الشركة تفضِّل التصميم على المزايا العملية.. والمستهلكون يريدون هاتفاً قوياً لا جميلاً

«سامسونغ» تواجه انخفاضاً فــــي عائدات ومبيعات الإصدارات الحديثة من هواتفها

نسبة الإقبال على استبدال هواتف «سامسونغ» الحديثة بموديلات قديمة لا تزيد على 26%. من المصدر

لا تسير خطط شركات التقنية دوماً كما هو مخطط لها، فالمنافسة دوماً على أشدها، وخطط المنافسين قد تفسد خططاً واستراتيجيات تم وضعها على مدى سنوات، بل إن الجوانب الإنسانية نفسها قد تترك بصماتها على أوضاع السوق بشكل غير متوقع.

وفي سوق الهواتف الذكية، ظهرت آثار كل هذه العوامل بشكل واضح، وتم تبادل المواقع بين الشركات كبرى وصغرى مرات عدة. وبدأت الشركات العملاقة في هذه السوق تشهد تراجعاً واضحاً في عائدات مبيعاتها من الهواتف الأكثر حداثة بشكل أثار قلق المتابعين، حتى إن 40% فقط من المتعاملين مع شركة «أبل» الأميركية حدّثوا موديلات هواتف «آي فون» الخاصة بهم على مدار العام الماضي كله، وهو أمر اعتبره المحللون يعبر عن مشكلة حقيقية لـ«أبل»، لأنه يعني ببساطة تراجعاً في مبيعات «آي فون».

لكن هذه النسبة التي يعتبرها المحللون ضئيلة بالنسبة لشركة «أبل»، تقف «شامخة» أمام معدلات تحديث موديلات هواتف شركة «سامسونغ» الكورية، فنسبة الإقبال على استبدال هواتف «سامسونغ» الحديثة بموديلات قديمة، ضئيلة، ولا تزيد على 26%، بل ربما تقل النسبة عن هذا الرقم.

تحديث الأمريكيين لهواتفهم

كشفت البيانات التي قدمتها مؤسسة «كونسيومر ريبورتس» consumer reports عن تحديث الأميركيين لهواتفهم خلال شهر يناير 2016 أن نحو 27.5% من الأميركيين غيّروا هواتفهم إلى «جالاكسي إس 5»، وهو هاتف تم طرحه في عام 2014، في ما اختار قرابة 26.2% منهم هاتف «جالاكسي إس 6» الذي طرح في عام 2015.

ووفقاً لتلك البيانات، فقد اختار نحو 9.4% من الأميركيين هاتف «جالاكسي نوت 4»، و7.9% هاتف «جالاكسي نوت5»، بينما اختار 5% منهم هاتف «جالاكسي إس 6 إيدج». وتوزعت النسب المتبقية بين 33 موديلاً مختلفاً.

ويزداد الأمر سوءاً إذا علمنا أن إقبال متعاملي «سامسونغ» على تحديث موديلات الهواتف، لا يعني أنهم يقبلون على شراء هواتف تنتمي إلى المنتجات الأحدث التي تنتجها مصانع الشركة بين حين وآخر، إذ غالباً ما يتجهون إلى موديلات أقدم.

ولاء عابر

ووفقاً لأحدث التقارير الخاصة بالمبيعات، فقد أدى فشل «سامسونغ» في إقناع المتعاملين بشراء الأحدث من منتجاتها، إلى انخفاض عائدات الشركة المتحققة من الهواتف الذكية بشكل كبير، كما أنه كشف ببساطة عن أن المتعامل يضحي باعتياده على استخدام هاتفه، لمصلحة عوامل أخرى يراها أكثر أهمية.

وفي وقت يتحدث فيه الجميع عن تراجع عائدات «أبل» من مبيعات «آي فون»، فإنهم لا يفطنون إلى أن التراجع في هواتف «سامسونغ» أكثر ضراوة. وتكشف الفجوة الكبيرة بين الشركتين في ما يتعلق بمعدلات التحديث، عن أن ولاء متعاملي «سامسونغ» لشركتهم، أقل كثيراً من ولاء متعاملي «أبل» لها.

وتكشف البيانات التي قدمتها مؤسسة «كونسيومر ريبورتس» consumer reports عن تحديث الأميركيين لهواتفهم خلال يناير 2016 عن هذا التوجه الجديد لدى عملاء «سامسونغ»، وهو العزوف عن شراء الموديلات الأحدث

وحتى فترة قريبة، لم يعرف المراقبون لماذا لا يريد المتعاملون مع «سامسونغ»، الطرازين الحديثين من هواتف الشركة وهما: «نوت 5» و«إس 6»، اللذين أُجريت بشأنهما مراجعات عدة، وصمما بعناية كبيرة، وهما يتفوقان على الطرازين القديمين: «نوت 4» و«إس 5».

إلا أن الحقيقة التي اتضحت بعد دراسات عدة، أظهرت أن السعر هو السبب الحقيقي وراء عزوف المتعاملين عن التحديث للموديلات الجديدة، فثمن شراء هاتف «إس 5» لا يزيد على 149 دولاراً (نحو 547 درهماً)، مقابل 249 دولاراً (نحو 915 درهماً) لهاتف «إس 6»، في حين يصل سعر هاتف «إس 7» المعروض للبيع العام الجاري إلى 694 دولاراً (2549 درهماً).

ولذلك، فإن فارق السعر بين موديلات هواتف «سامسونغ» يستحق التضحية بالأحدث لمصلحة الأقدم، وذلك على الرغم من أن تقارير «كونسيومر ريبورتس» تؤكد أن هاتفي «جالاكسي إس 7»، و«جالاكسي إس 7 إيدج» أفضل هواتف يمكن شراؤها حالياً، بسبب إمكانات الكاميرا المستخدمة، ومقاومتها للماء، فضلاً عن عُمر البطارية الممتد، والمظهر الخارجي الأنيق.

تأثر العائدات

ووفقاً لما أكدته تقارير مؤسسة «جاكداو» للأبحاث، Jackdaw Research، فإن شراء الزبائن للهواتف الأقدم والأرخص، يترك أثره على عائدات «سامسونغ»، وهو ما يفسر تراجع عائدات الشركة خلال السنوات الأخيرة.

أما تقارير مؤسسة «ستاتيستا» statista البحثية، فأشارت إلى أن معدل حصة «سامسونغ» من مبيعات الهواتف الذكية على المستوى العالمي وصلت إلى 22.7%، وهو ما يعادل 85.6 مليون وحدة كل ثلاثة أشهر.

ولا تقتصر أسباب عزوف المتعاملين مع «سامسونغ» عن تحديث هواتفهم القديمة على عامل السعر فقط، فالبعض منهم أعربوا عن افتقادهم لبعض المزايا التي اعتادوا عليها في هواتفهم القديمة، إذ إن هاتف «جالاكسي نوت 3» مثلاً لا يروق للكثيرين، على الرغم من أن «سامسونغ» تعتبره غاية في الإبداع والدقة، إذ قررت دمج البطارية داخل الجهاز ليبدو شكله أكثر أناقة.

أما المستهلكون فلهم رأي آخر، فهم يريدون هاتفاً قوياً لا جميلاً، كما يريدون هاتفاً يمكن استبدال بطاريته، وبه مكان لبطاقة ذاكرة رقمية صغيرة «ميكرو إس دي»، وهما أمران استغنت عنهما «سامسونغ» ببساطة.

منافسة صينية

أما العامل الثالث الذي يرى خبراء أنه سبب انخفاض عائدات «سامسونغ» من مبيعات هواتفها الأحدث، فهو المنافسة الشديدة مع شركات الهواتف الذكية الصينية، التي تطرح في الأسواق موديلات متنوعة من الهواتف الرخيصة الثمن، والمتفوقة في الأداء في الوقت نفسه، الأمر الذي ترك أثره على حصة «سامسونغ» الإجمالية من السوق العالمية، وعلى حصتها أيضاً من السوق الصينية الواسعة ذاتها.

تويتر