أبرزها صعوبة تغيير عادات المشاهدة بين مستخدمي «الموقع»

«فيس بوك» يواجه تحديات «تكنو اجتماعية» في منافسة التلفزيون

أول عرض في «فيس بوك» حقق 32.3 مليون مشاهدة.. وبعدها لم يستطع كسر حاجز الـ 3 ملايين مشاهدة. من المصدر

في أواخر أغسطس الماضي، أطلق موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي هجوماً علنياً على التلفزيون التقليدي. وقال مؤسس الموقع الرئيس التنفيذي لشركة «فيس بوك»، مارك زوكربيرغ، إنه يستهدف أن يصبح موقع «فيس بوك» هو تلفزيون المستقبل. لكن بعد مضي نحو ثلاثة أشهر على بدء هذا الهجوم والمنافسة، اللذين تجسدا رسمياً في خدمة شاهد، أو «ووتش»، يبدو أن الهجوم بدأ يتخبط بعدما أصبح وجهاً لوجه مع التحديات والصعوبات الـ«تكنو اجتماعية»، التي عادة ما تنشأ عندما يتماس ما هو تقني مع ما هو اجتماعي وسلوكي ونفسي، إذ اعترف «فيس بوك» بأن المعضلة الرئيسة التي يواجهها في منافسته، هي صعوبة بناء عادات مشاهدة بين مستخدمي الموقع، مشابهة للعادات الراسخة والسائدة في عالم التلفزيون، التي تتمثل بصفة أساسية في أن مستخدمي «فيس بوك» اعتادوا مشاهدة الحدث في حلقة واحدة قصيرة، بينما المشاهدة في التلفزيون أساسها الاعتياد على مشاهدة الأشياء في حلقات عديدة مسلسلة.

• زوكربيرغ أعلن قبل 3 أشهر أنه يستهدف أن يصبح «فيس بوك» هو تلفزيون المستقبل

• مستخدمو «الموقع» لم يتحولوا إلى مشاهدة حدث في حلقات مسلسلة

• تسامح المستثمرين

رفض موقع «فيس بوك»، أخيراً، مناقشة الميزانية المخصصة لإنتاج عروضه التلفزيونية، لكن المدير المالي للموقع، ديف وينر، قال خلال لقاء توزيع الأرباح مع المستثمرين وحَمَلة الأسهم، إن تمويل الفيديو الأصلي سيكون من عوامل الزيادة الكبيرة في الإنفاق، خلال العام المقبل، نافياً أن يكون هذا الإنفاق في مستوى ما تنفقه شركات أخرى مماثلة، مثل «نيت فليكس» التي أعلنت أنها ستستثمر ثمانية مليارات دولار في إنتاج محتوى الفيديو الأصلي خلال عام 2018.

وأشارت بعض التسريبات إلى أن «فيس بوك» سينفق على الأقل مليار دولار على إنتاج العروض التلفزيونية.

غير أن موقع «بيزنس إنسايدر» توقع أن مستثمري «وول ستريت» وحَمَلة الأسهم لن يكونوا متسامحين إلى ما لا نهاية كثيراً مع طموحات «فيس بوك» في مجال الفيديو ذي الميزانية الضخمة.

بحث وتطوير

ونشر موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com تحليلاً حول أداء الهجوم الذي ينفذه «فيس بوك» على التلفزيون، حيث كانت الملاحظة الرئيسة أنه بعد ثلاثة أشهر لايزال «فيس بوك» يؤكد أنه في مرحلة «البحث والتطوير»، كما لايزال يستكشف طريقه ويصنع نماذج عمله الأولى، ولم يقرر بعد «تطوير الهجوم» إلى غزو ساحق للسوق، على حد وصف التحليل الذي رأى أن التلفزيون العادي ليس صيداً سهلاً يمكن أن يحقق فيه «فيس بوك» نجاحاً سريعاً، كما اعتاد من قبل في مواجهات أخرى.

وأوضح التحليل أن أولى العلامات على ذلك، تمثلت في أن كل العروض التلفزيونية - التي مولها «فيس بوك» لتعرض على خدمة «شاهد» وتم التجديد لها للمواسم التالية - حظيت بمشاهدات ضخمة في حلقاتها الأولى، ثم تبعها انخفاض هائل في المشاهدة وصل إلى 30% حداً أدنى، بحسب ما كشفت عنه بيانات «فيس بوك» نفسها.

وأضاف أن أحد العروض الأولية التي صاحبت إطلاق الخدمة، كان عرض «إيه آند إي»، وهي مباريات تم توصيفها بأنها من تلفزيون الواقع، التي يواجه فيها الأزواج مخاوفهم، مشيراً إلى أن الحلقة الأولى من هذا العرض حظيت بنحو 32.3 مليون مشاهدة، خلال أغسطس الماضي، على الرغم من أن العرض كان متاحاً لمجموعة من مستخدمي «فيس بوك» داخل الولايات المتحدة فقط، لكن بعد ذلك اختلف الأمر، ولم يستطع أي من الحلقات الأربع التالية، أن يكسر حاجز ثلاثة ملايين مشاهدة.

تصادم مع الاستراتيجية

ووفقاً لتحليل «بيزنس إنسايدر»، فإن هذا الأمر يتصادم مع استراتيجية «فيس بوك» التي يستند إليها في هجومه على التلفزيون، والتي تركز على بناء عادات مشاهدة داخل «فيس بوك» مشابهة لعادات المشاهدة السائدة في التلفزيون، أو بعبارة أخرى لا يسعى «فيس بوك» وراء ملايين المشاهدات التي غالباً ما تحققها الفيديوهات التي تصاحب خدمة الأخبار وتوصف بالفيديوهات «الفيروسية» كدلالة على انتشارها الواسع، لكنه يسعى إلى المشاهدات الصغيرة نسبياً، الآتية من جمهور يدين بالولاء للخدمة، ويعود مرة أخرى لمشاهدة كل حلقة تلو الأخرى، ليشكل مع الوقت مجتمع مشاهدين نابضاً بالحياة.

وبيّن التحليل أنه استناداً لهذا التصور يستخدم «فيس بوك» معياراً لتقييم مدى نجاح العروض، يستند كلياً على عدد المشاهدين الذين يعودون لمشاهدة الحلقات المتتالية من العرض، وليس العدد الهائل من المشاهدين الذين يشاهدون حلقة واحدة من العرض.

تفاؤل بالنجاح

وأشار التحليل إلى أن «فيس بوك» يحاول التخفيف من التحديات التي يواجهها في هجمته على التلفزيون، والتأكيد على تفاؤله بنجاح المنافسة، حيث قالت نائب رئيس «فيس بوك»، فيدجي سامو، إن «الموقع لايزال في مرحلة السعي للوصول إلى العروض المناسبة، وأُعطي الضوء الأخضر للعروض الطويلة ذات الميزانيات الضخمة»، مضيفة أنه «على الرغم من أن خدمة (ووتش) لاتزال في أيامها المبكرة، فإن واحداً من الأشياء العظيمة التي تعلمناها أن ناشري الفيديو ومنتجيه يمكنهم بناء جمهور مرتبط ومتوقع لعروضهم على هذه الخدمة». وبحسب قولها فإن «(فيس بوك) سيحتاج إلى إنفاق المزيد من الأموال على الاحتفاليات عالية المستوى، والإنتاج الاحترافي، إذا كان يأمل في الحصول على العروض ذائعة الصيت، التي تجعل منه مقصداً للفيديوهات القائمة على سيناريوهات مكتوبة».

وفي السياق نفسه، قال باول جرينبرغ، الذي أشرف على إنتاج عرض «باي أو بيل»، الذي يبث عبر خدمة «ووتش»، إن «ما تحقق كان جيداً، ورغم ما حدث من انخفاض في المشاهدة عقب الحلقات الأولى، فلايزال العرض يحقق مشاهدة أكثر من أي عروض أخرى، ونحن سعداء بالاستقبال الذي حظي به عرض (باي أو بيل)، على (فيس بوك)، حيث كانت نسب المشاهدة عالية مقارنة مع التلفزيون العادي».

اختبار

من جهته، قال المحلل الإعلامي في مؤسسة «بي تي آي جي» للأبحاث، ريتش جرينفيلد، إن «(فيس بوك) لايزال يختبر المزيج أو الخلطة الصحيحة من العروض التي يتم وضعها على خدمة (ووتش) قبل أن يقرر الدخول إلى السوق بقوة، مثلما فعل مع خدمة البث الحي للفيديو العام الماضي». وأضاف جرينفيلد أن «خدمة (ووتش) تم عرضها بصورة بارزة في تطبيق (فيس بوك) على الهاتف المحمول داخل الولايات المتحدة، وعلى الموقع نفسه، لكنه لايزال موجوداً في أميركا فقط، ولم يقم (فيس بوك) سوى بالقليل للترويج للتطبيق في خدمة الأخبار أو أي مكان آخر، وهذا هو الطريق الذي عادة ما يمشي فيه أي شخص قبل أن يقوم بالجري» على حد تعبيره.

تويتر