أكد أن «الذكاء الاصطناعي» و«تعلّم الآلة» لاعبان أساسيان في مستقبل التوظيف (1 من 2)

تحليل: سوق العمل ستفقد 5 ملايين وظيفة بحلول 2020

التحليل توقع أن تنشأ فرص عمل جديدة مباشرة في مجالات مثل تطوير «الذكاء الاصطناعي» والإشراف عليه. أرشيفية

رسم تحليل موسع صدر، أخيراً، صورة صعبة لمستقبل «سوق العمل في تقنية المعلومات عام 2020 وما بعده»، وطبيعة الوظائف التي ستسود في ذلك الوقت، والتي ستتراجع أو ربما تختفي. وأكد التحليل أن التطورات في مجال «الذكاء الاصطناعي»، وتعلّم الآلة، وعمليات الميكنة أو «الأتمتة»، ستترك تأثيراً واضحاً في كثير من الأحيان على سوق العمل، وفي مقدمتها أن هذه التطورات ستسهم بقوة في اختفاء أو تراجع ما يقرب من 7.1 ملايين وظيفة على مستوى العالم، بينما ستسهم في المقابل في توفير وإيجاد 2.1 مليون وظيفة جديدة، لتكون الخسارة الصافية خمسة ملايين وظيفة، فضلاً عن أنها ستعمل على نشوء ضغوط كبيرة في سوق العمل، تهبط بالأجور وترفع مستويات التفاوت وعدم العدالة في العائدات.

الذكاء الاصطناعي

سوق العمل بتقنية المعلومات ستتأثر بالنزعات القومية السائدة في كثير من مناطق العالم.

وأعد التحليل فريق مشترك من خبراء ومحللي شبكة «زد دي نت» zdnet.com، وموقع «تيك ريبابليك» techrepublic.com المتخصصين في تقنية المعلومات. واستند التحليل إلى سلسلة كبيرة من التقارير والمسوح السابقة التي تناولت هذه القضية، مثل تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الذي حمل عنوان «مستقبل التوظيف»، وصدر في 2016، وآخر تقرير صادر عن إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، حول «آثار الذكاء الاصطناعي والأتمتة على الاقتصاد»، بجانب تقرير الحكومة البريطانية الذي حمل عنوان «اقتصاد يقوده الإبداع»، فضلاً عن تقديرات خاصة أعدها القائمون على التحليل.

وتتناول «الإمارات اليوم» هذا التحليل في جزأين، الأول يعرض خلاصة الاتجاهات الكلية العامة لسوق العمل، والثاني يركز على وظائف تقنية المعلومات على وجه الخصوص.

الثورة الصناعية الرابعة

واستهل المحللون تقريرهم بالقول إن «الذكاء الاصطناعي» و«الأتمتة»، و«تعلم الآلة»، من المرجح أن تؤثر على سوق العمل بصورة عامة، وعلى قطاع تكنولوجيا المعلومات بصورة خاصة، لكونهما يعتبران من العوامل الرئيسة للتحضير للثورة الصناعية الرابعة، ويبدو واضحاً أن مشهد وظائف تكنولوجيا المعلومات سيتغير.

وعالج التحليل بعد ذلك، الكيفية التي ستمضي بها الأمور في سوق العمل بتقنية المعلومات، فقدم معالجته على جزأين، الأول استعرض نظرة كلية واسعة لسوق العمل، والثاني نظر إلى سوق العمل بتقنية المعلومات بمزيد من التفصيل.

الاقتصاد الكلي

وأشار التحليل إلى دراسة استقصائية شملت 350 من أكبر الشركات في العالم، بما في ذلك أكثر من 150 شركة من الـ500 شركة المسجلة بقائمة «فورتشن» العالمية. وكان معظم المشاركين من كبار مسؤولي الموارد البشرية، أو من فئة المديرين التنفيذيين، وتم سؤالهم عن تأثير التطورات في مجال «الذكاء الاصطناعي» و«التعلم الآلي»، و«الروبوتات»، و«تكنولوجيا النانو»، و«الطباعة ثلاثية الأبعاد»، و«علم الوراثة» و«التكنولوجيا الحيوية»، على نماذج الأعمال وأسواق العمل حتى عام 2020.

ولفت إلى أن ما يصل إلى 7.1 ملايين وظيفة، يمكن أن تضيع في 15 من الاقتصادات المتقدمة والناشئة الرئيسة، وستكون أكبر الخسائر في مكاتب الإداريين وذوي المهارات المنخفضة. وسيؤدي ذلك إلى خسارة صافية قدرها نحو خمسة ملايين وظيفة، لأنه يتوقع أن تنشأ في غضون ذلك 2.1 مليون وظيفة جديدة في قطاعات مثل «الهندسة المعمارية» والحاسبات والرياضيات، وحتى في صناعات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث يتوقع أن يكون الطلب على العمالة إيجابياً، سيكون هناك ارتباط بين المهن المتخصصة التي يتعذر توظيفها من جهة، وبين عدم الاستقرار في المهارات المتزامنة عبر العديد من الأدوار والوظائف القائمة من جهة أخرى، واعتبر المحللون أن ذلك من التحديات الكبيرة المقبلة.

ولحسن الحظ بالنسبة للموظفين الحاليين، فإن الاستثمار في إعادة بناء المهارات بات يبرز على قمة الأولويات الاستراتيجية المستقبلية لقوى العمل بين المشاركين في المسح المشار إليه، حيث قال 65% إنهم يتبعون هذه الاستراتيجية في جميع الصناعات. وفي المرتبة الثانية، جاءت استراتيجية «دعم التنقل والتناوب الوظيفي» بنسبة 35%.

الوظائف المهددة

وفي ما يتعلق بالتقرير الصادر عن إدارة أوباما، حول تحليل وفحص آثار الذكاء الاصطناعي والأتمتة على الاقتصاد، ذكر تحليل «زد دي نت» و«تيك ريبابليك» أن تقديرات الباحثين على نطاق الوظائف المهددة على مدى العقد المقبل تراوح بين 9% و47%، مؤكداً أن البحوث المختلفة تثبت باستمرار أن الوظائف المهددة بالأتمتة تتركز بشكل كبير بين العمال ذوي الأجور المنخفضة والمهارات الأقل تعليماً، وهذا يعني أن الأتمتة ستستمر في الضغط على وظائف ومكتسبات هذه المجموعة بطريقتين، الأولى هبوط الأجور، والثانية ارتفاع مستويات عدم المساواة.

وفي المقابل، أكد تقرير إدارة أوباما، أنه من المرجح أن تنشأ فرص عمل جديدة مباشرة في مجالات مثل تطوير «الذكاء الاصطناعي» والإشراف عليه، فضلاً عن مساهمة هذا المجال بصورة غير مباشرة في جميع مجالات الاقتصاد مع ارتفاع في الدخول يقود إلى توسيع الطلب.

وقدم التقرير ثلاث استراتيجيات رئيسة لمعالجة أثر الأتمتة، التي يقودها «الذكاء الاصطناعي» في جميع مجالات الاقتصاد، وتمثلت أولى هذه الاستراتيجيات في الاستثمار في تطوير الذكاء الاصطناعي من أجل الحصول على فوائده الكثيرة، والثانية، التثقيف والتدريب على وظائف المستقبل، والثالثة، أعمال الإغاثة في المرحلة الانتقالية، وتمكين العمال لضمان النمو المشترك على نطاق واسع.

النزعات القومية

وكشف المحللون عن أن سوق العمل بتقنية المعلومات ووظائفها ستتأثر بالنزعات القومية السائدة حالياً في الكثير من مناطق العالم، وفي مقدمتها النزعة القومية ببريطانيا، التي أدت إلى خروجها المتعثر من الاتحاد الأوروبي والذي يتوقع أن تنتهي إجراءاته في مارس 2019، ومبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب «أميركا أولاً»، وكلا الأمرين سيؤثران في نماذج الأعمال وأسواق العمل.

وأشار المحللون إلى أن الحكومة البريطانية وضعت في موازنتها الأخيرة، رؤية بعنوان «اقتصاد يقوده الابتكار» وتستهدف من ورائها الاقتصاد الذي سيجعل المملكة المتحدة رائدة عالمياً في التكنولوجيات الجديدة، مثل «الذكاء الاصطناعي»، و«السيارات ذاتية القيادة»، وعلوم الحياة، وتقنيات القطاع المالي والصيرفة والبنوك، وخصصت بالفعل ميزانيات للبحوث والتطوير في بعض القطاعات، مثل «الذكاء الاصطناعي» و«السيارات ذاتية القيادة» وإعادة التدريب، والهاتف المحمول والكابلات الضوئية عريضة النطاق العريض.

ولكن ثمة شكوك وتساؤلات حول احتمالات بقاء هذه الطموحات على قيد الحياة، بسبب ما يحدث من تحديات وآثار سلبية إثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وفي نهاية عرضهم لتوجهات الاقتصاد الكلي، خلص المحللون إلى أن إحدى النتائج الرئيسة التي ستترتب على هذه التطورات السياسية، هي فقدان الوظائف في الصناعات التقليدية، وزيادة في عدم المساواة، وزيادة البطالة في هذه البلدان، وغيرها.

تويتر