بعد 10 أعوام على إطلاقه.. ووسط منافسة قوية من الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية

«كيندل» يسيطر على 60% من مبيعات قارئات الكتب الإلكـترونية

«أمازون» قدمت مفهوم «كيندل للنشر المباشر» مع إطلاقها جهاز «كيندل» في نوفمبر 2007. من المصدر

حل هذا الأسبوع العيد السنوي العاشر على ظهور جهاز القارئ الإلكتروني «كيندل»، الذي أطلقته شركة «أمازون» تجارياً في نوفمبر 2007. وجاء الاحتفال بعيد الميلاد العاشر و«كيندل» يسيطر على 60% من مبيعات قارئات الكتب الإلكترونية عالمياً، ويقدم مزايا وخصائص عديدة لم تكن موجودة في الطراز الأول من الجهاز، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات عدة، مع منافسة قوية من الحاسبات اللوحية، التي أصبحت هي الأخرى خلال السنوات الأخيرة قارئات كتب إلكترونية، وتقوم بهذه الوظيفة بمستوى أقرب كثيراً مما يقدمه «كيندل» منفرداً، ومن ثم تعامل معها الكثيرون كبديل، ثم برزت الهواتف الذكية ذات الشاشات الكبيرة القياس، لتنافس الاثنين، وتقدم أيضاً وظيفة القارئ الإلكتروني للكتب، وتحل محل الاثنين معاً.

• «كيندل» اعتمد في البداية على فكرة تنزيل الكتاب في 60 ثانية من أي مكان.

• مع نمو شعبية «كيندل للنشر المباشر» وفّرت «أمازون» المزيد من أدوات النشر.

هواجس وقلق

قال المدير السابق لمشروع قارئ الكتب الإلكترونية «كيندل» من شركة «أمازون»، تشارلي تريتشلر، إن «كيندل» أثار عند ظهوره غضب الكثير من الناشرين، إذ مكن «أمازون» من تشديد قبضتها على عالم الكتب، وصاحب إطلاقه توقعات كثيرة بأنه سيقضي على الكتب المطبوعة، مشيراً إلى أن هذه التوقعات تحولت إلى هواجس وقلق عميق لدى الناشرين التقليديين، لكن بعد 10 سنوات لم تتحقق هذه النبوءة كاملة، إذ لاتزال الأغلفة المطبوعة والكتب الورقية تشكل حصة كبيرة من مبيعات الكتب.

7 موظفين

واحتفى موقع «إي نت نيوز» المتخصص في قضايا التقنية بهذه المناسبة، حيث أجرى مقابلة مطولة مع كل من المدير السابق لمشروع «كيندل»، تشارلي تريتشلر، ونائب رئيس المحتوى في أجهزة «كيندل» حالياً، ديفيد ناجار، اللذين تحدثا عن قصة هذا الجهاز ورحلته منذ البداية وحتى الآن.

وقال تريتشلر الذي كان مديراً سابقاً بشركة «أمبل»، إنه ذهب في أوائل عام 2005 إلى مكتب في مدينة بالو ألتو بولاية كاليفورنيا الأميركية، حيث كانت مجموعة صغيرة مكونة من سبعة موظفين من شركة «أمازون» تعمل على مشروع سري للشركة، كان يحتاج إلى مدير مشروعات، وكانت المجموعة تعمل بين أكوام من الكتب المكدسة من الأرض إلى السقف، وعلى الأرفف بوضعية غير متناسقة.

وأضاف أنه على طاولة قريبة كانت هناك شبكة من الحاسبات الموضوعة بشكل فوضوي، بينها لوحة حبر إلكتروني، ولوحة تطوير وبحث، مشيراً إلى أن هذا الخليط من الأجزاء الإلكترونية كان هو النموذج الأولي المبكر مما أصبح في نهاية المطاف جهاز القارئ الإلكتروني «كيندل»، أول جهاز استهلاكي تنتجه «أمازون».

«لاب 126»

وأفاد تريتشلر بأنه قاد هذه العملية المتعثرة، وكان هذا الفريق والمشروع الذي يعمل عليه يحمل اسماً كودياً داخل «أمازون» هو «لاب 126»، قائلاً: «كان شيئاً جيداً أن يكون هناك هذا النمط من الشركة الناشئة داخل بيئة عمل شركة كبيرة، وقد وضع أعضاء الفريق هدفاً نبيلاً لأنفسهم، ففي حين يتطلب منك القارئ الإلكتروني أن تكون متصلاً بحاسبك لتنزيل الكتب الجديدة، اختار الفريق تقديم وصلة لاسلكية تكون متاحة دوماً في أي وقت وأي مكان وواسعة الانتشار لتنزيل المحتوى الجديد في أي واقت، وأطلق الفريق صيحة (تنزيل أي كتاب من أي مكان في العالم خلال 60 ثانية أو أقل)».

تحدٍّ

ولفت تريتشلر إلى أن المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«أمازون»، جيف بيزوس، وضع أمام الفريق تحدياً محدداً هو الوصول إلى طريقة تحقق هذا الاتصال اللاسلكي، إذ أصر على أن هذا ما يحتاجه المستهلكون. وأضاف أن الفريق حقق هذا الأمر من خلال إضافة وحدة إرسال واستقبال البيانات «مودم» لجهاز القارئ الإلكتروني، وشريحة للتنزيل بدلاً من المكالمات الصوتية، مشيراً إلى أن «أمازون» تشاركت مع شركة «سبرنت» للاتصالات التي قدمت خدمات بيع الشريحة بالكامل.

وذكر تريتشلر أنه بعد ذلك خرج «كيندل» للعلن، وأطلق تجارياً في عام 2007، وهو يحمل اثنين من الإبداعات الكبيرة، الأول يتمثل في «كيندل» نفسه كجهاز أو معدة، والثاني عبارة عن منصة النشر الذاتي المباشر، التي تتيح لأي شخص أن يؤلف كتاباً وينشره مباشرة على أجهزة «كيندل» المنتشرة حول العالم.

ولفت إلى أن «كيندل» لم يكن عند إطلاقه القارئ الإلكتروني الوحيد للكتب المتاح في الأسواق، لكنه شكل علامة فارقة في هذه النوعية من الأجهزة، وساعد الكتب الإلكترونية على الانتشار والظهور بعد محاولات عدة فاشلة من قبل أجهزة أخرى. وأوضح تريتشلر أنه جنباً إلى جنب مع إطلاق «كيندل»، قدمت «أمازون» مفهوم «كيندل للنشر المباشر»، الذي يعني النشر الذاتي، والذي كان قائماً بالفعل، من خلال بعض المطابع أو من خلال المدونات، لكن مفهوم «كيندل للنشر المباشر» أدى إلى تبسيط العملية، وقدم للمؤلفين طريقاً جديداً للوصول إلى الملايين من القراء.

أدوات النشر

بدوره، قال نائب رئيس المحتوى في أجهزة «كيندل»، ديفيد ناجار، إن «كيندل» أدى أيضاً إلى نمو وتعدد الخيارات المتاحة للأشخاص الذين كانوا يروون القصص، كما أدى في الوقت نفسه إلى توسيع ونمو الخيارات المتاحة للأشخاص الذين يريدون قراءة القصص، مشيراً إلى أنه مع نمو شعبية مفهوم «كيندل للنشر المباشر»، وفرت «أمازون» المزيد من أدوات النشر، وساعدت مئات الآلاف من المؤلفين على نشر مؤلفاتهم.

وأضاف ناجار أنه مع ذلك، اشتكى البعض من أن النشر الذاتي أدى إلى فيض من العناوين ذات الجودة المنخفضة، التي لم تكن قد اجتازت المراجعة والتدقيق قبل الناشر، فضلاً عن فائض من الاختيار. لكن ناجار أكد أنه يختلف مع كلتا الحجتين، مشيراً إلى أن الناشرين التقليديين يقدمون بالفعل كماً كبيراً من الاختيارات من خلال الخروج بعشرات الآلاف من العناوين في السنة، غير أن نظام التصنيف والمراجعة في «أمازون»، إضافة إلى موقعها الخاص بالقراءات الجيدة، يساعد كثيراً في التخلص من الكتب الرديئة، ويسلط الضوء على الجيد منها.

وتابع ناجار أن فكرة كون النشر الذاتي تساعد على نشر كتب أكثر سوءاً هي فكرة غير مقبولة، لأن القراء والمشترين لا يشترون الكتب السيئة، وهذا يحدث الآن أكثر من أي وقت مضى.

نقطة قوة

ووفقاً لأرقام مؤسسة «إي يورو مونيتور» البحثية لعام 2017، فإن «أمازون» تعتبر حالياً الرائدة في سوق القارئات الإلكترونية، مع سيطرتها على 60% من مبيعات هذه النوعية من الأجهزة عالمياً. من جهته، قال محلل الأجهزة الاستهلاكية في مؤسسة «جارتنر» للأبحاث، ميكاكو كيتاجوا، إن «نقطة القوة لدى شركة (أمازون) أنها تعرف لمن تبيع، كما يمكنها استخدام بيانات الحسابات الموجودة في الشركة للاستجابة لرغبات المستخدمين، واهتماماتهم أكثر مما يفعل المنافسون»، مضيفاً أنه «طالما تعتقد (أمازون) أن أجهزة (كيندل) مربحة فستستمر في تصنيعها وبيعها».

تويتر