رغم زيادة منافسيها ونقاط ضعفها الداخلية

«أبل» تجدد التزامها بتنفيذ رؤية «امبراطورية الألف السنة المقبلة»

«أبل» ستنتقل إلى مرحلة ما وراء «آي فون» وتتوقف عن الاعتماد عليه كمركز لهذا العالم. أرشيفية

أدهشت شركة «أبل» مؤيديها ومنافسيها بما تقدم عليه من رؤى متطورة، وتقنيات جريئة في تصميمها ووظائفها، لذلك لم يكن غريباً أن تعلن خلال الأسبوع الجاري، وللمرة الثانية، التزامها بتنفيذ رؤية «امبراطورية الألف سنة المقبلة»، التي تستهدف بناء امبراطورية تقنية مبدعة وقادرة على البقاء خلال الألف سنة المقبلة.

وجددت «أبل» التزامها بهذه الرؤية، التي طرحها الصيف الماضى، مديرها التنفيذي، تيم كوك، على الرغم من التزايد المستمر في كل من منافسيها في شتى المجالات، ونقاط ضعفها الداخلية التي تنتشر في أكثر من موضع.

بناء «امبراطورية الألف سنة المقبلة» يتطلب سحق «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون».

• «أبل» تنظر إلى نفسها باعتبارها ماركة تجارية تجسد نمط حياة وليست فقط شركة للتقنية.

وتجدد الحديث عن هذه الرؤية خلال الحدث الذي نظمته الشركة أخيراً، وأطلقت خلاله العديد من المنتجات الجديدة، مع العديد من التحديثات والتحسينات على خدمات ومنتجات قائمة بالفعل.

ودفعت الجدية التي يتحدث بها مسؤولو «أبل» عن رؤية «امبراطورية الألف سنة المقبلة» العديد من المحللين والخبراء لتناول هذا الأمر ومناقشته. وكان من بينها تحليل مطول نشره موقع «بيزنس انسايدر» businessinsider.com، وأعده الخبير في شؤون المؤسسات التقنية، مات وينبرجر.

نقاط الضعف

تناول التحليل نقاط الضعف والقوة التي تعترض استراتيجية «أبل». وبالنسبة لنقاط الضعف أو التحديات، أكد التحليل أن بناء «امبراطورية الألف سنة المقبلة» يتطلب من «أبل» سحق «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون» على الأقل، وإخراجهم من أي مجال للمنافسة معها، مرجعاً ذلك إلى أن «غوغل» بدأت تبني بنفسها هواتف «بيكسل»، وتبدع في ذلك، فيما يعد «آي فون» راكد إبداعياً، على الأقل خلال العامين الأخيرين.

ونوه بأن «مايكروسوفت» تبني الحاسبات الشخصية واللوحية التي يتحول إليها المزيد من المستخدمين بأكثر مما تفعله أجهزة «ماكنتوش» و«آي باد».

وأشار إلى أن مساعد «أمازون» التخيّلي «أليكسا»، وجهاز «إيكو» يتجهان لتحقيق السيادة المطلقة على سوق المنازل الذكية الوليدة، قبل أن تستكمل «أبل» بناء مجموعة أدواته المنزلية المنافسة أو تحقق أي زخم.

وركز التحليل على أن أكبر عوامل القلق بشأن هذه الاستراتيجية، ينبع من أن هواة «أبل» والداعمين لها، لديهم شعور بأن الشركة بدأت تفقد التركيز، وتبني أجهزة مكررة وغير أنيقة، بدلاً من المنتجات الرائدة، التي صنعت اسم الشركة من قبل، والكثير من جمهور «أبل» أصبح لديه حالة «نفاد صبر» في ما يتعلق بأجهزة «آي فون» وسيارة «أبل» الغامضة، وحتى نظارات «أبل» الذكية.

«آي فون»

وبين التحليل أن حقبة «ما بعد آي فون» والهواتف الذكية عموماً، تعتبر حقيقة مؤكدة وآتية لا ريب فيها، والأغلب ستكون السيادة فيها لتقنيات وأدوات وخدمات «الواقع المعزز».

وعبّر تيم كوك عن قناعته بأن تقنية «الواقع المعزز» هي المستقبل، فيما تعتقد «مايكروسوفت» أن تقنية «الواقع المعزز» ستجعل من الهواتف الذكية أمراً عفا عليه الزمن ومنتهي الصلاحية، لأنه لن يكون هناك دافع لاستخدام هاتف ذكي، طالما أن كل المعلومات التي يريدها المستخدم سيتم تسليطها مباشرة أمام عينيه بـ«الواقع المعزز».

وهذا الأمر يعد تحدياً حقيقياً أمام رؤية «أبل» لـ«إمبراطورية الألف سنة المقبلة»، لأن الأولوية الحالية أمام الشركة هي أن تبيع المزيد من «آي فون»، وأن تجعل كل شيء تنتجه أو تقدمه يتمحور حوله.

في المقابل، فإن شركات مثل «مايكروسوفت» و«ماجيك ليب» و«غوغل»، جميعها متحررة من مثل هذا القيد، وتحاول المبادرة والريادة في هذا التحول الكبير، لفترة ما بعد الهواتف الذكية، على أمل انتزاع سوق «الواقع المعزز» المقبلة، قبل أن تبدأ «أبل» الدخول فيها.

نقاط القوة

وأكد التحليل أن هذا الوضع ليس مطمئناً بدرجة كافية لشركة لديها هذا الطموح بعيد المدى، لكن في المقابل لابد من العودة إلى الوراء، والبحث عن الأشياء التي فعلتها الشركة فعلياً للحفاظ على مستقبلها، ولإثبات أنها لا تحلق نحو المستقبل وهي عمياء.

والاستثمار في الأجيال الناشئة يعد من العلامات التي تؤكد أن «أبل» تراهن فعلياً على المستقبل بعيد المدى، فالشركة بدأت بخفض ما يعرف باسم «ضريبة أبل»، الأمر الذي يخفض أسعارها للوصول إلى جمهور أكبر.

وكشفت الشركة، أخيراً، عن «آي باد» منخفض التكلفة، وقامت بترقية هواتفها منخفضة السعر. ويعد الـ«آي باد» الرخيص شيئاً مهماً بالنسبة للمستخدمين صغار السن، ويمكن أن يعطي «أبل» موطئ قدم جديداً وأكثر استقراراً في الفصول الدراسية، جنباً إلى جنب مع لغة البرمجة «أبل سويفت»، التي قال تيم كوك إنه يسعى لأن تصبح الطريقة الرئيسة التي يدخل من خلالها الأطفال إلى عالم البرمجة.

ويتضح أن «أبل» تحاول أن تجعل الناس يستخدمون تقنياتها قدر الإمكان، مع تركيز خاص على الصغار، والحفاظ عليهم متعلقين بها ومدمنين لها.

النظرة المتكاملة

وأوضح التحليل أن جزءاً كبيراً من قوة «أبل» يتمثل في التركيز على الإبداع، والاستناد إلى فكرة البيئة المتكاملة من المنتجات والخدمات، وفي أنها تصنع تقنيات جديدة تبدو ممتازة ومرغوبة، وتعرف أنه لا يوجد منتج مستقل خالد ومستدام.

وهذا هو السر في رؤيتها بعيدة المدى، حيث ستنتقل «أبل» إلى ما وراء «آي فون»، وتتوقف عن الاعتماد عليه كمركز لهذا العالم المترابط.

وعند هذه النقطة، سيكون من المرجح أن تتحول الشركة إلى خدمة الحوسبة السحابية، وغيرها من خدمات «أبل»، التي تستطيع تقديم نسيج التوصيل والترابط الذي يحافظ على الأجيال الجديدة من أجهزة «أبل»، في حالة مزامنة مع بعضها بعض دون وجود «آي فون».

وأكد التحليل أن استراتيجية «أبل» لـ«إمبراطورية الألف سنة المقبلة» لن تكون جديدة عليها كلية، بل ستظل امتداداً للاستراتيجية الموجودة لديها دوماً، وهى جعل الناس يشترون ليس فقط منتج واحد، بل نظاماً متكاملاً غير باهظ التكلفة من المنتجات المختلفة، ومنتجاتها هي فقط، على اعتبار أن «أبل» ماركة تجارية تجسد نمط حياة، وليست فقط شركة للتقنية.

ولذلك فهي تقوم بالفعل ببناء مؤسسة قوية وحادة تحافظ على المستهلكين المرتبطين بنظامها لسنوات عديدة، ولذا فإن ذلك هو ما يمكن أن يطلق عليه بداية جيدة لاستراتيجية شركة تخطط لألف سنة مقبلة.

تويتر