بعد نجاحها في استيعاب المعادن المنصهرة عند 1400 درجة.. وفي صورة ثلاثية الأبعاد

الطباعة الرقمية تُنتج هياكل «جرافين» أخف من الهواء وأصلب من الفولاذ 10 مرات

هياكل «الجرافين» المنتَجة في صورة ثلاثية الأبعاد بنظام الطباعة الجديد بدت مثل الإسفنج من حيث الشكل. من المصدر

في إطار التوسع المتسارع للآفاق التي تغزوها الطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد، أعلن فريق من الباحثين عن نجاحهم في بناء نظام للطباعة الرقمية، استطاع إنتاج تشكيلات وهياكل هندسية من مادة «الجرافين» في صورة ثلاثية الأبعاد للمرة الأولى، بعدما كان الأمر مقصوراً على تشكيل «الجرافين» في صورة مسطحة ثنائية الأبعاد، تجعله أشبه بصفحات الورق.

- نظام الطباعة الجديد طوّره باحثون في معهد «ماساشوستس» للتقنية.

- النظام يمكّن من طباعة أجزاء خفيفة فائقة القوة للطائرات والمركبات والمباني.


5 %

كثافة هياكل «الجرافين» المنتَجة بالطباعة ثلاثية الأبعاد.

وقال الباحثون إن النظام الطباعي الرقمي ثلاثي الأبعاد المتكامل الجديد ساعدهم في الحصول على هياكل من مادة «الجرافين» أخف من الهواء وبكثافة تصل إلى 5%، لكنه أصلب وأقوى من الفولاذ 10 مرات، ما يفتح الباب للعديد من التطبيقات الجديدة في مجالات صناعية متنوعة كصناعة الطائرات والسيارات والهندسة المدنية.

ويعد هذا النظام ثاني تطوّر مهم ولافت في مجال الطباعة الرقمية يعلن عنه خلال الفترة الماضية، حيث سبق وأعلنت شركة أميركية ناشئة تسويقها أول نظام للطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد للمعادن المصهورة السائلة التي تبلغ درجة حرارة بعضها 1400 درجة، كما هو الحال عند طباعة الفولاذ والصلب بطريقة الطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد.

نظام جديد

أما النظام الطباعي الجديد، فقد طوّره باحثون في «معهد ماساتشوستس للتقنية» (إم آي تي)، ونشرت غرفة الأخبار بموقع المعهد news.mit.edu تقريراً ملخصاً عنه.

وأفاد التقرير بأن النظام مزوّد بإمكانات فائقة، تمكنه من طباعة المواد بصورة ثلاثية الأبعاد عند مستويات تصغير هائلة، مشيراً إلى أنه تم اكتشاف مادة «الجرافين» قبل 15 عاماً.

وقبل البحث الذي أجراه علماء معهد «إم آي تي»، لفت التقرير إلى أن فريقاً آخر من جامعة «نورث وسترن» الأميركية، حاول تطوير طريقة تتيح توظيف مادة «الجرافين» في تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، من خلال تطوير حبر يحتوي على «الجرافين» بنسبة تصل إلى 70%، ما يجعل هذا الحبر يحتفظ بالخصائص الميكانيكية والكهربائية نفسها التي تتميز بها مادة «الجرافين»، لكن نتائج الفريق توقفت عند خلط «الجرافين» مع مواد أخرى، وليس الطباعة منه مباشرة في صورة نقية.

استخدام «الجرافين» في المناطيد

ذكر الباحثون في معهد «ماساشوستس للتقنية» (إم آي تي)، الذين طوروا النظام الطباعي الجديد لإنتاج مادة «الجرافين» في صورة ثلاثية الأبعاد، أنه لاتزال هناك العديد من النقاط تحت الدراسة في هذا السياق، ومنها إمكانية استخدام «الجرافين» بدلاً من غاز الهيليوم في المناطيد وبالونات الهواء، باعتبار أنه أخف من الهواء، مشيرين إلى أنهم يخططون لاختبار هذه الفرضية خلال المرحلة المقبلة.

نقاط ضعف

وبيّن تقرير «إم آي تي» أن من المعتاد أن يكون «الجرافين» المسطح ثنائي الأبعاد فائق النحافة، حيث يكون في سمك الجزيء الواحد، ويتمتع بكونه موصلاً فعالاً للكهرباء، وشفافاً تقريباً، لكن فيه نقاط ضعف، تتعلق بالصلابة والمقاومة للشد والضغط والجذب، فهو في صورته الثنائية الأبعاد يكون مثل صفحة ورق مهلهل يسهل تمزيقها، مشيراً إلى أن نقاط الضعف هذه كانت عقبة في طريق استخدامه صناعياً على نطاق واسع.

وأوضح التقرير أن حل هذه العقبة يتمثل في إنتاج «الجرافين» بصورة ثلاثية الأبعاد، وهذه هي النقطة المحورية التي ركز عليها فريق البحث، وفقاً لرئيس قسم الهندسة المدنية والبيئية في المعهد ورئيس الفريق، الدكتور ماركوس بيوهلر.

وأضاف أن الفريق أجرى محاولات عدة، حتى تم التوصل إلى نظام للطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد، يتعامل مع «الجرافين» بالطريقة التي يتعامل بها مع الحبر.

ميزتان مهمتان

وقال الباحثون إن نظام الطباعة الرقمية الذي أمكن تطويره للعمل مع «الجرافين» نجح في الجمع بين ميزتين، الأولى هي خصائص «الجرافين» كمادة أو عنصر قوي خفيف شبه شفاف، فيما تتمثل الثانية بخصائص الطباعة الرقمية من حيث القدرة الفائقة على تشكيل المواد المستخدمة في الطباعة بصورة ثلاثية الأبعاد، الأمر الذي يعطي المنتَج المطبوع صلابة فائقة، تتجاوز نقاط الضعف الموجودة في «الجرافين» ثنائي الأبعاد، ويتم إنتاجه طبقاً للتصميمات الموضوعة سلفاً، بسرعة ونظافة ومرونة وكلفة منخفضة للغاية.

وقال الدكتور ماركوس إن «التلاقي بين الميزتين يعني سهولة استخدام (الجرافين) في الأغراض الصناعية والتطبيقية على نطاق واسع، مثل الاستخدام في المركبات والطائرات والمباني والأجهزة».

وحسب باحثي معهد «إم آي تي»، فإن النظام الجديد يتميز بكونه يقدم طباعة عالية الوضوح والتباين، وهو ملكية فكرية للمعهد وفريق البحث، وليس موجوداً تجارياً. وذكر الباحثون أن هذا النظام يستطيع العمل مع مواد متعددة في وقت واحد، وخلطها جميعاً، والتعامل مع الخليط وكأنه أحبار طباعة.

خصائص فريدة

وعرض المعهد على موقعه مقاطع فيديو قصيرة توضح نماذج من الأشكال والتصميمات ثلاثية الأبعاد التي نجح النظام الطباعي في التوصل إليها، مستعرضاً خصائصها، وهي موضوعة تحت اختبارات الشد والضغط القاسية التي أجراها عليها الباحثون. وفي هذه المقاطع ظهرت هياكل «الجرافين» المنتجة في صورة ثلاثية الأبعاد، مثل الإسفنج من حيث الشكل.

وقال الباحثون إن كثافتها لا تتعدى الـ5%، وصلابتها تعادل 10 أضعاف صلابة الفولاذ، على الرغم من كونها نحيفة وخفيفة الوزن للغاية.

وأضافوا أن نظام الطباعة الجديد يسهل إنتاج أشكال من «الجرافين» بتصميمات متنوعة، منها تصميمات المصفاة ذات الأدوار المتعددة التي تحتوي على فتحات ومنافذ متناهية الصغر تحقق تنقية وتصفية عالية المستوى للسوائل والهواء، وغيرها من الشوائب، والحصول على درجة نقاوة عالية، ومن ثم يمكن من خلالها الوصول الى منتجات فائقة الخفة تستخدم في الطائرات والسيارات والمباني، وحتى في معدات التنقية والفلاتر.

ولاختبار مدى كفاءة نظام الطباعة في تقوية «الجرافين»، بعد تحويله إلى صورة ثلاثية الأبعاد، أجرى فريق البحث سلسلة اختبارات على ثلاثة نماذج متنوعة الأشكال من «الجرافين» ثلاثي الأبعاد، إذ تمت الاختبارات أولاً من خلال نماذج محاكاة على الحاسب، ثم على المنتجات نفسها بعد الطباعة.

تويتر