يسهم في إدخال الطباعة الرقمية لأشد مناطق الصناعة تعقيداً وسخونة

شركة أميركية ناشئة تبتكر أول نظام للطباعة الرقميــــــة «ثلاثية الأبعاد» للمعادن السائلة

صورة

تطورت نظم «الطباعة الرقمية» المعتمدة بالأساس على البرمجيات والحاسبات، لتدخل أشد مناطق الصناعة تعقيداً وسخونة، وذلك مع إعلان الشركة الأميركية الناشئة «فادير للنظم»، أخيراً، عن تسويق أول نظام لـ«الطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد» للمعادن المصهورة السائلة، التي تبلغ درجة حرارة بعضها 1400 درجة، كما هي الحال عند طباعة الفولاذ والصلب، بطريقة «الطباعة الرقمية ثلاثية الأبعاد».

ونشرت تفاصيل هذا النظام الجديد على موقع «جامعة بافلو» buffalo.edu/‏‏‏‏‏news، التي تعمل شريكاً للمعرفة الفكرية والخبرة الاستشارية للشركة.

المفاهيم الأساسية

تأسيس الشركة

بدأ الأب سكوت فادير وابنه، زاك، نشاطهما عند تأسيس شركة «فادير للنظم»، في تسوية بمنزلهما، ومعهما الآن ثلاثة مستشارين من أساتذة «جامعة بافلو» وبعض طلاب الجامعة، الذين تخرج ثلاثة منهم وجرى تعيينهم مهندسين بالشركة.


• كلية الطب بـ«جامعة بافلو» اعتمدت النظام الجديد لطباعة الدعامات المعدنية المستخدمة في جراحات العظام.

• إحدى شركات إنتاج مكونات السيارات تعاقدت على شراء 50 ماكينة طباعة بالنظام الجديد.

من ناحية المنهج، يقوم نظام الطباعة الجديد على المفاهيم الأساسية المطبقة في حالتين، الأولى، تقنية «نفث الحبر»، التي تستخدمها الطابعات العاملة بالحبر السائل، الذي يجري نفثه على الورق عبر فوهات فائقة الدقة بالجزء الخاص بغرفة طرد الحبر بالطابعة.

والحالة الثانية هي التقنية المستخدمة في الرؤوس الطابعة بـ«الطابعات ثلاثية الأبعاد»، التي تعتمد على نفث المادة المستخدمة في الطباعة وفق أوامر مسبقة، تأتي إليها من الحاسب، لتشكل طبقات متتالية حسب التصميم المحدد سلفاً والمطلوب إنتاجه.

وفي كل الأحوال السابقة، كانت المواد المستخدمة في الطباعة ذات درجة حرارة عادية، أو يتم تسخينها قليلاً لتنصهر، كالحال مع المواد البلاستيكية. وفي حالة المواد شديدة الصلابة التي تحتاج إلى درجات حرارة عالية لتنصهر، كان يتم اللجوء إلى أسلوب الحفر على هذه المواد لتشكيلها على الصورة المطلوبة بدلاً من صهرها، لأن الوصول إلى درجات الحرارة المرتفعة جداً كان يؤدي إلى صهر الطابعة نفسها.

وقدم النظام الجديد حلاً مبتكراً لهذه المعضلة، وصُممت ماكينة الطباعة الرقمية لتعمل مع المعادن السائلة المصهورة، التي تصل درجة حرارتها، وهي في حالتها السائلة إلى 1400 درجة مئوية، كالحال مع الفولاذ والصلب والألمنيوم وغيرها.

وتعد «فادير للنظم» شركة ناشئة، تبدع وتبني الماكينات في مصنع بمجمع الأعمال، بمدينة جيتزفيل الأميركية، وهي مملوكة لسكوت فادير، الذي يعمل مهندساً ميكانيكياً ويتولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة، بينما يعد ابنه، زاك، البالغ من العمر 24 عاماً، خريج «جامعة بافلو»، هو صاحب الفكرة الأساسية لتطوير النظام، ويعمل رئيس التقنية بالشركة.

مكونات النظام

يتكون النظام الجديد من حاسب أو أكثر، محمل عليه «برمجيات مفتوحة المصدر»، طوّرت خصيصاً لهذا النوع من الطباعة، ومهمتها تخزين التصميمات الرسومية «ثلاثية الأبعاد» للمنتج المطلوب طباعته، ويتم تحويل هذه التصميمات إلى أوامر طباعة، تتلقاها الطابعة في صورة أكواد بلغة برمجة خاصة، تفهمها وتستطيع التعامل معها عند الطبع، طبقاً لما هو محدد في التصميم «ثلاثي الأبعاد»، من مسافات وأبعاد واتجاهات، حتى يتم طبع التصميم المخزن في الحاسب على المادة المستخدمة.

أما الطابعة نفسها، المتصلة بالحاسب وبرمجيات الطباعة، فتتكون بصورة أساسية من أجزاء عدة، الأول مسؤول عن تلقي وصهر المعادن وتحويلها للحالة السائلة. وعند تحول المعدن إلى صورة سائلة تماماً، يتم دفعه في أنبوب من السيراميك، القادر على تحمل درجات الحرارة العالية، والاحتفاظ بدرجة حرارة السائل المصهور بداخله.

وهذا الأنبوب محاط بلفائف مغناطيسية، وبمجرد دخول السائل إليه، تتلقى هذه اللفائف نبضات كهربية قصيرة متوالية، فيتولد عن ذلك ضغط كبير داخل الأنبوب، يجعله يعمل كغرفة طرد تنفث أو تبخ «قطيرات المعدن» عبر الفتحات الموجودة برأس الطباعة، التي تقاس بالملليمتر.

ويتم بعد ذلك توجيه «قطيرات المعدن» التي يتم نفثها بقوة، وهي في حالتها السائلة إلى سطح ساخن، أسفل رأس الطباعة، يقوم بالمناورة والحركة طبقاً للأوامر الصادرة من برنامج الطابعة وبحسب التصميم المطلوب، ليفرز الأشكال «ثلاثية الأبعاد» طبقة وراء أخرى، وعلى فترات تسمح بترسيب والتحام القطيرات بطريقة سليمة.

وتستمر الطباعة بهذه الطريقة حتى الوصول للتصميم المطلوب والمحدد سلفاً والمخزن في ذاكرة الحاسب.

مبادئ جديدة

وللوصول إلى هذا المستوى الفائق من الأداء، استند النظام الجديد إلى ما يسمى مبادئ «ديناميات مغناطيسية السوائل»، حسب ما قال أستاذ الهندسة البيولوجية والكيميائية بـ«جامعة بافلو»، الدكتور إدوارد فيورلاني، الذي أشار إلى أنها تقليد لطريقة الإسقاط حسب الطلب، في طابعات «نفث الحبر»، لكنها تقدم إضافات مهمة ومبدعة، تجعل منها تقنية تحويلية وهندسة مدهشة متعددة التخصصات، توفر قاعدة تطبيقية ستستمر في التوسع في المستقبل القريب.

وأكد فيورلاني أن النظام الجديد يعكس نقلة نوعية في القدرة على طباعة الأشياء المعدنية «ثلاثية الأبعاد»، فالطابعات المعدنية الموجودة الآن تعتمد على عملية وضع المعادن وهي في صورة مسحوق على سطح، ثم إذابتها وصهرها بشعاع ليزر أو شعاع إلكترونيات.

وتابع: «في العملية السابقة، بعض الجزيئات من المسحوق لا تذاب مسببة نقاط ضعف، فضلاً عما تسببه من تلوث شديد، أما الطريقة الجديدة فهي نظيفة بيئياً، ومذهلة في سرعتها وجودة الطباعة الناتجة عنها، ورخصها الشديد».

الطب والسيارات

وحتى الآن، يعمل هذا النظام الطباعي في تطبيقات تتعلق بمجالي الطب والسيارات، وانتهت الشركة بالفعل من إبرام اتفاق مبدئي مع إحدى شركات إنتاج مكونات السيارات، الصناعات المغذية لمصانع السيارات، لشراء 50 ماكينة طباعة عاملة بهذا النظام، من بينها بعض الوحدات المتعددة الفوهات.

وفي مجال الطب، أصبح النظام الجديد معتمداً لدى مستشفى كلية طب «جامعة بافلو»، نظاماً لطباعة الدعامات المعدنية المستخدمة في جراحات العظام وغيرها، وكذلك الأدوات الجراحية، ومفاصل الركبة والفخذ على وجه الخصوص.

تويتر