يمكن تشغيلها اعتباراً من مطلع 2018 في جميع أنواع الحاسبات والهواتف المحمولة

«غوغل» توفر أداة جديدة لمنع «الإعلانات المزعجة» على «كروم»

من المتوقع أن يتم تشغيل أداة منع الإعلانات الجديدة كوضع افتراضي تلقائي في إصدارات «كروم». من المصدر

منذ ظهورها، في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، وبدء انتشارها تجارياً على نطاق واسع مع مطلع الألفية، ظلت قضية «إعلانات الـ(ويب)» محوراً أساسياً لصراع «المال والأخلاق» عبر الشبكة. وباعتبارها أكبر لاعب في سوق الإعلانات على الـ«ويب»، غضت شركة «غوغل» الطرف دوماً عن هذه القضية، ولم تُقدم على خطوات مؤثرة من شأنها الانتصار للأخلاق على حساب المال، لكن السلوك المتنامي من قبل المستخدمين نحو تجنب إعلانات الـ«ويب» بسبب إسرافها في الإزعاج وتجاهل الأخلاق، جعل «غوغل» تغير موقفها وتقترب من جانب الأخلاق على حساب المال، وتنضم لتحالف «الإعلانات الأفضل»، معلنة للمرة الأولى عن أداة جديدة سيتم بدء تشغيلها مطلع العام المقبل، لمنع ظهور أي إعلانات مزعجة أو مسيئة أو إباحية أو لا تتوافق مع معايير «الإعلانات الأفضل» على متصفحها «كروم»، في الحاسبات المكتبية والمحمولة واللوحية، فضلاً عن الهواتف المحمولة.

• «غوغل» انضمت رسمياً إلى مجموعة تحمل اسم «التحالف من أجل إعلانات أفضل»

• «الشركة» ستعطي ناشري الإعلانات فترة 6 أشهر على الأقل لتوفيق أوضاعهم


أدوات للناشرين

ذكرت شركة «غوغل» أنها ستوفر أداة للخدمة الذاتية تدعى «تقارير خبرة استخدام الإعلانات»، وذلك لمساعدة الناشرين، بحيث تنبههم الأداة إلى الإعلانات المخالفة على مواقعهم، وتشرح كيف يمكن حلّ هذه المشكلات، مشيرة إلى أنه سيتم توفير هذه الأداة قبل التشغيل الفعلي لأداة منع الإعلانات.

كما قدمت «غوغل» للناشرين أداة أخرى، تحت اسم «خيارات التمويل»، لمكافحة تأثيرات أدوات منع الإعلانات التي تقدمها الشركات الأخرى.

وأعلنت «غوغل» عن هذا التوجه الجديد عبر تدوينه طويلة كتبها نائب رئيس «غوغل» للإعلانات والتجارة، شريدهار راماسوامي، ونشرت على المدونة الرسمية للشركة blog.google/‏‏‏topics/‏‏‏journalism-news، وتحدث فيها عن «استراتيجية الشركة الجديدة للتعامل مع الإعلانات جزءاً من جهود لبناء (ويب) أفضل للجميع».

معايير وإرشادات

وكشف راماسوامي في هذه التدوينة أن «غوغل» انضمت رسمياً إلى مجموعة صناعية تحمل اسم «التحالف من أجل إعلانات أفضل»، وهي مجموعة تضم أيضاً شركات «فيس بوك» و«نيوز كورب» و«يونيليفر»، وتستهدف وضع معايير وإرشادات واضحة وعامة ومبنية على البيانات حول كيف يمكن للصناعة أن تحسّن الإعلانات من أجل المستهلكين.

وقال في تدوينته إنه بـ«الحوار مع التحالف وغيره من المجموعات الصناعية العاملة في هذا المضمار، تخطط (غوغل) لجعل متصفح (كروم) يتوقف عن عرض الإعلانات المنشورة في المواقع التي لا تتوافق مع معايير تحالف (الإعلانات الأفضل) وذلك بدءاً من مطلع عام 2018»، مشيراً إلى أن «ذلك سيسري على جميع الإعلانات، بما فيها الإعلانات المملوكة أو المقدمة من خلال (غوغل) نفسها».

وأضاف أنه «من المتوقع أن يتم تشغيل الخاصية الجديدة وضعاً افتراضياً تلقائياً في إصدارات (كروم) المخصصة للحاسبات المكتبية والمحمولة»، موضحاً أن «(غوغل) تقدم هذه الخاصية باعتبارها مرشحاً (فلتر) إضافياً، أكثر منها أداة إغلاق ومنع، وهو وضع يشبه أداة منع النوافذ المنبثقة الموجودة فعلياً داخل المتصفح، فحينما يحتاج المستخدمون إلى اختيار هذه الميزة بوضوح فإن مانع الإعلانات سيتم تشغيله وضعاً افتراضياً لكل المستخدمين».

معرفة كبيرة

وتابع راماسوامي أن «هذا الموقف من جانب (غوغل) ليس وليد اليوم، لكنه انطلق من معرفة كبيرة، ففي سبيل الحصول على عائدات مجزية، اجتاحت إعلانات الإنترنت المستخدمين من دون ضوابط»، مبيناً أنه «على صعيد طرق العرض، ظهرت بكثافة شديدة أولاً، ثم بطرق مزعجة تحجب المحتوى ثانياً، ثم بأشكال تفاعلية تبطئ سرعة التصفح ثالثاً، وغير ذلك، ما شكّل خرقاً واضحاً لحق المستخدم في تصفح هادئ سريع بلا مقاطعة أو إزعاج».

وأضاف أنه «على صعيد الأخلاق، لم يكن هناك ضابط أو مانع يحول دون عرض محتوى شديد الإباحية داخل الإعلانات، لجذب المزيد من المشاهدين».

وذكر راماسوامي أنه «خلال العقدين الماضيين، لم تتوقف (غوغل) أمام هذه الممارسات وتتخذ ضدها إجراء ما، بل سايرتها ودعمتها باعتبارها أكبر مستفيد من حركة الإعلانات عبر الـ(ويب) على الإطلاق»، مشيراً إلى أن «الشركة تحقق 88% من عائداتها من الإعلانات، وحالياً هذه النسبة تعادل أكثر من 90 مليار دولار سنوياً، تجعل (غوغل) واحدة من أغنى الشركات العالمية».

وأضاف أنه «من ناحية أخرى يهمين متصفح غوغل كروم على سوق المتصفحات بحصة سوقية تقترب من 60%، في كل من الهواتف المحمولة والحاسبات المكتبية، وذلك طبقاً لإحصاءات شركة (نيت ماركت شير) المتخصصة في إحصاءات الإنترنت».

خضوع للمستخدمين

ومن خلال المراجعة التي أجرتها «الإمارات اليوم» لتقارير تقنية حول تداعيات هذه القضية، خلال الأيام الماضية، يمكن القول إن موقف «غوغل» لم يكن انتصاراً محضاً للأخلاق على حساب المال، بل خضوع واضح للتغير الملموس في سلوك المستخدمين على الإنترنت، الذي تضمن توجهات تنذر «غوغل» بالخطر، أهمها أمران، الأول أن المستخدمين باتوا يتجنبون كل إعلانات الإنترنت، ولا يلتفتون إليها بسبب ما تحدثه لهم من إزعاج أثناء التصفح، كحجب للمحتوى أو إبطاء للسرعة، فيما تشير بعض الإحصاءات إلى أن 26% من مستخدمي الإنترنت داخل الولايات المتحدة باتوا يتجنبون إعلانات الـ«ويب» بشكل كلي. أما الأمر الثاني فيتمثل في التصاعد والنمو السريع في أدوات وبرمجيات منع ظهور الإعلانات التي تنتجها شركات أخرى غير «غوغل»، وتوسُّع المستخدمين في الاعتماد عليها، سواء في الحاسبات المكتبية أو المحمولة أو الهواتف.

وتكمن خطورة الأمر الأول في أنه يفقد الإعلانات قيمتها من الأساس، لأن أحداً لن يطلع عليها، ومن ثم لا تستطيع «غوغل» أو غيرها محاسبة الناشرين، في حين أن الأمر الثاني يفقد «غوغل» ميزة السيطرة على أدوات نشر أو حجب الإعلانات على الـ«ويب»، ويجعل هذه السوق خارج هيمنتها. وهذا ما أجبر «غوغل» أن تعلن انضمامها لتحالف «الإعلانات الأفضل»، وإنتاجها لأداة إيقاف ظهور الإعلانات المخالفة لمعايير «الإعلانات الأفضل».

وكان تحالف «الإعلانات الأفضل» أعلن، في مارس الماضي، القائمة الأولى لمعايير قبول أو رفض إظهار الإعلانات الموجودة على المواقع المختلفة أمام مستخدم الـ«ويب»، التي تضمنت خلو الموقع من الإعلانات التي تتضمن محتوى إباحياً مسيئاً للأخلاق، فضلاً عن الإعلانات التي تظهر عبر نوافذ منبثقة تحجب المحتوى عن المستخدم وتسبب الإزعاج، إضافة إلى الفيديوهات تلقائية التشغيل المصحوبة بالصوت، والإعلانات المصممة بطريقة تفاعلية وتسبّب بطئاً في سرعة التصفح.

مهلة

إلى ذلك، أفاد تقرير نشره موقع صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن «غوغل» لم تذكر رسمياً أو تعلن صراحة عن خططها المحددة في هذا السياق، لكنها أحاطت الناشرين والوكالات الإعلانية والمعلنين علماً بالأمر، خلال الأسابيع الأخيرة، متوقعاً أن تتغير خطط «غوغل» أو توقيتات الإطلاق.

وذكر التقرير أن «غوغل» ستعطي ناشري الإعلانات على الأقل ستة أشهر لإعداد أنفسهم لهذا التغيير، حيث نصحتهم بالتأكد من أن مواقعهم متوافقة مع القواعد الجديدة إذا ما كانوا يرغبون في عرض إعلاناتهم من خلال متصفح «كروم».

تويتر