معايير تقييم جديدة تثير جدلاً وسط تقلبات القطاع والغموض المحيط بتقدير القيمة

تحليل البيانات يدخل السوق العالمية للعقارات

صورة

يُشبه مجال العقارات أسواقاً أخرى، مثل الذهب والنفط من ناحية سرعة تقلب الأسعار، والغموض المُحيط بتقدير قيمتها، إذ يحتاج العاملون في هذا المجال، مثل وكلاء العقارات والمطورين، إلى أسابيع من أجل حساب قيمتها، وهو أمر لا يُناسب سوقاً سريعة التغير.

وجهات نظر

لا يتفق الجميع بشأن فوائد تحليل البيانات لسوق الملكية العقارية، إذ يعتقد المُحلل العقاري في شركة «نوميس للأوراق المالية»، روبي دونكان، أن تنوع المباني التجارية يجعل من الصعب مُقارنتها، فيما يبيع المستثمرون في العقارات ممتلكاتهم ويشترون غيرها لأسبابٍ مُختلفة.

وأوضح أن بعض البائعين قد يتخلون عن ممتلكاتهم بأسعار قليلة ومعقولة لموازنة الضرائب.

وفضلاً عن ذلك، قد تُؤثر التحولات الاقتصادية بمناطق بعيدة في الأسعار بإحدى الأسواق؛ إذ قد يكون لما يجري في الصين والشرق الأوسط تأثير واضح في سوق العقارات بالمدن الأوروبية.

وبينما يتحدث العديد من كبار ملاك العقارات العامة عن أهمية الاستعانة بالبيانات، فإن عدداً كبيراً منهم لا يعرف نقطة البداية. ورأى دونكان أن العقارات السكنية والمنازل قد تكون الأفضل لما يُميزها من تجانس، إضافة إلى إمكانية مُقارنتها ببعضها بعضاً.

ويُقر «فان دِن دريز» بوجود بعض المقاومة للنهج المُعتمد على البيانات، بين عدد من أصحاب العقارات الذين أعربوا عن عدم رضاهم عن معايير تقييم مُمتلكاتهم، وفي المُقابل يقتنع آخرون بدور تحسين تحليل البيانات في توفير سوق عقارات أكثر كفاءة وأقل غموضاً.

 لذلك يستعين البعض بأدوات التكنولوجيا وتحليل البيانات وسيلة ناجحة وسط تقلبات السوق التي تُقدر الجمعية الأوروبية للعقارات العامة قيمتها على الصعيد العالمي بما يُعادل 23.8 تريليون دولار، فيما بلغت نسبة نموها السنوي 3.8%، خلال الفترة بين عامي 2010 و2015، ومن هؤلاء تيون فن دِن دريز، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة «جيو بي» GeoPhy الهولندية للبرمجيات.

 وتتفاوت الآراء بين مؤيد ومعارض لاستخدام التكنولوجيا وتحليل البيانات في تقييم العقارات، لاسيما بعض أصحاب العقارات، في وقت يرى فيه البعض أن باستطاعة البشر تقديم ما تعجز عنه أجهزة الكمبيوتر والبرمجيات من نصائح وتخطيط ومعلومات محلية، فضلاً عن أن تنوع المباني التجارية يجعل من الصعب مُقارنتها، كما تعجز البيانات عن تفسير تقدير قيمة بعض العقارات في مناطق عالمية.

 برنامج «جيو بي»

 يمزج برنامج شركة «جيو بي» بين العديد من مجموعات البيانات، منها ما يتعلق بالمواصلات العامة والطرق وازدحام المرور والموقع الجغرافي والفئات الديموغرافية وحالة الاقتصاد وجودة البناء وغيرها، لتستفيد الشركة من ذلك كله في حساب قيمة العقارات. وتمتلك «جيو بي» مجموعات بيانات من 41 دولة، ومنها سنغافورة، وإسبانيا، والبرازيل، وبلجيكا.

 وأشار فان دِن دريز إلى الوضع الراهن في سوق العقارات، بقوله: «إذا نظرتم إلى سوق العقارات، فإن وكلاء العقارات يديرون جميع التعاملات تقريباً، ويصفون العقارات كأماكن يسهُل الوصول إليها وتتمتع بمناظر جميلة»، لافتاً إلى أن ذلك قد يكون صحيحاً، لكنه لا يعني أي شيء، ولا يسمح لك بالمُقارنة. وأوضح أن الموقع الجغرافي يُمثل نسبة تراوح بين 70 و75% من خوارزمية الحساب أو سلسلة المعادلات الرياضية التي تُحدد قيمة العقار، وتتوصل إلى سعر دقيق بهامش نحو 5%. كما أنه يرى أن بمقدور البيانات أن تتخطى بفاعلية وسرعة أعمال المبيعات، وتصل إلى تقييم أكثر واقعية يجاوز العبارات اللطيفة التي يشتهر بها وكلاء العقارات. ومع ذلك، لفت فان دِن دريز إلى أن تقييم البرنامج لن يكون صحيحاً ما لم يقبل أحد بدفع السعر الذي حدده، معتبراً أن الفارق بين تقييم الخوارزميات والسُبل التقليدية يكمن في اعتماد الأول على البيانات ومجموعة من القواعد التي يُمكن مقارنتها.

 

وفي الوقت نفسه، تعجز البيانات عن تفسير تقدير قيمة بعض العقارات كما هي الحال في منطقتي «سانت جيمس بارك» و«مايفير» في العاصمة البريطانية لندن، إذ تحدثت تقارير عن بيع أحد المنازل مقابل 90 مليون جنيه إسترليني، وهي قيمة تُمثل تحدياً لتحليلات البيانات.

وحالياً، يتعامل مع شركة «جيو بي» صناديق تقاعد ومؤسسات كبيرة تمتلك العديد من العقارات، وترغب في الحصول على تقييم سريع لممتلكاتها وبيانات أخرى، مثل قياس كفاءة استهلاك مبانيها للطاقة.

ويأمل فان دِن دريز أن يدفع هذا النوع الجديد من التحليلات سوق العقارات السكنية والإيجارات، لتصبح أكثر شفافية، ما يُتيح للمستأجِر مثلاً في حال أخبره مالك العقار برغبته في زيادة الإيجار، بسبب ارتفاع أسعار العقارات في المنطقة، أن يعرف إذا كان ذلك حقيقياً أم لا؟

 وكلاء بيع العقارات

 أما في ما يخص آراء وكلاء بيع العقارات، فيرى المسؤول عن العقارات المُدرجة في شركة «بي جي جي إم» الهولندية لإدارة الأصول، هانز أوبت فيلد، في استخدام البيانات أمراً جيداً، استناداً إلى تجربته. وقال: «لم نألف بعد استخدام البيانات التي تُحسن كثيراً الفهم والشفافية في السوق».

 وتابع أوبت فيلد، الذي تدير شركته عقارات لمستثمرين بقيمة 155 مليار يورو: «اعتدنا العمل في سوقٍ غامضة، وهو ما يتغير سريعاً.. أما بالنسبة للأشخاص الذين يشعرون بعدم الارتياح، فأقول لهم: عليكم أن تتطوروا، فهذا اتجاه لا يُمكن إيقافه حقاً».

 نصائح وتخطيط

 وتحمل الاستعانة بالبيانات تحدياً إضافياً لمجال العقارات والعاملين في تسويقها، حسب ما يرى مايكل ديفيس، من شركة «جيه إل إل» للخدمات العقارية، إذ قال إن «من يتحكم في القدر الأكبر من البيانات، بمقدوره من الناحية النظرية أن يكون الأكثر قوة».

 وتُدرك شركة «جيه إل إل» جاذبية البيانات، وتُطور برمجياتها الخاصة لمُساعدة مُديري الصناديق الاستثمارية على تحديد معايير المباني التي يمتلكونها. لكن ديفيس يعتقد أن باستطاعة البشر تقديم ما تعجز عنه أجهزة الكمبيوتر والبرمجيات، وقال إنه ما دام المستثمرون يُقدمون مبالغ مالية طائلة، تصل أحياناً إلى مئات الملايين من أجل المباني التجارية في كبرى العواصم العالمية، فسيحتاجون إلى نصائح وضمانات وبعض الاستخبارات المحلية.

 وعلى سبيل المثال، يستطيع وكلاء العقارات تحديد ما إذا كان المستأجر يتمتع بالدرجة نفسها من الجدارة الائتمانية التي تُظهِرها البيانات. ويرى ديفيس أن مجال التسويق قد يكون أقل تحقيقاً للأرباح، إلا أن مجالات مثل النصائح والتخطيط والاستدامة لاتزال مهمة. ويعتقد ديفيس أن إتاحة البيانات تعني زيادة المنافسة من الشركات الصغيرة، لكنها ستقود في الوقت نفسه إلى تعزيز كفاءة القطاع بأكمله؛ نظراً لاستفادة العقارات المُدرجة من اطلاع عدد أكبر من الأشخاص عليها.

تويتر