فكرة تراعي حقوق العمال وتعتمد نظام تشغيل مفتوح المصدر يمكن لأي شخص التعديل عليه

«فير فون».. هاتف ذكي يراعي المعايير الأخلاقية في الإنتاج

صورة

انشغل مجال الهواتف الذكية خلال سبتمبر الجاري بإطلاق هواتف جديدة، أهمها هاتفان لشركة «أبل» الأميركية، وهاتف «بلاك بيري زد 30»، فيما كشف خلال الأسبوع الماضي النقاب في العاصمة البريطانية لندن، عن هاتف جديد باسم «فير فون» لا يتميز بخصائص تقنية مبتكرة، بقدر ما تميزه رؤية مصمميه في تطوير صناعة للهواتف الذكية أكثر إنصافاً، بدءاً من الحصول على المواد الخام اللازمة للتصنيع، وصولاً إلى نظام التشغيل وعائدات البيع.

تشمل فكرة الإنصاف أو العدل التي بُني عليها هاتف «فير فون» إنتاج الهاتف بالكامل؛ بدايةً من الحصول على المعادن والمواد الخام، بحيث لا يُسهِم استخراجها والاتجار فيها في دعم الحروب والصراعات المسلحة، وضمان دفع أجور عادلة وكافية للعاملين في المناجم والمصانع، إضافة إلى اعتماد نظام تشغيل مفتوح المصدر يمكن لأي شخص التعديل عليه. صُنع هيكل هاتف «فير فون» من مادة «البولي كاربونيت» المعاد تدويرها، وهي أحد أشكال اللدائن الحرارية، فيما صُنعت علبة الهاتف من مواد صديقة للبيئة.

وبعكس هواتف «آي فون»، فإنه يمكن إزالة بطارية «فير فون» بغرض إطالة عمر الجهاز، كما تتيح الشركة خيارات لتصليح الجهاز، سواء بإرساله إلى الشركة، أو بإرسال دليل للتصليح إلى المستخدم عبر الإنترنت.

ويزن «فير فون» 170 غراماً، ويتوافر بشاشة لمسية بقياس 4.3 بوصات من زجاج «دراغونتايل»، ما يجعل الشاشة وسطاً بين هاتف «آي فون 5 إس» من شركة «أبل» الأميركية، و«غالاكسي إس 3» من شركة «سامسونغ» الكورية، وكاميرتين واحدة بدقة (8) ميغابيكسل، وأخرى بدقة (1.3) ميغابيكسل.

ويتضمن الهاتف ذاكرة عشوائية «رام» بسعة (1) غيغابايت، وذاكرة داخلية بسعة 16 غيغابايت يمكن زيادتها حتى 64 غيغابايت من خلال منفذ الذاكرة الخارجية «ميكرو إس دي».

ويدعم «فير فون» إضافة شريحتين «إس آي إم» في الوقت نفسه، ما يسمح للعديد من المستخدمين بدمج هاتفهم الشخصي وهاتف العمل في جهازٍ واحد، والتقليل من عدد الهواتف المستخدمة. كما يمكن استقبال المكالمات الواردة على كلتا الشريحتين، إلا أنه لا يمكن الاتصال بالإنترنت سوى من خلال شريحة واحدة في الوقت نفسه.

ومقابل ميزة كهذه، يفتقر هاتف «فير فون» إلى تقنية اتصالات المجال القريب «إن إف سي»، كما لا يدعم اتصالات الجيل الرابع، ولا يقدم مع الهاتف شاحن أو سماعات، وترى الشركة أن المستخدمين عادةً ما يمتلكون هذه الملحقات، وبالتالي يصبح تقديمها مرة أخرى نوعاً من الإسراف.

وفي ما يتعلق بنظام التشغيل، يعتمد «فير فون» على نظام «أندرويد جيلي بين» الذي بني من الصفر بوساطة مطوري شركة «كوامي» في لندن، الذين سبق لهم العمل في مشروعات مع شركة «سامسونغ».

ويقدم الهاتف خاصية «الوصول السريع» إلى التطبيقات العاملة على الجهاز، إذ إنه من خلال تمرير الإصبع من جانب إلى آخر على الشاشة، تظهر نصف دائرة تتضمن خمس أيقونات، تنقل إحداها المستخدم إلى جميع التطبيقات، والأخرى تشير إلى أكثر التطبيقات المستخدمة على الهاتف. وتستهدف خاصية «الوصول السريع» تحقيق أقصى استفادة من مساحة الشاشة، كما تتعلم من أنشطة المستخدم لتُظهر أيقونات لأكثر التطبيقات التي استخدمت أخيراً.

ومن بين الخواص الجديدة في هاتف «فير فون» خاصية «مُغير المزاج» التي تُغير لون خلفية الجهاز بحسب حالة البطارية من الأزرق، إلى الأخضر ثم الأحمر مع اقتراب نفاد البطارية، وأخرى تُسمى «راحة البال» وتتيح للمستخدمين إيقاف جميع التنبيهات والإشعارات لمدة يحددونها.

وإضافة إلى ذلك، يُتوقع مع وصول الهاتف إلى المشترين في ديسمبر المقبل، توافر عدد من التطبيقات الحصرية المخصصة له، ولكن إلى الآن تتكتم شركة «كوامي» على التفاصيل بشأن هذه النقطة. وتتيح الشركة الهولندية المنتجة، طلب «فير فون» مسبقاً عبر موقعه على الإنترنت مقابل 325 يورو، أو ما يعادل 440 دولاراً. وهو سعر يتجاوز كثيراً سعر الهواتف الذكية المتوافرة في الأسواق، وتتمتع بمواصفات مماثلة، لكن الشركة المنتجة لهاتف «فير فون» تنشر على موقعها بياناً تفصيلياً بتوزيع التكاليف يشرح كيف تُنفق كلفة الهاتف، كما توجه جزءاً من كل عملية بيع إلى برنامج «كلوزينغ ذا غاب» أو «إغلاق الفجوة» الذي يُشجع على إعادة استخدام وتدوير الهواتف المحمولة القديمة.

وعرضت الشركة الهاتف خلال «أسبوع التصميم» في لندن الأسبوع الماضي، وتعود بداية حملتها إلى عام 2010 بهدف التوعية بالانتهاكات التي تجري في سلسلة توريد وإنتاج الإلكترونيات، كما تعاونت مع بعض المبادرات المشابهة القائمة لإنتاج الهاتف، وسعت للتأكد من أن مصدر القصدير والـ«تنتالوم» لا يعود إلى مناجم أو مصاهر تُغذي الصراع والعنف في الكونغو، كما تضمن أن العاملين في مصنع تجميع الهاتف في الصين يعملون بحد أقصى 60 ساعة أسبوعياً، وهو ما يختلف عن حال مصانع أخرى. وكثيراً ما واجهت شركات تقنية كبيرة مثل «أبل» و«سامسونغ» انتقادات نظراً لسوء ظروف العمل في مصانع تجميع هواتفها. وعلى الرغم من ذلك تعترف «فير فون» بأن هاتفها لا يراعي المعايير الأخلاقية 100%، لكنها تقول إنها تضع الجمهور والقيم الاجتماعية في المرتبة الأولى.

وسيكون السبب الأخلاقي من أهم الدوافع الرئيسة لنسبة غير قليلة من مشتري الجهاز، مساهمة في الدعوة إلى تحسين ظروف إنتاج الإلكترونيات، وللتخلص من الشعور بالذنب بسبب تقديم الدعم بشكل غير مباشر إلى مناجم ومصدرين يدعمون صراعات عنيفة، ومصانع لا توفر ظروف عمل ملائمة.

ويرى محللون أنه في حال أطلقت واحدة من الشركات الرئيسة في مجال الهواتف الذكية مثل «نوكيا» و«أبل» و«سامسونغ» هاتفاً يراعي مثل هذه المعايير، فإنه سيحظى بتفضيل فئات متعددة مثل مشتري «فير فون»، كما ستضطر هذه الشركات، في وقت قريب، إلى التأكد من خلو منتجاتها من مواد خام تأتي من مناطق الصراع بعد دخول قانون «دود فرانك» في الولايات المتحدة حيز التنفيذ العام المقبل، الذي يجبر الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية على تتبع مصير ومصدر المعادن التي تدخل في تركيب منتجاتها. وعلى الرغم من أن الشركة المنتجة لهاتف «فير فون» تدرك أن الهاتف لن يغير كثيراً في توازنات السوق، إلا أنه مع تلقيها أكثر من 15 ألف طلب لشراء الهاتف، فإنه سيُسهِم في تسليط الضوء على العوامل الأخلاقية والإنسانية في عمليات إنتاج ملايين الهواتف الذكية كل عام.

تويتر