اتفقت مع دراستين سابقتين أكدتا أن الميكنة والآلات الذكية ستزيحان الموظفين عن سوق العمل خلال 10 إلى 20 عاماً

دراسة: 42% من العامـــلين في كندا يواجهون خطر استبدالهم بالروبـوتات

التحذير من تأثير التقنية في الوظائف مرتبط بالتطورات المتلاحقة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. من المصدر

أظهرت دراسة كندية حديثة أن 42% من القوى العاملة في كندا معرّضة لخطر التأثر بالميكنة، إذ إنها ستواجه استبدالها بالآلات والروبوتات العاملة بالذكاء الاصطناعي، وغيرهما من التقنيات المتقدمة، وذلك خلال السنوات الـ10 إلى الـ20 المقبلة، مشيرة إلى إمكانية حدوث هذا الأمر بنسبة 70%.

وأفاد معدو الدراسة، التي نشرها معهد «بروكفيلد» للإبداع وريادة الأعمال في تورنتو، بالاشتراك مع جامعة ريسون بكندا، في 15 يوليو الجاري، بأن نتائج دراستهم تتسق مع نتائج دراسة سابقة أصدرتها جامعة «أكسفورد»، العام الماضي، وأكدت أن 47% من الوظائف في سوق العمل الأميركية تواجه الخطر نفسه خلال الفترة الزمنية ذاتها.

وكانت «الإمارات اليوم» نشرت، يوم الثالث من يونيو الماضي، تفاصيل دراسة أصدرها، في نهاية مايو السابق، موقع «cio»، المتخصص في دراسات وبحوث سوق تكنولوجيا المعلومات والموجه للمديرين التنفيذيين، كشف فيها أن 250 ألف تطبيق وتقنية جديدة ستظهر بحلول عام 2020، جميعها يعمل بمفهوم «إنترنت الأشياء»، وستؤثر بقوة في سوق العمل بهذا المجال، بحيث ستعمل على اختفاء واندثار العديد من الوظائف، وبزوغ وانتشار وظائف أخرى، تتطلب مهارات وكفاءات مختلفة جداً.

تنبيه مبكر

انتقادات حادة

واجهت الدراسة الكندية الأخيرة، حول تأثير الميكنة وذكاء الآلات في سوق العمل، انتقادات عديدة وحادة، ووصفت بأنها غير واقعية، لكونها لم تضع تقديرات سليمة لمدى التغيير المتوقع وسرعته، والقدرات التي يمكن أن تحققها التقنية وجاهزيتها لتقديم آلات ذكية تتفوق على البشر في الوظائف المختلفة المشار إليها.

ومن الانتقادات الموجهة للدراسة أيضاً، أنها لم تدرس قضايا الكلفة والصيانة والتشغيل والدعم، والتطوير المطلوب بصفة دائمة للآلات الذكية، مقارنة بما ينفق على البشر في عمليات التدريب والتأهيل.

وتأتي هذه الدراسات ضمن تحذيرات متتالية تصدر عن مؤسسات ومنظمات تعمل بالتقنية، للتنبيه المبكر لأصحاب الأعمال والدارسين والطلاب، وكل الباحثين عن فرص عمل وتدريب، ومن يفكرون في تحسين مهاراتهم ومسارهم المهني، إلى التأثير المتوقع لتقنية المعلومات في سوق العمل، والتغيير العميق في الأدوات والمهارات المطلوبة لأداء الأعمال خلال السنوات المقبلة.

وترتبط الدراسات والتنبيهات بالتطورات المتلاحقة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، وإنترنت الأشياء، وتطبيقات الهواتف الذكية والحاسبات اليدوية، وعمليات الميكنة في جهات الإنتاج وتقديم الخدمات.

وينصبّ التركيز حالياً على التنبيه إلى المنافسة المحتملة بين الإنسان والأدوات والتطبيقات الذكية في الوظائف ذات المخاطر العالية، أو الوظائف النمطية منخفضة المهارات.

سؤال أساسي

وخاطبت الدراسة الكندية الأخيرة، التي جاءت بعنوان «تأثير الميكنة وذكاء الآلات في سوق العمل الكندية»، جميع العاملين في السوق قائلة: «السؤال الأساسي الذي تحتاج إلى أن تسأله لنفسك هو: هل أنت تفعل شيئاً تستطيع الآلة أو التطبيق أو التقنية القيام به بصورة أفضل، أم أن لديك من المهارات ما يجعلك تؤدي وظيفة لا تستطيع الآلات الذكية القيام بها؟ فهذا السؤال هو الذي يجب على كل شخص الاهتمام به حتى يستطيع المنافسة مع الآلات الذكية في سوق العمل خلال السنوات المقبلة».

منافسة بعد 10 سنوات

وفي معرض تحليلها لطبيعة المنافسة المتوقعة بين الإنسان والآلات الذكية في سوق الوظائف مستقبلا، أفادت الدراسة بأن من يبدأون العمل الآن في مبيعات التجزئة والوظائف الإدارية، إضافة إلى مسؤولي الخزينة، وسائقي الشاحنات، والممرضات ومن يعدون أنفسهم للعمل بالتدريس في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، جميعهم سيكونون متربعين على «عرش الوظائف»، حينما تشتد المنافسة بين الإنسان والآلة في سوق العمل في غضون 10 سنوات على الأقل. لكن الدراسة أشارت إلى أن هؤلاء الموظفين سيكونون في الوقت نفسه هم الأكثر تعرضاً للخطر وعدم القدرة على المنافسة مع الآلات على وظائفهم. ولذلك نصحت الدراسة الذين يبدأون الآن شغل تلك الوظائف وغيرها من عشرات الوظائف الأخرى المماثلة، بأن عليهم الاحتياط والتفكير من الآن في ما سيفعلونه عندما تنافسهم الآلات الذكية مستقبلاً على وظائفهم، وهم في منتصف أو قمة مسارهم الوظيفي.

نقاط ضعف

ورسمت الدراسة الكندية سيناريو متشائماً بعض الشيء نتيجة هذه المنافسة المتوقعة قائلة: «تخيل أن هناك جزءاً كبيراً من القوة العاملة في الشوارع تبحث عن الطعام والمسكن، ففي تورنتو يمكنك أن تجد أطباء ومهندسين يقودون سيارات الأجرة ويعملون في محال الوجبات السريعة، لأنهم لا يجدون الوظائف التي تلائم مهاراتهم بعد أن حلت محلهم الآلات الذكية، وإذا نظرت إلى التفاصيل الخاصة بالمهن ونقاط ضعفها، فإن هناك وظائف أخرى تبدو أعلى كثيراً في سلسلة القيمة من عامل الخزينة ومساعدي المديرين، ويوجد فيها الشيء نفسه من المخاطرة».

وأضافت الدراسة: «إذا كنت تفكر من الآن في دراسة المحاسبة، أو ترغب في العمل بقطاع التأمينات، أو تحليل الشكاوى، أو أن تصبح تقنياً في معمل تحاليل طبية، فعليك أن تعي من الآن أن كل ذلك في مرمى خطر الاندثار بنسبة 90% أمام الآلات الذكية والروبوتات».

مستقبل «مشرق»

في المقابل، تنبأت الدراسة بمستقبل مهني «مشرق» وواسع لكل من يملكون التفكير الإبداعي، ومهارات التعامل مع المشكلات المعقدة، لافتة إلى أن مثل هؤلاء لن تنافسهم الآلات الذكية على وظائفهم، ولن تطردهم منها، بل على العكس، سيعملون على توظيف الآلات وتشغيلها لتحسين إنتاجيتهم وتطوير أدائهم في العمل، أي ستكون الآلات الذكية «في خدمتهم». وفي هذا السياق، تقدر الدراسة أن هذه الفئة من القوى العاملة ستتعاون من الآلات الذكية في تحسين الإنتاجية وتخفيض أسعار الخدمات والمنتجات، الأمر الذي سيحفز الطلب على المزيد منها، وعلى المزيد من الوظائف وفرص العمل الجديدة.

وأوضح أحد الجداول التحليلية في الدراسة الكندية أن المهن منخفضة المخاطر في كندا ستفقد 396 ألف وظيفة، وتحل محلها الآلات، لكنها في المقابل ستوفر 712 ألف وظيفة جديدة تتطلب مهارات جديدة، جميعها يعتمد على التفكير الإبداعي ومهارات التعامل مع المشكلات.

تويتر