بعد موعد طرح مثل هذه الأجهزة، فإنها تعكس محاولات «سامسونغ» و«إل جي» لتطوير أجهزة مرنة تروق للمستهلكين ويرغبون في اقتنائها، إضافة إلى إحداث تحسينات واسعة في مجال التكنولوجيا.

ولا يقتصر الأمر على الشركتين الكوريتين الجنوبيتين، إذ تشمل المنافسة شركات أميركية مثل «أبل» و«غوغل» و«مايكروسوفت»، التي تعمل جميعها على تطوير أجهزة تقنية يُمكن ارتداؤها، وبدأت باختبار نماذج أولية مع موردين في آسيا، بحسب ما نقلت صحيفة «ذا وول ستريت جورنال» الأميركية عن مصادر مُطلعة.

ولذلك فإنه من المنطقي أن تشهد تقنية صناعة الشاشات تحولاً يناسب خطط الإنتاج الجديدة. ومثلما صارت شاشات «الكريستال السائل» أو «إل سي دي» بديلاً للشاشات المعتمدة على «أنابيب أشعة الكاثود» في أجهزة الكمبيوتر وأجهزة التلفزيون منذ سنوات، فإن جهود صُناع الشاشات في كوريا الجنوبية تتركز حالياً على «شاشات الصمامات الثنائية الباعثة للضوء» أو «أو إل إي دي».

وتتميز شاشات «أو إل إي دي» بأنها أكثر نحافة، كما أن ألوانها زاهية وأكثر إشراقاً مقارنة بشاشات «الكريستال السائل»؛ نظراً لعدم حاجتها إلى إضاءة خلفية. وتختبر عدد من الشركات المصنعة للشاشات في اليابان وتايوان أنواعاً أخرى من الشاشات المرنة، على الرغم من عدم تمكنها حتى الآن من الوصول إلى مرحلة الإنتاج الضخم.

وتتنافس كلٌ من «سامسونغ» و«إل جي» في الاستفادة من مزايا البنية البسيطة لشاشات «أو إل إي دي»، لإضافة القليل من المرونة إلى الطبقة السفلى من شاشات الهواتف الذكية لحمايتها من التحطم عند ثنيها.

ويتم ذلك من خلال استبدال الزجاج الذي يُصنع منه اللوح الخلفي للشاشات بآخر من البلاستيك، ويساعد البلاستيك على جعل الشاشة قابلة للثني، وأخف وزناً، لكنه في الوقت نفسه يجعلها أكثر عرضة للخدوش، كما لا يضمن منع الرطوبة من الوصول إلى الأجزاء الداخلية للشاشة بشكل كامل، وهي العقبة التقنية التي لاتزال الشركات تحاول التغلب عليها.

ونقل تقرير الصحيفة الأميركية عن النائب الأول للرئيس في شركة «إل جي» للشاشات، لي بانغ ــ سو، قوله: «تعتبر المنحنيات خطوة أولية في طريق التوصل للشاشات المرنة»، لافتاً إلى أن هذه التقنية ستسمح بتطوير منتجات جديدة قابلة للانحناء والطي واللف.

ويعتقد مهندسون متخصصون أنه لكي يكون باستطاعة «سامسونغ» تقديم شاشات تُطوى من المنتصف، فإنه يتعين عليها استبدال جميع المكونات الزجاجية بأخرى مصنوعة من البلاستيك المتين، ما يحتاج إلى الانتظار سنوات قبل أن يصبح واقعاً، كما يجب تطوير رقاقات بلاستيك مضادة للخدوش، وذات مقاومة عالية للحرارة، ومرنة بما يكفي لتنثني في زوايا حادة، إضافة إلى تمتعها بالنقاء والوضوح المتوافر في الزجاج.

ويُمثل إنتاج مثل هذه المادة على نطاقٍ واسع اختباراً إضافياً، نظراً لتعقيد التركيبات الكيمائية المستخدمة فيها، لكن نضج تقنيات كهذه يفتح الباب أمام تطورات عديدة مثل تصور طي الهواتف والأجهزة اللوحية، وحتى شاشات التلفزيون المحمولة لتُوضع في جيوب الملابس.

وبعيداً عن كوريا الجنوبية، تقول شركة «كاناتو أوي» الفنلندية أنها طورت رقاقة مرنة من مستشعرات اللمس، وتعتمد على الكربون، ويمكن طيها في زوايا أكثر حدة من تلك المستخدمة في الشاشات التقليدية، مع مقاومتها للكسر.

ولا تُعد الشاشات الصعوبة الوحيدة في سبيل إنتاج هواتف وأجهزة مرنة، فإلى جانبها توجد أجزاء مهمة في الهاتف ينبغي التوصل لطريقة لثنيها والحفاظ على كفاءتها، منها المعالجات الدقيقة والبطاريات، وفي ما يتعلق بالتوصل إلى بطاريات مرنة يكمن التحدي الرئيس في الجانب المتعلق بالسلامة وحماية البطارية من الانفجار.

وتحاول شركة «سامسونغ إس دي آي»، التي صنعت بطارية هاتف «غالاكسي رواند»، معالجة هذه المسألة من خلال تحويل الإلكتروليت، وهو عنصر أساسي في بطاريات «ليثيوم-آيون» المستخدمة حالياً ويوجد في صورة سائلة، إلى حالة صلبة بما يجعل البطارية أكثر قدرة على مقاومة الضغط الخارجي.

ومن المرجح أن تُسهم التطورات المطلوبة في زيادة سعر الأجهزة ذات الشاشات المنحنية، وهو ما ظهر في سعر هاتف «غالاكسي راوند» من «سامسونغ» الذي بلغ نحو 1000 دولار (3673 درهماً)، كما لم تكشف «إل جي» بعد عن سعر هاتفها الجديد «جي فلكس» الذي يتوافر على بطارية منحنية تتناسب مع الهيكل الخارجي للجهاز.

تويتر