تعتمد على نظام «التشتت الخلفي طويل المدى».. وترسل المعلومات وتتلقاها لمسافات تصل إلى 2.8 كيلومتر

شبكات لاسلكية تعمل بطاقة فائقة الانخفاض وبكلفة رخيصة

من المقرر أن يبدأ تسويق الشبكات الجديدة خلال 6 أشهر بواسطة شركة «جييفا للاتصالات اللاسلكية» التي أسسها فريق البحث. من المصدر

كشف فريق من الباحثين في جامعة واشنطن، إمكانية تشغيل أجهزة ووحدات الاستقبال والإرسال في شبكات المعلومات اللاسلكية بقدر يقترب من «صفر طاقة»، أو بمستوى يقاس بـ«المايكرو وات» كهرباء، حيث يُعد أقل من أدنى مستوى قائم حالياً بـ1000 مرة، وهو إنجاز غير مسبوق، يفتح المجال نحو بناء شبكات لاسلكية تحتوي على آلاف من أجهزة الاستشعار الدقيقة «المستشعرات»، وتنشر الذكاء في الأرجاء بكلفة رخيصة.

ووفقاً للورقة البحثية التي ناقشها الفريق أمام مؤتمر «يوبي كومب» للتقنية، الذي عقد في الولايات المتحدة، أخيراً، ونشرت بعض تفاصيلها على موقع المؤتمر ubicomp.org/‏‏‏ubicomp2017، فإن الفريق استطاع بناء نظام جديد أطلق عليه «نظام التشتت الخلفي طويل المدى»، الذي يستخدم إشارات الراديو المنعكسة في نقل البيانات لاسلكياً عند مستويات الطاقة فائقة الانخفاض بكلفة زهيدة جداً، لمسافات تصل إلى 2.8 كيلومتر، ما يكسر حاجز طول المسافة ويحتمل معه التمكن من ايجاد مجموعات واسعة من الأجهزة المترابطة التي تعمل معها في شبكة اتصالات لاسلكية واحدة.

تواصل الأدوات

استخدامات عملية

أفاد الفريق البحثي الذي كشف عن شبكات المعلومات اللاسلكية العاملة بنظام «التشتت الخلفي طويل المدى»، بأنه من الممكن أن تعمل هذه النوعية من الشبكات في مجالات عدة، مبيناً أنه في مجال الزراعة، تساعد هذه الشبكات في مراقبة درجة حرارة التربة أو الرطوبة. وأضاف أنه من الأشياء المحتملة الأخرى هناك تطبيقات تراوح من الأشياء ذات الاستخدام اليومي، إلى مصفوفات المستشعرات التي يمكنها مراقبة التلوث وحركة المرور في المدن الذكية، إلى الأجهزة الطبية التي تستطيع أن تنقل لاسلكياً معلومات حول حالة المرضى على مدار الساعة.


• تطور غير مسبوق في الاتصالات اللاسلكية حققه باحثون في جامعة واشنطن.

• النظام الجديد يستهلك قدراً من الطاقة أقل 1000 مرة من التقنيات الحالية.

وأوضح الفريق البحثي، أن الكثير من المكونات والأجهزة والأدوات الإلكترونية الذكية الحالية، مثل الإلكترونيات المرنة المستخدمة في رقع الركبة التي تلتقط مجموعة من الحركات لدى مرضى التهاب المفاصل، والوسائد الصغيرة التي تستخدم العرق للكشف عن الإجهاد لدى الجنود أو الرياضيين وغيرها من أجهزة الاستشعار الدقيقة، لا تسطيع فعلياً التواصل مع غيرها من الأدوات الأخرى إلا على بعد أمتار قليلة، وهذا يحد من الاستخدام العملي في التطبيقات التي تراوح من الملاحظة الطبية والاستشعار المنزلي الى المدن الذكية والزراعة الدقيقة في مساحات واسعة من الأراضي. وأضاف الفريق، أنه حتى الآن فإن الأدوات التي تستطيع التواصل عبر المسافات الطويلة تستهلك قدراً كبيراً من الطاقة، وتحتاج بطاريات كبيرة الحجم لا تتناسب مع حجم أجهزة الاستشعار، لذلك فإن النظم المستخدمة حالياً في بناء شبكات الاتصالات اللاسلكية من هذا النوع تتنازل عن ميزة مقابل الأخرى، وتستهلك بضعة «مايكرو وات» من الطاقة، لكن في مدى قصير للغاية لا يتعدى أمتاراً عدة.

وبين فريق البحث أنه لذلك تركزت أعماله في محاولة التوصل إلى نظام اتصالات يعمل على مسافات طويلة، ويستخدم مستوى فائق الانخفاض من الطاقة، بحيث يلغي حاجة هذه المكونات إلى البطاريات ذات الحجم الكبير، ويعمل ببطاريات مطبوعة دقيقة الحجم، أو يمكنه الحصول على الطاقة من المصادر الطبيعية المحيطة به.

النظام الجديد

وقال رئيس الفريق البحثي والأستاذ المساعد في كلية الهندسة وعلوم الحاسب في جامعة واشنطن، الدكتور شايام جولاكوتا، إن «الفريق أثبت إمكانية تحقيق هذه الأمور معاً دون الاستغناء عن أحدها، الأمر الذي سيكون رائعاً في تغيير العديد مما هو قائم في مختلف الصناعات والتطبيقات». وأوضح جولاكوتا، أن «النظام الجديد يضم ثلاثة مكونات، الأول هو المصدر الذي يبث إشارات الراديو، والثاني هو المستشعرات التي تكود المعلومات في انعكاسات من هذه الإشارة، فيما المكون الثالث هو مستقبلات رخيصة متاحة على أرفف المحال تفك تكويد الإشارة واستخلاص المعلومات»، مضيفاً أنه «حينما يتم وضع المستشعر بين المصدر والمستقبل، يستطيع النظام نقل البيانات لمسافات تصل الى 475 متراً، وعندما يتم وضع المستشعر قريباً من مصدر الإشارة يستطيع المستقبل فك تكويد البيانات القادمة من مسافة تصل الى 2.8 كيلومتر». وذكر أن «الميزة من وراء استخدام خاصية الانعكاسات أو التشتت الخلفي لإشارات الراديو، في نقل المعلومات، هي أن المستشعر يستطيع العمل بكميات فائقة الانخفاض من الطاقة، يمكن توفيرها من خلال بطاريات مطبوعة مرنة ورخيصة ونحيفة للغاية، أو يمكن الحصول عليها من المصادر المحيطة، ما يلغي الحاجة الى البطاريات كبيرة الحجم».

مشكلات

وبالنسبة لمساوئ هذا الأمر، أفاد جولاكوتا، بأنه «يكون من الصعب على المستقبل تمييز هذه الانعكاسات فائقة الضعف من بين الإشارات الأصلية أو غيرها من مصادر الضوضاء المنتشرة حوله»، واصفاً هذه المشكلة بأنها «مثل محاولة استراق السمع لمحادثة تحدث على الجانب الآخر من جدار سميك، إذ عليك أن تستمع الى بعض من الأصوات الخافتة لكنك لا تستطيع تكوين كلمة مما يُقال». وبين جولاكوتا أنه لحل هذه المشكلة قام الفريق بإنتاج نمط جديد من النمذجة الرياضية يُدعى «تغريد الطيف المنتشر» ووضعه داخل التصميم الخاص بنظام «التشتت الخلفي طويل المدى»، إذ إن انتشار الإشارات المنعكسة عبر ترددات متعددة سمح للفريق بتحقيق المزيد من الحساسيات وفك تشفير إشارات التشتت الخلفي عبر مسافات أطول حتى لو كانت منتشرة وسط الضوضاء، أو كانت المحادثة نفسها يصعب الاستماع إليها.

طاقة أقل

وأشار جولاكوتا إلى أن «النظام الجديد يستهلك قدراً من الطاقة أقل 1000 مرة من التقنيات القائمة حالياً القادرة على نقل البيانات عبر مسافات مشابهة»، موضحاً أنه «خلال الاختبارات قام الفريق ببناء نموذج أولي من عدسات ملتصقة ورقع إلكترونية مرنة للبشرة يمكن لصقها على الجلد البشري، التي استطاعت بنجاح استخدام نظام (التشتت الخلفي بعيد المدى) في نقل المعلومات لمسافة وصلت إلى 3300 قدم، وهذا مدى أكبر كثيراً مما تحقق في تصميمات العدسات اللاصقة الذكية السابقة». واعتبر باحثون أن هذا يُعد إنجازاً علمياً مهماً وضرورياً باتجاه ما وصفوه بالـ«التوصيلية المدمجة» بين المليارات من الأشياء المستخدمة على مدار اليوم.وذكر جولاكوتا أنه من المقرر أن يبدأ التسويق التجاري لشبكات المعلومات اللاسلكية العاملة بنظام «التشتت الخلفي طويل المدى» خلال ستة أشهر، بواسطة شركة «جييفا للاتصالات اللاسلكية»، التي أسسها فريق البحث، لافتاً إلى أنه سيتم بناء مثل هذه الشبكات من مستشعرات رخيصة، تراوح كلفة الواحد منها عند الشراء بين 10 و20 سنتاً.

تويتر