مع تباطؤ نموّ مبيعات هواتفها.. وتوقّعات بتراجع عائداتها الفصلية

«أبل» تسعى إلى تغيير التصوّر عن أعمالها الأساسية

صورة

كشف إعلان «أبل» عن نتائجها المالية للربع الأخير من عام 2015 عن تباطؤ في نمو مبيعات منتجها الأهم، هاتف «آي فون»، وتوقعات بتراجع في عائداتها الفصلية للربع الجاري، للمرة الأولى، منذ عام 2003. وفي ظل ذلك، تتجه «أبل» لإبراز نمو عائداتها من التطبيقات والخدمات، والتأكيد على أن عملها لا يقتصر على إنتاج العتاد.

وفي عام 2011، قال المؤسس المُشارك في شركة «أبل» ورئيسها التنفيذي الراحل، ستيف جوبز: «لا تكفي التكنولوجيا وحدها، إنها التكنولوجيا مُقترنة بالفنون الحرة، مقترنة بالإنسانيات، هي ما يُحقق لنا النتائج التي تطرب لها قلوبنا».

أما خلَفه، تيم كوك، فكثيراً ما كرر القول إن «أبل»، وحدها، يُمكنها الجمع بين الأجهزة والبرمجيات والخدمات في شكل كلي مُتماسك.

وخلال مؤتمر في فبراير من العام الماضي، نفى كوك أن تكون «أبل» شركة لإنتاج الأجهزة والعتاد فقط.

لكن لم تُفلح كل هذه الجهود في إقناع الآخرين بهذه الفكرة، وينظر المستثمرون وسوق الأوراق المالية إلى «أبل» ويُقدّرونها كشركة للأجهزة. وتبعاً لذلك تراجع سعر سهم الشركة بعد رصد علامات لتراجع نمو «آي فون»، ومنذ بلغ سهم «أبل» أعلى مستوى له، في فبراير الماضي، فقد نحو ربع قيمته. وتأكدت مخاوف المستثمرين بعد الإعلان الأخير عن النتائج المالية، ونمو مبيعات «آي فون» بنسبة تقل عن 1% خلال الربع الأخير من 2015.

وفي ضوء ذلك تتجه «أبل» إلى مسارٍ جديد تُؤكد خلاله أنها لن تكون تكراراً لقصة «بلاك بيري» و«نوكيا». وإلى جانب النتائج المالية التي أعلنت الأسبوع الماضي نشرت «أبل» بيانات جديدة تُسلط الضوء على حجم قطاعها للخدمات، ووتيرة نموه، يتقدمه متجر «آب ستور» للتطبيقات.

وكشفت «أبل» عن وجود أكثر من مليار جهاز مرتبط بخدماتها، استخدم خلال الأيام الـ90 الماضية، تشمل هواتف «آي فون» وساعات «أبل ووتش» وحواسيب «ماك». وقال الرئيس التنفيذي المالي لشركة «أبل»، لوكا مايستري: «لدينا عدد ضخم من الأجهزة يرتبط بنشاط بخدماتنا، ويتزايد ذلك العدد سريعاً جداً». وأشار مايستري إلى ما تطلق عليه الشركة «المشتريات المتعلقة بقاعدة التثبيت» install base related purchases، وهو معيار جديد للقياس يُشير إلى حجم إنفاق المستهلكين على التطبيقات والموسيقى والأفلام، قبل أن تدفع «أبل» نحو 70% منها إلى المطورين والمبدعين.

وقال مايستري إن هذا الرقم زاد بنسبة 23% العام الماضي، وبلغ 13.2 مليار دولار، وارتفع خلال الأشهر الثلاثة المُمتدة من أكتوبر إلى ديسمبر بنسبة 24%، حتى في ظل تراجع نمو مبيعات «آي فون». وأوضح أن جزءاً كبيراً من الخدمات يرتبط مباشرة بقاعدة التثبيت، وليس بشحنات الأجهزة أو المبيعات الفصلية الحالية، ولفت مايستري إلى الحجم الضخم لهذا الجزء من عمل الشركة وسرعة نموه وتحقيقه أرباحاً مرتفعة.

وبطبيعة الحال لم يخفَ على المراقبين والمحللين توقيت الكشف عن نمو عائدات الخدمات بالتزامن مع التحذيرات من تراجع «آي فون». وقال المُحلل في شركة «كريتيف استراتيجيز»، بن باجرين، مشيراً إلى اتجاه «أبل» لإبراز الإقبال على خدماتها: «يُحاولون رواية قصة تقول إنهم ليسوا شركة للأجهزة فقط، لكن سيُؤمن المستثمرون بذلك حين يربحون لهم المال».

وربما يستغرق تغيير التصور السائد عن اعتماد «أبل» على مبيعاتها من «آي فون»، بعض الوقت. وحتى في ظل تجاوز نمو الخدمات كثيراً مبيعاتها من الأجهزة، شكّل «آي فون» 68% من العائدات الإجمالية للشركة خلال الربع الأخير، ما يقل بنسبة تقل عن 1% عن الفترة نفسها من العام السابق. ومثلت عائدات «أبل» من الخدمات في الربع الماضي، والبالغة 5.5 مليارات دولار، نسبة 7% من المبيعات الكلية.

ومع ذلك، فإن عائدات «أبل» من التطبيقات وخدمة «آي كلاود» وغيرها من الخدمات لاتزال صغيرة قياساً إلى مكانتها كأكبر شركة في العالم من ناحية القيمة السوقية، لكن عائدات «أبل» من الخدمات تتجاوز المبيعات المتوقعة لشركة «ياهو» طيلة العام الماضي.

ويميل المستثمرون إلى تفضيل الشركات التي تبيع الخدمات والبرمجيات أكثر من غيرها التي تبيع الأجهزة؛ نظراً لأن الأولى أقل عرضة للتقلبات القاسية في النمو كالتي شهدتها «أبل» في الأعوام الأخيرة. وقال المُحلل في شركة «جاكداو ريسيرش»، جان داوسون: «الأمر الرئيس الذي تُحاول (أبل) إيضاحه هنا هو خطأ المحللين في قولهم إنه لا يُمكن التنبؤ بعائدات (أبل) بطبيعتها».

وبناءً على الأرقام التي نشرتها «أبل» مع البيان الأخير لنتائجها المالية، لايزال من غير المُمكن مقارنتها مع شركات مثل «فيس بوك» و«غوغل». ويرجع ذلك إلى أسباب منها أن عمل «أبل» في مجال الإنترنت يعتمد أساساً على مشتريات المستهلكين، في حين تستند الشركات المنافسة في وادي السيليكون إلى خدمات مجانية تمولها الإعلانات.

وتتبع «فيس بوك» و«غوغل» معياراً قياسياً لعدد المستخدمين الفريدين أو المميزين شهرياً أي monthly unique users، في حين يُضخم رقم «أبل» عن مليار مستخدم عدد المستهلكين الذين اشتروا التطبيقات، ومثلاً يُحتسب شخص واحد يمتلك هاتف «آي فون» وحاسب «آي باد» اللوحي وساعة «أبل ووتش» كثلاثة عناصر ضمن قاعدة التثبيت وفقاً لمقياس «أبل». وقدّر باجرين العدد الفعلي للمستهلكين الفريدين في «أبل» بما يقرب من 600 مليون مستخدم، وقال: «العدد الذي سنحتاج إلى معرفته هو القاعدة المجردة من المستخدمين الفريدين، هل تنمو؟ وما حجم العائدات السنوية نظير كل مستخدم؟ وهل تزيد؟».

وبينما يُمثل متجر «آب ستور» للتطبيقات المحرك الرئيس في عائدات الخدمات في «أبل»، أدرجت الشركة ضمن إيرادات الخدمات أيضاً قدراً غير واضح من الأغراض التي من المؤكد أنها لا تتصل بالإنترنت، مثل الملحقات التي تحمل علامة «صُنع من أجل آي فون» Made for iPhone، وترخص «أبل» صناعتها إلى شركات خارجية نظير حصولها على رسوم مالية لحقوق الاستخدام.

وقال المُحلل في شركة «آر بي سي كاربيتال ماركتس»، أميت داريناني: «الأرقام مُثيرة للإعجاب، لكن ليس لدينا ما يكفي من التاريخ»، لافتاً إلى أن ارتفاع إيرادات الخدمات العام الماضي قد يعود إلى التصاعد الكبير في مبيعات هاتف «آيفون 6». وأضاف داريناني أن التدفق المُتكرر لإيرادات الخدمات يُجدي فقط في حال كانت قاعدة التثبيت جيدة ومليئة بالحيوية.

وفي حال قصدت «أبل» من التركيز على «قاعدة التثبيت» والنمو السريع في خدماتها صرف الانتباه عن تباطؤ مبيعات «آي فون»، فربما تكون المناورة قد أتت بنتائج عكسية. وشجعت الشفافية المفاجئة البعض على التساؤل عن الدوافع الأخرى المُحتملة من وراء إعلان «أبل» الأخير. وقال داريناني: «رد فعل المتعاملين كان: (هل جرى الكشف عن عائدات الخدمات، قبل أن يصير آي فون حالة سابقة للنمو على مدار الفصول التالية؟)».

وأبدى المستثمرون اهتماماً أكبر بالتغير المفاجئ في نبرة تيم كوك عند حديثه حول تأثير اضطراب بيئة الاقتصاد الكلي على أعمال «أبل» في مختلف أنحاء العالم. وقال كوك: «نشهد ظروفاً قاسية تختلف عن أي شيء رأيناه من قبل، وتقريباً في كل مكان ننظر إليه». وكان كوك رفض قبل ثلاثة أشهر فقط المخاوف التي تلوح في الأفق بشأن حالة الاقتصاد العالمي، لكن خلال مؤتمر إعلان النتائج المالية للشركة، قال: «تأثرت الأسواق الرئيسة، بما فيها البرازيل وروسيا واليابان وكندا وجنوب شرق آسيا وأستراليا وتركيا ومنطقة اليورو، بالتباطؤ الاقتصادي وتراجع أسعار السلع الأساسية وإضعاف العملات».

تويتر