تطبيق إلكتروني متكامل من «إنتل» يرقى إلى كونه نظاماً للاتصالات والمعلومات فائق الصغر

«الهباء المنثور».. تقنية مبتكرة تكــــــشف المعاملة الخشنة للطرود القابلة للـــكسر

صورة

لم يعد «الهباء المنثور» هو فقط الغبار المتطاير في الهواء، الذي يواجه مصيره المتعارف عليه، بأن تذروه الرياح فيتبدد ويتلاشى بلا أثر. فمع تقنيات «إنترنت الأشياء»، وموجات التصغير الفائق في تصنيع الشرائح والمستشعرات الإلكترونية، ظهر جيل مختلف من الهباء أو الغبار المنثور، يمكننا أن نطلق عليه «الهباء المنثور المُدار»، أو الذي يتم نثره في الأرجاء بطريقة محددة سلفاً، ويكون موضوعاً تحت السيطرة والتحكم، بحيث تقوم كل ذرة منه، أو جُسَيِّم في حجم أقل من الذرة، بوظيفة محددة لها سلفاً.

شريحة مبتكرة

وعرضت شركة «إنتل» الأميركية، التي تعد أكبر صانع للمعالجات الإلكترونية الدقيقة في العالم، الأسبوع الماضي، شريحة إلكترونية حاملة لمعالج دقيق، لكنها مصنوعة على مستوى الـ«كوارك»، أو الجُسيمات الأقل من الذرة، ما يجعلها في حجم الغبار أو الهباء، وبالتالي يتم نثرها أو تثبيتها على الملصقات الخارجية للطرود القابلة للكسر، ليراقب المعالج ما يحدث للطرد أثناء النقل والتداول والتخزين، ويكشف أية معاملة خشنة يتعرض لها، ويبلغ عنها لحظياً.

نشرت «إنتل» تفاصيل هذه الشريحة الجديدة في «غرفة الأخبار» بموقعها newsroom.intel.com، وذلك ضمن المعلومات التي عرضتها عن فعاليات «منتدى مطوري إنتل 2016» الذي عقد الأسبوع الماضي بمدينة «سان فرانسيسكو» الأميركية، وأطلقت عليها اسم «الهباءة»، أو الجُسيِّم الأقل من الذرة.

• «الهباءة» صغيرة جداً، وفعالة، وتستهلك طاقة تصل إلى نحو مللي واط، وتعمل على الطاقة المستخلصة من موجات الراديو في الهواء المحيط.

• الهباءة الذكية لا تتحدث مباشرة إلى النظم العاملة بالحوسبة السحابية، وإنما تستخدم شبكة منخفضة القوة، تعمل في المدى القصير.

• «الهباءة» تجمع بيانات أولية عن حالة الحركة والسكون والاهتزازات التي يتعرض لها الشيء الذي تلتصق به.

• هناك مصادر أخرى محتملة للطاقة يمكن أن يعمل بها «الهباء المنثور» مثل اللوح الشمسي بمساحة تعادل مساحة عقلة الإصبع.

وقالت إن هذه الشريحة يمكن أن تضيع، أو لا يتم ملاحظتها مطلقاً إذا ما وضعت داخل عبوّة من الفلفل المطحون مثلاً.

وعلى الرغم من ذلك، فإنها في حقيقتها تعد تطبيقاً إلكترونياً متكاملاً، يرقى إلى كونه نظاماً للاتصالات والمعلومات فائق الصغر، فهذه «الهباءة» قادرة على استخلاص الطاقة من ترددات الراديو في الهواء المحيط بها، ثم جمع بيانات أولية عن حالة الحركة والسكون والاهتزازات التي يتعرض لها الشيء الذي تلتصق به، فضلاً عن البيانات الخاصة بدرجة حرارته، ثم تهيئة البيانات التي تجمعها لتكون في حالة صالحة للمعالجة بواسطة تطبيقات وأجهزة أخرى في ما بعد، ليسهل إعادة تمثيلها وعرضها في صورة معلومات قابلة للفهم والمتابعة، ثم نقل هذه البيانات لحظياً إلى أداة أو جهاز آخر، اعتماداً على نظم الاتصالات قريبة المدى أو ذات المدى القصير مثل «بلوتوث».

اسأل «الهباءة»

وخلال المنتدى، بدا مسؤولو «إنتل» فخورين وهم يعرضون هذه «الهباءة»، فقد قال الباحث في «إنتل»، نتيربو ماجومدر: «هل طرودك القابلة للكسر آمنة؟ اسأل شريحة إنترنت الأشياء الدقيقة من (إنتل) التي تعمل بالنموذج الأولى من (الهباءة) الإلكترونية الدقيقة، ويمكن تثبيتها داخل الملصقات الخارجية للطرود والعبوات، ليصبح الملصق ذكياً، يستشعر أو يحس بالتداول الخشن أو الفظ لهذه الطرود أثناء التداول والنقل».

في العرض الذي قدمته «إنتل»، تم توليد خريطة ورسم بياني بواسطة قراءات المستشعر الموضوع في الملصق الذكي، الذي تظهر تلقائياً أن صندوقاً أو عبوة ما، تم هزها أو تعرضت لصدمة.

وهذه الهباءة الذكية الدقيقة لا تتحدث مباشرة إلى النظم العاملة بالحوسبة السحابية أو شبكات المعلومات التابعة للجهات التي تستخدمها، وإنما تستخدم شبكة منخفضة القوة، تعمل في المدى القصير. وفي هذه الحالة ربما تكون تقنية «بلوتوث» منخفضة الطاقة، وتتصل بأداة تعمل كبوابة محلية توجه البيانات عبر شبكة ذات مدى أكبر مثل شبكات المحمول، والبوابة المحلية، ويمكن أيضاً أن تعالج أو تخزن المعلومات أولاً.

الطاقة المطلوبة

«الهباءة» صغيرة جداً وفعالة، وتستهلك طاقة تصل إلى نحو مللي واط فقط، ولذلك يمكن أن تعمل على الطاقة المستخلصة من موجات الراديو المنطلقة في الهواء المحيط بها، فعلى سيل المثال، فإن شبكة «واي فاي» على الشاحنة يمكن أن تغمر الطرود الموجودة على متنها بترددات راديوية ذات طاقة تكفي احتياجات كل الهباءات الموجودة على الطرود.

وهناك أيضاً مصادر أخرى محتملة للطاقة يمكن أن يعمل بها الهباء المنثور، ففي المعرض المصاحب للمنتدى، عرضت «إنتل» لوحة شمسية في مساحتها تعادل مساحة عقلة الإصبع، يمكنها أن تثبت أو يتم المزاوجة بينها وبين الشريحة معاً، ويمكن للهباء المنثور أن يستخلص الطاقة من حركة العبوة أو الطرد أو حركة السيارة أثناء السير، لكنّ هذين المصدرين للطاقة يتطلبان بطاريات لجعل «الهباءة» تعمل وتتواصل حينما تكون في الظلام أو في وضع سكون.

لكن الحصول على الطاقة من ترددات الراديو يعمل كلما كانت موجات الراديو المستخدمة قوية بما فيه الكفاية، وتقول «إنتل» إن أبراج شبكات المحمول المنتشرة في الأرجاء تعني أن الترددات الراديوية موجودة في كل مكان تقريباً، لكن هذه النوعيات من الموجات الراديوية القادمة من بعيد ليست قوية في العادة لتزويد أداة مثل «الهباءة» بالطاقة، فهي تحتاج إلى شاحنة على متنها موجات «إل تي آي» أو شبكة «واي فاي» مكتبية.

تقنية مختلفة

يختلف نظام «الهباء المنثور» كلية عن الأجيال السابقة من نظم الاتصال ونقل المعلومات قريبة المدى، مثل تقنية التعرف على الهوية بموجات الراديو «إف آر آي دي»، التي تتيح الاتصال وإنهاء المعاملات الإلكترونية بين الأدوات المحمولة، مثل نظم الدفع عبر المحمول في المحال ومراكز التسوق، ونظم تحصيل الغرامات والرسوم إلكترونياً في إشارات المرور وبوابات العبور، كما تختلف أيضاً عن تقنية «إن إف سي» المستخدمة في طريقة الدفع غير التلامسية، كما هي الحال مع بطاقات الائتمان، وبطاقات ركوب الباصات ومفاتيح السيارات، وبطاقات الدخول الإلكترونية، وأيضاً مع الهواتف الذكية إذا ما تم تزويد الهاتف بشريحة تعمل بهذه التقنية.

ووجه الاختلاف بين «الهباء المنثور» وكل هذه التقنيات أنه يعمل ضمن نطاق صغير جداً، ويتم تركيبه واستخدامه بأعداد هائلة لغرض واحد، ويجعل أشياء تتواصل وتتفاعل مع أشياء بصورة تلقائية بعيداً عن أي تدخل بشري.

تويتر