تختصر زمن تداول بيانات السلع والتوريدات

«آي دي سي»: تقنية «سلاسل الكتل» ستتصدر منظومة الإمداد والتوريد العام الجاري

تحديث سلسلة الكتل يتم فقط من خلال التوافق والاتفاق بين المشاركين في النظام.. وعند إدخال بيانات جديدة فإنه لا يمكن محوها. من المصدر

بعد النجاح الذي حققته خلال العام الماضي، يتوقع أن تتحوّل تقنية «سلاسل الكتل» خلال عام 2018 إلى العامل الذي «يخلخل» ويقلب الأوضاع رأساً على عقب، في مجال إدارة سلسلة الإمداد والتوريد بالمؤسسات والشركات العملاقة والمتعددة الجنسيات، والشركات الكبيرة والمتوسطة على السواء، وأبرز المجالات المرشحة لذلك هي صناعة النقل البحري العالمية.

وطبقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «آي دي سي»، البحثية العالمية المتخصصة في بحوث سوق تقنية المعلومات ونشرت تفاصيله بموقع «كمبيوتر ورلد» computerworld.com 18 أخيراً، فإن تقنية «سلاسل الكتل» بدأت تغادر نهائياً مرحلة الاختبارات والطرح الأولي، لتصبح من منصات العمليات الراسخة في العالم الحقيقي، التي تدير أكبر العمليات التجارية والمالية عالمياً، وتتحمل الأعباء التي كانت تقوم بها تقنيات عملاقة وضخمة خلال الـ60 عاماً الماضية، وفي مقدمتها تقنية «التبادل الإلكترونى» للمستندات التي تعرف اختصاراً باسم «إي دي آي» التي يتوقع أن تحيلها «سلاسل الكتل» للتقاعد سريعاً.

تحالف استراتيجي

«ميرسك» تنتقل للتقنية الجديدة وتطبقها على الشحن البحري.

وتزامن صدور التقرير مع الإعلان عن اتفاق تحالف استراتيجي بين شركتي «ميرسك»، عملاق خدمات النقل البحري عالمياً، و«آي بي إم» عملاق تقنية المعلومات عالمياً، لتنفيذ وتشغيل نظام عالمي للشحن والإمداد والتبادل التجاري عبر النقل البحري، يعتمد كلياً علي تقنية «سلاسل الكتل»، من أجل «رقمنة» سلاسل التوريد وتتبع الشحنات الدولية في الوقت الحقيقي.

وذكر البيان الصادر عن الشركتين، أن منصة إدارة سلسلة الإمداد الجديدة المعتمدة على «سلاسل الكتل» من شأنها أن تنقذ مليارات الدولارات في عمليات الشحن العالمية سنوياً، عن طريق استبدال النظام الحالي القائم على تقنية «إي دي آي» أو التبادل الإلكتروني للمستندات، وما يعمل حولها من نظم ورقية، ينجم عنها ترك آلاف الحاويات في ساحات الاستقبال والتخزين بالموانئ لأسابيع عدة بلا داع أو مبرر سوى بطء تداول البيانات.

«سلاسل الكتل»

وتقنية «سلاسل الكتل» هي قواعد بيانات موزعة، تحتفظ بقائمة من السجلات المستمرة النمو، بلا انقطاع، والمؤمنة ضد العبث والمراجعة، ويصفها المصرفيون والمحاسبون العاملون بالقطاع المالي بأنها أشبه بـ«دفتر أستاذ إلكتروني عام مفتوح»، تتشارك فيه أطراف عدة منفصلة في بياناتها ومعاملاتها، وتضع فيها بياناتها ومعلوماتها الخاصة بمعاملاتها المالية.

وكل وحدة من هذه البيانات تختص بمعاملة أو عملية معينة، ويطلق عليها «كتلة»، وكل كتلة لديها بصمة وقت، وترتبط مع سابقتها ولاحقتها برابط مميز، كما ترتبط بمشارك معين، لتشكل في النهاية «سلسلة كتل»، الأمر الذي يسمح لأي مجموعة من المستخدمين، سواء مفتوحة أو مغلقة وتحت التحكم، بالمشاركة في «الكتلة»، والانخراط في مدفوعات مالية مشتركة طوال الوقت.

ووفقاً لهذا التصور، يتم تحديث سلسلة الكتل فقط من خلال التوافق والاتفاق بين المشاركين في النظام، وعند ادخال بيانات جديدة لا يمكن محوها.

وقال الأستاذ المشارك في قسم علوم الحاسب بـ«جامعة كارنيجي ميلون»، فيبول جويال، إن «الشركات مهتمة بتقنية (سلاسل الكتل) لكونها تساعد في إيجاد دورات عمل أكثر سرعة وكفاءة، تعمل في الوقت الحقيقي، وتجعل الشركات تنفذ وتتابع نقل البضائع من مكان إلى آخر أو جزء من شركة إلى أخرى، لتكون لحظياً على علم بكيف تتحرك البضائع وأين هي».

وتبدأ المجالات المتوقع أن تعمل بها تقنية «سلاسل الكتل» هذا العام، من مجرد إنشاء نظام صغير داخل شركة واحدة، إلى نظام يدير حركة المعاملات التجارية والمالية والإدارية بين شركاء موثوق بهم ويدار مركزياً مع الاحتفاظ بالسيطرة على من لديه إمكانية الوصول إلى المعلومات على الشبكة، ويتوقع الإقبال عليها بصورة كبيرة بين موفري خدمات الحوسبة السحابية، وزبائنهم من مختلف المستويات والفئات.

السوق الصينية

وتوقع مدير بحوث استراتيجيات «سلاسل الكتل» بشركة «آي دي سي» العالمية، بيل فيرنلي، أن تكون السوق الصينية من أكثر الأسواق العالمية اهتماماً بتقنية «سلاسل الكتل» خلال العام الجاري، حيث أشارت البحوث التي أجرتها الشركة بالسوق الصينية إلى أن الشركات هناك تبدي اهتماماً كبيراً بهذه التقنية، وترى أن قيمتها الحقيقية تتمثل في استخدام الدفاتر الإلكترونية الموزعة والبيانات للاتصال مع الموردين والمتعاملين والوسطاء.

كما تستطيع الاحتفاظ بسجلات تمويل التجارة بصورة أفضل من النظم القائمة حالياً، التي تحتوي على الكثير من عمليات حفظ السجلات المالية التجارية القائمة على أنظمة غير فعالة، بما في ذلك الفاكس وجداول البيانات ورسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والورق. بينما تقدم تقنية سلاسل الكتل ميزة كبرى، هي السجل القابل للتغيير والثقة التي يمكن أن يتمتع بها الناس، وإذا تغير أي شيء في مستند، يبدو واضحاً للجميع.

وأشار فيرنلي إلى أن المصنعين يسعون إلى ضمان وصول البضائع إلى أماكنها، الذين يشترون البضائع يحرصون على التأكد من أنها من مصدر موثوق به، ومن خلال تضمين طرفي سلسلة التوريد معاً، تستطيع تقنية «سلاسل الكتل» تحقيق كل ذلك، وفي الوقت نفسه معالجة التهديدات المتعلقة بتقليد السلع والاحتيال والسرقة وغيرها.

تسويات لحظية

ولفت فيرنلي إلى أنه مع الدفاتر الموزعة والمصنعين وتجار التجزئة، يمكن النظر في المنتجات الرقمية والفيزيائية بسلسلة التوريد لحظياً، بحيث يحصل الجميع على المعلومات نفسها في الوقت واللحظة نفسيهما، ما يمكنهم من خفض خطوات عملية الشحن والدفع والتسويات وغيرها.

فعلى سبيل المثال، إذا طلب بائع تجزئة 1000 قطعة من سلعة ما، وظهرت على النظام 990 قطعة فقط، فإنه يمكن أن يرفض دفع الفاتورة حتى تظهر الشركة المصنعة أين الوحدات الـ10 المتبقية، وحتى يتم ذلك، تظل الفاتورة في طي النسيان لأيام عدة وربما أسابيع، لكن لو كان نظام حفظ السجلات والمتابعة قادراً على توضيح أين بالضبط مكان القطع الناقصة في الوقت الحقيقي، فإنه يمكن انجاز التسوية والمضي في اجراءات الدفع بصورة أسرع، مع تقليل أي احتمال للاحتيال.

تويتر