يستهدف ربط تطوير البرمجيات مع عمليات تقنية المعلومات بالمؤسسة في بيئة واحدة

«ديفوبس».. نهج في التحوّل الرقمي يواجه 5 تحـديات

كثير من مشروعات التحوّل الرقمي في المؤسسات حاول تطبيق مفهوم «ديفوبس». من المصدر

يعدّ «ديفوبس» DevOps اتجاهاً جديداً في عالم التقنية، ويوصف بأنه «أحدث ثورة في منهجيات التحوّل الرقمي» داخل المؤسسات على اختلاف أحجامها وأنواعها، كونه يستهدف بالأساس الربط بين تطوير البرمجيات المزمع نشرها في المؤسسة من جهة، وبين بيئة التقنية السائدة بالمؤسسة من جهة أخرى، بما فيها من عمليات تشغيل وإجراءات وبنية تحتية ونظم إدارية وقواعد تنظيمية وموارد بشرية، وغيرها. ونظراً للنجاحات التي حققتها المؤسسات التي طبقت هذا النهج، فإنه أصبح يلاقي ترحيباً وانتشاراً متسارعاً خلال الفترة الأخيرة، بعدما ثبت أن تطبيقه على النحو السليم يحقق خفضاً هائلاً في التكاليف، كما يقلل زمن التحوّل الرقمي والجهد المطلوب لإنجازه، لكن في المقابل وجد الخبراء أن هذا «النهج الثوري الجديد» في التغيير والتحوّل الرقمي يواجه خمسة تحديات أساسية يتعين معرفتها وفهمها، حتى تتمكن المؤسسة من الاستفادة منه.

«ديفوبس»

يُعرف «ديفوبس» DevOps بأنه مصطلح مكوّن من أجزاء من المقابل الإنجليزي لمصطلحي «تطوير البرمجيات» و«عمليات تقنية المعلومات» combination of software development and operations، وفي العموم فإنه يشير إلى مجموعة من الممارسات التي تؤكد على التعاون والتواصل المستمرين منذ البداية، بين كل من مطوّري البرمجيات ومتخصصي تقنية المعلومات، أثناء عملية تطوير وتوزيع وتركيب البرمجيات داخل المؤسسة من جهة، وبين البنية التحتية المعلوماتية القائمة وما يشملها من تغيير أو تطوير من جهة أخرى، بما يؤدي إلى إقامة ثقافة وبيئة عمل يتم فيها بناء واختبار وإطلاق البرمجيات بسرعة وأكثر موثوقية بصورة متكررة.


• «ديفوبس» يقلل زمن التحوّل الرقمي والجهد المطلوب لإنجازه.. ويخفض التكاليف

• تنفيذ مشروعات التطوير على «ديفوبس» بفريق واحد يعدّ أبرز التحديات.

وتناول تقرير حديث صادر عن مؤسسة «فورستر» للأبحاث forrester.com، إحدى أكبر المؤسسات المتخصصة في بحوث تقنية المؤسسات، هذا الاتجاه الجديد، حيث راجع معدو التقرير كثيراً من مشروعات التحوّل الرقمي، التي حاولت تطبيق مفهوم «ديفوبس». ولأن هناك اندفاعاً واسعاً حالياً نحو تطبيقه، ركز التقرير على إيضاح خمسة تحديات أساسية تواجه تطبيقه، ويمكن أن تحدّ من نجاحه في إنجاز عمليات التحوّل الرقمي، ونشر البرمجيات داخل المؤسسات التي تتمثل بما يلي:

كسب المديرين التنفيذيين

أفاد تقرير «فورستر» بأن الحصول على دعم المديرين التنفيذيين في المؤسسة، وكسب تأييدهم لمفهوم «ديفوبس»، يعدّ أمراً حيوياً للنجاح، ولجعل عملية التحوّل الرقمي عالية الأداء. وأوضح أن اعتماد أسلوب «ديفوبس» على تطوير ثقافة وبيئة عمل واحدة تربط التطوير مع عمليات التشغيل، إلى جانب وجود انقسام بين التنفيذيين والممارسين لعملية التغيير والتطوير، يجعل فهم واستيعاب هذا المفهوم داخل المؤسسة صعباً، لأن الجانبين يختلفان في تصوراتهما ونظرتهما للاستراتيجية والتقدم وتجربة الاستخدام، مشيراً إلى أن المديرين التنفيذيين هم من يدفعون فواتير أدوات «ديفوبس» كاملة، ومنها على سبيل المثال، كلفة إطلاق برمجيات ميكنة الإدارة، التي يكون البعض منها غير مستخدم فعلياً لفترة طويلة أو بصورة شاملة، بل ربما يكون من بينهم أو من بين مرؤوسيهم من لا يقابل متعاملي المؤسسة وجهاً لوجه مطلقاً، ويفعل أشياء تؤثر في المتعاملين وعلى مستوى رضاهم عما تقدمه المؤسسة لهم من منتجات وخدمات، لذلك فإن كسب دعم المديرين يمكن أن ينعكس إيجاباً على الأداء العام للمؤسسة، ويمنح مشروع التحوّل الرقمي فرصاً أكبر للنجاح.

التركيز على الأدوات

ووفقاً لـ«فورستر»، فإن كثيراً من المؤسسات يقع في «فخ» التركيز المفرط على طبيعة الأدوات التقنية المستخدمة في عمليات التحوّل الرقمي، كما أن الفرق التقنية القائمة على تطبيق «ديفوبس» كثيراً ما تركز على ما يفعله أصحاب المنتجات أو الأدوات المنافسة، ولا يعيرون اهتماماً كبيراً للكيفية التي يتفاعل بها الناس مع بعضهم بعضاً، أو الكيفية التي يوفرون بها الخدمات لبعضهم بعضاً، أو سبل مشاركة المعلومات في ما بينهم، وهذا تحدي كبير يمكن أن يؤذي المؤسسة، ويجعل من «ديفوبس» عملاً ضائعاً بلا جدوى.

فريق واحد

وبيّن تقرير «فورستر» أنه من أخطر التحديات التي تواجه مشروعات التطوير المعتمدة على «ديفوبس»، هو أن يتم تصميمها وتنفيذها بحيث تبدأ وتنتهي بفريق واحد بعيداً عن مختلف فرق العمل الأخرى في المؤسسة، أو بوساطة موظفي ومتخصصي العمليات والتطوير في مجال التقنية والبرمجيات فقط.

وذكر التقرير أن جهوداً من هذا النوع لابد أن تعاني كثيراً أو ربما تفشل، ولذلك فإن إدارات مثل أمن المعلومات والتسويق والمبيعات والإدارة القانونية والموارد البشرية، وغيرها لابد أن تكون على علم، وفي حال المشاركة مع فرق العمل المسؤولة عن تطبيق «ديفوبس»، لأن فهم السياق الجاري لدى الإدارات وفرق العمل الأخرى بالمؤسسة يساعد على إصلاح الوقت الضائع، والجهود المبذولة في العمل غير الناجح، كما يساعد على تقليل العمل غير المخطط، وبالتالي التحوّل الناجح إلى «ديفوبس» نهاية الأمر.

التغيير الإداري

وأشار التقرير إلى أن جميع التحديات التقنية التي تواجه «ديفوبس» تبدو أقل صعوبة وقليلة الأهمية، إذا ما قورنت بالتحديات المتعلقة بالعوامل البشرية، فحينما يكون الناس قلقين من أن وظائفهم يمكن أن تتغير إلى طرق لا يفهمونها جيداً، أو أن التغيير الذي يحمله التطوير الجاري يهدد هذه الوظائف من الأساس، فإنهم يقاومون بالتغيير خفية أو علانية، لذلك فإن المسؤول عن تطبيق مشروع التحوّل الرقمي استناداً إلى «ديفوبس» عليه ألا يلهث وراء التقنيات الجديدة في حد ذاتها، لكن عليه أن يأخذ في الحسبان هذه الأبعاد، ويجري تغييرات تم قياسها على أساس قيمة الأعمال، وليس على أساس إغراءات التغيير ووعود التقنية البراقة.

وأوضحت «فورستر» أن هذا الجانب يفرض على المؤسسة أن تعيد أيضاً تقييم واختبار ومراجعة كل العمليات التقنية والإدارية، لترى ما إذا كانت لاتزال ذات صلة بالتغيير الجاري، ولها قيمة تجعلها صالحة للاستمرار، أم الأفضل أن يتم الإقلاع عنها لأشياء أخرى جديدة.

دفعة واحدة

وجاء في تقرير «فورستر» أنه تحت ضغوط التغيير والوقت والحاجة لتحقيق إنجاز محسوس وسريع، يلجأ كثير من المؤسسات إلى أسلوب «كل شيء دفعة واحدة»، حيث تعمل فرق تطبيق «ديفوبس» على المضي بكثافة وسرعة في كل الاتجاهات في وقت واحد، مع الضغط لتسريع وتيرة التحوّل نحو الرقمنة وتقنية المعلومات، ويعدّ هذا تحدياً كبيراً يعرض العملية برمتها لمصاعب جمة، لذلك ينصح الخبراء بالبدء على نطاق صغير، والحصول على النتائج التي يمكنها أن تعرض على كل الفرق كوسيلة للشرح والاستيعاب والفهم، ثم بعد ذلك التوسع، مع الوعي مسبقاً بأن ذلك يأخذ وقتاً في تنفيذ ونشر ممارسات «ديفوبس»، لكنه في النهاية يمكن أن يوفر كثيراً من الضغط على المدى الطويل.

تويتر