القوانين تحظر بعض الخدمات الرائجة مثل مشاركة السيارات والمنازل

عقبات قانونية وتنظيمية أمام انطلاق «الاقتصاد التشاركي» في اليابان

تحقق «تيروكو نريكي» آلاف الدولارات سنوياً من خدمة مشاركة المنازل «إيربنب» بسبب تصاعد السياحة. غيتي

تُواجه خدمات الاقتصاد التعاوني أو التشاركي في اليابان عقبات قانونية وتنظيمية وثقافية، وتحظر القوانين بعض الخدمات الرائجة لتقاسم ركوب السيارات، كما لايزال العثور على منزل أو الاستعانة بمربية أطفال من خلال الإنترنت فكرة غريبة نوعاً ما بالنسبة لمجتمع يُثمن كثيراً قيمة الخصوصية، على الرغم من سعي عدد من الشركات الناشئة الجديدة لتغيير هذا الوضع.

 

وضمن محاولتها لدعم أحد أهم مجالات الاقتصاد الرقمي، تتجه حكومة رئيس الوزراء شينزو آبي إلى تخفيف القيود على مشاركة المنازل. وفي نهاية شهر يناير الماضي، صارت ضاحية «أوتا» في العاصمة طوكيو الأولى في اليابان التي تسمح لسكانها بتأجير مساحات للسياح في حالات معينة، بعدما نالت إعفاء من قانون الفنادق في البلاد. ويتوجب على المُضيفين التسجيل لدى السلطات المحلية والموافقة على عمليات التفتيش، كما ينبغي أن يُقيم الزوار فترة لا تقل عن أسبوع.

 

واستقبلت اليابان عدداً قياسياً من السياح خلال العام الماضي بلغ 19.7 مليون سائح بدافع من ضعف عملتها «الين»، ويُتوقع استمرار ارتفاع أعداد السائحين وصولاً إلى «دورة الألعاب الأولمبية» في عام 2020 التي تستضيفها طوكيو. وفي الوقت نفسه لا تتوافر أعداد كافية من الفنادق. ومثلاً تكسب «تيروكو نريكي» آلاف الدولارات سنوياً من خدمة مشاركة المنازل «إيربنب»، وتستفيد من النقص الحاد في عدد أماكن الإقامة الفندقية في اليابان بسبب تصاعد السياحة. وعلى الرغم من عدم مواجهتها مشكلات كبيرة حتى الآن، إلا أن هذا النشاط لايزال غامضاً من الناحية القانونية، وتحاول «نريكي» توجيه المقيمين بالالتزام بالقواعد كعدم إحداث الضوضاء وإخراج القمامة في أوقات محددة لتجنب مضايقة الجيران.

وخلال اجتماع للجنة حكومية في شهر أكتوبر الماضي، قال رئيس الوزراء شينزو آبي: «نحن بحاجة إلى جعل تجربة السياح الأجانب الذين يزورون اليابان أكثر ملاءمة وراحة، ولهذا نحتاج إلى توسيع عدد أماكن الإقامة قصيرة الأجل بما يتجاوز الفنادق، وزيادة استخدام السيارات الخاصة كوسائل لنقل السائحين الذين يزورون المناطق الريفية».

وقد يستغرق إنجاز ذلك بعض الوقت. وفي حين لا توجد قوانين خاصة تحظر مشاركة المنازل، ينص قانون الفنادق في اليابان على ضرورة توافر خدمات السكن المدفوعة على مكتب استقبال، فضلاً عن وجودها خارج المناطق السكنية. وهي شروط يُمكن للقليل من المنازل تلبيتها.

وقال مسؤول في وزارة الصحة والعمل والرفاه في اليابان إن «الوزارة بصدد مراجعة القوانين لتُسهل على ملاك المنازل تأجيرها، وقد يسري مفعول التغييرات الجديدة في شهر أبريل المُقبل، ويتوقع أن تشمل تخفيض الحد الأدنى للمساحات المطلوبة للسكن». ويصل عدد المنازل اليابانية المُدرجة في «إيربنب» إلى 27 ألف منزل، ما يقل كثيراً عن عددها في الولايات المتحدة والبالغ 337 ألف منزل. وبينما يصل عدد المنازل المسجلة في الموقع في طوكيو إلى نحو 11 ألف منزل، يبلغ في العاصمة الفرنسية باريس 66 ألف منزل، وهي المدينة الأكبر في العالم من ناحية عدد المنازل المُسجلة في «إيربنب»، بحسب الشركة.

ومع ذلك، تشهد اليابان واحداً من أعلى معدلات النمو لخدمة «إيربنب». وزاد عدد المنازل المُدرجة بأكثر من أربعة أضعاف على مدار العام الماضي، في حين ارتفع عدد الزوار الأجانب إلى اليابان الذين يستخدمون «إيربنب» أكثر من ست مرات. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «إيربنب» في اليابان، ياسويوكي تانابي: «تُعد اليابان سوقاً ضخمة سواءً في ما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي أو قطاع السفر فيها، وتتضح إمكانتها في النمو الذي نشهده».

وبالنسبة لتقاسم ركوب السيارات، وهو مجال تتصدره شركات أميركية مثل «أوبر تكنولوجيز» و«ليفت»، فلايزال أمامه الكثير للنهوض في اليابان، حتى مع استثمار بعض الشركات اليابانية فيه، وتمتلك شركة «راكوتين» Rakuten للتجارة الإلكترونية حصة في شركة «ليفت».

وتمنع القوانين المحلية «أوبر» من تقديم خدمات مشاركة السيارات بالاشتراك مع سائقين وسيارات لا يمتلكون رخص سيارات الأجرة. وفي عام 2014 قدمت شركة «أوبر» خدمة طلب سيارات الأجرة والليموزين في طوكيو، لكنها واجهت منافسة شرسة من سيارات الأجرة التقليدية. وقال المتحدث باسم «أوبر»، هارولد لي، إن «الشركة بحاجة إلى المزيد من الوقت»، مضيفاً أن كثيرين يتواصلون معها للإعراب عن رغبتهم في توفير خدمة مشاركة السيارات في مدنهم. وقال لي إن «سيارات الأجرة في اليابان تعمل نسبة 30% تقريباً من الوقت، وتهدف (أوبر) إلى تحسين الاستفادة من الموارد غير المُستغلة».

وقال رئيس شركة «نيهون كوتسو» Nihon Kotsu لسيارات الأجرة و«جمعية طوكيو لتأجير سيارات الأجرة»، إيتشيرو كاونابل، إنه «لم توجد حاجة إلى (أوبر) في اليابان، نظراً لأن سيارات الأجرة متوافرة ومريحة وبأسعار تنافسية». ورأى كاونابل أن «أوبر» ربما يروق لرجال الأعمال من ذوي العقلية الدولية والمولعين بالتقنية، لكنه لا يُناسب جدة عادية لا تدري كيفية استخدامه.

وفي عام 2014 أطلقت «جمعية طوكيو لتأجير سيارات الأجرة» تطبيقاً يُتيح للمستخدمين 11 ألف سيارة أجرة، ما يشكل نحو 25% من جميع سيارات الأجرة في طوكيو. وفي العام الماضي طرح تطبيق «لاين» الشهير للتراسل خدمته الخاصة لطلب سيارات الأجرة بالتعاون مع «نيهون كوتسو».

وعموماً لا تُعتبر اليابان المكان الوحيد الذي أثارت فيها خدمات «الاقتصاد التشاركي» خلافات. وفي الكثير من البلدان فتحت خدمات تقاسم ركوب السيارات مثل «أوبر» المجال لاحتجاجات وتظاهرات في الكثير من البلدان وفرض قيود تنظيمية ووصلت إلى منعها أحياناً. وأدت خدمات مشاركة المنازل إلى استفتاء فاشل في سان فرانسيسكو استهدف فرض لوائح أكثر صرامة. وقال معارضو إتاحة المزيد من التحرر في اليابان إن خدمات مشاركة المنازل تنشر الضوضاء وتُسبب المضايقات في الأحياء السكنية الهادئة على النقيض من المناطق التجارية الصاخبة، كما يزعمون تسببها في زيادة المخاطر الأمنية ومنها الإرهاب. وفي المُقابل، تقترح «جمعية الاقتصاد الجديد» في اليابان، التي تضم عدداً من شركات التكنولوجيا، توفير مكاتب لتلقي شكاوى الجيران وتوفير نظام للتحقق من هوية الضيوف.

وقد تضع عناية المجتمع الياباني الكبيرة بالخصوصية عقبةً أمام خدمات «الاقتصاد التشاركي»، لكن الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والتسويق في «لاين»، جون ماسودا قال إن «هناك حالات سابقة مماثلة في المجتمعات التقليدية اليابانية في الريف، وكان من الشائع مساعدة الناس بعضهم بعضاً، لذلك ربما توجد خلفية ثقافية للاتجاه الاجتماعي الراهن».

تويتر