مع إعلان «آي بي إم» تشغيل «16 كيوبتس» تجريبياً عبر منصتها للحوسبة السحابية.. وتقييم «ناسا» لجهاز «دي ويف»

الحاسبات الكمية تتجاوز مرحلة البحوث العلمية إلى «الطرح التجاري»

«آي بي إم» أوضحت أن حاسبها الجديد «قوة 16 كيوبتس» مخصص للتجربة من قبل المؤسسات وأصحاب الأعمال وليس الأفراد. من المصدر

بدأت شركة «آي بي إم» العالمية المتخصصة في مجال تصنيع وتطوير الحواسيب والبرمجيات، أخيراً، تشغيل ثاني حاسباتها الكمية تجريبياً عبر منصتها للحوسبة السحابية، وهو حاسب «قوة 16 كيوبتس» والمخصص للتجربة فقط من قبل المؤسسات وأصحاب الأعمال. جاء ذلك في وقت أعلنت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» أنها تجري مراجعة وتقييماً للحاسب الكمي لشركة «دي ويف» للنظم لمعرفة قدراته ومجالات استخدامه. وعلى خلفية هذين التطورين أصدرت شركة «ديلويت إل إل بي» الاستشارية تقريراً حول أوضاع الحاسبات الكمية عالمياً، أكدت فيه أن هذه النوعية من الحاسبات تجاوزت بالفعل مرحلة «البحوث العلمية الأكاديمية البحتة»، وباتت على وشك الدخول في «القيمة التجارية» المرتبطة بتشغيلها على نطاق واسع في عمليات الإنتاج بالواقع الفعلي. وفيما ذكرت «آي بي إم» أنها تعتزم طرح حاسباتها الكمية على النطاق التجاري في غضون ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة، توقع تقرير «ديلويت إل إل بي» أن تراوح المدة بين 5 و10 سنوات للطرح التجاري، بينما كان هناك شبه اتفاق على أن الحاسبات الكمية وصلت إلى اللحظة التي يتعين معها أخذها بالحسبان عند وضع استراتيجيات الأعمال على المديين المتوسط والبعيد.

• تقرير أكد وصول الحاسبات الكمية إلى وضع مشابه لـ«الويب» بداية التسعينات.

• «آي بي إم» تعتزم طرح حاسباتها الكمية تجارياً في غضون 3 إلى 5 سنوات.

45

ألف جامعة وشركة نفذت 300 ألف تجربة على «5 كيوبتس»

الحاسبات الكمية

تختلف الحاسبات الكمية عن الحاسبات الحالية في أن الحاسبات الحالية تخزن وتتعامل مع البيانات والمعلومات في صورة وحدات تعرف بالـ«بت»، التي تعبر عن الصفر أو الواحد، أما الحاسبات الكمية فيتم تخزين المعلومات في صورة وحدات تعرف بالـ«كيوبت» التي لا تعبر عن الصفر والواحد فقط، بل عن كليهما معا مضافاً إليهما حالة أو حالات تراكبية كمية من كليهما معاً، وهذا يعني أنه عند القيام بعملية معينة، تضطر الحاسبات الحالية إلى البحث في كل الحلول الممكنة واحداً تلو الآخر، أما الحاسبات الكمية فتعمل كما لو كانت تفكر في كل الإجابات الممكنة في التوقيت نفسه، ما يسمح للحاسب الكمي الذي يعمل بمعالج «قوة 5 كيوبتس» للقيام بحسابات لـ32 قيمة إدخال مختلفة في وقت واحد، الأمر الذي يجعلها أسرع آلاف المرات من الحاسبات الحالية، وأكثر تفوقاً منها في العديد من المجالات مثل تعلم الآلة والتشفير وحل مشكلات الأعمال.

وظلت الحاسبات الكمية قائمة كفكرة نظرية وبحثية منذ أربعينات القرن العشرين، لكن في يونيو الماضي، طرحت شركة «آي بي إم» التي تعد أكبر الشركات العاملة في هذا المجال عالمياً، أول حاسب كمي للتشغيل والتجربة من قبل الجمهور العام، وهو حاسب بقدرة «5 كيوبتس»، وجعلت من الممكن العمل عليه وتجربته وتشغيله من خلال منصتها للحوسبة السحابية عبر الإنترنت، حيث شكلت هذه الخطوة قفزة كبرى وعلامة فارقة في مسيرة الحاسبات الكمية، وبعدها بأسبوع فقط، أعلنت شركة «غوغل» أن مشروعها للحاسبات الكمية نتج عنه جهاز بقدرة «9 كيوبتس»، غير أنها لم تطرحه للتشغيل والتجربة العامة مثلما فعلت «آي بي إم».

حاسب جديد

وأفادت «آي بي إم»، بأن 45 ألف جامعة وشركة نفذت ما يزيد على 300 ألف تجربة على الحاسب الكمي «5 كيوبتس» منذ إطلاقه حتى الآن، مشيرة إلى أن هذه التجارب لم تصمم لحل مشكلات إنتاجية، بل لتعلم كيفية العمل على الحاسبات الكمية.

وبعد نحو عام، وتحديداً الأسبوع الماضي، أعلنت «آي بي إم» عن تشغيل الحاسب الكمي الجديد عبر الإنترنت، «قوة 16 كيوبتس»، موضحة أنه مخصص للتجربة من قبل المؤسسات والمنظمات وأصحاب الأعمال بالأساس، وليس الأفراد، مشيرة إلى أنها تعتزم طرح حاسباتها الكمية على النطاق التجاري في غضون ثلاث إلى خمس سنوات.

وطبقاً لتقديرات محللين في مجال التكنولوجيا، فإن هذه الخطوة تعد قفزة جديدة وكبرى من قبل «آي بي إم»، كونها تضاعف قدرة الحاسب الذي تم طرحه للتجربة العام الماضي.

وفعلياً ليست «آي بي إم» وحدها مهتمة وتعمل في هذا المجال، إذ إن هناك جهوداً مماثلة لكل من شركتي «غوغل» و«مايكروسوفت»، فضلاً عن شركات ناشئة مثل شركة «كيوبت واحد»، و«كامبريدج للحوسبة الكمية»، و«دي ويف» للنظم بمدينة برنابي بريتش في كولومبيا، التي تبني الآن أول حاسب كمي تجرى مراجعته داخل وكالة الفضاء الأميركية «ناسا».

وفى هذا الصدد، قال مدير التقنية الاستكشافية في «ناسا»، روباك بيزواس، إنه «مسؤول عن 700 موظف بينهم 10 أو 12 يعملون في الحوسبة الكمية، بما فيها مراجعة واختبار حاسبات (دي ويف) الكمية».

إمكانات هائلة

من جهته، وصف نائب الرئيس للعلوم والحلول في قطاع البحوث بشركة «آي بي إم»، الدكتور دريو جيل، أوضاع الحوسبة الكمية الآن بـ«أوضاع الـ(ويب) عام 1990، وأوضاع الهاتف المحمول عام 2000، حيث كان كلاهما في بداية الانتشار»، مؤكداً أن «الحوسبة الكمية تعد بإمكانات هائلة عند التطبيق والانتشار الواسع، لذلك يجب ألا يكون هذا الأمر خارج الأفق بالنسبة لأي شركة جادة تعتمد على الحوسبة في أعمالها، بل على الأقل يجب أن يكون هناك شخص ما في المؤسسة يفكر في ذلك وماذا يعني بالنسبة للمؤسسة».

القيمة التجارية

وبالتزامن مع هذه التطورات صدر تقرير عن شركة «ديلويت إل إل بي» العالمية للاستشارات في مجال التقنية والاستشارات المالية، حول الحوسبة الكمية، ركز حول فكرة أننا بالفعل أمام النافذة أو اللحظة التي يمكن النظر منها الى القيمة التجارية للحوسبة الكمية، وأن الوقت قد حان لتبدأ الشركات والمؤسسات المختلفة بحث الكيفية التي يمكن من خلالها استخدام الحاسبات الكمية في أعمالها، والتي لم تعد بحوثاً علمية، بل أصبحت على مسافة خمس أو عشر سنوات من الطرح العام، والتحول إلى قيمة مالية وتجارية.

وقال المدير العام للشركة، ديفيد شاتسكي، إن «الحوسبة الكمية لديها القدرة ليس فقط على أداء الأعمال بشكل أسرع، لكن ايضاً السماح للشركات لفعل الأشياء بصوة مختلفة كلية، وهذا التغيير الجذري يجعل من المتعين بدء التفكير في الطريقة التي تتخذ بها القرارات أو المخاطر التي ترغب الشركات في خوضها، أو المنتجات والخدمات التي تستطيع تقديمها»، مضيفاً أن «هذا معناه أنه حان الوقت لأن يبدأ المديرون التنفيذيون للشركات ورؤساء إدارات تقنية المعلومات التفكير في الاستراتيجيات والتعقيدات التشغيلية لامتلاك وتشغيل الحاسبات الكمية في شركاتهم».

تويتر