بكلفة 60 دولاراً.. ودون تدخّل أطباء الأسنان

طالب جامعي يوظّف التقنية لصنع قالب لتقويم الأسـنان

صورة

عاش الطالب الجامعي بمعهد «نيوجيرسي للتقنية»، أموس دودلي، سنوات طويلة خجولاً منطوياً، وعانى نوبات اكتئاب وضيق، فهو غير قادر على الضحك والابتسام، لأن أسنان فمه مصابة باعوجاج وتشوهات واضحة.

تجربة شخصية

بدأ الطالب الجامعي بمعهد «نيوجيرسي للتقنية»، أموس دودلي، تدوينته بتنبيه واضح للجميع، بأنه يحكي تجربة شخصية، لا يطلب من أحد تكرارها، وأنه غير مسؤول مطلقاً عن أية نتائج يتعرض لها أي شخص يحاول التقليد، وذلك لأنه، على حد قوله، ليس طبيب أسنان، ولا خبير في إنتاج قوالب تقويم الأسنان، بل كان يحتاج فقط الى علاج مشكلته، واستخدم التقنية لحلّها.

• دودلي حصل على قالب فائق الدقة وقام بتشذيب حوافه بشفرة حلاقة.

• شراء المواد المطلوبة لبناء قالب التقويم من موقع «إي باي» والمزادات على الإنترنت.

ولأنه مفلس تقريباً ولا يملك كلفة جراحات وعلاجات تقويم الأسنان الباهظة، قرر دودلي استخدام التقنية في علاج أسنانه، فقام باستخدام ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد، وبرنامج للتصميم بمساعدة الحاسب، وطابعة رقمية ثلاثية الأبعاد، وبعض المعارف العلمية الموثوق بها في علم تقويم الأسنان لصنع قالب تقويم لأسنانه.

واشترى دودلي بعض المواد الخام المستخدمة في علاجات الأسنان من موقع «إي باي»، وصنع لنفسه قالب تقويم يناسب أسنانه، لتقويمها وإصلاحها. وبعد ما يقرب من العام على تركيب القالب، الذي كلفه 60 دولاراً فقط، نجح دودلي في إصلاح اعوجاج أسنانه، إلى الدرجة التي جعلته قادراً على ان يضحك ويبتسم باطمئنان.

ونشر دودلي قصته مع استخدام التقنية في علاج تشوهات أسنانه، بالتفاصيل والصور على مدونته الخاصة amosdudley.com/‏‏‏weblog، ونقل موقع «بيزنس انسايدر» ملخصاً لها، وحظيت بمليون و22 ألف قراءة خلال يومين فقط، فيما تناقلتها المواقع التقنية الأخرى، لتصبح قصة دودلي الأبرز بين القصص الإخبارية المتعلقة بالتقنية خلال الفترة الماضية.

وتحدّث دودلي عن معاناته النفسية مع مشكلة تشوه أسنانه منذ الصغر، وكيف أن عائلته حاولت علاجه وهو في المرحلة الاعدادية، ووضع له الأطباء المعالجون قالب تقويم لتعديل وضعية الأسنان وتثبيتها في مكانها بصورة سليمة. وكان من المفترض ان يستمر معه لفترة طويلة، لكن القالب جعله يشعر بالضيق، ومن ثم لم يستخدمه على الوجه الأمثل، وبمرور الوقت، أصبح غير قادر على التواصل بصورة طبيعية مع أصدقائه وزملائه.

وعقب التحاقه بمعهد جامعة «نيوجيرسي للتقنية»، وجد دودلي نفسه في اختبار جديد، فهو لا يملك التكاليف الباهظة لإجراء عملية تقويم وإصلاح الأسنان، لكن وجوده في (المعهد)، جعل بإمكانه توظيف التقنية لعلاج مشكلته، فأصبح في متناول يده طابعة رقمية ثلاثية الأبعاد، وعالية الأداء والمواصفات، وبرمجيات للتصميم بمساعدة الحاسب، من بينها حزمة برمجية متخصصة في تصميم قوالب ودعامات تثبيت الأسنان.

كما أصبح لديه أيضاً ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد، يمكنه من التقاط صورة طبق الأصل وعالية الدقة للأسنان العلوية والسفلية من داخل الفم.

وبالفعل قرر دودلي أن يستفيد من هذا الوضع في تقويم وعلاج اعوجاج أسنانه. وبحسب ما كتبه، فقد بدأ أولاً بالبحث عبر «غوغل» عن المراجع الطبية الموثوق بها التي تتحدث تفصيلياً عن إجراءات تقويم الأسنان. ووجد ضالته في اثنين من المراجع الشهيرة من تأليف عالمين شهيرين في مجال طب الأسنان بالجامعات الأميركية، ثم خاض رحلة بحث أخرى سعياً وراء معرفة أهم وأجود الماركات التجارية المسجلة في مجال معدات ومواد تصنيع أطقم وقوالب تعديل وتقويم الأسنان.

وأثناء مطالعته لواحدة من هذه المواد، لاحظ أن بها طبقة خارجية مصنوعة من مواد بلاستيكية لدنة، مستخدمة في التجميل والتقويم، وتبدو كما لو كانت مطبوعة بطابعة رقمية ثلاثية الأبعاد.

وهنا تأكد دودلي أنه على الطريق الصحيح، فاختار شراء بعض المواد المطلوبة لبناء قالب الإصلاح والتقويم من موقع «إي باي» للتجارة الالكترونية والمزادات على الانترنت، واختار مسحوق مادة «الالجنيت بيرماستون».

وفي ضوء ما استطاع فهمه من المعرفة العلمية الخاصة بإجراءات تقويم الأسنان الواردة بالمرجعين الطبيين، وما هو متاح عن اجراءات تصنيع قوالب وأطقم التقويم واعادة الاستقامة للأسنان، بدأ دودلي الخطوة الأولى باستخدام ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد، موجود بمعمل (المعهد) ومتخصص في تصوير لقطات من داخل الفم للأسنان بالفكين العلوي والسفلي، لتكوين صورة ثلاثية الأبعاد ودقيقة التفاصيل لأسنان فمه.

وأدخل دودلي الصورة الناتجة من الماسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، في البرنامج المتخصص في بناء تصميمات قوالب ودعامات تثبيت وإعادة استقامة الأسنان بمساعدة الحاسب الآلي، وهو عبارة عن حزمة برمجية معقدة، تنتجها إحدى الشركات المتخصصة.

وطبقاً للإجراءات الطبية المتبعة في هذا المجال، فإن هذا البرنامج يقوم بتحليل الصورة الملتقطة للأسنان بطريقة ثلاثية الأبعاد، للكشف عن التشوهات الموجودة بالأسنان وتحديدها بدقة، ثم يضع سلسلة من السيناريوهات التي يتعين تنفيذها عملياً، لتناسب إجراءات العلاج المطلوبة لإعادة الأسنان إلى وضعها السليم.

وفي العادة يعد الفنيون المتخصصون سلسلة من نماذج القوالب والاطقم المطلوب استخدامها في عملية التقويم وعلاج اعوجاج الأسنان، ويتم تصميم هذه النماذج مع الأخذ في الاعتبار الوضع المعوج للأسنان، والاتجاه الذي يتعين أن تتحرك فيه لتصبح في الوضع المستقيم المطلوب، وذلك عند الضغط عليها أثناء تناول الطعام والمضغ أو الحركات العادية للشخص.

وبعد مضاهاة ومقارنة هذه الأوضاع، مجتمعة بواسطة حزمة البرمجيات، أمكن الوصول إلى التصميم الذي يتم على أساسه بناء القالب نفسه، ليناسب فم دودلي وأسنانه كاملة بمنتهى الدقة.

وهنا جاء دور الطابعة الرقمية ثلاثية الأبعاد، التي قامت بطباعة هذا التصميم، باستخدام معجون المادة المستخدمة في بناء القالب المناسب للفك والأسنان بالكامل، وبالصورة المطلوب استخدامها لتعمل على علاج الاعوجاج.

ومضي دودلي ينفذ خطوات إنتاج قالب العلاج واستعادة استقامة الأسنان، خطوة تلو الأخرى، فقام باستخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد، في إعداد وحدة الصب أو «الاسطمبة» التي يتم فيها صب المادة البلاستيكية اللدنة، التي ستستخدم كطقم أو قالب يرتديه على أسنانه ليقوم بتقويمها وعلاج اعوجاجها.

وفي هذا السياق، قال دودلي إنه حصل في النهاية على قالب فائق الدقة، لم يتطلب سوى «تنعيم» حوافه بشفرة حلاقة، حتى لا يتسبب في التهاب اللثة عند ارتدائه، أو يشعره بالضيق.

وبدأ دودلي يستخدم قالب التقويم الذي قام بإعداده بنفسه، وشعر معه بالارتياح الذي افتقده عندما استخدم قالب التقويم السابق، وهو بمرحلة الاعدادية، والأهم أن المحاولة انتهت بإصلاح أسنانه، وأصبح قادراً، للمرة الأولى في حياته، على الابتسام والضحك دون خجل.

تويتر