تمنح الجهاز القدرة على أن يكون «مركز بيانات مستقل» دون الحاجة للرجوع إلى مراكز بيانات «خلفية» عبر الإنترنت

برمجيات تجعل الهاتف يؤدي وظائف تتعلق بالذكاء الاصطـناعي

«غوغل» أعدّت نسخة خفيفة من تقنية «تينسور فلو» لتصبح جزءاً من نظام تشغيل «أندرويد». من المصدر

لا يعرف الكثير من مستخدمي الهواتف الذكية، أن الوظائف التي تحتاج إلى قدر من الذكاء الاصطناعي وتقوم بها هواتفهم، لا يجريها الهاتف بنفسه، وإنما يبعث بها إلى مركز بيانات عملاق تابع لشركة أو جهة ما، لتنفذ المهمة وترسل له النتيجة، وذلك كله عبر الانترنت وشبكة الاتصالات. لكن موجة جديدة من البرمجيات بدأت في الظهور حالياً تستهدف منح الهاتف المحمول القدرة على أن يكون «مركز بيانات مستقل»، يقوم بجميع المهام والوظائف الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة بنفسه، من دون الحاجة إلى الاتصال بمراكز بيانات خلفية، ما يعد تطوراً كبيراً ومهماً في مسيرة الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة عموماً، لكونها تنقل إليها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والشبكات العصبية، وتجعلها جزءاً لا يتجزأ منها.

نسخة خفيفة

وتقود كل من شركتي «غوغل» و«فيس بوك» هذا الاتجاه، حيث تدفعان بقوة لتطبيقه على نطاق واسع، وباكورة أعمالهما في هذا المجال هو إخراج اثنتين من التقنيات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية اللتين كانتا من بين الأسرار الرئيسة في الشركتين لفترة طويلة وتستخدمان داخلياً فقط، وإتاحتهما بصورة مفتوحة المصدر أمام ملايين المبرمجين والمطورين في مختلف المجالات عالمياً، ثم إنتاج نسخ خفيفة متخصصة من هذه التقنيات للعمل على الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة الصغيرة الأخرى. وكانت «غوغل» أقدمت على هذه الخطوة، الأسبوع الماضي، خلال مؤتمرها السنوي للمطورين «آي أو»، الذي أعلنت فيه أنها قررت للمرة الأولى إنتاج نسخة خفيفة من تقنية «تينسور فلو» لتعمل على الهواتف الذكية وإتاحتها بصورة مفتوحة أمام المطورين. وأوضحت «غوغل» أن «تينسور فلو»، هي حزمة برمجيات عبارة عن مكتبة أدوات برمجية في مجال تعلم الآلة، تتيح بناء طيف واسع من المهام، مشيرة إلى أنه تم تطويرها لتلبية احتياجات الشركة الخاصة بتكوين نظام يستطيع البناء والتدريب على نظام للشبكات العصبية للكشف عن الأنماط والارتباطات بين الأشياء وفكها، بصورة مماثلة للتعلم والمنطق الذي يستخدمه البشر.

جزء من «أندرويد»

من جهته، تولى نائب رئيس «غوغل» لهندسة نظام «أندرويد»، ديف بيروك، شرح وتوضيح هذه الخطوة، عبر المدونة الرسمية للشركة، مبيناً أن «(غوغل) أعدت نسخة (خفيفة) من تقنية (تينسور فلو)، لكي تصبح جزءاً لا يتجزأ من نظام تشغيل (أندرويد)، الأمر الذي يجعل (أندرويد) قادراً على القيام بوظائف تتعلق بالذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة بنفسه من دون الحاجة لمساعدة أو الرجوع الى مركز بيانات في الخلفية، كما يجعل الهاتف الذكي قادراً على تشغيل (الشبكات العصبية) المتقدمة، التي تساعده على التعلم والتدريب المستمر، وتحليل كميات هائلة من البيانات طوال الوقت».

وأضاف بيروك أن «هذه القدرات الجديدة ستساعد على تقوية الجيل المقبل من أدوات معالجة الكلام والحديث داخل الهواتف الذكية، لتجعلها تقوم بالبحث المرئي أو البصري، والواقع المعزز، وغيرها».

نسخ ولصق

وذكر بيروك أنه «باستخدام تقنيات تعلّم الآلة ستنسخ الهواتف الذكية المحمولة مثلاً الكلمات والنصوص من تطبيق ما ولصقها في تطبيق آخر، ما يزيل عن كاهل المستخدمين المعاناة المتعلقة بالنسخ واللصق»، مشيراً إلى أن «نظام تشغيل (أندرويد) المزود بهذه التقنية سيتعرف تلقائياً إلى الأسماء والأماكن والعناوين في رسائل البريد الالكتروني، وغيرها من النصوص ويحددها، لذلك يمكن نسخها ولصقها من دون معاناة سحب مثل هذه النصوص من خلال الأسهم كلمة كلمة». وأوضح أنه «عند الضغط مرتين على كلمات مثل: قديم، قهوة، منزل، في بريد إلكتروني، يحدد (أندرويد) هذه الكلمات فقط دون غيرها بلا نقص أو زيادة، وعملية القص واللصق بهذه الطريقة تتم من خلال شبكة عصبية عميقة تعمل على الهاتف، فضلاً عن خدمة ذكاء اصطناعي مدربة للتعرف الى أشياء مثل الأسماء والعناوين».

وأضاف بيروك «إن مثل هذه الأشياء التي تتم بخوارزميات الذكاء الاصطناعي كالتعرف الى الأشياء والوجوه والأهداف داخل الصور، والأوامر الصوتية والكلمات وغيرها، كانت لا تتم داخل الهواتف المحمولة، بل كان يتعين القيام بها بمراكز البيانات على الجانب الآخر من الإنترنت، ما يعني أنه ليس بالإمكان استخدامها من دون وجود اتصال لاسلكي، لكن بعد إدماج النسخة الخفيفة من (تينسور فلو) في (أندرويد)، سيقوم الهاتف بتدريب وتعليم نفسه كيفية القيام بكل هذه الأمور بنفسه تلقائياً، من دون الحاجة إلى اتصال خارجي».

«كافي 2 جو»

وليست «غوغل» الوحيدة في هذا السياق، إذ إن هناك شركة «فيس بوك» التي لديها حزمة برمجيات تستخدم الشبكات العصبية في إضافة مرشحات شبيهة بما تقوم به خدمة «سناب شات» من دون أن تستدعي شيئاً عبر الانترنت، وهي حزمة مشابهة لـ«تينسور فلو»، وكانت تستخدم في الأصل لأغراض داخلية في «فيس بوك»، ثم عرضتها بصورة مفتوحة المصدر، واستخدمتها في طرح جهاز محمول موجّه للعمل مع إطار عمل تعلّم الآلة يطلق عليه «كافي 2 جو»، ويستخدم في التطبيقات المتعلقة بالطاقة داخل المؤسسات.

معالجات ذكاء اصطناعي

وبذلك تدفع كل من «غوغل» و«فيس بوك» باتجاه إنتاج معالجات هواتف ذكية وأجهزة محمولة أخرى مهيأة سلفاً لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والشبكات العصبية العميقة، وفي هذا السياق دعت الشركتان، شركات إنتاج المعالجات الدقيقة للعمل على إنتاج مثل هذه المعالجات، مؤكدتين أنهما ستتعاونان معها لإنجاز هذه المهمة، إذ يوجد بالفعل حالياً أحد معالجات الأجهزة المحمولة مزود بقدرات محددة لتعلم الآلة في مجال معالجة الإشارات رقمياً، وهو معالج «كوالكوم سناب دراغون 835» المصمم بطريقة نظام على شريحة. كما أكدت شركة «إنتل» أنها ستعمل على مثل هذا النوع من معالجات الذكاء الاصطناعي المحمولة.

تويتر