فريق باحثين بمعهد «ماساشوستس» أكد أنها تبني الجهاز بالكامل في دقائق

تقنية جديدة تتيح تصنيع الهاتف بـ«الخلاط» بدلاً من خط الإنتاج التقليدي

صورة

أفادت النتائج التي أعلنها باحثون من معهد «ماساشوستس» للتقنية خلال الأسبوع الماضي، بأنه من المحتمل أن يكون هاتفك المحمول الذي ستشتريه بعد سنوات قليلة قد جرى تصنيعه بطريقة «الضرب في الخلاط»، أو وضع أطنان من مكوناته معاً في قدح أو إناء يشبه وعاء خلط الأسمنت، ثم يتم تدويره حول نفسه بسرعة معينة، لتقوم كل مجموعة من المكونات بتجميع نفسها تلقائياً معاً، ثم تترابط وتتراص وتلتصق مع بعضها بعضاً، لتشكل هاتفاً بمواصفات ووظائف خاصة، يتم إنتاجه خلال دقائق معدودة، وذلك عوضاً عن خطوط الإنتاج الحالية التي تستغرق الكثير من الوقت والكلفة الأعلى، ولا تسمح بحرية كاملة في ما يتعلق بالتصميم والوظائف، حيث يتم كل شيء بصورة محددة سلفاً لا يمكن التنوّع أو التغيير فيها.

فريق الباحثين

وظهرت تفاصيل هذا التطور في بيان على موقع معهد «ماساشوستس» للتقنية «إم آي تي» web.mit.edu، ونقلها عنه موقع fastcodesign.com والعديد من مواقع التقنية الأخرى. وطبقاً للبيان، فإن فريقاً من الباحثين بالمعهد يقوده الأستاذ في معمل «إم آي تي» للتجميع الذاتي، الدكتور سكايلار تابيتس، وهو المعمل المسؤول عن تصميم طرق مبتكرة لإنتاج الأجهزة، من بينها طريقة تجعل مكونات أي أداة أو جهاز قيد التصنيع، تقوم بتجميع نفسها معاً ذاتياً وتبني الجهاز الكامل في دقائق.

ويعمل تابيتس وفريقه على تطوير هذه التقنية منذ عام 2011، وبدأها بعمل تجربة معملية للطباعة ثلاثية الأبعاد، التي تستخدم الطابعات ثلاثية الأبعاد لإنتاج المواد التي يمكن أن تنمو وتتغير بنفسها، وبعد هذه التجربة حصل على تمويل من إحدى الوكالات الفيدرالية الأميركية لإعادة التجربة على سلسلة من المواد التي يمكن برمجتها لتقوم بالبناء والتجميع الذاتي للمعدات داخل المصانع.

التجميع والبناء

ويركز تابيتس وفريقه الآن على تطبيق فكرة التجميع والبناء الذاتي للمكونات على تصنيع الهواتف المحمولة، ويحاول معرفة الكيفية التي يمكن من خلالها لهاتف محمول أن يبني نفسه بنفسه من خلال مكونات قليلة ومصدر للطاقة وتفاعلات صحيحة بين مكوناته، من دون الحاجة إلى تدخل بشري أو حتى ميكنة ذات تقنية عالية.

وتُعد قوة الدفع الأساسية لهذا المشروع الهاتف المحمول الذي صممه الباحث في «إم آي تي»، الدكتور ديفيد ميليس، والذي بدأ كسلسلة من التعليمات والمعارف مفتوحة المصدر لتصميم أساسي لهاتف محمول، يستخدم مكونات بـ 200 دولار فقط. وفي البيان الذي ظهر على موقع المعهد، قال تابيتس إنه وفريقه لديهم الآن نموذج أولي، لهاتف محمول يجمع نفسه ذاتياً، ويتكون من ستة أجزاء، تتجمع في هاتفين مختلفين.

وحول شرحه لتقنية التصنيع الجديدة، قال تابيتس، إن «الأجزاء توضع داخل قدح أو وعاء ذي تصميم أشبه بتصميم الخلاط، قريب الشبه بتصميم خلاط الأسمنت المسلح المحمول على ظهر شاحنة تنقل الخرسانة إلى مواقع البناء». وأضاف أنه «في عملية التصنيع يتم وضع كميات كبيرة من مكونات الهاتف المحمول داخل الخلاط، ثم يتم تدوير الخلاط وفق سرعات معينة، وأثناء الدوران تقوم المكونات بتجميع نفسها ذاتياً، لتتموضع داخل أماكنها في الهيكل الأساسي للهاتف». وأشار إلى أنه «في غضون ذلك تتم إضافة بطانة رغوية الى وعاء الخلط حتى لا تتخبط المكونات في بعضها البعضاً أثناء تجميع نفسها ذاتياً، واعتماداً على سرعة دوران الخلاط، فإن الأمر يحتاج إلى دقيقة فقط لكي تجمّع المكونات نفسها ذاتياً وتصبح هاتفاً كامل الأجزاء».

مكونات ذكية

وتبدو المسألة بسيطة للغاية مقارنة بما يحدث بخطوط الإنتاج الحالية، لكن هذا لا ينفي أن هناك عدداً من الأشياء المعقدة بداخلها، فدوران الخلاط يجب أن يكون سريعاً بما يكفي لأن تتقاذف المكونات حول بعضها وتتحد، ولكن ليس بالسرعة التي تجعلها تتكسر، والمكونات بها قدر من الذكاء والميكانيزمات للغلق والفتح، تسمح لها بالتلاقي والترابط معاً بطريقة صحيحة، وتمنع عمليات التوصيل أو الارتباط الخاطئة. وبعد أن تتلاقى، يتعين أن تلتصق معاً بطريقة ما كالمواد اللاصقة.

ويستخدم تابيتس وفريقه المغناطيسات متنوعة الأقطاب، لجعل كل مكونات عدة تنجذب لبعضها لتشكل مجموعة مناسبة لبناء هاتف مستقل، وذلك وفق برمجة مسبقة. وقال فريق الباحثين بالمعهد إن «العملية تتم الآن بميزانية قليلة، وبسيطة، ووصلت إلى مرحلة تخيل أو التفكير في الوصول بالأمر الى مرحلة الإنتاج الواسع النطاق بكميات كبيرة، وساعتها سيكون هذا بمثابة نقلة كبيرة في عالم التصنيع».

كُلفة أقل

وأكد فريق الباحثين أن هذه الطريقة في التصنيع لها العديد من المزايا، فهي لا تحتاج إلى تكاليف كبيرة من حيث المعدات والإنشاءات، حيث يمكن أن يستخدم معها الكثير من المعدات القائمة حالياً بالمصانع، وبعد تشغيلها يمكنها خفض كلفة الإنتاج والكلفة النهائية للمنتجات، ما يقلل من اضطرار المصانع للاستغناء عن العاملين كوسيلة لخفض النفقات.

من ناحية أخرى، تحقق هذه الطريقة حرية تصميم كاملة، فحتى الآن خطوط الإنتاج تنتج هواتف محددة سلفاً، ولكن تخيل، حسب ما قال تابيتس، لو أنك أخذت لوحة دائرة كهربائية، ولديك مكونات بناء منطقية مختلفة، ومكونات البناء المنطقية هذه دارت حول نفسها، لتتجمع بطرق مختلفة، فسيكون من الممكن انتاج هواتف محمولة حسب الوظيفة المطلوبة من دون تكاليف اضافية أو تغييرات في خطوط الإنتاج، وهو نوع من الإنتاج المرن حسب الطلب، مثل هاتف مخصص لمرضى السكر، وآخر يناسب مرضى القلب، وثالث يناسب الرياضيين، ورابع يناسب أفراد الأمن وهكذا.

ولا يُعد معهد «إم آي تي» الوحيد الذي يستكشف هذه الطريقة في إنتاج الهواتف المحمولة، فشركة «غوغل» لديها مشروع «ارا»، أو الهاتف المحمول القائم على مفهوم الوحدات وسيتم اطلاقه عام 2017، وهو مصنوع بطريقة مشابهة، لأنه عبارة عن إطار أو «شاسيه» به أماكن يمكن أن توضع بها وحدات أو مكونات الهاتف المختلفة، وتستطيع جميعاً أن تتواصل معاً من خلال هذا الإطار، لأن المنافذ وأماكن التوصيل الموجودة في أماكن الوحدة تُعد معيارية قياسية صالحة لأن يوضع بها أي مكون للهاتف بغض النظر عن طبيعة وظيفته، كالكاميرا أو وحدة الذاكرة.

تويتر