أعادا قضية صراعها المتوقع مع الإنسان على فرص العمل خلال الـ 20 عاماً المقبلة إلى الصدارة مجدداً

غيتس يقترح ضرائب على «الروبوتات».. وأوروبا تحدّدمسـؤولياتها

الطلب على خدمات «الروبوتات» ارتفع أخيراً في المجال الطبي والاستخدامات الشخصية. من المصدر

عادت قضية الصراع المتوقع بين الإنسان و«الروبوتات» على فرص العمل خلال الـ20 عاما المقبلة، إلى الصدارة مجدداً، وازدادت سخونة واشتعالاً عما كانت عليه العام الماضي، إذ كانت هذه المرة على يد كل من مؤسس شركة «مايكروسوفت»، بيل غيتس، الذي اقترح في حوار مع أحد المواقع التقنية، أخيراً، فرض ضرائب على «الروبوتات»، لتدفع مثلما كان يدفعه البشر الذين حلت أو ستحل محلهم مستقبلاً، والبرلمان الأوروبي الذي تلقى رسمياً مشروع قانون أعد بمعرفة إحدى لجانه المتخصصة، وتضمن فرض ضرائب على «الروبوتات» أيضا، لكن البرلمان رفضه، ووافق على إصدار قانون يحدد المسؤوليات المترتبة على تشغيل «الروبوتات» في المهن المختلفة، وينظم شؤونها.

47 %

من الوظائف في سوق العمل الأميركية مهددة بالإلغاء خلال 20 سنة.

- تتلخص رؤية غيتس باستخدام عائد الضرائب على «الروبوتات» في تحسين الخدمات


فرص عمل جديدة

أشاد الاتحاد الدولي لـ«الروبوتات»، الذي يضم الشركات المصنعة لـ«الروبوتات» حول العالم، بقرار البرلمان الأوروبي، رفضه فرض ضريبة على «الروبوتات» وسنَّ قانونٍ لتنظيم شؤونها، مؤكداً أن هذه الضريبة يمكن أن تعوق الابتكار، وستكون لها تأثيرات سلبية واسعة في التنافسية والتشغيل.

وأفاد الاتحاد، في بيان صادر عنه، بأن استخدام «الروبوتات» يوجِد فرص عمل جديدة من خلال زيادة الإنتاجية، كما أنه ليس من الضروري أن يكون انتشار «الروبوت» مصحوباً بمعدلات بطالة عالية، مشيراً إلى أنه «في صناعة السيارات الألمانية، يتم استخدام (الروبوت) والعمالة بكثافة في الوقت نفسه».

جدل جديد

وقد أشعلت مواقف غيتس والبرلمان الأوروبي الجدل حول هذه القضية مجدداً، التي جرى تناولها في عشرات التقارير والتحليلات بالعديد من مواقع التقنية خلال عام 2016، حيث أكد تقرير للاتحاد الدولي لـ«الروبوتات» أن المبيعات العالمية من «الروبوتات» ارتفعت بنسبة 15% في عام 2015، وبلغت قيمتها 46 مليار دولار، كما ارتفع الطلب على خدمات «الروبوتات» في المجال الطبي والاستخدامات الشخصية والمحلية.

كما نشر معهد «بروكفيلد» للإبداع وريادة الأعمال في تورنتو، بالاشتراك مع جامعة ريسون بكندا، دراسة أكدت أن 42% من القوى العاملة الكندية معرّضة لخطر التأثر بالآلات و«الروبوتات» الذكية العاملة بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من التقنيات المتقدمة، وذلك خلال 10 إلى 20 سنة مقبلة، مع إمكانية أن يحدث ذلك بنسبة 70%، فيما قالت دراسة سابقة أصدرتها جامعة أوكسفورد أن 47% من الوظائف في سوق العمل الأميركية تواجه الخطر نفسه خلال الفترة الزمنية نفسها.

وأفادت دراسة أصدرتها شركة «بي دبليو سي»، المتخصصة في التطبيقات التجارية لتكنولوجيا الطائرات المدنية الصغيرة بدون طيار «درونز»، بأن فرص العمل التي ستؤثر فيها الـ«درونز» خلال السنوات الخمس المقبلة يقدر حجمها بـ127 مليار دولار، بعضها سيكون في صورة وظائف حالية سيتم الاستغناء عن العامل البشري فيها، وبعضها الآخر فرص عمل جديدة مستحدثة لم تكن موجودة من قبل.

رؤية غيتس

وتتلخّص رؤية بيل غيتس، في هذا الصدد بأن «الروبوتات» التي تحصل على وظائف يجب أن تدفع ضرائب مثل البشر الذين حلت محلهم، قائلاً إن «الموظف الذي يتعدى دخله 50 ألف دولار سنوياً مثلاً يدفع ضرائب على الدخل، وإذا حل محله (روبوت) في وظيفته، فلابد أن يدفع (الروبوت) ضريبة دخل مماثلة وبالمستوى نفسه».

ووفقاً لغيتس فإنه «من المتعين على الحكومات أن تأخذ زمام المبادرة في إدارة ثورة (الروبوتات)، وضمان وجود خطة للتعامل مع العمال العاطلين عن العمل الذين سيتسبب فيهم (الروبوت) خلال الـ20 عاماً المقبلة، لأن المشكلة لن تتوقف فقط عند الذين سيفقدون وظائفهم، ولكن تتضمن أيضاً أن عدد العاملين، جنباً إلى جنب مع (الروبوت)، سيكونون أقل عدداً، وبالتالي فالعائد الإجمالي للضرائب على الدخل سيقل، في حين أن الحكومات ستكون في احتياج ضروري للمزيد من الأموال للإنفاق على الخدمات والأغراض المختلفة».

وبعبارة أخرى، فإن الأمر من وجهة بيل غيتس يحمل أزمتين محتملتين، هما البطالة وتراجع عائدات الضرائب على الدخل، ومن ثم يتعين على الحكومات فرض ضرائب على «الروبوتات» لإبطاء استخدامها، وإتاحة الوقت المطلوب لتنفيذ البرامج التي تحقق أرباحاً صافية من هذه العمالة الفائضة، ومن ناحية أخرى استخدام عائد الضرائب على «الروبوتات» في تحسين الخدمات وإنشاء فصول تعليمية صغيرة الحجم، ومساعدة الأطفال ذوي الإعاقة الذين تظل لاحتياجاتهم أفضلية على الآلات.

البرلمان الأوروبي

أما البرلمان الأوروبي فرفض فكرة فرض ضرائب على مالكي «الروبوتات» من أجل تمويل إعادة تدريب العمال المتضررين من الميكنة و«الروبوت»، وبدلاً من ذلك، دعم البرلمان القوانين التي تنظم نشر واستخدام «الروبوت»، وإنشاء وتحديد المسؤوليات الناجمة عن تصرفات «الروبوتات».

واستند قرار البرلمان الأوروبي إلى تقرير وضعته النائبة الاشتراكية، مادي ديلفو - ستيريس، وطالبت فيه بإجراءات لمواجهة التأثيرات المحتملة لـ«الروبوتات» في سوق العمل. وحسب التفاصيل التي تناولتها المواقع المختلفة، طلب التقرير تحديد نوع الوظائف، أو بالأحرى نوع المهام التي سيتولاها الأشخاص الآليون، ومناقشة ما إذا كان ضرورياً تغيير أنظمة الضمان الاجتماعي، والتفكير في تحديد دخل «فردي» عالمي، لأنه يجب أن يكون هناك ضمان لحياة لائقة للعاطلين عن العمل إذا ارتفعت البطالة بمعدلات واسعة.

كما طالب التقرير بوضع إطار قانوني لـ«الروبوتات»، بحيث يوصف «الروبوت» بأنه «شخص إلكتروني»، ما يقتضي وجود حقوق وواجبات قانونية للآلات، تكون إلزامية التحقيق، أي إن «الروبوتات» ستتحمل مسؤولية القرارات التي تتخذها، خصوصاً إذا كانت مزودة بالتحكم الذاتي، مع ضرورة وجود آلية لإيقاف جميع «الروبوتات» بكامل وظائفها وآلياتها قسرياً عند الضرورة، وأن توضع قيود على «الروبوتات» لضمان إطاعتها كل الأوامر، إلا إذا كانت تؤدي بها إلى إيذاء البشر أو إيذاء نفسها بشكل مادي، وذلك عبر تأدية فعل معين أو الامتناع عن تأدية فعل آخر.

واقترح تقرير ستيريس، أيضاً، تشريعات لأشياء قد تتأثر بـ«الروبوتات» بشكل غير مباشر.

قانون

وقبل طرح التقرير للتصويت في البرلمان، تمت مناقشته في لجنة برلمانية خاصة، إذ وافقت اللجنة عليه بأغلبية 17 صوتاً مقابل صوتين، لكن عند طرحه للتصويت العام بالبرلمان، صدر قرار رفض فرض الضرائب بأغلبية 396 مقابل 123 صوتاً وغياب 85 عضواً، لكن البرلمان وافق في الوقت نفسه على الدعوة إلى وضع قانون لتنظيم شؤون «الروبوتات» والذكاء الاصطناعي، وحل القضايا المتعلقة بتوافقها مع المعايير الأخلاقية والموثوقية خلال استخدامها.

وبعد صدور القرار، أعربت ستيريس عن شعورها بالإحباط، قائلة إن «القرار لم يأخذ في اعتباره النتائج السلبية على الوظائف في الأسواق».

تويتر