في تجربة أكدت إمكانية استخدام شريحة منخفضة الكلفة توضع بكف اليد بدلاً من محول شبكات بحجم ثلاجة

بناء شبكة فائقة السرعة ببرمجيات مجانية وحاسب رخيص

«إيه تي آند تي» استخدمت في تجربتها معدات الشبكات مع حزمة برمجياتها الخاصة بإدارة شبكتها المحلية. من المصدر

في تجربة جديدة تم تنفيذها، أخيراً، نجح خبراء اتصالات في بناء وتشغيل شبكة معلومات فائقة السرعة وعالية الموثوقية والاعتمادية والاستقرار في التشغيل، مستخدمين في ذلك حاسباً رخيصاً بلا اسم معروف، وبرمجيات مجانية مفتوحة المصدر. وفور الإعلان عن نتائج التجربة، قال محللون إن «على شركات تصنيع معدات الشبكات العملاقة، وفي مقدمتها (سيسكو) أن تصاب بالرعب، لأن التجربة أثبتت أنه بالإمكان استبدال محول شبكات باهظ الثمن يكلف مئات الآلاف من الدولارات، ويزيد في حجمه على حجم ثلاجة، بشريحة لا يتجاوز حجمها كف اليد تعمل بحزمة برمجية مجانية وحاسب رخيص الكلفة غير معروف الاسم»، مشيرين إلى أن «المحولين يتساويان في مستوى الأداء المتعلق بإنشاء وتشغيل شبكات المعلومات».

شركات ناشئة داعمة

أفادت شركة الاتصالات الأميركية «إيه تي آند تي»، بأنها لم تستخدم معدات «أو سي بي» الاعتيادية المعيارية في مشروعها لبناء شبكة معلومات ببرمجيات مجانية، بل استخدمت معداتها الخاصة، مشيرة إلى أنه على الفور تشكل حولها عدد من اللاعبين في مجال الأجهزة مفتوحة المصدر لمساعدتها في المضي قدماً في مشروعها. وذكرت الشركة أن من أبرز الداعمين، كانت شركة «سناب روت» الناشئة التي أسسها فريق الشبكات السابق في شركة «أبل»، حيث تصنع «سناب روت» حالياً برمجيات يطلق عليها نظام تشغيل الشبكات، يمكن تحميلها داخل كم ضخم جداً من الأجهزة المختلفة.

وأضافت أن هناك شركة «بارفور» للشبكات، وهي شركة شبكات ناشئة أيضاً يقودها أستاذ علوم الشبكات في جامعة «ستانفورد»، نيك ماكوين.


- «إيه تي آند تي» نفذت التجربة مدشّنة عصر «الصناديق البيضاء» في عالم الشبكات.

- «سيسكو» و«جونيبر» أبرز المتضرّرين.. و«فيس بوك» أكبر الداعمين.

وأفادت شركة الاتصالات الأميركية «إيه تي آند تي»، التي أجرت التجربة وأعلنت عن نتائجها، بأنها «نقلت خلال التجربة كمية ضخمة من البيانات من مدينة واشنطن إلى مدينة سان فرانسيسكو». وقال مدير التقنية ورئيس معامل «إيه تي آند تي»، أندر فيوتيش، في بيان نشر على موقع الشركة: «انتقلنا بهذه التجربة من استخدام المحولات التقليدية بحجم الثلاجات إلى الشرائح التي يمكن أن تناسب كف اليد، ونعتقد أن الصناديق البيضاء ستكون جزءاً كبيراً من المستقبل في الشبكات واسعة النطاق».

الصناديق البيضاء

وقصد فيوتيش بتعبير «الصناديق البيضاء»، تلك الأجهزة المستخدمة في بناء الشبكات، والتي تكون جميع أشكال وأسرار المعرفة الفنية المستخدمة فيها، من تصميمات للشرائح الإلكترونية، وحزم برمجية معقدة تدير الشبكات وغيرها، مفتوحة للجميع للمراجعة والفهم والتعديل والإضافة، حيث يعرف هذا بالمصادر المفتوحة، عكس «الصناديق السوداء» أو الأجهزة التي تطورها الشركات وتغلق كل ما فيها من أسرار معرفية، وتجعلها كالشيء المظلم الأسود المملوك لها فقط. ومن هنا رأى محللون، من بينهم المحلل في مؤسسة «نوميورا» للبحوث، جيفري كفال، أن «هذا تغير جوهري في صناعة الشبكات، لأن شركة (إيه تي آند تي) التي تعد أكبر متعامل لشركات تصنيع معدات الشبكات، مثل (سيسكو) و(جونيبر)، تجري بنفسها تجربة على المعدات مفتوحة المصدر أو الصناديق البيضاء، وتقبل بها كوسيلة لبناء وتشغيل الشبكات».

وأضاف كفال أن «التجربة الأخيرة تعني أن (إيه تي آند تي) تكسب، وأن المنتجين التقليديين الكبار لمعدات الشبكات يتألمون، وهذا ما يفسر لماذا يجب على (سيسكو) و(جونيبر) أن تكونا خائفتين».

«كومب»

ووفقاً لبيان «إيه تي آند تي»، فإنه تم إرسال البيانات من أحد الصناديق البيضاء في واشنطن يعمل بحاسب رخيص غير معروف الاسم، إلى صندوق أبيض آخر في سان فرانسيسكو مأخوذ من مورد مختلف يستخدم شريحة حاسب مختلفة، وهذا يثبت أن الشركات لا تحتاج فعلياً إلى شراء كل معدات الشبكات من مورد واحد لكي تضمن أن كل شيء يعمل معاً بصورة جيدة. وذكرت الشركة أنها استخدمت معدات الشبكات مع حزمة برمجياتها الخاصة بإدارة شبكتها المحلية المعروفة باسم «كومب»، والتي تقوم بالتأكد من أن كل البيانات قد ذهبت إلى المكان المفترض ان تذهب اليه. وكانت «إيه تي آند تي» طرحت «كومب» على مجتمع البرمجيات مفتوحة المصدر، ومنحتها لمؤسسة «لينكس» الصيف الماضي، ما يعني أن أي شخص يمكنه أخذها واستخدامها والمشاركة فيها، بما في ذلك شركات شبكات الاتصالات التي يقوم البعض منها فعلياً بتجربتها الآن.

رؤية «فيس بوك»

ومن الجوانب التي تزيد من أهمية التجربة أن «إيه تي آند تي»، أقرت بالقبول والموافقة على رؤية شركة «فيس بوك» حول «كيف ينبغي بناء شبكات البيانات»، والتي تدفع باتجاه نهج جديد لبناء الشبكات يعرف باسم «الشبكات المعرفة بالبرمجيات» أو شبكات «إس دي إن»، والذي يعني أنه بدلاً من حشر كل الميزات والخصائص في معدات شبكات باهظة الثمن، مثل نموذج معدات «سيسكو»، يمكن استخدام معدات رخيصة كالحاسبات التي بلا اسم تجاري، وبناء جميع الخصائص والميزات القوية المطلوبة للشبكة داخل برمجيات تعمل على هذا الحاسب، إذ يمكن الحصول على هذه البرمجيات من شركة أخرى أو مجاناً من مجتمع المصادر المفتوحة.

ولم تخترع «فيس بوك» شبكات «إس دي إن»، لكن أقرتها كتصور يعمل في مراكز البيانات واسعة المستوى التابعة لها، كما أقرت بدعم إتاحة تصميمات البرمجيات والأجهزة الخاصة بالشبكات كمنح وتبرعات مجانية ايضاً مفتوحة المصدر، وخصصت لذلك مشروعاً أطلقت عليه «مشروع الحوسبة المفتوحة» لتطوير رؤية للتبرع أو الإتاحة المجانية لتصميمات المعدات، ثم أطلقت مشروعاً آخر تحت اسم «مشروع اتصالات إنفرا» لبرمجيات الشبكات مفتوحة المصدر. ومع تجربة «إيه تي آند تي»، يكون مشروع «فيس بوك» انتهى إلى أبعد مما كانت تحلم به، حيث دخلت الشركة العملاقة وأكبر متعامل لشركات معدات الشبكات لتعلن قبولها وإقرارها برؤية «فيس بوك».

تويتر