إنجاز تقني يصنّع قطع الغيار بشكل فوري.. ويلغي فكرة التخزين في المستودعات

تصميم جديد يضاعف سرعة الطابعات ثلاثية الأبعاد 10 مــرات

باحثان من «معهد ماساشوستس للتقنية» توصلا إلى التصميم الجديد. من المصدر

بات من المحتمل أنه في حالة تعطل غسالة الملابس، أو جهاز التلفزيون، أو غسالة الأطباق، أو غيرها من الأجهزة والمعدات المنزلية والمكتبية، أن يأتي إليك فني صيانة حاملاً معه طابعة صغيرة، فيشخص العطل، وإذا كان الأمر يحتاج إلى قطعة غيار بلاستيكية، فلن يخرجها جاهزة من الحقيبة، بل يطبعها على الطابعة خلال أقل من خمس دقائق، ويركبها في الجهاز أو الآلة بديلاً للقطعة المعطوبة، لتنتفي بذلك فكرة وضع قطع الغيار في المخازن والمستودعات داخل الشركات والمؤسسات المنتجة للأجهزة والآلات المختلفة، ويحل محلها مفهوم تصنيع قطع الغيار حسب الطلب، وقت تشخيص الأعطال، وبمعرفة فني الصيانة.

• يمكن استخدام هذه التقنية في العديد من التطبيقات في طب الطوارئ، ومجموعة متنوعة من الاحتياجات في المناطق النائية.

• الطباعة السريعة ثلاثية الأبعاد توجد طرقاً جديدة قيمة للعمل، وتتيح فرصاً جديدة في السوق.

هكذا تحدث باحثان من «معهد ماساشوستس للتقنية» (إم آي تي)، وهما يعلنان عن إنجاز جديد وثوري، حسب قولهما، في عالم الطباعة ثلاثية الأبعاد، استطاعا من خلاله رفع سرعة الطباعة ثلاثية الأبعاد 10 أضعاف دفعة واحدة، من خلال ابتكار تصميم جديد للطباعة ثلاثية الأبعاد، يتضمن تغييراً جوهرياً في الطريقة التي يعمل ويبنى بها رأس الطابعة.

وقد أعلن الفريق النتائج في ورقة بحثية ظهرت في العدد الأخير من مجلة «التصنيع التكيفي» العلمية، ونشر المعهد ملخصاً وافياً عن البحث على غرفة الأخبار بموقع المعهد news.mit.edu في 29 نوفمبر 2017.

وقاد فريق البحث، أستاذ مساعد الهندسة الميكانيكية في المعهد، الدكتور أناستاسيوس جون هارت، وشارك معه الباحث السابق في معامل «إم آي تي» جامسيون جو.

سرعة الطابعة

كان هارت وجو حددا في بحث سابق، أن طابعات سطح المكتب التجارية ثلاثية الأبعاد، تنفث الحبر بمعدل يبلغ 20 سنتيمتراً مكعباً كل ساعة في المتوسط، لطباعة اللوغوهات المجسمة، وبعض الهياكل وقطع الغيار الصغيرة في حجم الطوب، وهو معدل بطيء بالفعل.

ولذلك، حدد الباحثان ثلاثة عوامل تضع قيوداً على سرعة الطابعة، هي: السرعة التي تحرك بها الطابعة رأسها ليبدأ ويواصل العمل، ومدى القوة المتوافرة في رأس الطابعة لدفع المادة المصهورة في فوهات النفث، والسرعة التي ينقل بها رأس الطابعة الحرارة الكافية لصهر المواد، وجعلها في صورة سائلة قابلة للتدفق ومن ثم النفث أو البخ.

يقول هارت: «بعد فهمنا للقيود التي تضعها هذه المتغيرات الثلاثة، كان السؤال هو: كيف يمكن تصميم طابعة جديدة يمكنها تحسين كل هذه العوامل في نظام واحد؟».

وعند الإجابة عن هذا السؤال، وجد الباحثان أنه في معظم طابعات سطح المكتب ثلاثية الأبعاد الحالية، فإنه يتم تغذية البلاستيك من خلال فوهة عن طريق آلية «تثقيب العجلة»، والتي يقوم خلالها اثنان من عجلات صغيرة داخل رأس الطابعة بتدوير ودفع البلاستيك، أو الخيوط إلى الأمام. وهذه الآلية أو «الميكانيزم» تعمل بشكل جيد ولكن بسرعة بطيئة نسبياً، إلا انه إذا تم تطبيق المزيد من القوة لتسريع العملية، فإنه عند نقطة معينة تفقد العجلات قبضتها وسيطرتها على المواد، وهذا يمثل عيباً ميكانيكياً، يحدّ من السرعة التي يمكن أن يعمل بها رأس الطابعة في دفع ونفث المواد من خلال الفوهات.

آلية جديدة

في التصميم الجديد، قرر هارت وجو التخلص من التصميم القائم على آلية «تثقيب العجلة»، واستبداله بجزء أطلقا عليه «الآلية المسمارية» وهو عبارة عن جزء مكوّن من مجموعة من المسامير الفائقة القوة والمدببة على نحو دقيق للغاية، والمزودة بفوهات صغيرة جداً، ويمكنها أن تدور حول نفسها، وتتحرك وتتبادل أماكنها بسرعة ومرونة كبيرة.

ويتم تغذية المسامير بخيوط بلاستيكية محكمة، وكلما دار المسمار وتحرك بسرعة، أمسك بالخيط بصورة أكثر إحكاماً، وكان قادراً على بث الخيوط داخل فوهات النفث والبخ بقوة أكبر وسرعة أعلى، ومع السخونة التي يطلقها رأس الطابعة، تتحول الخيوط الى مصهور يجعل المادة قابلة للتشكيل والطباعة بالصورة ثلاثية الأبعاد.

وباستخدام هذه «الآلية المسمارية»، أصبح هناك المزيد من مساحة التلامس بين الخيوط، ما أتاح الحصول على قوة دافعة أعلى بكثير، إذ تم رفع القوة الدافعة بمعدل 10 مرات عن السائد في رؤوس الطابعة الحالية.

تحكم حراري

بعد ذلك، أضاف الباحثان شعاع الليزر الذي يتم تصويبه على مجموعة المسامير، ويقوم بتسخين وصهر خيوط المادة قبل أن تمر من خلال الفوهة، وبهذه الطريقة، يحدث ذوبان للبلاستيك بسرعة أكبر ودقة متناهية، تتفوق كثيراً على ما يحدث في الطابعات الحالية التي تستخدم أسلوب التوصيل الحراري من اجل تسخين جدران الفوهات، وصهر البلاستيك ليكون جاهزاً للنفث والبخ.

وهنا وجد هارت وجو أنه من خلال ضبط قوة الليزر، وتحويله وإيقاف تشغيله بسرعة، فإنه يمكن التحكم في كمية الحرارة التي يتعرض لها البلاستيك، وبهذه الطريقة أصبح في المتناول دمج كل من الليزر والآلية المسمارية في رأس الطابعة المدمجة، ومن ثم أصبح حجم رأس الطابعة صغيراً، لا يتجاوز حجم «ماوس» الكمبيوتر المعروف.

تصميم جديد

وأخيراً، وضع هارت وجو تصميماً جديداً لجسر رافعة، عبارة عن آلة دقيقة ذات سرعة عالية على شكل حرف الهاء بالإنجليزية «إتش»، وهذا الشكل مدعوم بمحركين متصلين بمنطقة الحركة التي تضم رأس الطابعة. وقد تم تصميم جسر الرافعة وبرمجته للتنقل والحركة بصورة ذكية بين مواقع وأوضاع متعددة، وبهذه الطريقة أصبح رأس الطابعة ككل قادراً على الحركة بسرعة كافية لمواكبة النفث السريع للبلاستيك المصهور.

وفي النهاية، تمكن الفريق من طباعة أجزاء معقدة التصميم باستخدام الطابعة الجديدة، وتمكنوا من طباعتها في غضون خمس إلى 10 دقائق، في حين أن الأمر نفسه يستغرق ساعة مع الطابعات التقليدية.

أجزاء في 5 دقائق

قال هارت إنه عند استخدام النموذج الأولي، فإنه تم الحصول على ترس أو جزء مقوس معقوف من آلة معينة خلال ما يراوح بين خمس و10 دقائق، وهو أمر كان يتطلب ساعة كاملة لكي يتم انجازه من خلال الطابعات الحالية، ومعنى ذلك أنه إذا كان هناك فني تصليح، ولديه طابعة سريعة ثلاثية الأبعاد مثبتة في مركبته، فإنه يمكنه طباعة قطع غيار وأجزاء جديدة تماماً وتركيبها خلال دقائق بحسب الطلب، بعد تشخيص العطل أو المشكلة، من دون الحاجة للرجوع الى المؤسسة أو الشركة أو الورشة، أو المخزن، للحصول على قطعة الغيار المطلوبة، وبناء على ذلك فإن هذا التطور يفتح الطريق نحو تغيير نمط وطريقة الصيانة، لتصبح مرتكزة على طابعة سريعة ثلاثية الأبعاد، بدلاً من شراء قطع الغيار ووضعها في المخازن، إذ ستكون الطباعة والإنتاج والتركيب والتشخيص وحل المشكلة في مكان العطل في وقت واحد، دون حاجة للشراء، أو للمخازن.

يضيف هارت أنه يتصور العديد من التطبيقات في طب الطوارئ، ومجموعة متنوعة من الاحتياجات في المناطق النائية، لافتاً إلى أن الطباعة السريعة ثلاثية الأبعاد توجد طرقاً جديدة قيمة للعمل، وتتيح فرصاً جديدة في السوق.

تويتر