انتشر في مجالات التعليم والصناعة والصحة وبحوث التسويق

«موكسو».. سوار معصم ذكي يرصد عواطف «اللاوعي» لدى الإنسان

«الجهاز» أشبه بالساعة الذكية وعند وضعه حول رسغ اليد يرصد تغيرات كهربية دقيقة جداً في جلد الإنسان تعكس طبيعة النشاط في الجهاز العصبي. من المصدر

انتشر جهاز «موكسو» الخاص بقراءة وتحليل وكتابة العواطف، الذي ظهر من قلب صناعة تقنية المعلومات، بسرعة كبيرة في مجالات التعليم والصحة والصناعة والرياضة وتجارة التجزئة. و«الجهاز» عبارة عن «سوار معصم» أشبه بساعة ذكية، وعند وضعه حول رسغ اليد، يرصد التغيرات الكهربية الدقيقة جداً في جلد الإنسان، التي تعكس طبيعة النشاط في الجهاز العصبي.

استجابات المستهلك

قال رئيس الفريق البحثي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «إم باث»، الدكتور إليوت هيدمان: «إن (الجهاز) يحاول الحصول على صورة دقيقة لاستجابات المستهلك أو المستخدم، تجاه عوامل إثارة أو تحفيز معينة، من خلال مدخل جديد في بحوث التسويق هو (كتابة عواطف اللاوعي)، وهو أسلوب يتم فيه المزج بين أجهزة استشعار وتحسس الإجهاد والتغير الفسيولوجي الكهربي في الجلد من جهة، والبيانات المجمعة من نظارات تتبع حركة العين، أو الكاميرات المعروفة باسم (جو برو) من جهة أخرى، لتحديد أين كان ينظر الشخص في لحظة بعينها، وكيف كان نوع ومستوى عواطفه».

• مؤسسات طبية استخدمت الجهاز في تشخيص وعلاج «الصرع» و«التوحد».

يحول الجهاز هذه التغيرات إلى بيانات، ثم يرسلها لاسلكياً إلى جهاز تحكم وتحليل لعرضها في صورة رسوم بيانية على شاشة، توضح طبيعة ما يدور من عواطف في «اللاوعي» لدى الانسان في هذه اللحظة، تجاه أشياء يراها، أو خبرات وتجارب يقوم بها، سواء بالإعجاب أو الملل أو الضيق والخوف أو اللامبالاة أو التركيز أو صرف الانتباه، وغيرها.

سوار ذكي

طرحت الجهاز شركة ناشئة صغيرة تدعى «إم باث»، ومقرها مدينة دنفر بولاية كولورادو الأميركية، وهي شركة منبثقة عن مشروع بحثي، تم تنفيذه في مختبر الوسائط بمعهد ماساشوستس للتقنية «إم آي تي»، بواسطة فريق من الباحثين بالمعهد برئاسة الدكتور إليوت هيدمان، الذي أصبح المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، ومشاركة الدكتورة روزاليند بيكارد، وآخرين.

ويعمل الجهاز بتقنية أساسية، أطلق عليها الفريق البحثي «كتابة عواطف اللاوعي». وعند العمل، يتعقب الجهاز ما يعرف بـ«موصلية الجلد»، أو التغيرات الكهربية الدقيقة للغاية في جلد الإنسان، التي تعبر عن أنشطة جهازه العصبي العاطفي.

مدخل جديد

وقال الدكتور إليوت هيدمان إن «الشركات والمؤسسات تعمل طوال الوقت، من أجل فهم توجهات مستهلكيها ومتعامليها، واحتياجاتهم ورغباتهم العاطفية، وهذه هي النقطة التي يقدم فيها (موكسو) يد المساعدة».

وتابع: «هذه العملية برمتها تؤدي إلى تكوين لمحة عاطفية أكثر عمقاً حول المستهلكين، مقارنة بما تفعله أبحاث التسويق التقليدية، التي تعتمد بالأساس على المقابلات وتحليلات الفيديو في بعض الأحيان».

وكان هذا هو الغرض الأساسي وراء تطوير سوار «موكسو» الذكي، وتقنية «كتابة العواطف»، لكن على المستوى العملي وجدت الشركة جهات كثيرة تطلب تطبيقها إلى جانب شركات بحوث التسويق. وبالفعل، قامت شركات طبية وعلاجية باستخدام الجهاز في التعامل مع مرضى الصرع والتوحد. كما قامت شركة إنتاج موسيقي تدعى «سيمفونية العالم الجديد» باستخدامه، وطلبت شركة إنتاج سينمائي دراسة أخرى، تم فيها تحليل أفلام عدة منها فيلم «الراحل»، وكشفت عن أن بعض التقنيات والمفاهيم، مثل «الكوميديا السوداء»، يمكن أن توضع بالأفلام، للحفاظ على انتباه واندماج المشاهدين والجمهور مع الفيلم أطول مدة ممكنة.

متاجر التجزئة

وفي دراسة على المستهلكين والمتعاملين بمتاجر الأجهزة الالكترونية، وجدت «إم باث» أن الاندماج والمشاركة والانتباه للمنتجات يرتفع لدى الزبائن وهم يجرّبون الالكترونيات التفاعلية، وينخفض بصورة حادة جداً حينما يأتي موظف ليقدم ما يعرف بأنه «رمية البيع». وأدت هذه النتائج إلى قيام متجر التجزئة، الذي أجريت الدراسة لحسابه، بتغيير طرق تدريب الموظفين، وأساليب تعاملهم مع الزبائن وتوقيتات تدخلهم في الأمر، وبدأ المتجر يركز أكثر على العروض البيعية التي تشجع التفاعل والمشاركة الأعمق مع الزبائن.

تحفيز القراءة

وفي تجربة بأحد نوادي الأولاد والبنات الصغار، أثبتت التجربة أن الفتيات الصغيرات مستغرقات في قراءة الكتب، لكن نظارات تعقب العين كشفت أن الأمر ليس كذلك، وأن تركيز الفتيات ينصرف الى الملصقات الموجودة على الحائط. وفي لحظات النظر للملصقات يعلو معدل العواطف الإيجابية الدالة على الارتياح والاندماج، بأكثر مما يحدث عند مطالعة الكتاب ذي الفقرات الطويلة، وبناء على هذه النتائج تم تطوير بعض الطرق التي تجعل نصوص الكتاب تبدو قصيرة كالملصق، وتكون شيئاً سهل القراءة.

ويمكن القول إن «موكسو» انتشر من مجال التسويق إلى التعليم إلى الصناعة، وسط توقعات بأن يصبح نقطة انطلاق كبرى لمجال جديد يتمحور حول قراءة العواطف الانسانية رقمياً والتعبير عنها رسومياً.

تويتر