بعد استحواذها على سلسلة محال لبيع الأطعمة مقابل 13.7 مليار دولار

«أمازون» تطلق المتاجر ذاتية القيادة في 460 فرعاً لـ «هول فوود»

التسوق في متاجر «أمازون» ذاتية القيادة يتم عبر خطوات بسيطة وسريعة بلا طوابير وخزائن دفع. من المصدر

أثارت صفقة استحواذ شركة «أمازون» للتجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية على سلسلة متاجر «هول فوود» لبيع الأطعمة الطازجة عالية الجودة المصنوعة من الأغذية الحيوية، مقابل 13.7 مليار دولار، تساؤلات كثيرة فور الإعلان عن الصفقة أخيراً. لكن الإجابة عن تلك التساؤلات جاءت سريعاً ضمن البيان والوثيقة التوضيحية التي نشرتها «أمازون» حول الصفقة، والتي يمكن تلخيصها في أن «أمازون» ستستخدم فروع «هول فوود» الـ460 التي استحوذت عليها في نقل تجارة التجزئة إلى مشهد جديد ومغاير تماماً لما ألفه المتسوقون، وهو مشهد يتمثل في مفهوم «المتاجر ذاتية القيادة»، الخالية تماماً من الطوابير وخزائن دفع النقود والحساب، لتتم عملية التسوق في المتاجر عبر ثلاث خطوات بسيطة وسريعة للغاية هي: «ادخل، تسوق، اخرج». وهذه البساطة والسرعة تترجم عملياً في عدد أكبر من الزبائن، وحالة أعلى من الرضا والراحة في الشراء، ومن ثم اجتياح سوق تجارة التجزئة بمفاهيم جديدة، توسع فرص العمل، وترفع العائدات والأرباح.

• المتاجر ذاتية القيادة تعمل بـ «الرؤية بالحاسب» عبر كاميرات عالية الدقة وأجهزة استشعار.

• المتاجر الجديدة يدخلها من لديه حساب في «أمازون» وتطبيق «أمازون جو» على هاتفه.

2000

متجر ذاتي القيادة تخطط «أمازون» لإنشائها خلال 10 أعوام.

تجارة التجزئة

ووفقاً للتفاصيل التي نشرتها شركة «أمازون» على موقعها حول الصفقة، فإن الشركة تعمل منذ سنوات عدة على خطة تقتحم بها تجارة التجزئة في الواقع الحقيقي، بعد النجاح الذي حققته بالواقع الافتراضي والتجارة الإلكترونية، ورأت أن ذلك لن يتم إلا من خلال إحداث ثورة في مفاهيم العمل داخل متاجر التجزئة بالواقع الفعلي، وهذه الثورة بدورها لن تتم إلا من خلال نقل وتطبيق وتفعيل أحدث التقنيات والإبداعات في عالم التقنية إلى متاجر التجزئة.

الرؤية بالحاسب

وتبلورت خطة «أمازون» في النهاية بنقل المفهوم المطبق في مجال السيارات ذاتية القيادة، إلى متاجر التجزئة لتصبح هي الأخرى ذاتية التشغيل، فمثلما تقود السيارة نفسها اعتماداً على نظام للرؤية بالحاسب، يتكون من كاميرات عالية الدقة وأجهزة استشعار مبثوثة في كل أرجاء السيارة، فضلاً عن حاسب قوي لمعالجة وتطبيقات وأدوات معتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة والتحليل اللحظي للبيانات الضخمة، وضعت «أمازون» تصوراً يجعل متجر التجزئة الذي يعمل في مجال البقالة يقود نفسه ذاتياً، من خلال النظم نفسها المطبقة بالسيارات ذاتية القيادة، مع تعديلها بالطبع لتناسب الأنشطة الجارية بالمتجر، بما في ذلك ربط بنيتها التحتية على الإنترنت، والتواصل عبر الهاتف المحمول، وخلافه. وجسدت «أمازون» هذا المفهوم في نموذج أولي أطلقت عليه «أمازون جو»، والذي افتتحته للتجربة لموظفيها فقط في ديسمبر الماضي، وبعد ذلك كشفت وثيقة داخلية للشركة عن أنها تخطط لإنشاء 2000 متجر ذاتي القيادة والتشغيل من هذا النوع خلال السنوات الـ10 المقبلة. وأخيراً، جاء الإعلان عن صفقة شرائها سلسلة متاجر «هول فوود» الغذائية، في ما يمكن وصفه بأنه أول خطوة للتنفيذ الفعلي لخطة إنشاء 2000 متجر، بتطبيق مفهوم المتاجر ذاتية القيادة على 460 فرعاً تابعاً لسلسلة «هول فوود».

بيئة تقنية معقدة

وأوضحت «أمازون»أن المتجر ذاتي القيادة يعد بيئة تقنية معقدة تماماً كما هي الحال في السيارة ذاتية القيادة، إذ إنه يرى الزبائن آلياً، ويقوم بتحليل الحركات وتتبع عمليات التقاط المنتجات، وإضافة البنود والمنتجات إلى قائمة الشراء، فضلاً عن استخلاص المعلومات الخاصة بكل بند من الأكواد المثبتة عليها، أو حتى من خلال رؤية البند نفسه ومعرفة قيمته، ثم بناء قائمة الشراء وتعديلها ديناميكياً وتلقائياً طوال فترةالتسوق، ومن ثم تجميع بنودها في النهاية، والقيام بعملية الدفع الإلكتروني في دورتها الكاملة. وأضافت الشركة أن المتجر في الحقيقة مسرح يعج بالكاميرات والمستشعرات والأجهزة التي تحسب وتراقب وتسجل كل حركة يد أو خطوة رجل بداخله، وتربط بينها وبين ما يتم أخذه من منتجات عليها أكواد تحتوي تفاصيلها الكاملة، وتضمن تماماً أن كل بند أو منتج تمتد إليه اليد تتم إضافته إلى بطاقة رقمية خاصة بالمتسوق نفسه، وليس شخصاً آخر يقف بجانبه، حتى لو امتدت أيادٍ عدة إلى الرف نفسه في اللحظة ذاتها لتلتقط وحدات من المنتج نفسه أو تعيدها ثانية أو تأخذها مرة ثالثة.

آلية العمل

وذكرت «أمازون» أن آلية العمل بالمتجر تبدأ بأن ينشئ المتسوق حساباً لنفسه على موقع الشركة، ثم يحمل تطبيق «أمازون جو» المجاني على هاتفه الذكي، وعندها يستطيع الدخول إلى المتجر، مشيرة إلى أن من ليس له حساب على «أمازون» أو لم يحمل أو يشغل «أمازون جو» على هاتفه فلن يستطيع الدخول.

وبينت أنه عند الدخول يقوم المتسوق بتعريض هاتفه للمسح على شاشة صغيرة على باب دوار، وبعد عملية المصادقة يتم فتح الباب، ليدخل المتسوق إلى المتجر، وتبدأ بطاقة رقمية على التطبيق في العمل من تلقاء نفسها، دون أي خطوات من جانب المتسوق، ويحدث التكامل بين التطبيق ونظام القيادة الذاتية بالمتجر، لافتة إلى أنه من لحظة مسح الهاتف عبر الباب الدوار يقوم نظام الرؤية بالحاسب وأجهزة الاستشعار بمتابعة الشخص بصورة لحظية حية، والربط بين ما يقوم بأخذهمن الأرفف والهوية الرقمية التي تعرف إليها من خلال مسح الهاتف، ويظل هذا الأمر يجري بلا انقطاع حتى لحظة خروج المتسوق من المتجر، ليعرف النظام كل شيء يقوم به المتسوق، حتى لو قام باختيار صنف وإعادته إلى الرف.

وقالت الشركة إنه بعد الانتهاء من التسوق، يخرج الشخص بكل بساطة من الباب آخذاً معه ما اختاره، دون المرور على طابور أو خزينة دفع، ليصله وهو على باب المتجر إيصال دفع يوضحله ما تم خصمه من حسابه البنكي، مقابل ما اشتراه من المتجر.

قيمة مضافة

ووفقاً لهذا المفهوم، يمثل استحواذ «أمازون» على متاجر «هول فوود» قيمة مضافة للجانبين، فبالنسبة لـ«أمازون» تتيح الصفقة 460 متجراً لها علامة تجارية مميزة وسمعة واسعة، تطبق فيها مفاهيمها حول متاجر البيع بالتجزئة المعتمدة كلية على التقنية، وعلى البنية التحتية التقنية العملاقة لـ«أمازون» في مجال البيع والمدفوعات الإلكترونية، بدلاً من الانخراط في عمليات بناء وتجهيز فروع جديدة من الصفر. أما بالنسبة لـ«هول فوود»،فإن الصفقة تمثل فرصة جيدة لتعظيم القيمة المضافة لأسواقها ولحملة أسهمها، وفي الوقت نفسه توسيع مهمتها، وتوفير أعلى مستويات الجودة وخبرة التسوق والراحة والمتعة للزبائن، علاوة على أن الإبداع التقني في أعلى مستوياته، والذي يتوقع أن يتجسد في النهاية بخفض أسعار وجبات وسلع «هول فوود»، وتميزها أمام المنافسين الآخرين في قطاع الأغذية الصحية.

تويتر